ترامب حمّلها مسؤولية أي طلقة.. إلى أي مدى تملك إيران وجودا عسكريا في اليمن؟

منذ ٢١ يومًا

12

طباعة

مشاركة

بات الوجود العسكري الإيراني في اليمن تحت الضغط بعد تزايد تهديدات الولايات المتحدة لجماعة الحوثي المدعومة من طهران عسكريا ولوجستيا وبالمستشارين منذ قرابة عقد من الزمن.

وقد أثارت حملة الولايات المتحدة العسكرية ضد جماعة الحوثي التساؤلات بشأن تأثر الوجود الإيراني في اليمن بهذه العمليات العسكرية الأميركية الأكثر كثافة منذ تولي ترامب منصبه في يناير/ كانون الثاني 2025.

ومنذ 15 مارس/ آذار 2025 يشن الجيش الأميركي عدوانا واسعا ضد جماعة الحوثي في اليمن، وسط تهديدات متواصلة من الرئيس دونالد ترامب بـ"القضاء على الحوثيين تماما".

بينما ترد الجماعة بتأكيد أن العدوان “لن يثنيها عن مواصلة مناصرة غزة”، وتواصل قصف مواقع داخل الكيان الإسرائيلي وسفنا في البحر الأحمر متوجهة إليه، ردا على استئناف الاحتلال منذ 18 مارس، حرب الإبادة على القطاع.

دعم الحوثيين

بحسب مراقبين، يعد النفوذ الإيراني في اليمن الذي ظهر للعلن منذ عام 2014، رئيسا وحاسما في دعم "صمود الحوثيين" كل تلك السنوات.

ففي 21 سبتمبر/ أيلول 2014، انقلبت الحوثي على السلطة الشرعية في اليمن، وسيطرت على صنعاء ومدن أخرى؛ ليدخل البلد في دوامة العنف، لا سيما بعد دخول تحالف عسكري عربي بقيادة السعودية في عام 2015 لدعم الحكومة المعترف بها دوليا.

الحوثيون، المعروفون رسميا باسم أنصار الله، هم حركة سياسية وعسكرية ظهرت في ثمانينيات القرن العشرين.

ومنذ عام 2014 برزت إيران كلاعب إقليمي رئيس في اليمن، داعمة لجماعة الحوثي عادّة إياهم وكيلا إقليميا لها.

وظهرت مرحلة جديدة من "اللمسات العسكرية الإيرانية" على الأراضي اليمنية، منذ بداية العدوان الإسرائيلي على غزة في السابع من أكتوبر 2023، حينما دأب الحوثيون على مهاجمة السفن المرتبطة بإسرائيل في البحر الأحمر، كما شنوا هجمات مباشرة بالصواريخ والطائرات المسيرة على إسرائيل للضغط عليها لإنهاء حربها على القطاع المحاصر.

وقد كلف دخول الحوثيين على خط المواجهة مع إسرائيل "دعما للفلسطينيين"، ردا عسكريا أميركيا بدأه الرئيس السابق جو بايدن تحت اسم تحالف "حارس الأزهار" في ديسمبر 2023، ثم تلاه شن الولايات المتحدة حملة مستمرة ضد الحوثيين بأوامر من الرئيس الأميركي دونالد ترامب منذ 15 مارس 2025.

وقد أكد معمر الإرياني، وزير الإعلام في الحكومة اليمنية المعترف بها دوليا، في 4 أبريل 2025 مقتل ما يصل إلى 70 عنصرا من جماعة الحوثي في ضربات أميركية شنت منذ منتصف مارس من العام المذكور، بينهم قادة ميدانيون بارزون، إلى جانب أعضاء من الحرس الثوري الإيراني.

ونقلت قناة “اليمن” الرسمية، عن الإرياني قوله: إن الضربات الأميركية استهدفت تجمعا لمسلحي الحوثي في جنوب منطقة الفازة الساحلية بمحافظة الحديدة، وهو موقع كان يُستخدم للتخطيط لشن هجمات ضد السفن التجارية وناقلات النفط في البحر الأحمر وباب المندب وخليج عدن.

وسلط الحديث عن سقوط قتلى من الحرس الثوري الإيراني في الضربات الأميركية الجديدة على اليمن، الضوء من جديد على الدور الذي تلعبه طهران في هذا البلد.

