دلشاد البارزاني.. مسؤول كردي فضحه "نوروز الأكراد" في تطبيعه مع الاحتلال

لم يصدر عن الحزب الديمقراطي الكردستاني أي تعليق بخصوص دلشاد
"شقيق الزعيم، مسؤول حكومي، رئيس أكراد ألمانيا"… أوصاف وألقاب تطلق على السياسي الكردي دلشاد البارزاني، الذي أثار جدلا واسعا في العراق، بعدما ظهر في مقاطع فيديو يحتفل فيها بعيد رأس السنة الكردية (نوروز) في 21 مارس/ آذار 2025، داخل سفارة إسرائيل في برلين.
تصرُّف دلشاد البارزاني الذي يشغل منصب ممثل حكومة إقليم كردستان العراق في ألمانيا، دفع سياسيين عراقيين إلى مطالبة القيادة الكردية في أربيل، إلى بيان موقفها، بينما تقدّم نواب في البرلمان العراقي بشكوى إلى القضاء لمحاكمته وفق قانون تجريم التطبيع.
سليل المطبعين
دلشاد مصطفى محمد ولد في خمسينيات القرن العشرين في مدينة مهاباد الإيرانية، يحمل شهادة البكالوريوس في الطب، وهو شقيق مسعود البارزاني الزعيم الكردي ورئيس "الحزب الديمقراطي الكردستاني"، الحاكم في إقليم كردستان العراق.
بعض المراقبين عزا خطوة دلشاد إلى التاريخ القديم بين والده الزعيم الكردي التاريخي ملا مصطفى محمد البارزاني، الذي فتح العلاقات مع الإسرائيليين وطلب منهم المساعدة العسكرية في حربه ضد بغداد عقب الانقلاب على النظام الملكي في العراق عام 1958.
وفي حينها كلف الإسرائيليون "ديفيد قمحي" أحد أهم مسؤولي الموساد (جهاز الاستخبارات الإسرائيلي) بالتواصل مع مصطفى البارزاني، وجرى الاجتماع بين الرجلين.
وقال قمحي للبارزاني: "إسرائيل شديدة التعاطف مع القضية الكردية، وتدرك أن النضال سيكون طويلا، وهي مستعدة لتدريب المقاتلين الأكراد على حرب العصابات وأعمال التخريب".
وخلال تلك المرحلة، قدمت إسرائيل للبارزاني راجمات 120 ملم (قاذفات صواريخ) يصل مداها 6 كيلو مترات، وأنشأت مستشفى ميدانيا بمنطقة حاج عمران يضم 40 سريرا، وجرى تدريب الكوادر الطبية على التمريض والعناية بالجرحى.
في أغسطس/ آب 1966 ورث عبد الرحمن عارف رئاسة العراق بعد موت شقيقه عبدالسلام في حادث تحطم طائرته فوق البصرة، والتقى الرئيس الجديد مع البارزاني لإنهاء الصراع.
في 5 يونيو/حزيران 1967 وبعد هزيمة الأنظمة العربية واحتلال إسرائيل للأراضي العربية، لم يتردد البارزاني بالاحتفال بالنصر الإسرائيلي، فذبح كبشا ضخما بهذه المناسبة.
ولم يعرف وقتها سر ابتهاج البارزاني "المتدين" بتلك الكارثة، أكان فرحا بهزيمة الأنظمة أم بنصر إسرائيل؟
وتوجه البارزاني في أبريل/ نيسان 1968 إلى إسرائيل ضمن زيارة رسمية واجتمع مع مسؤولين فيها نصحوه بأن يتخلى عن فكرة الحكم الذاتي، وأن يعمل من أجل إقامة دولة كردية مستقلة، وقابل أيضا وزير الجيش وقتها موشيه دايان.

"الرئيس الكردي"
يشغل دلشاد البارزاني منصب ممثل حكومة إقليم كردستان العراق في العاصمة الألمانية برلين منذ سنوات طويلة (لم يعرف تاريخها)، وهو بمثابة سفير هناك، الأمر الذي منحه علاقة وثيقة مع المسؤولين الألمان.
