سباق التسلح بين المغرب والجزائر.. لماذا يثير القلق في الثكنات الإسبانية؟

قسم الترجمة | منذ ٧ أشهر

12

طباعة

مشاركة

تأثير سباق التسلح المتصاعد بين الجارين المغرب والجزائر منذ عام 2021، وصل صداه إلى مدريد، وأثار قلقا في الثكنات الإسبانية التي أصبحت تخشى تفوق جيرانها عليها عسكريا.

ووفق معاهد متخصصة في أرقام الجيوش، فإن المغرب والجزائر أوشكا على "تحطيم الأرقام القياسية" في الإنفاق العسكري.

تحديث القوات

وقالت صحيفة "الإندبندينتي" الإسبانية إن "التحالف بين الرباط وتل أبيب أدى إلى فرص تحديث المؤسسة العسكرية بخطى حثيثة؛ وفي الجزائر، لجأ النظام العسكري أيضا إلى دفتر الشيكات لإعادة تسليح نفسه".

وفي حوار مع "الإندبندينتي"، قال المحلل العسكري الإسباني، خيسوس مانويل بيريز تريانا: "نحن ندخل منطقة يبدأ فيها المغرب لأول مرة في امتلاك أسلحة أكثر وأفضل من القوات المسلحة الإسبانية في بعض المجالات، ونشهد على قوات مسلحة مغربية تتخذ بعدا دوليا بشكل متزايد".

وأضاف "من الواضح أن المغرب لديه إرادة لتحديث قواته المسلحة والارتقاء بها إلى أعلى مستوى".  

وبحسب مؤشر "غلوبال فاير باور" المتخصص في الشؤون العسكرية والذي يحلل 145 جيشا في العالم، يحظى الإسبان بالمركز رقم 21 -بين البولنديين والسعوديين- وبعيدا عن فرنسا التي تحتكر المركز التاسع وإيطاليا التي جاءت في المركز العاشر.

وتتقدم مدريد على الجزائر التي تقف في المركز 26، والمغرب الذي جاء في المركز 61، "لكن يخفي هذا التصنيف حركة السنوات الأخيرة"، وفق الصحيفة الإسبانية.

وفي السياق ذاته، أشار التقرير السنوي الأخير للمعهد الدولي للدراسات الإستراتيجية إلى أن "التنافس بين الجزائر والمغرب تفاقم بشكل كبير سنة 2022".

وتابع: "حظي المغرب بفرص وصول أكبر إلى التكنولوجيا الدفاعية بفضل تحسن العلاقات مع الولايات المتحدة، وخاصة مع إسرائيل، التي وقّع معها اتفاقية تطبيع عام 2020". 

ووفقا لأرقام سنة 2023، تمتلك الرباط اليوم "الأسطول الأكثر تنوعا من الطائرات دون طيار في المنطقة، والذي يتألف من عناصر صينية وإسرائيلية وتركية وأميركية".

ومنذ منتصف 2022، أصبح لدى الجيش المغربي نظام الدفاع الإسرائيلي المضاد للصواريخ "باراك إم إكس"، القادر على اعتراض التهديدات المختلفة. 

سجل الإنفاق

ونقلت الصحيفة عن المحلل العسكري، بيريز تريانا، أن "تحسينات المغرب تركزت على مستوى أسطول الدبابات الخاص بها، مع دمج دبابات أم 1 أبرامز أو قاذفات الصواريخ. إنهم يدمجون أنظمة متقدمة مضادة للطائرات، والتي كانت واحدة من أكبر ثغراتهم، وشراء طائرات المراقبة والاستطلاع والمسيّرات الانتحارية".

وتابع: "في الحقيقة، عكست حمى الإنفاق على الأسلحة، التي أججها أيضا انتهاء وقف إطلاق النار مع جبهة البوليساريو الذي ظل ساريا منذ سنة 1991، زيادة في ميزانية الدفاع".