لا سيما أن ترامب قال إنه سيحمل إيران مسؤولية أي هجمات تشنها المجموعة ضد الشحن في البحر الأحمر.

وقال الرئيس الأميركي: إن واشنطن ستعد "كل طلقة" يطلقها الحوثيون طلقة أطلقتها إيران ويمكن أن تؤدي إلى "عواقب وخيمة".

وفي خضم ذلك، صرّح مسؤول إيراني رفيع المستوى لصحيفة "التلغراف" البريطانية، بأن طهران أصدرت أوامر بسحب قواتها العسكرية من اليمن، وذلك رغم تصاعد الهجمات الجوية الأميركية ضد الحوثيين.

ونشرت الصحيفة تقريرا في 3 أبريل 2025، قال فيه هذا المسؤول، إن الهدف من هذا القرار هو تجنب مواجهة مباشرة مع الولايات المتحدة، لا سيما إذا قاتل أي من القوات الإيرانية هناك.

وأضاف أن إيران خفضت إستراتيجيتها الداعمة للوكلاء الإقليميين وتركز حاليا على مواجهة التهديدات الأميركية المباشرة.

وقال المصدر لصحيفة "التلغراف": “القلق الرئيس لطهران هو ترامب وكيفية التعامل معه. هذا الموضوع يطغى على بقية المناقشات في الاجتماعات، ولم يعد هناك حديث عن الجماعات الإقليمية التي كانت مدعومة في السابق”، على حد تعبيره.

وأشار إلى أن طهران ترى أن الحوثيين لم يعودوا قادرين على الاستمرار، وأنهم في أشهرهم أو حتى أيامهم الأخيرة، وبالتالي لم يعد دعمهم منطقيا، خاصة أنهم كانوا جزءا من سلسلة نفوذ تضم حزب الله وحكومة بشار الأسد.

"مشورة عسكرية"

في الفترة الأخيرة، هدد ترامب بالرد المباشر على إيران، حتى في الوقت الذي يسعى فيه إلى إحياء المفاوضات مع طهران بشأن برنامجها النووي، وذلك بعد قرابة سبع سنوات من انسحاب ترامب من الاتفاق النووي مع إيران خلال إدارته الأولى (2017–2021).

وأفادت تقارير بأن الرئيس ترامب منح المرشد الإيراني علي خامنئي مهلة 60 يوما من أجل اتفاق نووي جديد في رسالة سلّمت في مارس 2025.

وفي مقابلة مع شبكة فوكس بيزنس، في 7 مارس 2025 كشف الرئيس الأميركي أنه أرسل رسالة إلى خامنئي، قائلا: "كتبت إليهم رسالة قلت فيها، آمل أن تتفاوضوا لأن دخولنا عسكريا سيكون شيئا مروعا".

ويرى الغرب أن أي مواجهة عسكرية أميركية مع إيران، في حال فشل المفاوضات بشأن برنامجها النووي، سيكون اليمن مسرحا لذلك.

وتقول الدول الغربية: إن إيران نقلت أسلحة وتقنيات للصواريخ الباليستية، وصواريخ كروز المضادة للسفن، ومجموعة متنوعة من الطائرات المُسيّرة إلى الحوثيين؛ حيث لعبت عناصر وقادة من الحرس الثوري الإيراني دورا مهما في تدريب عناصر الحوثيين، وتقديم المشورة العسكرية لهم.

وكثيرا ما كانت القيادة المركزية الأميركية تعلن ضبط قواتها شحنات أسلحة إيرانية متطورة بالقرب من سواحل اليمن، تكون في طريقها إلى جماعة الحوثي.

وتشمل بعض تلك الشحنات بحسب القيادة المركزية الأميركية طرودا تحتوي على مكونات صواريخ باليستية متوسطة المدى، ومتفجرات، وأجزاء من مركبات غير مأهولة تحت الماء وعلى السطح، ومعدات اتصالات عسكرية، وتجمعات إطلاق صواريخ موجهة مضادة للدبابات.

فبحسب مركز البحوث التابع لمجلة "فورين بوليسي" الأميركية، فإن إيران تقوم بتهريب الوحدات الإلكترونية للحوثيين؛ حيث يتم تمريرها من المعابر كقطع إلكترونية لأجهزة منزلية، ثم يتم تجميعها في معامل بعدة مناطق من بينها صنعاء.

