فنانات وفاشنستات عاريات.. لماذا يسمح الإطار الشيعي بانتشار الرذائل بالعراق؟

منذ ٧ أشهر

12

طباعة

مشاركة

في سابقة لم يشهدها العراق خلال مرحلة ما بعد الاحتلال الأميركي عام 2003، أقيم مهرجان فني حضرته شخصيات من دول عربية عدة، كانت علامته البارزة العري الصارخ وغير المسبوق للفنانات والمشاهير من النساء المدعوات، في ظل حكومة يرأسها الإطار التنسيقي الشيعي.

وما زاد الطين بلة وانتقاد الحكومة بشكل كبير، هو أن "مهرجان العراق الدولي" المقام بساحة الاحتفالات ببغداد في 3 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، تزامن مع اليوم الوطني لاستقلال البلاد من الانتداب البريطاني عام 1932، وانضمامه إلى عصبة الأمم المتحدة.

مهرجان العراق الدولي بنسخته الأولى، جرى فيهِ تكريم مجموعة من نجوم الفن في الموسيقى والسينما والدراما، وبمشاركة وتصويت الجمهور، بتنظيم أعلنت المطربة العراقية، شذى حسون، على منصة "إكس" (تويتر سابقا) في 4 أكتوبر، أنها هي من أعدت له طيلة 4 أشهر مضت.

انتقاد سياسي

أبدى زعيم التيار الصدري، مقتدى الصدر، رفضه لتنظيم مهرجان "العراق الدولي الأول"، مشيرا إلى أن تكراره سيولد ردة فعل شعبية ضد "التحرر المفرط والتمهيد للتطبيع"، حسب تدوينة نشرها على حسابه بمنصة "إكس" في 6 أكتوبر 2023.

وحذر الصدر الدول الإسلامية من أن "الانفتاح المتزايد ومن التحرر الممقوت الذي لا يفضي إلا إلى التطبيع وانتشار الشذوذ الجنسي، كما حدث في الحفل الخارق للأعراف المجتمعية العربية والإسلامية في عراقنا الحبيب وفي ظل دولة بني العباس (كناية يطلقها على حكومة الإطار).. وبإشراف مباشر من السفيهة (السفيرة) الأميركية (ألينا رومانوسكي)".

وختم الصدر "تدوينته" بالقول: "أنا على يقين أن الشعب العراقي أمة الطهارة ويريدون أن يتطهروا ويرفضوا الفساد والشذوذ، وإن تكررت مثل تلك الحفلات فأنا على يقين بأن الشعب سيعلن رفضه الموحد ضد التحرر المفرط وضد التمهيد للتطبيع والمجتمع الميمي".

من جهته، وجه النائب المستقل في البرلمان العراقي، هادي السلامي، ثلاثة أسئلة للسوداني بشأن المهرجان المثير للجدل، تمحورت حول "الجهة المسؤولة عن منح الموافقات الرسمية لإقامة المهرجان الذي أقيم في 3 أكتوبر بالمنطقة الخضراء (ساحة الاحتفالات)".

وكذلك تساءل النائب في 4 أكتوبر عن "أسباب انتشار العديد من المقاطع المخلة بالحياء والآداب العامة من بعض الفنانات والفاشنستات (مشاهير مواقع التواصل الاجتماعي) المشتركة في فعاليات هذا المهرجان، التي تشكل خروجا على القيم الدينية والأخلاقية للمجتمع العراقي، وتسببت في إعطاء صورة غير صحيحة عن واقع المجتمع وقيمه".

أما السؤال الثالث، فكان بشأن "الجهة المسؤولة عن إعداد وتنظيم برنامج وفقرات المهرجان ومتابعة انسجامها مع طبيعة المناسبة التي أقيم المهرجان لتغطيتها". ومنح النائب مدة 15 يوما للسوداني للإجابة عن الأسئلة النيابية.

ومع اتساع دائرة الانتقاد للمهرجان الذي أقيم في العراق، أصدر عارف الساعدي، مستشار رئيس الوزراء للشؤون الثقافية إيضاحا جديدا لموقف الحكومة من الحفل، كاشفا عن وجود "حملات ابتزاز" هدفها الحصول على الأموال.

