تأييد إماراتي ضمني للقصف الغربي ضد الحوثيين.. هل يشعل حربا بين الطرفين؟

منذ ٤ أشهر

12

طباعة

مشاركة

تؤيد دولة الإمارات العربية المتحدة ضمنيا الهجمات الأميركية والبريطانية، التي تستهدف مليشيا الحوثي اليمنية، ردا على استهدافها السفن في البحر الأحمر.

وهنا برزت تساؤلات عن مدى اشتعال حرب بين الإمارات والمليشيات المدعومة من إيران، وذلك بعد عامين على آخر هجوم شنه الحوثيون على الدولة الخليجية.

وفي 12 يناير/كانون الثاني 2024، أعلن الرئيس الأميركي، جو بايدن، أن الولايات المتحدة وبريطانيا وجَّهتا "بنجاح" ضربات للحوثيين ردا على هجمات المليشيا المدعومة من إيران على سفن في البحر الأحمر، واصفا الأخيرة بأنها مليشيا"إرهابية".

وتشن "الحوثي" هجمات على سفن في البحر الأحمر منذ نوفمبر/تشرين الثاني 2023، إضافة إلى أنها استولت على سفينة "جالاكسي ليدر"، المملوكة لرجل أعمال إسرائيلي في 20 نوفمبر، وذلك ردا على العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، حسبما أعلنت ذلك رسميا.

تأييد ضمني

وعلى خلاف موقف المملكة العربية السعودية، أبدت دولة الإمارات تأييدها للهجمات الغربية التي طالت الحوثيين في اليمن، وذلك عبر بيان رسمي صدر عن وزارة الخارجية في 12 يناير 2024.

وقالت الوزارة إن "دولة الإمارات تعرب عن قلقها البالغ من تداعيات الاعتداءات على الملاحة البحرية في منطقة باب المندب والبحر الأحمر، والتي تمثل تهديدا غير مقبول للتجارة العالمية ولأمن المنطقة والمصالح الدولية".

وأكدت دولة الإمارات في هذا الإطار أهمية الحفاظ على أمن المنطقة ومصالح دولها وشعوبها ضمن أطر القوانين والأعراف الدولية، حسب البيان الصادر عن الخارجية.

وفي اليوم نفسه، علق نائب قائد الشرطة والأمن العام في دبي، الفريق ضاحي خلفان- الذي يعبر في العادة عن وجهة نظر الإمارات بشكل غير رسمي- عبر  منصة "إكس" (تويتر سابقا) قائلا: "الحوثي بمهاتراته السياسية جاب الدمار لليمن... أو بالأحرى مراهقاته السياسية".

 

لكن السعودية على عكس حليفتها في التحالف العربي الذي شكلته باليمن عام 2015، كان لها موقف آخر من الهجمات الغربية على الحوثيين، والذي حاولت من خلاله مسك العصا من المنتصف وعدم الميل إلى طرف دون آخر، كما فعلت دولة الإمارات.

وقالت المملكة إنها تتابع بقلق بالغ العمليات العسكرية التي تشهدها منطقة البحر الأحمر والغارات الجوية التي تعرض لها عدد من المواقع في الجمهورية اليمنية، حسبما نقلت وكالة الأنباء الرسمية "واس" في 12 يناير.

وأضافت: تؤكد المملكة أهمية المحافظة على أمن واستقرار منطقة البحر الأحمر التي تعد حرية الملاحة فيها مطلبا دوليا لمساسها بمصالح العالم أجمع، لتدعو إلى ضبط النفس وتجنب التصعيد في ظل ما تشهده المنطقة من أحداث.

ورغم أن الدولتين الخليجيتين حليفتين للولايات المتحدة، لكنهما لم تشتركا ضمن التحالف الدولي الذي أعلنت واشنطن تشكيله في 19 ديسمبر/كانون الأول 2023، تحت مسمى "حارس الازدهار" ويضم عشرين دولة.

وقال وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن، خلال بيان له في 19 ديسمبر 2023، إن "البلدان التي تسعى إلى ترسيخ المبدأ الأساسي لحرية الملاحة عليها أن تتكاتف لمواجهة التحدي الذي تشكله هذه الجهة"، مؤكدا أن التحالف الأمني سيعمل "بهدف ضمان حرية الملاحة لكل البلدان، ولتعزيز الأمن والازدهار الإقليميين".

