سوق سوداء للفيروسات.. هكذا تصنع دول وتنظيمات الأوبئة حول العالم

قسم الترجمة | منذ ٣ أعوام

12

طباعة

مشاركة

حذر موقع إيطالي من خطر الأسلحة البكتريولوجية على مستقبل البشر على الأرض، مشيرا إلى وجود سوق سوداء لبيع الفيروسات المصنعة ومسببات الأمراض، في تطور اعتبره ينذر بكارثة مستقبلية.

موقع "إيل سوسيداريوا"، أكد أن العلم والتكنولوجيا الحيوية تلاعبا بحدود ما هو "طبيعي"، وحصلا على أسلحة تعرض العالم للخطر.

وقال إن الأسلحة البيولوجية قديمة قدم الحضارة نفسها، وذكرها الشاعر الإغريقي هوميروس بالقرن السابع قبل الميلاد، في ملحمته الشعرية "الإلياذة".

تقرير الموقع الإيطالي أشار إلى استعراض "الإلياذة" أمثلة عن  استخدام السموم المنتشرة منذ العصور القديمة للأغراض العسكرية. 

"بين القرنين السابع والثالث قبل الميلاد جرى استخدام جيف الحيوانات لتلويث آبار ومصادر مياه شرب الخصوم، وكذلك الأسهم المغطاة بالسموم من البرمائيات أو الروث أو دماء الأجسام المتعفنة"، وفق التقرير.

وأضاف: مع مرور الوقت استمرت هذه الأساليب في المعارك؛ وكشف عما اعتبره أول استخدام متعمد للفيروسات كسلاح بيولوجي.

ولفت إلى حرب السنوات السبع (1756-1763)، بين بريطانيا وبروسيا ودولة هانوفر ضد فرنسا والنمسا وروسيا والسويد وسكسونيا.

وأكد أن "القوات العسكرية البريطانية وزعت حينها بطاطين ملوثة بالجدري لتلقيها في هنود أمريكا الشمالية حلفاء فرنسا".

نقطة تحول

في سرده لاستخدام العالم للأسلحة البيولوجية، أشار التقرير الإيطالي إلى أن العقدين الأخيرين من القرن الـ19 اتسما بالعديد من التطورات العلمية التي أدت إلى ظهور التكنولوجيا الحيوية الحديثة".

وتحدث عن اكتشاف دور الجراثيم في ظهور الأمراض المعدية، وعزل الميكروبات الضارة مثل "عصية الجمرة الخبيثة" التي اكتشفها الطبيب الألماني روبرت كوخ، عام 1876.

وألمح أيضا إلى "عصية الطاعون" التي اكتشفها عالم البكتيريا الفرنسي ألكسندر يرسين عام 1884، معتبرا أن هذا "شكل نقطة تحول واضحة مع انتشار الأسلحة البيولوجية".

وفي ظل الاستخدام المتزايد للحرب البيولوجية والخسائر الفادحة في الأرواح بالحرب العالمية الأولى، تعهدت الدول بالحد منها.

مؤتمر مراقبة التجارة الدولية في الأسلحة والذخيرة، صادقت الدول فيه على "بروتوكول جنيف" 17 يونيو/ حزيران 1925، للحد من الأسلحة الكيماوية والبيولوجية.

دخول الاتفاقية حيز التنفيذ في 8 فبراير/ شباط 1928، أسهم في تحقيق انخفاض فعال في هذه الاستخدامات في مناخ من "الحظر الأخلاقي" المشترك، وفق وصف الموقع.

إلا أنه خلال الحرب العالمية الثانية، ومن 1940 إلى 1944، ألقى سلاح الجو الياباني قنابل عنقودية مليئة بالعصيات لنشر الطاعون في المدن الصينية. 

بنفس الفترة، أجرت البحرية البريطانية هجوما جرثوميا لتجربة قنابل الجمرة الخبيثة على جزيرة "جرينارد" بأسكتلندا، حسب التقرير الإيطالي.

وأوضح أن "إثبات التطور البكتيري واستخدامه، لا يزال صعبا بالنظر إلى طبيعته السرية للغاية".

وبين أن هذا "أكدته عقود الحرب الباردة التي تجاوزت أي اتهامات بتكديس أسلحة بيولوجية، أو اكتشافات جديدة بسبب حوادث وقعت أثناء التجارب العسكرية".

وفي هذا السياق، اتهمت كوبا في عام 1971، وكالة المخابرات المركزية الأميركية بإدخال فيروسات معدية أراضيها.

عام 1979 تسبب تسرب للجمرة الخبيثة في ظهور وباء التهاب رئوي في سفيردلوفسك التابعة للاتحاد السوفياتي سابقا، بعد انفجار مبنى عسكري، نفت سلطات موسكو مصدره.

