سعيد خطيب زاده.. ذراع عراقجي الذي يقف وراء نفوذ طهران للغرب

"خطيب زاده يتولى منصب مساعد وزير خارجية إيران عباس عراقجي"
يتصدر الدبلوماسي الإيراني، سعيد خطيب زاده، وسائل الإعلام منذ مدة، ليس فقط لأنه متحدث سابق باسم وزارة خارجية إيران وسفير لها، لكنه يصنف على أنه "أصغر" شخصية دبلوماسية يمتلك مؤهلات أوصلته ليكون مساعدا للوزير ومديرا لأهم مركز أبحاث في الوزارة.
ففي 25 يناير/ كانون الثاني 2025، أصدر وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي قرارا عيّن فيه خطيب زاده مساعدا له ورئيسا لمركز الدراسات السياسية والدولية التابع للوزارة، وهو موقع حساس يرسم السياسات الخارجية، ويعد بمثابة غرفة تفكير رسمية للدولة.
ذراع عراقجي
ولعل آخر جولة خارجية أجراها خطيب زاده حتى 4 سبتمبر/ أيلول 2025، كانت قبلها بيوم واحد زيارته إلى العراق والتي التقى فيها بنائب رئيس الوزراء وزير الخارجية فؤاد حسين، حاملا دعوة من الوزير عباس عراقجي إلى حسين لزيارة طهران.
وتحدث البيان الصادر عن الخارجية العراقية في 3 سبتمبر، أنه جرى خلال اللقاء بحث مسار العلاقات الثنائية بين البلدين وسبل تعزيزها، إضافة إلى استعراض التطورات الإقليمية والدولية الراهنة، وحوارات طهران مع الترويكا الأوروبية بشأن النووي الإيراني.
وقدّم خطيب زاده عرضا حول ظروف الحرب الفعلية أثناء العدوان الإسرائيلي على إيران، وتأثيراتها على السياسة والمجتمع الإيراني، مؤكدا أن تلك الأوضاع انعكست على إعادة صياغة المفاهيم الأمنية والعسكرية، فضلا عن المقاربة السياسية في علاقات إيران الدولية.
لكن وسائل إعلام إيرانية وأخرى عراقية تحدثت عن تفاصيل أخرى تضمنتها زيارة مساعد عراقجي إلى العراق، فقد ذكرت وكالة "تسنيم" الإيرانية أن "خطيب زاده أكد على ضرورة دعم المقاومة ومواجهة المشاريع الطموحة لتغيير خارطة المنطقة".
وبحسب الوكالة الإيرانية، فإنه "جرى خلال الاجتماع نقل دعوة عراقجي إلى نظيره العراقي لزيارة إيران"، وهذه لم يتطرق لها البيان الرسمي للخارجية العراقية.
أما صحيفة "العالم الجديد" العراقية، فقد كشفت نقلا عن مصادر (لم تسمها) أن "زيارة خطيب زاده جاءت بناء على طلب رسمي من حكومة العراق، فقد كان مقررا أن يزور البلاد وزير الخارجية عراقجي، إلا أن ذلك لم يتم لأسباب تتعلق بانشغال الأخير".
وفي وقت طلب فيه المسؤول الإيراني دعم "المقاومة"، فإن الصحيفة أكدت أن بغداد "تسعى جاهدة" إلى تهدئة المنطقة وعدم انزلاقها في حرب جديدة، لأن العراق سيكون المتضرر الأول فيها، فضلا عن منع انخراط الفصائل العراقية فيها، وأن خطيب زاده أبدى "تفهّم" بلاده لذلك.
ومنذ توليه منصبه نهاية يناير 2025، أجرى خطيب زاده 5 زيارات خارجية، شملت ثلاث دول فقط، منها مرتين لكل من العراق تركيا، وزيارة واحدة إلى أذربيجان، التقى خلالها أيضا بمسؤولين من دول أوروبية وعربية، وحتى من الولايات المتحدة.