وفي مارس/آذار 2017، أصدر مركز البحوث والتسلح البريطاني CAR تقريرا مدعما بالصور بعنوان "نقل التكنولوجيا الإيرانية إلى اليمن"، قال فيه: إن طائرة قاصف 1، التي ادعى الحوثيون تصنيعها، تتطابق مع طائرة أبابيل الإيرانية.

"سليماني صنعاء"

بحسب صحيفة "إيران إنترناشيونال" المعارضة نقلا عن مصادر أميركية فإن عبدالرضا الشهلابي، مسؤول الحرس الثوري الإيراني في اليمن، يتصدر قائمة الاستهدافات الأميركية.

ويعد شهلايي من أكثر القادة غموضا في الحرس الثوري، وقد رصدت الحكومة الأميركية مكافأة بقيمة 15 مليون دولار لمن يدلي بمعلومات تؤدي إلى اعتقاله، وهي المكافأة الأعلى المخصصة لأي قائد في الحرس الثوري، مما يدل على الأهمية الإستراتيجية لاغتياله من وجهة نظر واشنطن.

وقالت الصحيفة في تقرير لها في 19 مارس 2025: إن الرئيس الأميركي دونالد ترامب أصدر في وقت سابق أوامر بتنفيذ عملية ضد شهلايي في اليمن، واستُهدفت سيارته، لكنه نجا من الهجوم.

وتذكر مجلة إنتلجنس أونلاين الاستخباراتية الفرنسية، في تقرير لها نشرته عام 2020 أن الجنرال شهلايي يترأس في اليمن وحدة تابعة للحرس الثوري مكونة من نحو 500 مقاتل، ومعززة بخبراء من حزب الله اللبناني.

ووصفت المجلة رضا شهلايي بأنه "سليماني صنعاء"، في إشارة إلى القائد السابق لـ"فيلق القدس" في الحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني، الذي قتلته الولايات المتحدة في يناير/ كانون الثاني 2020.

وفي دراسة لمركز أبعاد للدراسات نشرت في يناير 2020 كشفت أن آخر عمليات قاسم سليماني، في اليمن قبل مقتله كانت "الإشراف على تسليم الحوثيين منظومة دفاع جوي".

وأشارت الدراسة إلى أن الوحدة (190) في فيلق القدس كانت مهمتها تهريب السلاح إلى الحوثيين.

وفي 20 يناير 2024 نقلت وكالة رويترز عن أربعة مصادر إقليمية ومصدرين إيرانيين قولهم: إن قادة من الحرس الثوري الإيراني وجماعة حزب الله اللبنانية موجودون على الأرض في اليمن للمساعدة في توجيه والإشراف على هجمات الحوثيين على الشحن في البحر الأحمر.

ويقدم قادة ومستشارو الحرس الثوري الإيراني وفق تقرير رويترز، المعرفة والبيانات والدعم الاستخباراتي لتحديد أي من العشرات من السفن التي تمر عبر البحر الأحمر كل يوم متجهة إلى إسرائيل وتشكل أهدافا للحوثيين، بحسب جميع المصادر.

وأضاف المصدر أن قادة إيرانيين سافروا إلى اليمن أيضا وأنشأوا مركز قيادة في العاصمة صنعاء لشن هجمات البحر الأحمر والذي يديره القائد الأعلى للحرس الثوري الإيراني المسؤول عن اليمن.

ووفقا لمصدرين سابقين في الجيش اليمني، هناك وجود واضح لعناصر من الحرس الثوري الإيراني وحزب الله اللبناني في اليمن.

وأضاف المصدران أنهما مسؤولان عن الإشراف على العمليات العسكرية والتدريب وإعادة تجميع الصواريخ المهربة إلى اليمن كقطع منفصلة.

وسبق أن قال الجنرال المتقاعد كينيث ماكنزي، "القائد السابق للقوات المسلحة الأميركية في الشرق الأوسط" في منتدى حول أزمة البحر الأحمر عقد في يناير 2024 "تتمتع إيران فعليا بالقدرة على تنفيذ ما أسميه عمليات بيدها الخفية، مع وجود الكثير من الإيرانيين، من عناصر فيلق القدس، على الأرض في اليمن".