رفع السيسي 716 مصريا من قوائم الإرهاب.. ضغوط خارجية أم بداية مصالحة؟

منذ ١٢ يومًا

12

طباعة

مشاركة

"بداية مصالحة، وضغوط خارجية، وتبييض سمعة" وغيرها من التحليلات قدمها ناشطون على منصات التواصل الاجتماعي تعقيبا على الإعلان عن رفع 716 اسما مما تسمى “قوائم الإرهاب” بمصر.

محكمة الجنايات المصرية قررت في 24 نوفمبر/تشرين الثاني 2024، رفع أسماء 716 شخصا من قوائم الكيانات الإرهابية، وذلك بناء على طلب النيابة العامة بمراجعة الوضع القانوني للأفراد المدرجين على قوائم الإرهاب.

وأفادت النيابة في بيان، بأن هذا الإجراء يأتي في "إطار توجه الدولة لمراجعة موقف المدرجين على قوائم الكيانات الإرهابية والإرهابيين".

وأوضحت أنها "كلفت الجهات الأمنية بإجراء التحريات للوقوف على مدى استمرار نشاط المدرجين كافة على قوائم الكيانات الإرهابية والإرهابيين، تمهيدا لرفع كل من يثبت توقف نشاطه الإرهابي من تلك القوائم".

ووفقا لقانون تنظيم قوائم الكيانات الإرهابية والإرهابيين المصري المثير للجدل، فإن إدراج أي تنظيم أو أشخاص على تلك القوائم، يكون لفترة زمنية يمكن تكرارها، ويتبعه تلقائيا التحفظ على الأموال، والإدراج على قوائم ترقب الوصول والمنع من السفر.

تشريع سيساوي

وهذا القانون أصدره رئيس النظام المصري عبدالفتاح السيسي في عام 2015 مستغلا غياب البرلمان، ومنح بموجبه السلطة التنفيذية صلاحيات واسعة لحظر أي جماعة بتهم تتراوح بين الإضرار بالوحدة الوطنية والإخلال بالنظام العام.

وجاء تشريع القانون في أعقاب شن السلطات حملة صارمة ضد المعارضة الإسلامية والليبرالية على حد سواء منذ انقلاب يوليو/تموز 2013، الذي قاده السيسي عندما كان وزيرا للدفاع مطيحا بالرئيس الشرعي الراحل محمد مرسي.

ومنح القانون الحق للحكومة باتخاذ إجراءات صارمة ضد أي جماعات أو أفراد ترى أنهم يشكلون خطرا على الأمن القومي ويشمل ذلك تعطيل المواصلات العامة، في إشارة واضحة للاحتجاجات.

وتضمن القانون مصطلحات فضفاضة لتعريف الكيانات الإرهابية مثل الجماعات التي تضر بالوحدة الوطنية، وتقول جماعات حقوقية إن مثل هذه التعريفات منحت الشرطة -التي تواجه اتهامات واسعة بارتكاب انتهاكات- الضوء الأخضر لسحق المعارضين.

وبموجب القانون يخضع المدرجون على قوائم الإرهاب لعدة قيود قانونية، تشمل منعهم من السفر خارج مصر إذا كانوا داخل البلاد، ووضعهم على قوائم ترقب الوصول حال كانوا بالخارج، ويتم تجميد أموالهم وأصولهم لمدة خمس سنوات.

ويشمل منعهم من تجديد جوازات سفرهم أو الحصول على أي وثائق سفر جديدة، كما يؤثر القرار في قدرتهم على الترشح للمناصب العامة أو التقدم للوظائف الحكومية، نظرا؛ لأنهم يفقدون ما يعرف بـ"حسن السير والسلوك" -بحسب قانون السيسي-.

وتباينت ردود الفعل بشأن قرار حذف 716 شخصا من قوائم الإرهاب، بين من رأى القرار عديم الجدوى، ومن عده بداية مصالحة ومؤشر على انفراجة كبيرة مع المعارضين.

