معسكر ترامب يتصدع.. حرب "تأشيرات الهجرة" تشتعل بين ماسك وبانون

منذ ٣ أشهر

12

طباعة

مشاركة

برزت الانقسامات داخل معسكر الرئيس الأميركي الجديد دونالد ترامب، من خلال خلاف بين الملياردير إيلون ماسك والمستشار ستيف بانون بشأن سياسة الهجرة وبرنامج تأشيرات H-1B. 

وقال موقع "تيليبوليس" الألماني إن "هذا الخلاف يتجاوز مجرد التباين في الرؤى بشأن الهجرة، ليصبح صراعا أوسع على النفوذ في محيط ترامب".

ورأى أنه "يعكس الانقسام بين القوميين اليمينيين الذين يعدون الهجرة تهديدا للثقافة والوظائف الأميركية، وبين شركات التكنولوجيا الكبرى التي تسعى لتوسيع وصولها إلى المواهب العالمية".

وتأشيرات H-1B، تتيح للمهاجرين العمل في الولايات المتحدة بناء على مواهب أو قدرات خاصة.

صراع على القوة

ولفت الموقع إلى "تحول محتمل في توجهات ترامب بشأن الهجرة مقارنة بمواقفه السابقة، مما يثير قلق القوميين في معسكره".

وحذر من أن "النزاع الحالي حول تأشيرات H-1B قد يكون مجرد بداية لصراعات أكبر حول الاقتصاد والسياسة خلال فترة ولاية ترامب الجديدة".

ويعتقد أن "المشادات الساخنة بين فصيلين من مؤيدي ترامب حول تأشيرات H-1B، قد تكون مجرد الطلقات الأولى في حرب أوسع حول النفوذ داخل معسكر ترامب".

وتوضيحا لهذه الأزمة، ذكر الموقع أن "قطب التكنولوجيا والمهاجر والمساعد المؤقت لترامب، إيلون ماسك، أعلن دعمه القوي لتخفيف قيود التأشيرات"، متعهدا بأنه مستعد "لخوض حرب لا يمكن تخيل مداها".

في المقابل، وصف المستشار السابق لترامب، ستيف بانون، برنامج تأشيرات H-1B بأنه "احتيال كامل من أوله إلى آخره".

وبين الموقع أن "هذا الجدل لا يمثل فقط صراعا أيديولوجيا بين الوطنيين اليمينيين الذين يرون في المهاجرين تهديدا للوظائف والثقافة الأميركية، ولا يتعلق كذلك بالتكنولوجيا الكبرى التي تسعى إلى توسيع وصولها للمواهب العالمية، وإنما يتعلق الأمر بصراع على النفوذ لتحديد الاتجاه المستقبلي لإدارة ترامب".

وفي هذا السياق، نقل الموقع عن الكاتب والصحفي الأميركي علي برلاند قوله: "كان لا بد من اختبار تحالف اليمين التكنولوجي واليمين القومي".

تماما كما يتعامل الديمقراطيون مع انقساماتهم بين التقدميين والمعتدلين بعد انتخابات 2024، قال الموقع الألماني إن حركة "ماغا" تحاول حل حربها الداخلية عبر موضوع ترامب المركزي، وهو الهجرة.

جدير بالذكر أن حركة "ماغا" هي اختصار لعبارة "Make America Great Again"، وهو الشعار السياسي الذي استخدمه ترامب في حملته الانتخابية عام 2016، والذي تحول رمزا لحركته السياسية بعد ذلك.

من جهته، أوضح ماسك أنه يريد زيادة عدد التأشيرات للعمالة الماهرة لجذب المزيد من مواهب التكنولوجيا إلى السواحل الأميركية. 

وهذه السياسة ليست جديدة كما ذكر "تيليبوليس" الألماني، ففي عام 2012، وعد مرشح الرئاسة الجمهوري آنذاك، ميت رومني، بأن كل من يحصل على درجة جامعية في أميركا سيحصل على بطاقة خضراء.

لكن -بحسب الموقع- حقيقة أن توسيع تأشيرات H-1B هو الموقف "المعتمد" تجعل بعض مؤيدي "ماغا" غاضبين، إذ إن رومني لا يُعد رمزا للثورة الترامبية. 

بالإضافة إلى ذلك، كان ترامب في ولايته الأولى قد دعا إلى تقييد تأشيرات H-1B، وهو موقف يبدو أنه أعاد النظر فيه حاليا.

دعم المصالح

وفي هذا الصدد، أظهر الموقع أنه "في عام 2016، هاجم ترامب عمال H-1B، الذين رأى أنهم يستبدلون العمال الأميركيين بأجور أقل".

ولفت إلى أن ترامب صرح في الوقت الراهن قائلا: "نحن بحاجة إلى أشخاص أذكياء يأتون إلى بلادنا، نحن بحاجة إلى المزيد من الناس ليأتوا، وبذلك سنحصل على وظائف كما لم يحدث من قبل".