وقال عارف خلال بيان صحفي في 5 أكتوبر، إنه "لتوضيح ما حدث في مهرجان العراق ودورنا فيه، أقول بكل وضوح وصراحة، قدمت الفنانة شذى حسون (مطربة عراقية) طلبا تروم فيه إقامة مهرجان تكريمي للفنانين العراقيين والعرب".

وتابع: "الرئاسة ووزارة الثقافة دعمت الفكرة (مهرجان يُكرَم فيه فنانون عرب وعراقيون يستحقون التكريم) ولكن الفنانة لم تحصل على أي دعم مالي، لأن الطلب مقدم من شركة خاصة، لكن الدعم تلخص في تهيئة الساحة لنصب المسرح فيها، وبعض اللوجستيات من استقبال الضيوف وتوديعهم".

وأضاف: "لا علاقة لنا بالتنظيم الفني إطلاقا، ولا بدعوات المكرمين، لكن نقول وبصراحة أيضا هناك أخطاء، فما حدث من وجود بلوغرات وفاشنستات،  أمر غير لائق، ولكن هل دورنا أن نفتش النساء في بوابة الحفل؟ أو ننشر وصايا للبس والأزياء؟ ولو فعلنا مثل هذا الأمر لشُتمنا أكثر وأكثر! ولو منعنا المهرجان من الأساس لقيل إن بغداد أصبحت قندهار".

ولفت عارف إلى أن موعد المهرجان كان في 29 سبتمبر 2023، "وأرسلت الدعوات من إدارة المهرجان بناء على هذا الموعد، ولكن ما حدث من كارثة لأهلنا في الحمدانية (حادثة حريق صالة أعراس راح ضحيتها 120 شخصا) والحداد الذي أعلن عنه العراق دفع إلى تأجيل الحفل إلى 3 أكتوبر، والذي تزامن مع اليوم الوطني".

pic.twitter.com/MnP7moBx55

— مقتدى السيد محمد الصدر (@Mu_AlSadr) October 6, 2023

ازدواجية واضحة

وفي المقابل، رأى الباحث في الشأن السياسي العراقي، لطيف المهداوي أن "مثل هذه المهرجانات وغيرها، تحاول قوى الإطار التنسيقي جاهدة أن تقام في بغداد وغيرها من المدن العراقية، حتى تعطي انطباعا على أن البلد في ظل حكمهم يعيش حالة غير مسبوقة من الأمان والاستقرار الأمني والسياسي".

وأضاف المهداوي في حديث لـ"الاستقلال" أن "الجهات الحكومية تدعي أنها لم تدعم المهرجان، رغم أن الحديث المتداول في مواقع التواصل يدور حول 8 مليون دولار حصلت عليها المطربة العراقية شذى حسون لقاء إقامة هذا الحفل وجلب الفنانات والفنانين العرب".

وتساءل الباحث، قائلا: "أي شركات تدّعي الجهات الحكومية أنها كانت وراء دعم الفنانة شذى حسون لإقامة المهرجان؟ هل الحفل الذي أقيم كان جمعية خيرية لتكريم الأيتام، أم أموال صرف على جوائز تكريم ومحل إقامة الشخصيات التي شاركت فيه من بلدان عربية عدة؟".

ولفت المهداوي إلى أن "العديد من الحفلات التي كانت تستضيفها أماكن ترفيهية في بغداد مثل مدينة السندباد، منها حفلة للفنان المصري محمد رمضان وأخرى للفنان المغربي سعد المجرد وغيرهما، كانت تلغى تحت تهديد السلاح من مليشيات تنتمي إلى قوى الإطار التنسيقي الشيعي، وما يحصل اليوم يعد ازدواجية واضحة".

ففي 9 يونيو/ حزيران 2022، ألغت شركة "سندباد لاند" في بغداد حفلا قبل انطلاقه بساعات، للمغني المغربي، سعد لمجرد، بعد احتجاجات غاضبة أمام بوابة متنزه كان سيحتضن الحفل.

وأقام المحتجون المنتمون إلى قوى الإطار التنسيقي "صلاة جماعة" قبل اقتحام المكان، وترديد هتافات غاضبة بينها "كلا، كلا للأغاني"، وفق ما ظهر في مقطع فيديو متداول على منصة "إكس".