وكان من أبرز اللقاءات التي أجراها خطيب زاده (46 عاما) وأثارت جدلا على مواقع التواصل الاجتماعي، عندما تبادل الأرقام مع باربارا ليف مساعدة وزير الخارجية الأميركي السابقة خلال حضورهما "منتدى السليمانية" بإقليم كردستان العراق في 17 أبريل/ نيسان.
كاتب ومفكّر
سعيد خطيب زاده المولود في طهران عام 1979، تخرج في مدرسة "العلامة الحلي" بالمدينة ذاتها، ومن المنظمة الوطنية لتنمية المواهب المتميزة، ثم درس العلوم السياسية والعلاقات الدولية في جامعة "تربية مدرس"، حتى أكمل دراسته العليا ونال الدكتوراه في التخصص نفسه.
يتحدث خطيب زاده إضافة إلى الفارسية، ثلاث لغات أخرى هي الإنجليزية، والألمانية، والعربية، وعمل لسنوات طويلة في المجال الأكاديمي، فهو يمتلك خبرة في التدريس بمختلف المراحل التعليمية.
يتمتع بخبرة دبلوماسية تمتد إلى 21 عاما، وقبل تعيينه متحدثا باسم وزارة الخارجية، ثم سفيرا لدى كرواتيا، شغل منصب نائب مدير البحوث في مركز السياسية والدراسات الدولية التابع للوزارة.
كما شغل مناصب مثل مدير المجلة الإنجليزية التابعة لوزارة الخارجية، ومدير منشورات الوزارة، ورئيس مكتب الدراسات، ومستشار نائب مدير التعليم والبحوث في وزارة الخارجية، وعمل دبلوماسيا في كندا وألمانيا.
من أنشطة خطيب زاده، العمل في مراكز الفكر، وإلقاؤه العديد من الخطب في المحافل الدولية، وتأليفه كتبا عدة، منها كتاب "الدبلوماسية الاقتصادية الإيرانية: تقييم للتعاون الاقتصادي والتجاري الإيراني مع اليابان والصين وكوريا الجنوبية"، الذي نُشر باللغة الإنجليزية في اليابان.
وهو أيضا مؤلف "الكتاب الأخضر الأميركي"، أحد أكثر الكتب مبيعا التي تصدرها وزارة الخارجية الإيرانية، ومن كتبه الأخرى كتاب "نموذج التنمية الألماني".
ورغم أنه لم يكن عضوا رسميا في فرق التفاوض النووي الإيراني، لكن دور خطيب زاده لم يكن هامشيا في هذا الملف، كونه كان بمثابة جسر إعلامي وتحليلي بين المفاوضين الإيرانيين والرأي العام، ويوجه الخطاب الإيراني الدولي بما يتماشى مع التقلبات الإقليمية والدولية.
وقبل توليه منصب المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية من 2020 إلى عام 2022، كان دائم الظهور على قناة "فينس" الصينية، حيث يرى في بكين -خلال تصريحاته- "شريكا إستراتيجيا أكثر استقرارا من الغرب المتقلب".
خطيب زاده مفكر وصاحب قلم، وله العديد من المقالات التي تتناول موضوعات عدة، مثل النظام العالمي بعد الحرب الباردة (حالة الصراع والتوتر والتنافس التي بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي من 1947 إلى 1991) ونهاية مركزية الغرب، وفق رأيه.
قبل توليه منصب مساعد وزير الخارجية ورئيس مركز الدراسات السياسية والدولية، كان خطيب زاده سفيرا لإيران في كرواتيا، ومستشار وزير الخارجية، ومسؤول السفارة الإيرانية في ألمانيا، ورئيس قسم المنشورات في وزارة الخارجية، ومسؤول السفارة الإيرانية في كندا.
"مهندس الاختراق"
ترى وسائل إعلام إيرانية سعيد خطيب زاده، أنه لعب دورا رئيسا في "تصميم وتنفيذ عمليات نفوذ طهران في الغرب"، حسبما ذكرت قناة “إيران إنترناشيونال”.
وذكرت القناة الإيرانية المعارضة، أن الدبلوماسي خطيب زاده، واستنادا إلى آلاف الرسائل الإلكترونية لدبلوماسيين إيرانيين، أنه كان صاحب فكرة "شبكة من الأكاديميين والمحللين في مراكز الأبحاث"، التي أنشأتها وزارة الخارجية الإيرانية لتعزيز القوة الناعمة لطهران.