عُرف المسؤول الكردي، بكثرة تنظيم الحفلات في مقر إقامته ببرلين، والتي يدعو إليها المسؤولين الألمان، حتى جعلته يحمل لقب "الرئيس الكردي في ألمانيا".
ويتمتع دلشاد البارزاني باتصالات مشفرة تمكنه من الوصول إلى مكتب المستشارة الألمانية السابقة أنجيلا ميركل أو أي عضو في الحكومة، وهو شخص قوي في ألمانيا، حسبما ذكرت صحيفة "المستقبل العراقي" في 29 أغسطس/آب 2016.

وأوضحت الصحيفة أن دلشاد البارزاني أشرف على عملية وصول الأسلحة النوعية الألمانية إلى أربيل، عام 2014، في إطار دعم قوات البيشمركة الكردية ضد تنظيم الدولة لحظة استيلائه على مدينة الموصل في ذلك العام.
ووقتها، أصبح رائجا في شمال العراق (إقليم كردستان) وتحديدا بالسوق السوداء التي تُباع وتُشترى فيها تلك المعدات العسكرية الروسية الصنع، أن الأسلحة الألمانية تم بيعها علنا، وفقا لتقرير "جهاز الاستخبارات الألماني"، نقلت عنه الصحيفة.
وفي مايو/ أيار 2020، تداولت مواقع محلية عراقية أنباء تتحدث عن ترشيح الحزب الديمقراطي الكردستاني، دلشاد البارزاني، لتولي منصب وزير الخارجية في الحكومة العراقية.
لكن الحزب سارع على لسان المتحدث باسمه محمود محمد، إلى نفي هذه الأنباء في حينها، مؤكدا أنها "أخبار كاذبة ولا تمت للحقيقة بصلة".
مطلوب للإعدام
وعلى وقع الغضب العراقي بعد مقطع الفيديو والصور التي تناقلتها مواقع التواصل الاجتماعي لدلشاد البارزاني، تناقلت وسائل الإعلام الإسرائيلية الخبر بعنوان "دبلوماسي عراقي يواجه الإعدام أو قد يدفع حياته ثمنا لزيارة سفارة إسرائيل في ألمانيا".
ونقلت هيئة البث الإسرائيلية في 23 مارس، عن مسؤولين بالجالية اليهودية أن “هذه ليست المرة الأولى التي يشارك فيها بارزاني في فعاليات إسرائيلية أو يهودية في برلين”.
وأعربت عن دهشتها “إزاء رد الفعل العراقي”، مبينة أنه قد تكون هذه المرة الأولى التي تصل مثل هذه الصور إلى بغداد، في إشارة إلى انتقادات سياسيين ونواب لدلشاد البارزاني ومطالبتهم بإعدامه، وفقا لقانون تجريم التطبيع بالعراق.
ولا يعترف العراق بدولة الاحتلال الإسرائيلي، منذ إنشائها على الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1948، بل وشارك في العديد من الحروب التي خاضتها دول المنطقة معها، وتحديدا مع مصر وسوريا.
وبحسب تقرير نشرته صحيفة "تايمز أو إسرائيل" في 23 مارس، ظهرت صورٌ لدلشاد البارزاني، خلال احتفالٍ بعيد النوروز، استضافه السفير الإسرائيلي رون بروسور في مقر إقامته في برلين.
وأضافت أن الرجل هو "ابن الزعيم الكردي الأسطوري مصطفى البارزاني، الذي ارتبط بعلاقات وثيقة مع إسرائيل خلال ثوراته ضد الحكومة المركزية العراقية".
منذ عام 2022، سن قانونٌ في العراق يُجرّم تطبيع العلاقات، بما في ذلك التجارية، مع إسرائيل، وينص على أن انتهاك هذا الأمر يُعاقَب عليه بالإعدام أو السجن المؤبد.
وبحسب الصحيفة العبرية، حضر فعالية النوروز أيضا رئيس وزراء ولاية ساكسونيا أنهالت الألمانية راينر هاسيلوف، والقيادي الكردي البارز في ألمانيا علي إرتان توبراك، وسياسيون ألمان كبار آخرون.