وضم التحالف الدولي الجديد 20 دولة شملت: الولايات المتحدة وبريطانيا وكندا وفرنسا وإيطاليا وهولندا والنرويج وإسبانيا والبحرين وجزر السيشل، واليونان وأستراليا، إضافة إلى 8 دول أخرى فضلت عدم الكشف عن مشاركتها "للحساسية السياسية للعملية"، فيما أعلن النظام المصري أنه "ينسق مع الشركاء".

تغيّر المعطيات

وبخصوص إمكانية اندلاع صدامات عسكرية بين الحوثيين والإمارات، استبعد الكاتب والمحلل السياسي اليمني، ياسين التميمي، خيار ذهاب مليشيا الحوثي إلى قصف دولة الإمارات مجددا، وذلك بعد آخر استهداف نال أبو ظبي عام 2022 باستخدام صواريخ "قدس 2".

وقال التميمي لـ"الاستقلال" إنه "ليس هناك من مجال أن يذهب الحوثيون إلى حد استهداف مواقع في الإمارات، لأن الأمر في السابق كان مرتبطا بسياسات المعركة الداخلية".

وبين أن "هذا الشيء اليوم لن يحصل رغم الموقف الإماراتي المؤيد لقوات التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة الأميركية".

وأعرب الخبير اليمني عن اعتقاده بأن "المسألة الآن تغيرت بشكل كامل، فقد كان الحوثيون يستهدفون العمق السعودي والإماراتي في السابق من أجل الحصول على مكاسب في إطار الأزمة اليمنية أو يقللون من الدعم الذي كان يقدّم إلى خصومهم، لكن الأمر الآن مختلف".

ولفت إلى أن "حجم التعاطي السعودي مع الملف اليمني كبير جدا، فهي تلعب في الوقت الحالي دور الوسيط بين الأطراف اليمنية، وتحتاج لعدم عرقلة المشهد أو تعطيل مهمتها الهادفة إلى إيقاف الحرب في ظل خارطة طريق تشمل كل مناطق اليمن".

أما دولة الإمارات، يضيف التميمي،  فإنها "تحللت إلى حد ما من ملف اليمن بشكل كامل، وتحاول أن تمارس تأثيرها في الداخل اليمني عبر حلفائها في الجنوب، لا سيما المجلس الانتقالي (الجنوبي الداعي للانفصال) وغيرهم".

وفي 12 ديسمبر، 2023، نشرت وكالة "بلومبيرغ" الأميركية تقريرا، قالت فيه إن جهود واشنطن لمواجهة مليشيا الحوثي اليمنية في البحر الأحمر "تصطدم بعقبة رئيسة" هي خلاف بين والإمارات والسعودية، حليفتي الولايات المتحدة.

وقالت الوكالة إن "اثنتين من أهم الجهات الفاعلة المشاركة في الحرب طويلة الأمد في اليمن، وهما السعودية والإمارات، تدعمان الفصائل المتنافسة ضد الحوثيين وتفضلان طرقا مختلفة للتعامل معهم".

وبينت أن "مواقف البلدين المتباينة تعّقد المحاولة التي تقودها الولايات المتحدة لصياغة رد متماسك على المليشيا".

وأشارت إلى أن "دولة الإمارات تضغط من أجل تنفيذ عمل عسكري ضد الحوثيين، بينما تدعم السعودية جارة اليمن نهجا أكثر اعتدالا؛ خوفا من اندلاع حرب".

ونقلت الوكالة عن مسؤول سعودي (لم تكشف عن هويته) قوله إن أي عمل عسكري أميركي "قد يعرض الهدنة بين الحوثيين والسعودية للخطر ويحبط محاولة الرياض التوصل إلى اتفاق دائم لوقف إطلاق النار مع المليشيا".

وهددت مليشيا الحوثي على لسان عضو مكتبها السياسي محمد البخيتي، باستهداف مصافي النفط والغاز في السعودية والإمارات، في حال شاركت الدولتان الخليجيتان في التحالف الدولي ضدها، وذلك خلال مقابلة تلفزيونية له في 18 ديسمبر 2023.