وأشارت إلى أن خطيب زاده، الذي كان يشغل حينها منصبا دبلوماسيا في برلين، قد اقترح عام 2014 إنشاء شبكة باسم "مشروع خبراء إيران".
وفي التفاصيل، فإن خطيب زاده اقترح على رؤسائه أن تعمل إيران على تشكيل شبكة من المحللين الإيرانيين المرتبطين بـ"مراكز الأبحاث الأميركية والأوروبية" وتقديم "دعم سياسي" لهم، بهدف تعزيز وجهة نظر طهران على الساحة الدولية.
وعن فكرته هذه، بعث خطيب زاده في 5 مارس/ آذار 2014، برسالة إلى مجيد تخت روانجي، أحد كبار المفاوضين النوويين الإيرانيين، قائلا: "هذه المبادرة التي نسميها مشروع خبراء إيران".
تتألف هذه الشبكة من مجموعة أساسية تتراوح بين ستة إلى عشرة إيرانيين بارزين من الجيل الثاني، الذين أسسوا علاقات مع مراكز الأبحاث والمؤسسات الأكاديمية الرائدة، خصوصا في أوروبا والولايات المتحدة، وفق مقترح خطيب زاده.
وفي 14 أبريل 2015، أرسل خطيب زاده قائمة بالمقالات والمقابلات التي نشرها أعضاء "مشروع خبراء إيران" لدعم مواقف طهران في المفاوضات النووية.
وتضمنت قائمة الأسماء التي أرسلها إلى رئيس الشؤون الإستراتيجية في معهد الدراسات السياسية والدولية مصطفى زهراني، شخصيات معروفة، مثل، علي واعظ، آرين طباطبائي، دينا أسفندياري، إيلي جرنمايه، عدنان طباطبائي، وروزبه بارسي.
وفي عام 2016، استعرض خطيب زاده عبر رسالة إلكترونية، جهوده في "التفاعل مع مراكز الأبحاث، مع تركيز واضح على المفاوضات النووية لدفع السياسة الخارجية الإيرانية إلى أعلى المستويات"، إضافة إلى "نشر عشرات المقالات بما يتماشى مع السياسة الخارجية".
وبحسب "إيران إنترناشيونال" فإن زهراني، أكد أن "مشروع خبراء إيران" كان واحدا من المبادرات الأساسية لمركز الدراسات السياسية والدولية، لكن حاليا، تحت إدارة خطيب زاده- الذي يعد المهندس الرئيس لمحاولات طهران التأثير على السياسة الخارجية الأميركية- سيستمر هذا المركز في عمله.
وفقا للقناة الإيرانية المعارضة، فإن جيسون برودسكي مدير السياسات في منظمة (متحدون ضد إيران نووية)، علّق قائلا: “تعيين خطيب زاده ربما يُشير إلى عودة جهود مماثلة لتلك التي حدثت خلال فترة (الولاية الأولى) الرئيس الأميركي دونالد ترامب”.
المصادر
- لعبة الدبلوماسية الخفية: ما الذي جاء به مبعوث طهران إلى بغداد فجأة؟
- تعيين المخطط الرئيسي لعمليات نفوذ إيران في الغرب رئيساً لمركز الدراسات السياسية والدولية
- تعيين "سعيد خطيب زادة" متحدثا باسم الخارجية الايرانية + صورة
- نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الخارجية يستقبل نائب وزير الخارجية الإيراني لبحث العلاقات الثنائية والتطورات الإقليمية والدولية
- سعید خطیبزاده به عنوان دوازدهمین سخنگوی وزارت امور خارجه منصوب شد
- سعید خطیبزاده حکم گرفت
- سعید خطیبزاده
- زندگینامه: سعید خطیبزاده (۱۳۵۸-)
- من بغداد.. دعوة إيرانية صريحة لـ"دعم المقاومة"
- بأمر من عراقجي، "خطيبزاده" رئيس مركز الدراسات السياسية والدولية بوزارة الخارجية