اليمين المتطرف نحو اجتياح البرلمان الأوروبي بانتخابات يونيو.. ما التداعيات؟

منذ ٣ أشهر

12

طباعة

مشاركة

يتوقع المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية أن تكون أحزاب اليمين المتطرف الأكثر حظا في صناديق الاقتراع في تسع دول في انتخابات الاتحاد الأوروبي المقررة في يونيو/ حزيران 2024. 

ومن المرتقب أن يشمل هذا الاكتساح الشعبوي العديد من الدول المؤسسة مثل فرنسا وإيطاليا وبلجيكا وهولندا. 

موجة الشعبوية

وقالت صحيفة "الإندبندينتي" إنه عند خمسة أشهر تقريبا، سيكون الأوروبيون على موعد مع صناديق الاقتراع لانتخاب برلمان جديد بين السادس والتاسع من يونيو. 

وعلى جانبي الأطلسي، تهدد موجة الشعبوية بأن تتحول إلى تسونامي، في إشارة إلى الانتخابات الأميركية في نوفمبر/ تشرين الثاني 2024.

في بلاد العم سام، تنذّر المؤتمرات الحزبية في ولاية أيوا والانتخابات التمهيدية التي أجريت هذا الثلاثاء في نيو هامبشاير بأن المحاكم وحدها هي القادرة على إيقاف سباق دونالد ترامب نحو الرئاسة. 

داخل الاتحاد الأوروبي، ستكون القوى الشعبوية الأوفر حظا على الأقل في تسع دول. بينما سيحتل الشعبويون إما المركز الثاني أو الثالث في تسع دول أخرى. 

عموما، هذا ما كشف عنه تقرير بعنوان "منعطف حاد نحو اليمين: توقعات لانتخابات الاتحاد الأوروبي"، الصادر عن المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية.  

وأوردت الصحيفة أن العديد من البلدان المؤسسة للاتحاد الأوروبي، على غرار بلجيكا وفرنسا وإيطاليا وهولندا، ستشهد صعود أحزاب شعبوية، من المشككين في وحدة أوروبا، حيث من المتوقع أن يحظوا بأكبر عدد من الأصوات في انتخابات حزيران/ يونيو القادم. 

كما أن هذه الأحزاب تتصدر استطلاعات الرأي في النمسا وجمهورية التشيك والمجر وبولندا وسلوفاكيا. وفي بلدان أخرى مثل بلغاريا، وإستونيا، وفنلندا، ولاتفيا، والبرتغال، ورومانيا، والسويد، وإسبانيا، سوف تنمو هذه الأحزاب بشكل كبير.

في المقابل، في ألمانيا، يكتسب الجدل الدائر حول حظر حزب البديل من أجل ألمانيا، الذي يحتل المركز الثاني في استطلاعات الرأي، قوة. وتظاهر مليون شخص الأسبوع الماضي في عدة مدن في أنحاء البلاد ضد هذا الحزب بسبب اجتماعات بين قادته والنازيين الجدد.

حسابات مقلقة

ومن المتوقع أن تفوز المجموعة اليمينية المتطرفة، الهوية والديمقراطية، بحوالي 30 مقعدا. وبحصولها على 98 مقعدا في الإجمال، ستتحول إلى القوة الثالثة في البرلمان الأوروبي. 

وتضم مجموعة الهوية والديمقراطية حزب الرابطة الإيطالي، وحزب البديل من أجل ألمانيا الألماني، والتجمع الوطني الفرنسي، أو فلامس بيلانج البلجيكي. 

وفي بلجيكا، ستُجرى أيضا الانتخابات التشريعية في التاسع من حزيران/ يونيو، والتي ستكون في صالح فلامس بيلانغ اليميني المتطرف، الذي قد يضع على الطاولة مطالب انفصالية. 

وللمرة الأولى، سيحظى ائتلاف الديمقراطيين المسيحيين التابع لحزب الشعب الأوروبي، والذي سيحصل على أكبر عدد من الأصوات في المجمل، مع الهوية والديمقراطية وكتلة المحافظين والإصلاحيين الأوروبيين، على نسبة 49 بالمئة من الأصوات؛ وهي نسبة قريبة من الأغلبية، مقارنة بحوالي 43 بالمئة الحالية. 