ونقلت الصحيفة عن الباحث في معهد "إلكانو الملكي"، هيثم أميرة فرنانديز، قوله إن "الإنفاق العسكري للمغرب بلغ 5.4 مليارات دولار، أي 4.2 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي، وفي سنة 2023 من المتوقع أن تصل ميزانية الدفاع المغربية إلى 5.2 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي".

ونوهت "الإندبندينتي" بأن "هذا الرهان لا يمر مرور الكرام في الجزائر التي تتقاسم حدودا مع المغرب بطول ألفي كيلومتر ولها تاريخ من الخلافات والشكوك التي تربطها بها". 

فيما أشار المعهد الدولي للدراسات الإستراتيجية إلى أنه "بالنسبة للجزائر، فإن احتمال وجود مغرب مسلح بشكل أفضل، ومستفيد من التحالفات الغربية، قد دق أجراس الإنذار نظرا لاعتمادها على الأسلحة الروسية".

وبالإضافة إلى الحدود، يتشارك البلدان "الغموض الذي يحيط بجيوشهما"، وفق المعهد.

وذكرت الصحيفة أن "الإنفاق العسكري للجزائر بلغ سنة 2021 حوالي 9.1 مليارات دولار، أي حوالي 5.6 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي، ومن المتوقع أن يتضاعف هذا العام ليصل إلى 18 مليار دولار".

واستطردت: "في المقابل، خصصت إسبانيا 12.825 مليون يورو لميزانية الدفاع لعام 2023، وفي 2022، كان استثمارها يزيد قليلا عن واحد بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي، وقد التزمت بزيادة إنفاقها لتحقيق الهدف النهائي المتمثل في الوصول إلى هدف حلف الناتو المتمثل في إنفاق اثنين بالمئة على الدفاع سنة 2029".

حضور أكبر

ولفتت الصحيفة إلى "المجهودات الاقتصادية التي تبذلها الجزائر، والتي تمولها مبيعاتها من المحروقات، مصحوبة بالرغبة في اكتساب الخبرة الدولية".

وفي نوفمبر/ تشرين الثاني 2020، عدلت الجزائر الدستور ليسمح بنشر قواته المسلحة خارج البلاد.

ويرى الباحث فرنانديز أن "هذا مؤشر واضح على أن الجزائر يمكن أن تتدخل في الدول المجاورة، على غرار ليبيا، وأن تشارك أيضا في عمليات حفظ السلام في إطار الاتحاد الإفريقي أو الأمم المتحدة أو الجامعة العربية".

ونقلت الصحيفة أن "هذا الوجود الدولي تمارسه الرباط أيضا، من خلال عمليات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة وفي التدريبات المتعددة الجنسيات".

كما انتشرت قوات المغرب في الخارج في مهام قتالية، وساهمت بطائرات إف-16 في تدخل التحالف الذي تقوده السعودية في اليمن، وأجرى جنوده تدريبات مشتركة مع القوات الأميركية والفرنسية والإسبانية والإسرائيلية.

وذكرت "الإندبندينتي" أن "مقارنة بين جيشي المغرب والجزائر ترجح كفة الميزان لصالح الأخير".

وبينت أن "عملية تحديث وإضفاء الطابع المهني على الجار المغربي تثير سؤالا: هل سيكون جيشه قادرا على إدارة وتشغيل وإصلاح كل ما كانوا يشترونه من أسلحة؟".

وأجابت الصحيفة: "تحديدا هنا، يؤكد الجنود الإسبان الذين يتعاملون مع المغاربة في التدريبات الثنائية أن هناك سلسلة من الكفاءات العسكرية الأساسية التي لا يزال المغاربة غير متمكنين منها".

وحول حقيقة المستويات القياسية التي وصل إليها كلا الجيشين، قال بيريز تريانا: "سنُفاجأ في حال اندلاع صراع مسلح شديد الحدة بين المغرب والجزائر، لأنه من المحتمل أن تسجّل اختلالات وأوجه قصور في كلا الجانبين، وإلى أن يأتي هذا السيناريو، لن نعرف الواقع".