لم يغير شيئا.. كيف تحول قتل السنوار من انتصار سياسي إلى خيبة أمل لإسرائيل؟

منذ شهر واحد

12

طباعة

مشاركة

رغم تمكنها من قتل رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية حماس، يحيى السنوار وعدد آخر من زملائه، لا تزال إسرائيل غير قادرة على حكم قطاع غزة.

وكانت إسرائيل وضعت السنوار على رأس قائمة أهدافها وادعت أنه يعرقل إنهاء الحرب وإتمام صفقة لتبادل الأسرى، لكن بعد استشهاده، تبين أن الوضع بعيد عن التغيير وأن المعضلة تكمن في عدم استعداد تل أبيب للانسحاب من قطاع غزة.

بلا خطة

وقال الأستاذ في "جامعة جورج تاون" الأميركية، الباحث في "مؤسسة بروكينغز"، دانييل بايمان، إن "قتل السنوار لن يشكّل نقطة تحول".

وأضاف "بايمان"، في مقال نشرته مجلة "فورين بوليسي" الأميركية: "في حين يمثل مقتل زعيم حماس انتصارا سياسيا لرئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، فإن إسرائيل ليست لديها خطة واقعية لحكم غزة".

وأردف: "قد يكون قتل إسرائيل للسنوار، المهندس الرئيس لهجمات 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، بمثابة ذروة مخيبة للآمال، أكثر من كونه نقطة تحول في حرب إسرائيل وغزة".

وأكد أن "قتل الإسرائيليين للسنوار قد يتحول إلى خيبة أمل لهم، بدلا من أن يكون منعطفا حاسما في الحرب على قطاع غزة".

ويرى الباحث الأميركي أن قتل السنوار هو مؤشر آخر على أن إسرائيل قطعت شوطا في تدمير حماس كمنظمة، ولكن الحركة وإسرائيل تبدوان مستعدتين لمواصلة القتال".

علاوة على ذلك، فإن إسرائيل لم تجب بعد على السؤال الأصعب -وفق المقال-، وهو: ما الخطوة التالية في قطاع غزة؟

وكان السنوار عضوا بارزا في حماس منذ تأسيسها، وقد أمضى سنوات عديدة في السجن حتى أفرج عنه في صفقة تبادل الأسرى عام 2011، وكان معروفا بآرائه المتشددة، وفق المقال.

ومنذ هجمات 7 أكتوبر، جعلته إسرائيل العدو رقم واحد بالنسبة لها، ووصفته بأنه "رجل ميت يمشي على الأرض"، وذلك في وقت مبكر من الحرب.

وقال "بايمان": "من الناحية النظرية، قد يجعل موت السنوار وقف إطلاق النار أكثر ترجيحا".

وبرر ذلك بأن “السنوار اتخذ موقفا متشددا بشأن المفاوضات”، ويرى أن الحرب أضرت بسمعة إسرائيل الدولية وعلاقتها بحليفها الرئيس، الولايات المتحدة"، وفق تعبيره.

وأضاف: "من وجهة نظر إسرائيل، فإن قتل السنوار هو انتصار سياسي، وتذكير واضح بوعد نتنياهو بتدمير حماس".

مشكلات أكبر

وذكر الباحث قادة آخرين زعمت إسرائيل أنها قتلتهم، مثل قائد الجناح العسكري لكتائب القسام، محمد الضيف، ونائبه مروان عيسى، ورئيس المكتب السياسي للحركة، إسماعيل هنية، الذي استُهدف في طهران، في يوليو/تموز 2024. وتدعي "إسرائيل" أنها قتلت عددا كبيرا من كوادر حماس.

فمن بين 42 ألف شخص أو أكثر من سكان غزة قتلهم جيش الاحتلال، تزعم "إسرائيل" أن أكثر من ثلثهم كانوا من مقاتلي حماس.

وأورد المقال أن عدد المقاتلين في كتائب القسام، قبل 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، كان يتراوح بين 25 ألفا و30 ألفا.

واستدرك "بايمان" قائلا: "من ناحية أخرى، قد يضاعف قادة حماس في المستقبل من المقاومة".