وأشار الموقع إلى أن تصريحات ترامب الأخيرة التي تبدو مشابهة لتلك التي قالها ماسك، تزعج القوميين الترامبيين الذين يخشون من إعادة تعريف سياسة الهجرة لترامب. 

وتابع: "وبالنسبة لأولئك الذين يعتقدون أن ماسك يستخدم تأثيره لدعم ما هو في مصلحة أعماله، فإنهم يعدون اقتراحه بشأن الهجرة دليلا على ذلك".

وذهب إلى أن "الزيادة في تهميش (الوطنيين أولا) ورفع مكانة ماسك تشير إلى تحول عن السياسة التي كانت سائدة في ولاية ترامب الأولى". 

والسؤال هنا -كما ورد عن الموقع- عن “ما إذا كان هذا التغيير، الذي يمتد إلى ما بعد الهجرة، يزعج الكثيرين الذين اعتادوا على ممارسة السلطة في دوائر ترامب؟”

وسلط الضوء على أن مارك زوكربيرغ من "ميتا" وتيم كوك من "آبل" زارا ترامب منذ الانتخابات في نوفمبر/ تشرين الثاني 2024، وهما يتنافسان على المواقع بينما يقوم ترامب بتشكيل حكومته وأولوياته لأول 100 يوم في منصبه.

وأشار إلى أن "ميتا" غيرت موظفيها لتتأقلم مع البيت الأبيض الجديد تحت حكم ترامب.

كما أعلنت الشركة أخيرا أنها ستستبدل رئيسها للسياسات العالمية، نيك كليج، نائب رئيس وزراء المملكة المتحدة السابق ورئيس حزب "الليبراليين الديمقراطيين" اليساري، بجويل كابلان، الذي لديه جذور في حكومة جورج بوش الابن.

عمالقة ضد القوميين

وفي إطار ما ذُكر سابقا، ذهب "تيليبوليس" إلى أن "وادي السيليكون وقوميي ترامب المعادون للهجرة لم يكونوا حلفاء طبيعيين أبدا، وكل تحالف قصير الأمد أظهر بالفعل علامات على التصدع".

ولكن ليس من المحتوم -في رأي الموقع- أن يحافظ ماسك وقادة التكنولوجيا الكبار، الذين يمنحهم ترامب حاليا انتباهه، على هذا النفوذ بمجرد أن تبدأ رئاسته أو تنتهي.

وكما أشار العديد من الخبراء، فإن "ترامب يميل إلى أن يكون عمليا أكثر من كونه أيديولوجيا، معتمدا في قراراته غالبا على الاستطلاعات بدلا من مجموعة من المبادئ الأساسية الثابتة".

ولذلك، قد تتسبب الاختلافات الشخصية أو السياسية في تفكك "العلاقة الخاصة" بين ترامب وماسك.

وفيما يخص مسألة الهجرة، يتوقع الموقع الألماني أن "يحاول ترامب إيجاد تسوية بين القوميين ومديري شركات التكنولوجيا الكبرى".

كما أن إعادة إحياء جدار الحدود الأميركي المكسيكي قد يهدئ القوميين الذين يطالبون برقابة أشد على الهجرة. 

وفي الوقت نفسه، قد تسهم زيادة طرق الهجرة للعمالة الأجنبية الحاصلة على شهادات من مؤسسات مثل معهد كاليفورنيا للتكنولوجيا في جذب قادة التكنولوجيا الكبار.

لكن الدافع الرئيس -وفقا للموقع- قد يكمن في نهج ترامب الأوسع والأكثر شعبوية لمكافحة "الهيبرعولمة"، حيث تكون الهجرة مجرد جزء من أجندة أوسع.

ومن ناحية أخرى، نوه الموقع إلى أن "العديد من الأوساط القومية اليمينية متشككون بشدة تجاه الرأسمالية العالمية غير المقيدة".

ويظهر ذلك بوضوح في مطالب ترامب بفرض رسوم جمركية تصل إلى 60 بالمئة على الواردات من الصين.

ومن وجهة نظر الموقع، إذا كانت هناك سياسة قد تقلل من الأرباح وبالتالي توقظ العمالقة النائمين في بالو ألتو، أهم مدن منطقة وادي السيليكون، فهي عزل الاقتصاد الأميركي عن بقية العالم.

ولذلك، يمكن القول إن "الإبقاء على عدد التأشيرات عند المستوى الحالي هو أمر، لكن تعطيل سلاسل الإمداد الدولية، خصوصا إلى آسيا، هو أمر آخر تماما".

وفي النهاية، أبرز الموقع أن "الخلاف حول تأشيرات H-1B قد يبدو مهما في الوقت الراهن، لكنه قد يتلاشى في النهاية مقارنة بحساب أوسع حول ما إذا كانت الولايات المتحدة ستتراجع أكثر نحو الحمائية الاقتصادية".

وتابع: إذا دخل ماسك الحرب للحصول على تأشيرات للعمال المهرة، يجب أن نتخيل فقط ماذا سيفعل عمالقة التكنولوجيا الكبرى عندما تكون الرهانات أعلى بكثير".