في المقابل، يواصل حزب الشعب الأوروبي والتحالف التقدمي للاشتراكيين والديمقراطيين فقدان الدعم، وهو الاتجاه الذي لوحظ بالفعل في المناسبتين الانتخابيتين الأخيرتين.

ونقلت الصحيفة أن الدراسة، التي أجراها عالما السياسة سايمون هيكس وكيفن كانينغهام، تسلط الضوء على حزب فيكتور أوربان، الذي سيضم 14 عضوا في البرلمان الأوروبي. 

ومن المتوقع أن يكون هذا الحزب حاسما في الانتخابات الأوروبية. وفي حال انضم هذا التكوين إلى كتلة المحافظين والإصلاحيين الأوروبيين، بقيادة حزب إخوة إيطاليا لجورجيا ميلوني، فإنها ستكون المجموعة الثالثة في البرلمان الأوروبي. 

ومع مجموعة الهوية والديمقراطية، ستكون قادرة على تخطي سقف 25 بالمائة من المقاعد، أي أكثر من الاشتراكيين أو حزب الشعب الأوروبي. 

في الحقيقة، حاولت هاتان المجموعتان الشعبويتان بالفعل التوحد دون نجاح. فهم يختلفون، على سبيل المثال، في رؤيتهم للعلاقات مع روسيا. في مجموعة الهوية والديمقراطية، هم أقرب إلى الكرملين، بينما يدافعون بوضوح عن أهداف أوكرانيا في كتلة المحافظين والإصلاحيين الأوروبيين.

في الآن ذاته، يلاحظ أن هناك أحزابا داخل حزب الشعب الأوروبي أقل ترددا عن الاتفاق مع الشعبويين، مثل الحزب الشعبي بزعامة ألبرتو نونيز فيخو، لأنه يحكم العديد من مناطق الحكم الذاتي الإسبانية مع حزب فوكس اليميني الشعبوي. 

في المقابل، يرفض الحزب البولندي، التحالف المدني، بزعامة دونالد تاسك، بشكل قاطع أي تقارب مع الشعبويين.  

التداعيات السياسية

وأشارت الصحيفة إلى أن التقرير يسلط الضوء على أن النتائج التي يمكن أن يكون لها "عواقب وخيمة على الأجندة السياسية للاتحاد الأوروبي، على سبيل المثال نذكر الصفقة الخضراء الأوروبية، ودعم أوكرانيا وتطبيق سيادة القانون داخل الاتحاد الأوروبي".

وتجدر الإشارة إلى أنه في البرلمان الأوروبي الحالي، جرى المضي قدما في التصويت على السياسة البيئية، ولو بفارق ضئيل للغاية.

وبالتزامن مع صعود اليمين واكتسابه أرضية خصبة في أوروبا، من المرجح أن يكتسب "ائتلاف معارض للقضية البيئية" وزنا ابتداء من حزيران/ يونيو 2024. 

وفيما يتعلق بسياسة الهجرة، ثبت بالفعل تأثير الشعبويين، الذين يطالبون بالمزيد من القيود على استقبال اللاجئين، في ميثاق الهجرة واللجوء الجديد.

من ناحية أخرى، مع توقع دخول الأحزاب الموالية لروسيا إلى البرلمان المقبل وضعف التحالف السياسي الراغب في دعم القيم الديمقراطية الأوروبية، فقد تكون هناك عواقب على المجهود الحربي في أوكرانيا وعمل الاتحاد الأوروبي في المستقبل لدعم سيادة القانون. 

وسوف يخشى العديد من هذه الأحزاب، مثل حزب التجمع الوطني، من تطبيق آليات العقوبات مثل تلك التي تم تطبيقها ضد المجر بسبب عدم احترامها لسيادة القانون.

وأشارت الصحيفة إلى أن مستقبل الديمقراطية أصبح على المحك على جانبي الأطلسي: سواء في الولايات المتحدة أو في الاتحاد الأوروبي. 

في الحقيقة، ستسعى هذه المجموعات أو الأحزاب بمجرد وصولها إلى السلطة إلى تطبيق آليات تهدف إلى الحفاظ على بقائها، ولن تترك النظام الديمقراطي إلا لإجراء الانتخابات، المشروطة بهذه التجاوزات. 

وبهذا الشكل، سنرى من سيفوز في سنة 2024: النظام الليبرالي أم استبداد الشعبويين؟