وتابع: "تحت قيادة السنوار، ضربت حماس إسرائيل بشدة، وأعادت القضية الفلسطينية إلى الخريطة السياسية، وألحقت الضرر بسمعة تل أبيب الدولية".

كما يعتقد الباحث أن القتل الواسع الذي ألحقه الجيش الإسرائيلي بسكان غزة، بمن فيهم الأطفال، سيوجِد "تعطشا للانتقام".

وقال: "من جانبها، لا تظهر إسرائيل أي إشارة على أنها ستخفف من حدة حصارها لحماس، وفي الوقت نفسه، فإن الحركة صامدة، وتاريخيا تمكنت من التعافي بعد خسارتها لقيادات كبيرة".

ورغم أن العديد من الإسرائيليين يفضلون وقف إطلاق النار في مقابل إطلاق سراح الأسرى الإسرائيليين، فقد جعلت إدارة نتنياهو استمرار العمليات في غزة على رأس أولوياتها.

وكان نتنياهو قد صرح بأن "القضاء على السنوار، يمثل مرحلة مهمة في الحملة العسكرية ضد حركة حماس".

واستدرك: "لكن المهمة التي أمامنا لم تكتمل، الحرب لم تنته بعد، وهو أمر صعب، ويفرض علينا أثمانا باهظة".

وقال بايمان: “بالنسبة لإسرائيل، فإن اغتيال السنوار لا يحل المشكلة الأوسع المتعلقة بحكم قطاع غزة”.

فبعد أكثر من عام على 7 أكتوبر، لم تقترب إسرائيل حتى من تصور، ناهيك عن تنفيذ، إطار واقعي يحدّد من سيتولى حكم غزة.

حماس لن تنهار 

ومن جانبه، يعد كبير الباحثين في معهد آبا إيبان للدبلوماسية الدولية في إسرائيل، داني سيترينوفيتش، أنه رغم أهمية قتل السنوار، إلا أنه "لن يحل المشاكل الإستراتيجية التي تواجه تل أبيب، إذا لم تتغير السياسات الحالية للحكومة الإسرائيلية".

ويؤكد "سيترينوفيتش"، الذي خدم 25 عاما في مناصب قيادية متنوعة في وحدات الاستخبارات الإسرائيلية، أننا يمكننا التأكيد أنه "حتى بعد رحيل السنوار، لن تنهار حركة حماس، وبالتالي فإن الحرب ستستمر، دون أي حل سياسي في الأفق".

وأضاف، في مقال له نشره "المجلس الأطلسي" الأميركي: "لكي تستغل إسرائيل القضاء على السنوار، فستحتاج إلى إعادة النظر في إستراتيجيتها بغزة".

وهذا يعني في المقام الأول التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار مع السماح للسلطة الفلسطينية بالعودة إلى غزة، والسيطرة على جميع الأنشطة المدنية، وفق الضابط الإسرائيلي السابق.

ويشدد على أن "من شأن هذه الخطوة أن تسمح لدول الخليج المعتدلة بزيادة مشاركتها في إعادة إعمار غزة، وأن تعمل على تحسين الشرعية الدولية لإسرائيل بشكل كبير".

كما يرى أن "وقف إطلاق النار في غزة من شأنه أن يؤدي أيضا إلى إنهاء الأعمال العدائية مع حزب الله على طول الحدود الشمالية لإسرائيل".

ومن المؤكد أنه سيؤدي إلى إطلاق سراح المحتجزين الإسرائيليين لدى الحركات الفلسطينية، وهو الهدف الرئيس للحرب الجارية ضد قطاع غزة، بحسب "سيترينوفيتش".

وأوضح أنه "إذا استمرت إسرائيل في إستراتيجيتها الحالية المتمثلة في الاحتفاظ بأجزاء من غزة وربما بناء المستوطنات هناك كما يريد بعض الوزراء، فلن يحدث تغيير دراماتيكي في المستقبل القريب، وبالتالي ستستمر الحرب دون نهاية في الأفق".