حال إقرار توسيعه.. ما الدول المقترحة للانضمام إلى مجلس التعاون الخليجي؟

الحرب الإسرائيلية على غزة أعادت إشعال التوترات الإقليمية
شهدت منطقة غرب آسيا تحولات كبرى أعادت رسم المشهد الإقليمي منذ توقيع اتفاقيات التطبيع بين إسرائيل وعدة دول عربية في سبتمبر/أيلول 2020.
وفي تطور مفصلي، أُعلن في مارس/آذار 2023 عن اتفاق تاريخي بين السعودية وإيران، بوساطة صينية، مما فتح الباب أمام مرحلة جديدة من التوازنات في المنطقة، وفق ما يؤكد مركز أبحاث هندي.
وكانت المفاوضات جارية لتطبيع العلاقات بين السعودية ودولة الاحتلال الإسرائيلي بحلول سبتمبر 2023، إلا أن اندلاع العدوان على قطاع غزة قلب الطاولة، ليعيد المنطقة إلى دائرة التوتر والاضطراب.
وفي ظل هذه المتغيرات المتسارعة، أكّدت مؤسسة الأبحاث الهندية “أوبزيرفر ريسيرش فاونديشن” أن "مجلس التعاون الخليجي أمام لحظة حاسمة لإعادة تشكيل دوره، بما يضمن الحفاظ على نفوذه في خارطة القوى الإقليمية".

الخليج وحرب غزة
وخلال قمته الـ 46 في الكويت، في ديسمبر/كانون الأول 2024، أكد المجلس دعمه القضية الفلسطينية، منددا بالعمليات العسكرية الإسرائيلية والانتهاكات في القدس المحتلة، وطالب بوقف الحرب فورا.
كما شدد البيان الختامي على ضرورة إقامة دولة فلسطينية مستقلة، وأشاد بجهود قطر للتوسط في وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى.
كذلك، تبنّى قرارات القمة العربية-الإسلامية التي استضافتها السعودية في نوفمبر/تشرين الثاني 2024، والداعية إلى إنهاء الحرب في غزة.
وبخصوص إيران، اتخذ المجلس موقفين متباينين؛ فمن جهة، دعم طهران ضد الضربات الإسرائيلية في أكتوبر/تشرين الأول 2024.
وفي المقابل، انتقد استمرار احتلال إيران للجزر الإماراتية الثلاث، داعيا إلى حل النزاع عبر المفاوضات أو المحاكم الدولية.
ورأت مؤسسة الأبحاث الهندية أن "هذه التناقضات داخل مجلس التعاون الخليجي، إلى جانب تردده في اتخاذ موقف أكثر فاعلية في حرب غزة، وعجزه عن صياغة رؤية إستراتيجية طويلة الأمد تتماشى مع التحولات المتسارعة في المنطقة، عرّضته لانتقادات متكررة".
علاوة على ذلك، يقتصر المجلس على الدول الواقعة جنوب الخليج العربي، دون أن يشمل إيران والعراق في الشمال، ما يفرض ضرورة إعادة النظر في هيكله وميثاقه ودوره الإقليمي.
وترى المؤسسة الهندية أنه "في السنوات الأخيرة، شهدت المنطقة تطورات إيجابية قد تؤدي إلى إعادة تشكيل مجلس التعاون الخليجي وتعزيز دوره".
ومن أبرز هذه التطورات التقارب بين السعودية وإيران، وتركيا ومصر، وقطر والبحرين، وسعي القاهرة إلى تحسين علاقاتها مع طهران.
وقالت: إنه "رغم أن الحرب في غزة أعادت إشعال التوترات الإقليمية، فقد عززت في الوقت ذاته مستوى التنسيق بين دول المنطقة ومجلس التعاون الخليجي".
وأشارت إلى أن مصر وقطر وتركيا عارضت الهجمات الإسرائيلية على قطاع غزة، ووفرت منصات للتفاوض حول وقف إطلاق النار، وفي المقابل، ركزت السعودية والإمارات على الأثر الإنساني للضربات الإسرائيلية، التي أودت بحياة آلاف المدنيين.
وأضافت أن إيران وسوريا (في عهد نظام بشار الأسد البائد)، ومعهما العراق واجهوا إلى حد ما، إسرائيل بشكل مباشر من خلال استمرار دعمها لحركتي المقاومة الإسلامية حماس وحزب الله.
وفي تحول ملحوظ، قالت المؤسسة الهندية: إن السعودية التي كانت على وشك إبرام اتفاق لتطبيع العلاقات مع إسرائيل في سبتمبر 2023، أعلنت أنها لن تمضي قدما في أي تطبيع قبل التوصل إلى حل نهائي للقضية الفلسطينية.
وأوضحت أن حرب غزة أسهمت في تعزيز التقارب بين دول المنطقة، وأن إسرائيل تظل الخصم الرئيس الذي يعيق قيام دولة فلسطينية مستقلة.
ورغم أن التهديد الذي تشكله إيران الثورية لم يتلاشَ تماما، فقد أشارت المؤسسة إلى أن خطوات المصالحة معها رفعت الآمال في تحقيق تقارب سعودي-إيراني أوسع ومصالحة إقليمية شاملة.