وقال السفير الإسرائيلي لدى ألمانيا، رون بروشاور، الذي أشرف على الاحتفال، إن “الإسرائيليين والأكراد لديهما الكثير من القواسم المشتركة؛ كلاهما يريد شرق أوسط مسالما”.
وأردف: "كلاهما مهدد باستمرار من قبل المتطرفين -لكننا لن نسمح لأنفسنا بالخوف. إنه لشرف خاص لنا أن نحتفل بالنوروز مع المجتمع الكردي للمرة الأولى-، ولكن ليست الأخيرة".
وفي المقابل، وبعد انتشار مقاطع دلشاد في السفارة الإسرائيلية، طالبت العديد من الشخصيات السياسية العراقية، ومسؤولين بأهمية اتخاذ إجراء صارم بحقه، فيما شدد البعض منهم على ضرورة محاكمته وفق قانون القانون العراقي الخاص بتجريم التطبيع.
وعلق إبراهيم الصميدعي مستشار رئيس الوزراء العراقي، خلال مقابلة تلفزيونية في 22 مارس، قائلا: “أوجه كلامي إلى رئيس الحزب الديمقراطي الكردستاني، مسعود البارزاني، ورئيس الإقليم وحكومتها، إن ما فعله دلشاد ليس تصرفا شخصيا”.
وأردف أنه "في ظل تضحيات أهل غزة (في مواجهة العدوان الإسرائيلي) ووجود قانون لتجريم التطبيع، أعتقد أنه يجب أن يكون هناك إجراء صارم بحقه".

من جانبه، دعا رئيس مركز "المعلومة" العراقي للدراسات، سلام عادل خلال مقابلة تلفزيونية في 23 مارس إلى "معاقبة دلشاد البارزاني إما بالسجن المؤبد أو الإعدام شنقا حتى الموت طبقا لقانون تجريم التطبيق مع الاحتلال الإسرائيلي".
وفي هذا الإطار، وجه النائب المستقل في البرلمان العراقي مصطفى جبار سند، في 21 مارس طلبا رسميا إلى جهاز الادعاء العام بفتح تحقيق بشأن زيارة دلشاد البارزاني في ألمانيا، إلى سفارة الكيان الصهيوني برلين.
وذكر سند في شكوته التي رفعها إلى الادعاء العام، أن "ظهور دلشاد في سفارة الكيان الصهيوني في برلين، يشكل جريمة تطبيع يعاقب عليها قانون (بهذا الخصوص يحمل) رقم 1 لسنة 2022".
وكان البرلمان قد صوَّت في مايو 2022 لصالح مقترح قانون لتجريم التطبيع مع إسرائيل وسط أجواء احتفالية، في وقت دعا زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر أنصاره للخروج إلى الشوارع احتفالا بالتصويت.
وحتى يوم 24 مارس، لم يصدر عن حكومة إقليم كردستان العراق، أو حتى الحزب الديمقراطي الكردستاني الذي ينتمي إليه دلشاد البارزاني، أي تعليق بخصوص ما أقدم عليه الأخير من زيارة إلى سفارة للاحتلال الإسرائيلي للاحتفال بمناسبة عيد نوروز.
المصادر
- شقيق مسعود بارزاني حضر احتفالاً في سفارة إسرائيلية: انتقادات وشكوى قضائية
- الديمقراطي الكوردستاني يوضح حقيقة ترشيح "دلشاد بارزاني" للخارجية العراقية
- شكوى برلمانية ضد دلشاد بارزاني بعد زيارته سفارة تل أبيب في برلين
- «التطبيع مع إسرائيل» إلى الواجهة إثر مخالفة ممثل إقليم كردستان في برلين
- دلشاد بارزانی
- Images show Iraqi Kurdish diplomat at reception held by Israeli envoy to Germany
- مصطفى البارزاني.. صديق إسرائيل الذي قاتل أنظمة العراق لإقامة دولة كردية