كما أرجع آخرون عبر تغريداتهم وتدويناتهم على حساباتهم الشخصية ومشاركتهم في وسوم عدة على منصتي "إكس" و"فيسبوك" أبرزها #قوائم_الإرهاب، #السيسي، #النيابة_العامة، وغيرها، قرار السيسي إلى أسباب سياسية واقتصادية وضغوط خارجية.

وربط ناشطون قرار السيسي بظهوره أخيرا باكيا خلال سرده موعظة في اجتماع لقادة القوات المسلحة وحديثه بكلمات دينية ومواعظ وعدوها محاولة تبييض سمعة، مستنكرين تدخله في شؤون القضاء وتوجيهه لإصدار القرار.

صفحة جديدة

وتفاعلا مع القرار، رصد رئيس تحرير صحيفة المصريون جمال سلطان، في التعميم الذي قامت "جهة سيادية" بتوزيعه على الصحف المصرية اليوم لنشره، منسوبا لرئيس الجمهورية، أربع جمل تصدر عن النظام للمرة الأولى منذ يوليو 2013.

وأشار إلى أن جمله "حرص الرئيس على أبنائه"، هي المرة الأولى التي يتحدث فيها السيسي عن المواطنين المعارضين بوصفهم "أبناءه" وليسوا "أهل الشر"، كما أن حديثه عن "فتح صفحة جديدة" لهم، إشارة لرغبة النظام في طي صفحة الماضي.

وعد سلطان، استخدام التعميم لجملة "الانخراط في المجتمع" كمواطنين صالحين، دعوة لوقف الانقسام الأهلي، أما استخدام عبارة "يعيشون بأمان على أرضها" إشارة لوقف الملاحقات الأمنية والبطش والأحكام الجائرة، مع إشارته لتصفية موقف المحبوسين .

وأكد أن هذه لغة جديدة من النظام، وإشارات غير مسبوقة، داعيا قوى المعارضة المصرية، في الداخل والخارج، أن تتوقف عندها بالتحليل والتفكير، والنظر في "الموقف السياسي" الأمثل للتعامل معها.

وأوضح مدير منظمة حقهم للدفاع عن سجناء الرأي مسعد البربري، أن الإجراء ذاته من الناحية العملية ليس هو الأهم، حيث يمكن إدراج هذه الأسماء مجددا على أي قائمة جديدة في أي وقت؛ فضلا عن وجود عدد كبير من بين الأسماء التي شملها القرار موجودة بالفعل على عدد من القوائم الأخرى.

وقال: "بعيدا عن التأويلات المتعددة لسبب هذه الخطوة المفاجئة، بين من رآها تجاوبا لطلبات صندوق النقد، أو في إطار الاستعداد لمراجعة ملف مصر في مجلس حقوق الإنسان في يناير/ كانون الثاني المقبل، أو ضمن سياق تفاعلي حالي داخل النظام .. إلخ، تبقى الإشارة الأهم في تقديري إلى اللغة التي صيغت بها الرسالة الإعلامية -توجيه السامسونج- والتي نشرتها الأذرع الإعلامية".

وأشار البربري، إلى أن الرسالة تضمنت مفردات جديدة تماما على النظام لم نرها من قبل تقريبا على مدار 11 عاما، من نوعية: "فتح صفحة جديدة، حرص الرئيس على "أبنائه"!، الانخراط في المجتمع، بالإضافة إلى مجمل روح الصياغة العامة".

وتساءل: “هل هذه الصياغة هي محض نتاج التغيرات الأخيرة في إدارة ملف الإعلام؟ أم هي مقصودة من الجهات صاحبة القرار؟، هل سيقدم النظام على خطوات أخرى أشد إلحاحا وأسهل نظريا، مثل إخلاء سبيل بعض كبار السن والمرضى من أصحاب الحالات العاجلة؟”

وواصل البربري تساؤلاته: "هل سيتوقف النظام عن سياسة التدوير التي لم ترحم معتقلين أنهوا بالفعل مدد حبسهم الطويلة في قضايا وهمية؟، هل سيقدم النظام على تحسينات -ولو تدريجية- في ظروف الحبس داخل السجون، كفتح الزيارات للجميع وتحسين الرعاية الطبية وغيرها".