الولايات المتحدة والصين
وعلى مدى العقود التي تلت تأسيس مجلس التعاون الخليجي، قدمت الولايات المتحدة ضمانات أمنية لدول الخليج، خاصة في مواجهة إيران والتهديدات المتزايدة، كما تستضيف المنطقة العديد من القواعد العسكرية الأميركية.
غير أن الولايات المتحدة، بعد إخفاقها في تحقيق تغييرات سياسية ناجحة خلال الربيع العربي وتراجع نفوذها العسكري في أفغانستان والعراق، اتجهت في ظل إدارة الرئيس الأسبق باراك أوباما، إلى تقليص انخراطها العسكري في المنطقة.
يشير هذا التحول إلى أن الولايات المتحدة باتت تحجم عن نشر قوات برية في النزاعات الإقليمية، مما يفرض على دول المنطقة تحمل المسؤولية الأساسية عن أمنها.
ومع ذلك، استمرت واشنطن في تقديم الدعم الاستخباراتي والتكنولوجي، مثل تغطية الأقمار الصناعية، والمشاركة في العمليات الجوية، وتنفيذ الضربات بالطائرات المسيّرة، فضلا عن عمليات محدودة للقوات الخاصة في حالات نادرة، مع ترك مسألة الحسم بيد الفاعلين الإقليميين.
وتزامن ذلك مع تحول أوسع في الإستراتيجية الأميركية نحو آسيا، في إطار سعيها لمواجهة الصعود الصيني.
وبذلك، أصبح واضحا لواشنطن أن منطقة المحيطين الهندي والهادئ تشكل تحديا أمنيا متزايدا، وأنها لا تستطيع الاستمرار في الانخراط عسكريا بشكل نشط في كل من الخليج والمحيطين معا.
هذا الانسحاب شكّل صدمة للدول العربية لا سيما مع تصاعد هجمات الوكلاء المدعومين من إيران، وفي مقدمتهم الحوثيون، واستمرار طهران في تطوير برنامجها النووي. ونتيجة لذلك، بدأت دول المنطقة في البحث عن بدائل، وكان الاتجاه نحو الصين.
على الجانب الآخر، باتت منطقة الخليج تمثل أولوية متزايدة في السياسة الخارجية الصينية، خاصة منذ إطلاق مبادرة "الحزام والطريق" عام 2013.
ووصف الرئيس الصيني، شي جين بينغ، القمة الصينية الخليجية في ديسمبر/كانون الأول 2022، بأنها إيذان بـ"حقبة جديدة" في الشراكة الصينية العربية، داعيا دول الخليج إلى الانضمام إلى "مبادرة الأمن العالمي" من أجل تعزيز السلام والاستقرار الإقليميين.
وفي الإطار ذاته، وقّعت الصين والسعودية اتفاقية شراكة إستراتيجية شاملة، ما مهد الطريق لتعزيز التعاون الأمني بين الجانبين.

توسيع مجلس التعاون
وتساءلت المؤسسة الهندية: في ظل واقع لم يعد فيه العراق يشكل تهديدا، ولم تعد إيران العدو الأول لدول الخليج، هل يمكن لمجلس التعاون أن يبقى على حاله؟
وترى أن "التوسع الفوري للمجلس ليشمل العراق وإيران قد لا يكون خيارا عمليا، لكن من الأفضل السعي إلى حوار مع طهران بدلا من عزلها وعدها التهديد الأساسي، فالمستقبل يتطلب نموذجا أكثر شمولا يضم دول الضفة الشمالية للخليج".
وسيكون على المجلس أيضا تطوير آليات جديدة لتعزيز التعاون وبناء الثقة، وبينما قد يبقى الأعضاء الأساسيون على حالهم، يمكن تبني نموذج يشمل أعضاء مراقبين أو "زائدين"، على غرار آلية رابطة دول جنوب شرق آسيا (آسيان).
وبالنظر إلى الترابط الجغرافي والجيوسياسي بين الخليج وغرب آسيا وشمال إفريقيا، يمكن أن تتخذ الهيكلة الجديدة الشكل التالي، وفق المؤسسة:
- انضمام الأردن واليمن كأعضاء جدد في مجلس التعاون الخليجي الموسع، مع إمكانية النظر في عضوية المغرب، الذي تلقى دعوة للانضمام إلى المجلس مع المملكة الأردنية عام 2011.
- إضافة لبنان وفلسطين كأعضاء "زائدين" (على سبيل المثال: "مجلس التعاون + 2").
- دعوة إيران والعراق للانضمام كشريكين في الحوار لفترة تجريبية تمتد لخمس سنوات.
- دراسة ضم مصر كعضو "زائد" (على سبيل المثال: "مجلس التعاون زائد 3")، نظرا لأهميتها الجيوسياسية ودورها في الوساطة بين الفلسطينيين والإسرائيليين، فضلا عن أهمية قناة السويس كممر رئيس لنقل النفط والغاز الخليجي.
- النظر في ضم سوريا ولبنان في مرحلة لاحقة، وفقا للتطورات السياسية فيهما.
وبحسب المؤسسة، فإن هذا النهج التدريجي سيضمن استيعاب التغيرات دون اضطرابات كبرى، ما يمنح المجلس الوقت الكافي للتكيف قبل إجراء مزيد من التعديلات.
وقالت: "لقد باتت الهيكلة الحالية لمجلس التعاون الخليجي قديمة، وبحاجة إلى مراجعة شاملة تتناسب مع التحولات الجيوسياسية في المنطقة، غير أن هذا الطموح لا يخلو من التحديات، في ظل الانقسامات الأيديولوجية والتوترات الإقليمية العميقة".
واستدركت أن "التمسك بالوضع الراهن قد يكون أكثر ضررا، حيث إن دمج قوى مؤثرة مثل إيران والعراق ومصر قد يخفف من المخاوف بشأن الهيمنة السعودية داخل المجلس، في حين يمكن للتعاون في مكافحة الإرهاب أن يكون عاملا توحيديا إضافيا".
وأكدت أن "المسألة ليست في الشكل الذي سيتخذه المجلس خلال العقدين المقبلين، بل في مدى قدرته على بناء أرضية مشتركة تتيح للفاعلين الأساسيين تجاوز الشكوك المتبادلة والانطلاق في حوار جاد".