"علاقة مثيرة".. موقع إيطالي: السيسي يستغل أزمات غزة للتقرب من إسرائيل

قسم الترجمة | منذ ٣ أعوام

12

طباعة

مشاركة

وصف موقع إيطالي لقاء رئيس النظام المصري عبدالفتاح السيسي برئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي نفتالي بينيت بأنه "حدث تاريخي".

اللقاء الذي جرى في 13 سبتمبر/أيلول 2021، بمدينة شرم الشيخ المصرية، تباحث فيه الطرفان "سبل وجهود إعادة إحياء عملية السلام في الشرق الأوسط، إضافة إلى مستجدات الأوضاع على الساحتين الإقليمية والدولية"، وفق بيان مصري رسمي.

وقال موقع "معهد تحليل العلاقات الدولية" إن إيجاد حلول مشتركة لمشاكل قطاع غزة يعد إحدى نقاط التواصل الرئيسة بين الطرفين لا سيما وأن القاهرة "تسعى إلى لعب دور الوسيط السياسي العسكري في رسالة موجهة لواشنطن".

وأضاف أن العلاقات المصرية الإسرائيلية شهدت فتورا خلال فترة رئاستي حسني مبارك ومحمد مرسي، لكنها عادت للتحسن بعد أن أصبحت المصالح المشتركة على المحك.

ولفت إلى أن الاجتماع الأخير قدم مجموعة من النقاط المثيرة للاهتمام، حيث جرى خلاله التباحث حول مسائل تتعلق بالطاقة (خط أنابيب الغاز في شرق البحر الأبيض المتوسط)، والسياحة (معبر طابا) إلى جانب القضية الفلسطينية.

أما على الصعيد الإقليمي، فقد جرى التطرق إلى الملف الإيراني الذي يعتبره كلا الطرفين تهديدا، وفق قول الموقع الإيطالي. 

علاوة على ذلك، سجلت الأزمة اللبنانية أيضا حضورها على طاولة المباحثات في شرم الشيخ لأهميتها من ناحية عدم الاستقرار والصراعات الاجتماعية. 

لمحة موجزة

في استعراضه لتاريخ العلاقات الثنائية، ركز الموقع الإيطالي على المصالح المشتركة المرتبطة بقطاع غزة والتعاون الأمني ​​والتداعيات الدبلوماسية.

وأشار إلى أن القاهرة وتل أبيب تشتركان في مخاوف أمنية بشأن أنشطة تنظيم القاعدة في سيناء.

ولهذا السبب وافقت إسرائيل عام 2011 على نشر مئات الجنود المصريين في شبه الجزيرة، بموجب مادة من معاهدة السلام لعام 1979 تسمح بإعادة التسلح بموافقة الأطراف.

وكان التعاون لتأمين المنطقة قد توسع في عام 2015 بعد إسقاط طائرة ركاب روسية أقلعت من شرم الشيخ وكانت متوجهة إلى سان بطرسبرغ.

ومنذ تلك الحادثة تكثفت غارات المقاتلات والمروحيات والمسيرات على شبه الجزيرة بموافقة المصريين، يذكر الموقع. 

واعتبر أن الأحداث التي وقعت داخل قطاع غزة المحاصر أسهمت في نمو التحديات المصرية الإسرائيلية المشتركة المتعلقة خاصة بالجانب الأمني.

وأوضح في هذا الصدد أن "فوز حركة المقاومة الإسلامية حماس في الانتخابات التشريعية عام 2006، أثار مخاوف من تأثير ذلك على مركز جماعة الإخوان المسلمين في الداخل".

كما أثار الأمر قلقا من وجود قوة إسلامية على الحدود وهو ما دفع القاهرة إلى الانحياز سياسيا، يقول الموقع.

ولفت إلى أنه "من منطلق الرغبة في الحفاظ على العلاقات مع المحور الأميركي الإسرائيلي والكتلة السنية التي تقودها السعودية، دفع الوضع مصر إلى دعم حصار الاحتلال لقطاع غزة".

وخلال السنوات الماضية، نقلت القاهرة سفارتها من غزة إلى الضفة الغربية وأغلقت معبر رفح بشكل متقطع وحالت فعليا دون دخول البضائع إلى القطاع الذي يقطنه نحو مليوني شخص.

الوساطة المصرية

استضافت القاهرة في مايو/أيار 2021 وفودا من حماس وحركة التحرير الوطني الفلسطيني فتح للتباحث في عدد من المسائل مع المسؤولين المصريين في مقدمتها مبادرة تهدف إلى تعزيز المصالحة الفلسطينية الداخلية وسبل توطيد التهدئة والتي جرت في نفس الشهر.