ترسانة إرهابية

الموقع اعتبر في تقريره أن "تحولا في استخدام هذا السلاح حدث منذ تسعينيات القرن الـ20 إذ لم يعد استخدام الأسلحة البيولوجية عسكريا فقط بل أصبح جزءا من ترسانة الإرهاب". 

وذكر أن "استخدام العراق الأسلحة البيولوجية بحرب الخليج (1991-1992) تبعه أحداث أدت لظهور شكل جديد من التهديد، وهو الإرهاب البيولوجي". 

عام 1992، حصلت طائفة "أوم شينريكيو" الدينية اليابانية على عينات من فيروس "إيبولا" في زائير، وشنت في مارس/ آذار 1995، هجوما بغاز الأعصاب "السارين" على مترو أنفاق طوكيو.

وبين الموقع أن هذه الأمثلة توضح أن الإرهاب البيولوجي يمكن أن يحدث تأثيرا دوليا حتى لو استهدف عددا صغيرا من الأشخاص، بما في ذلك إرسال طرود بريدية ملوثة.

ذلك على غرار استهداف  مكاتب كبرى وسائل الإعلام الأميركية بطرود الجمرة الخبيثة بعد أسبوع من هجمات 11 أيلول سبتمبر/ أيلول 2001.

تقرير الموقع الإيطالي أكد أن "هذه الأساليب لا تتسبب في إسقاط عدد كبير من الضحايا مقارنة بالسلاح التقليدي، لكن تأثيرها النفسي قوي ويولد ذعرا وخوفا في المجتمع".

القنبلة الذرية للفقراء

الأسلحة البيولوجية يطلق عليها اسم "القنبلة الذرية للفقراء" لأنها غير مكلفة ويمكن امتلاكها بسهولة. 

"لا تتطلب تعقيدا خاصا أو موارد مالية عالية، لذلك انتشرت في أوائل العقد الأول من القرن 21"، وفق قول الموقع. 

ونوه "إيل سوسيداريوا" إلى "جهات فاعلة تتبادل تلك الأسلحة بين القطاعين العام والخاص،   يضاف إليها التقدم في فك تشفير الجينوم البشري والبيولوجيا التركيبية".

وخلص التقرير للقول: "هكذا، فسح الجيل الأول من مسببات الأمراض من أصل طبيعي المجال لتلك التي جرى تطويرها بشكل مصطنع وأثارت حماسا تطور إلى تجارة في التقنيات والمواد البيولوجية".

في يوليو/ تموز 2006، أوضح الصحفي الاستقصائي البريطاني، جيمس راندرسون، أنه "من السهل الحصول على (جينوم الجدري)".

راندسون، كشف عن "سوق عالمي للفيروسات الصناعية ومسببات الأمراض يمكن استلامها دون تتبع (أمني)".

تساؤلات هامة

بين الموقع أن تعدد الجهات الفاعلة في التقدم العلمي يجعل من الصعب إدراك الخير والشر مشيرا إلى أن هذا السياق يثير مخاوف من تهديدات جديدة ويطرح العديد من الأسئلة.

وتساءل: "كيف نميز حالات الأمراض الطبيعية أو العرضية أو المتعمدة؟ وكيف يتم التعامل مع حرب غير معلنة؟ أو عمل إرهابي لا تتبناه أي جهة؟".

وتابع: "هل هناك إجراءات لمعالجة المخاطر والتهديدات البكتريولوجية؟ هل من الممكن استباق هذه الهجمات باستخدام خوارزميات الذكاء الاصطناعي؟".

وأشار إلى أنه "استجابة للتهديد البكتيري، أطلقت منظمة الصحة العالمية شبكة عالمية للإنذار بالأمراض المتفشية والاستجابة لها (Goarn) في أبريل/ نيسان 2000، لمجابهة الأزمات الوبائية والجوائح". 

الشبكة العالمية تقوم بدور "في مواجهة هجوم أو حادث بكتيريولوجي".

إذ "يمكن للذكاء الاصطناعي، بفضل قدرته على تخزين وتحليل كميات هائلة من البيانات، توفير الموارد التي تهدف إلى الكشف أو التنبيه أو حتى التحفيز".

لكن الموقع الإيطالي جزم بأن "الاستباق والتنبؤ يبدوان أكثر تعقيدا بسبب طبيعة الخطر غير المتوقع، بالإضافة إلى طفراته العلمية العديدة". 

وأكد أن "الجانب الأمني يحتل مكانة متزايدة الأهمية ويكشف عن العديد من التحديات التي يجب مواجهتها".

واختتم بأن "هذا التحدي شديد التعقيد لا سيما وأنه يجمع بين العوامل السياسية والاقتصادية والبيئية والصحية متجاوزا الاستخدام العسكري البسيط".

وجزم بأنه "لذلك يضع هذا التقاطع المجتمع المدني في مركز التهديد، كما لم تكن الصحة العامة العالمية في يوم من الأيام مهددة بهذا الشكل".