وتابع: “هل سيترفع النظام عن حالة العناد المستمرة لسنوات مع بعض الحالات والتي يعلم يقينا أن خروجها لا يمثل أي مشكلة من أي نوع؟ هل سيتساهل النظام قليلا مع الممنوعين من استخراج الوثائق الثبوتية، من الموجودين داخل مصر وليس خارجها؟”

وعد المحامي منتصر الزيات، قرار رفع أسماء 716 من قوائم الإرهاب خطوة جيدة، متمنيا أن يعقبها تجفيف لكل المدرجين في هذه القوائم وفتح صفحة جديدة.

ورأى أن ما يسترعي الانتباه اللغة التي كتب بها البيان المنشور في الصحف والمواقع الإخبارية لغة جديدة فيها انفتاح.

وقال المحامي أحمد سعد، إن القرار لم يصدر له مثيل من ٢٠١٣، متمنيا أن يكون ذلك بداية لانفراجة كبيرة

الإفراج عن المعتقلين والعمل على مصالحة وطنية ولم شمل جميع الأطياف وانخراط الكفاءات الوطنية في النهوض باقتصاد البلد.

وتساءل سيد صابر: “وضع الناس بالمئات على قوائم الإرهاب ورفعها بعد ذلك من قوائم الإرهاب هل هو قرار سياسي أم قضائي من رئيس الجمهورية أم من القضاء؟”

ورأى الأكاديمي خيري عمر، أن أهمية قرار الرفع من قائمة الإرهاب المتوقعة تُكْتَسب من شمولها لمعارضين سياسيين من الإخوان أو غيرهم، وبالطبع تأثيرهم السياسي، وما يمكنهم القيام به.

وذكر بأن في السابق كان الحديث يدور حول خلو قوائم الإفراج أو غيرها من السياسيين، متسائلا: “كيف ستكون هذه المرة؟ وكيف يكون موقف المعارضين منها؟”

رفض واستهجان

في المقابل، أشار الأكاديمي ياسر أبو المكارم، إلى أن قرار السيسي – مصدر السلطات في مصر – صاحبه مجموعة من حملات التطبيل الفاجرة المتوقعة في الصحف والقنوات التليفزيونية المصرية. 

وأكد أن قرار السيسي سيثير سخط كل من لديه "قليل من الفكر والعقل والضمير، حول سياسة "القطيع" أو "التوتالة" التي يستخدمها السيسي في التعامل مع المعارضين في مصر. 

ورأى أبو المكارم، أنه ليس غريبا أن يأتي هذا القرار بعد أيام قليلة من "حبس السيسي لدموعه" في لحظة وجدانية إلهية نبوية مشتركة جسد السيسي نفسه فيها على أنه رسول الله- راجيا أن يتقبله الله. 

وقال: ستشعر وأنت تقرأ التطبيل للسيسي وتفاعل النيابة العامة, ومحكمة الجنايات, أن جميع المطبّلين يتسابقون على الحصول على درجة لا تقل عن A (ممتاز) في منهج التطبيل, لا يوجد من يرضى منهم بالحصول على A- أو (جيد جدا).

وأوضح أن الخبر الذي طبّل له الإعلام في مصر وتغنى به، يشير إلى أن السيسي هو مصدر السلطات، فالنيابة العامة لم تتحرك من تلقاء نفسها وتطلب إجراء تحريات للتأكد من نشاط الأشخاص التي قامت محكمة الجنايات لاحقا بإصدار قرار برفع أسمائهم من قوائم الإرهاب.

واستنكر السياسي والحقوقي أسامة رشدي، تهليل النظام المصري وإعلام السيسي بخبر رفع أسماء 719 مما يسمونها بقوائم الكيانات الإرهابية، وإشادتهم بالإنسانية والحنية والقلب الكبير والحنان، قائلا: "يا نصابين!!".