 

رفض التسوية

لكن خلاف الإمارات مع حليفتها السعودية، ظهر أيضا بشكل ضمني في رفضها للتسوية السياسية التي تقودها الأخيرة في اليمن، وذلك باستضافة الرياض وفدا حوثيا في 14 سبتمبر 2023، لأول مرة منذ انقلابهم على الشرعية اليمنية وسيطرتهم على صنعاء عام 2014.

ورغم موقف الإمارات الرسمي الصادر عن وزارة خارجيتها في 19 سبتمبر 2023، والذي أثنى على محادثات الرياض، فإن المواقف التي صدرت من شخصيات إماراتية، وأخرى صرّح بها مقربون للمجلس الانتقالي الجنوبي اليمني المدعوم إماراتيا، تذهب باتجاه مختلف تماما.

 

على صعيد المواقف التي صدرت من الشخصيات الإماراتية، أطلق عبد الخالق عبد الله الأكاديمي الإماراتي المقرب من رئيس الدولة محمد بن زايد، تدوينة على منصة "إكس" (تويتر سابقا) في 14 سبتمبر 2023، اتهم فيها جهات (لم يسمها) بالسعي إلى تسليم جنوب اليمن إلى الحوثيين.

وتساءل عبدالخالق عبدالله في تدوينته، قائلا: "لماذا يصر البعض على تسليم الجنوب العربي لمليشيا الحوثي الإيرانية الانقلابية بصنعاء؟"

وأضاف أن "الجنوب العربي ليست قضية انفصال، بل تحرر وطني يسعى شعب الجنوب لتأسيس وطنه الحر ودولته المستقلة، ويستحق دعم دول العالم وشعوب المنطقة وفي المقدمة دول وشعوب الخليج العربي. دولة ولها عنوان".

طرح الأكاديمي الإماراتي، جاء بعد ساعات من تدوينة أطلقها، ضاحي خلفان نائب قائد شرطة دبي، قال فيها: إن "الأوساط الحوثية تتحدث عن فكرة إنشاء مملكة هاشمية يمنية.. إذا صحت الأخبار... ينبغي لمن يهمه الأمر مراجعة القرار".

 

أما عن موقف الجنوبيين في اليمن، فقد قال المحلل السياسي اليمني، أنور التميمي، إن "هناك درجة من التوجس الشعبي الجنوبي من التحركات الدبلوماسية الأخيرة بين الحوثيين والسعوديين، والتي ستقود على ما يبدو إلى تفاهمات جانبية عالية جدا".

وأوضح التميمي- المقرب من المجلس الانتقالي اليمني المدعوم إماراتيا- في حديث لوكالة "سبوتنيك" الروسية في 18 سبتمبر، أن "الجنوبيين يخشون أن تقود التفاهمات إلى التساهل مع متطلبات الحوثي، المتمثلة في حصوله على جزء كبير من عائدات نفط حضرموت وشبوة (جنوب اليمن)".

وكانت الخارجية الإماراتية أكدت في بيانها "أهمية دعم جميع الجهود الإقليمية والدولية المبذولة لإيجاد حلّ سياسي مستدام في اليمن، بما يحقق تطلعات شعبه في الأمن والنماء والاستقرار"، مرحبة بالجهود التي تبذلها السعودية وسلطنة عُمان الشقيقتان لإحلال السلام في ذلك البلد.

وأثنت الخارجية الإماراتية، على "المحادثات التي تجرى في العاصمة الرياض مع وفد حوثي للوصول إلى وقف دائم لإطلاق النار، وإيجاد حل سياسي للأزمة اليمنية بما يعزز السلام والاستقرار في اليمن والمنطقة".

كما أكدت "التزام دولة الإمارات بالوقوف إلى جانب الشعب اليمني ودعم طموحاته المشروعة في التنمية والازدهار".

ومنذ أشهر، يشهد اليمن تهدئة من حرب اندلعت قبل نحو 9 سنوات بين القوات الموالية للحكومة الشرعية، مدعومة بتحالف عسكري عربي تقوده السعودية، وقوات الحوثيين المدعومين من إيران والمسيطرين على محافظات ومدن بينها العاصمة صنعاء منذ عام 2014.