كما حل رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية بالعاصمة المصرية في يونيو/حزيران بعد تلقي دعوة من القاهرة لإحياء عملية السلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين.

ووصل أيضا وفد من كتائب القسام الذراع العسكري لحركة حماس إلى مصر في إطار التفاوض لإطلاق سراح أسرى من الجانبين "وهي مسألة عادة ما تديرها الأمم المتحدة"، وفق قوله.

يلاحظ الموقع الإيطالي أن أهمية اللقاءات الإقليمية تكمن في مناقشة القضايا التي لا يمكن للمجتمع الدولي حلها بالكامل لأسباب تتعلق بالتقارب السياسي والجغرافي.

بعد التوسط لوقف إطلاق النار في مايو/أيار 2021، يقدم السيسي نفسه اليوم كنقطة مرجعية للمفاوضات للتوصل إلى هدنة دائمة بين حماس وإسرائيل.

وقدمت إسرائيل بحسب وزير خارجيتها يائير لابيد، خطة اقتصادية تهدف إلى إعادة إعمار القطاع مقابل نزع سلاح الفصائل الفلسطينية المسلحة. 

كما تطالب الحكومة الإسرائيلية، اليوم، القاهرة بالسيطرة الصارمة على معبر رفح الحدودي بين مصر وغزة، لمنع تهريب المواد التي يمكن أن تسمح لحماس بإعادة بناء قدراتها العسكرية.

يشرح الموقع الإيطالي أن مصر ترغب في استثمار هذه الاتصالات لصالحها بذكاء جيوسياسي، خاصة وأنها تدرك الميزة الإستراتيجية والدبلوماسية التي ستفوز بها في لعب دور الوسيط في مثل هذه المنطقة الساخنة. 

وهذا يعني وجود قناة دبلوماسية مميزة أيضا لأي مفاوضات مستقبلية، يمكن أن تصل إلى واشنطن، الوجهة الحقيقية التي تسعى القاهرة إلى الوصول إليها، على حد تعبير الموقع.

موقف الاحتلال

على الرغم مما سبق، استبعد موقع المعهد الإيطالي حدوث تحول حقيقي وملموس يفضي إلى انفراج، وهو ما اعتبره معقدا.

وأشار إلى أنه قبل أسابيع قليلة، أعاد بينيت التأكيد على معارضته الصريحة لقيام دولة فلسطينية، مضيفا أنه "لا يرى أي إمكانية لتغيير سياسي في الأفق" مع الفلسطينيين.

وبدورها، كررت وزيرة داخلية الاحتلال أييليت شاكيد، في عدة مناسبات أنها لا تنوي مقابلة الرئيس الفلسطيني محمود عباس وذلك بسبب تمسكه بعرض جرائم الكيان المحتل على محكمة الجنايات الدولية. 

من ناحية أخرى، اعتبر الموقع أن تلك التصريحات تهدف أكثر إلى البراغماتية ولا تتعلق بالمسائل الداخلية، "خاصة وأن حكومة الاحتلال وافقت بالفعل على تقديم تصاريح عمل للفلسطينيين في الأراضي المحتلة وأسندت رخص بناء لهم في الضفة الغربية وشهادات إقامة لآلاف الأشخاص". 

و"عند هذه النقطة تبرز أهمية الاتصالات الإسرائيلية المصرية خصوصا وأن الأزمات الاقتصادية والاجتماعية في غزة تثير القلق".

لذلك حاولت القاهرة تنفيذ خطة إعادة إعمار وواجهت العديد من "العقبات" من جانب حركة حماس التي تسيطر على القطاع، يقول الموقع الإيطالي.

وأردف أن بينيت كان قد صرح خلال الزيارة الأخيرة، أن الهدف هو خلق "أساس لعلاقات عميقة في المستقبل" بين مصر وإسرائيل.

وأضاف أن المحادثات تناولت "سلسلة من القضايا الدبلوماسية والأمنية والاقتصادية" و"سبل تعميق العلاقات وتعزيز مصالح بلدينا". 

كما أشاد بـ "دور مصر المهم" في تحقيق الأمن لقطاع غزة وفي إيجاد حل لمسألة الأسرى الإسرائيليين.

يرى الموقع بأنه "بحسب ما جاء في التحليل ومن تصريحات الفاعلين، لسنا قريبين من سلام مستقر ودائم، لكن يمكننا أن نؤكد أن الردع الدبلوماسي (أي ما تمثله مصر حاليا) مسار ينبغي تقييمه".

في الختام، أكد الموقع أن "الحوار الجديد المحتمل بين مصر وإسرائيل، الهادف إلى البراغماتية، من شأنه أن يردع التهديدات العسكرية الجديدة في المنطقة".