وأضاف: “ألم تسألوا بأي ذنب جرى إدراج الآلاف من السياسيين المعارضين على قوائم هي في حد ذاتها واحدة من أكبر جرائم إرهاب الدولة التي قام بها السيسي بعد انقلابه المشؤوم لإرهاب كل السياسيين، وشل المجتمع المدني المصري وإرهاب المعارضين؟”

وأكد رشدي، أن السيسي أقر القوائم لإرهاب أصحاب الرأي وابتزاز الناس بتجريدهم من حقوقهم المدنية والسياسية وتجميد أو مصادرة أموالهم وممتلكاتهم ومنعهم من السفر واستصدار الوثائق بدون تحقيقات أو أحكام حقيقية وبإجراءات معيبة لا صلة لها بالعدالة والقانون.

وقال: "يريدون من الشعب الذي جردوه من كل شيء أن يهتف بعد هذا القرار الهزيل الذي لا يرد الحقوق لعشرات الآلاف ممن سحقوهم ونهبوهم وسجنوهم أن تقول: يحيا العدل".

وتوقع خالد المصري، أن رفع اسماء 716 اسما من قوائم الإرهاب سوف يقابله إدراج أضعاف هذا الرقم على قوائم الإرهاب حيث إن أغلب القضايا التي تم إحالتها للمحكمة خاصة قضايا التمويل سوف يتم إدراج المتهمين فيها على قوائم الإرهاب.

وخلص مستشار التحكيم الدولي محمود جابر فرغلي، إلى أن القرار محاولة تبييض زائفة لوجهٍ أسود ولحقبة سوداء مظلمة ظالمة عاشتها مصر ومازالت تعيشها، قائلا: "نريد تبييض السجون وليس تبييض قوائم الإرهاب".

قرار سياسي

وتسليطا للضوء على جوانب أخرى يحملها القرار، استنكر الحقوقي هيثم أبو خليل، ترويج الإعلام إلى أن قرار النيابة العامة جاء بـ"توجيهات" من السيسي، متسائلا: “هل القضاء المصري يسير بالتوجيهات؟”

وواصل تساؤلاته: “ هل تم وضعنا على هذه القوائم الملفقة الحقيرة بناء على توجيهات ومن ثم يتم رفعنا بناء على توجيهات؟ أين استقلال السلطات؟ أين دولة المؤسسات؟ أين شموخ القضاء؟ أين مصر؟”

وذكرت إيمان مراد، بأن الدولة تقوم على 3 سلطات تنفيذية وقضائية وبرلمانية ويجب الفصل بينهم لضمان القيام بمسؤولية كل سلطة بحيادية، مؤكدة أن فى ظل النظم الاستبدادية الشمولية، فلا يتم الاعتراف بفصل السلطات بقصد إضفاء المشروعية المفقودة على نظامه السياسي.

ورأت أن رفع أسماء من قوائم الإرهاب والحديث عن إصدار عفو عام عن جميع المعتقلين، يدل على أن هناك من يدير المشهد من خلف الكواليس ليعيد للدولة هيبتها، وقد تكون هناك خطوات أخرى لإصلاح ما تم ارتكابه من أخطاء جسيمة ترتقي لتكون جرائم أمن قومي وهذا معناه تراجع انقلاب 2013 بشكل تدريجي.

وسخر مصطفى عثمان، من قرار رفع أسماء المئات من قوائم الإرهاب المزعومة، قائلا: "بيقولك حرصا من السيسي على أبنائه الإرهابيين قرر رفع 716 من قوائم الإرهاب!!!.. ابنك عبيط يا عم سعيد.. واضح أن البلد داخلة على خراب وبيحاول الممثل العاطفي إنه يكسب الناس بعد دموع التماسيح ما فشلت".

وتوقع أحد المغردين، أن رفع 716 شخصا من قوائم الإرهاب محاولة لمغازلة صندوق النقد أو دول غربية.

وأكد محمد حسن، أن السيسي يهيئ الأوضاع لتمرير قرض صندوق النقد وقانون اللاجئين الذي أصدره لتمرير صفقة القرن.

وأرجع أحد المغردين، السبب الرئيس للقرار إلى الرغبة في احتواء الإخوان وفتح باب للتعامل معهم مستقبلا بشكل سياسي بعيدا عن الحل الأمني خاصة في حال التغيير أو فراغ السلطة لأي سبب، مؤكدا أنه عمل استباقي لمنع أي فوضى أو أعمال انتقامية وهنا يظهر دور رئيس المخابرات الجديد.