وفي 10 ديسمبر/ كانون الأول 2021، أثار الممثل والمغني المصري محمد رمضان غضب العراقيين أثناء حفله ‏الغنائي الأول في العاصمة بغداد على مسرح مدينة "سندباد لاند" الترفيهية، ووصفوا حفله بـ"الخادش للحياء"، بسبب زيه "الفاضح"، وفق تعبيرهم.

وعقب ذلك، تظاهر عدد من العراقيين المحسوبين على قوى الإطار التنسيقي، احتجاجا على حفل الفنان المصري محمد رمضان، الذي أقيم في العاصمة العراقية بغداد.

وقطع محتجون الطريق المؤدي إلى مدينة "سندباد لاند" التي أقيم فيها الحفل، وطالبوا بمنع هذا النوع من حفلات "المهرجانات" بوصفها "منافية للأخلاق الإسلامية".

وأقام محتجون في وقتها الصلاة بالقرب من مكان الحفل، وتظاهروا رفضا لحفل المطربين المصريين، حسن شاكوش، وعمر كمال، الذي ألغي بعدما كان مقررا أن يقام في بغداد أيضا يومي الخميس والجمعة 16 و17 ديسمبر 2021.

كلا كلا للفساد
كلا كلا للفجور
كلا كلا للخمور
كلا كلا للمخدرات
كلا كلا للأغاني

متت �������� الله ياخدكم قشة لفة#سعد_لمجرد #بغداد #العراق pic.twitter.com/b7w7MMe6DT

— Star Arab World (@StarArabWorld) June 9, 2022

"تبرؤ إطاري"

المهرجان لم يشهد حضورا رسميا، شارك فيه وزير العمل والشؤون الاجتماعية، أحمد الأسدي، وهو من الشخصيات المنضوية تحت مظلة قوى "الإطار التنسيقي" ورئيس مليشيا "جند الإمام" السابق، التي كانت إحدى تشكيلات قوات الحشد الشعبي في العراق.

لكن الأسدي أصدر بيانا في 4 أكتوبر، قال فيه: "دعُيت بشكل رسمي من وزير الثقافة (أحمد فكاك) احتفالية تقام بمناسبة العيد الوطني، ووصلت قبل بدء الاحتفال بأكثر من ساعة".

وأضاف: "بعد أن تجاوزت بعض القنوات التي تقاطر علي مراسلوها لأخذ تصريحات بمناسبة اليوم والوطني وفيه تكريم فنانين عراقيين وعرب، شاهدت بعض ما في المهرجان مما نرفضه فانسحبت مباشرة".

وعلى الوتيرة ذاتها، وبسبب الانتقادات الواسعة التي طالت حكومة الإطار التنسيقي، بسبب العري الذي ظهر في المهرجان، أعلن عدد من الشخصيات السياسية وقادة الأحزاب المنضوية في "الإطار" الشيعي، التبرؤ من الحفل جملة وتفصلا.

وحث رئيس تحالف "الفتح" هادي العامري، رئيس الوزراء، محمد شياع السوداني على إجراء تحقيق يتناسب مع "حجم السلوك المشين والمرفوض"، بحسب بيان صحفي صدر عن مكتبه في 5 أكتوبر.

وشدد العامري على أهمية "إنزال أشد العقوبات بكل من كانت له يد في الإساءة لتاريخ وقيم وأعراف الشعب العراقي".

وجاء موقف العامري متزامنا مع طلب حزب "الدعوة الإسلامية" (الشيعي) بزعامة رئيس الوزراء العراقي الأسبق نوري المالكي، وجهه للحكومة، بضرورة إجراء "تحقيق فوري" بشأن المشاهد التي رافقت الحفل.

بيان حزب الدعوة في 5 أكتوبر، أفاد بأن "المظاهر الفاحشة تصطدم مع أعراف وتقاليد مجتمعنا العريق وأحكام الشريعة الإسلامية، وقد أثارت مشاهد الاحتفال باليوم الوطني الاستياء والغضب الشديد لدى العراقيين في مختلف الأوساط من هذه الممارسات الفاضحة والتحدي للمشاعر الأخلاقية والاجتماعية والدينية للشعب العراقي المسلم".

وأضاف: "إننا ننتظر من الحكومة أن تتحمل مسؤولياتها بهذا الصدد، وأن تجري تحقيقا سريعا، وتحاسب كل الجهات والأشخاص المتورطين من الوزارة المعنية في تنظيم هذا الحفل المنافي للقيم في أي موقع أو مستوى كانوا".

وأوضح البيان، أن "الشعوب إنما تحتفل باليوم الوطني من خلال الاستعراضات العسكرية والمؤتمرات، والتذكير بالشخصيات الوطنية التي كانت لها أداور في بناء الدولة، وليس بإثارة الغرائز، وعرض المفاتن في الأماكن والساحات المفتوحة، وبنحو يخالف الآداب العامة التي ينص الدستور العراقي على ضرورة الالتزام بها".

إن الإحتفاء بمناسبة وطنية أو رسمية أو إقامة المهرجانات الدولية أو المحلية في العراق يجب أن لا تتخللها سلوكيات مشينة خارجة عن التقاليد العراقية والأعراف المجتمعية و المعايير الأخلاقية ، وإن ما حصل من بعض التصرفات والفقرات المؤسفة في يوم الاحتفال بالعيد الوطني العراقي في ساحة…

— Ammar Al-Hakim | عمار الحكيم (@Ammar_Alhakeem) October 4, 2023

كذلك، حذر رئيس تيار "الحكمة الوطني" عمار الحكيم في 5 أكتوبر، من مغبة تحويل مناسبة العيد الوطني، إلى "ابتذال بدل الاحتفال".

وقال في بيان صحفي إن "الاحتفاء بمناسبة وطنية أو رسمية أو إقامة المهرجانات الدولية أو المحلية في العراق يجب أن لا تتخللها سلوكيات مشينة خارجة عن التقاليد العراقية والأعراف المجتمعية والمعايير الأخلاقية".

ورأى الحكيم أن "ما حصل من بعض التصرفات والفقرات المؤسفة في يوم الاحتفال بالعيد الوطني العراقي في ساحة الاحتفالات في بغداد، لا يمت لما يرتضيه الذوق العام بصلة، فضلا عن أنه تضمن فقرات وفعاليات أساءت للوطن في ذكرى يوم استقلاله العظيمة".

ووفقا لزعيم تيار الحكمة، فإنه "لضمان عدم تكرار مثل هذه الفعاليات الدخيلة على مجتمعنا وتقاليدنا وأعرافنا، نحث الجهات المعنية على اتخاذ أقصى درجات الحيطة والحذر من مغبة تحويل المناسبة إلى ابتذال بدل الاحتفال".

وثيقة متداولة تكشف توجيهاً من معاون مدير مكتب السوداني لتسهيل اقامة مهرجان العراق#عراق_اوبزيرفرhttps://t.co/G8455qKpSY pic.twitter.com/dCXGGmywkL

— د. جاسم الشمري (@dr_jasemj67) October 5, 2023

وعلى النسق ذاته، اتهمت مليشيا كتائب "حزب الله" في العراق، السفيرة الأميركية في العراق، إلينا رومانوسكي، بـ"نشر الفجور والانحلال" وذلك في أعقاب رسالة عبر الفيديو وجّهتها للحضور في المهرجان المثير للجدل، عبرت خلالها عن ترحيبها بالحفل.

ورغم نفي الجهات الحكومية مسؤوليتها عن تنظيم المهرجان، فإن وسائل إعلام محلية عراقية نشرت في 5 أكتوبر، وثيقة صادرة عن معاون مدير مكتب رئيس الوزراء، علي رزوقي، يوجه فيها بتهيئة مستلزمات مهرجان العراق الدولي، الذي أقيم في العاصمة بغداد.

الوثيقة الصادرة في 10 أغسطس 2023، تضمنت توجيهات بتخصيص سيارات خاصة لاستقبال النجوم العرب المشاركين في المهرجان، وحجز بعض الغرف في دار ضيافة رئاسة الوزراء، والتنسيق مع مستشار رئيس مجلس الوزراء للشؤون الثقافية، عارف الساعدي، لإعلامه بكل التفاصيل.