مطالبات بالتعويض.. كيف أسهم فيسبوك باضطهاد أقلية الروهينغا المسلمة؟

قسم الترجمة | منذ ٧ أشهر

12

طباعة

مشاركة

ست سنوات مرت على أسوأ الأيام التي عاشها مجتمع الروهينغا، وتحديدا، في ذلك اليوم المشؤوم، بتاريخ 25 أغسطس/آب 2017، عندما اندلعت موجة من العنف في ميانمار ضد هذا الشعب.

وتدور اليوم تساؤلات عن مدى مساهمة شركة ميتا (فيسبوك) في موجة الكراهية ضد هذه الأقلية المضطهدة وسط مطالبات بتعويضها، لكن يبقى السؤال المطروح هو: إلى أي مدى يمكنهم أن يتحملوا المسؤولية؟

ومنذ 25 أغسطس 2017، يشن الجيش في ميانمار ومليشيات بوذية، حملة عسكرية ومجازر وحشية ضد الروهنغيا في إقليم أراكان.

وأسفرت الجرائم المستمرة عن مقتل آلاف الروهنغيا، حسب مصادر محلية ودولية متطابقة، فضلا عن لجوء قرابة مليون إلى بنغلاديش، وفق الأمم المتحدة.

وتعد حكومة ميانمار الروهينغيا "مهاجرين غير نظاميين" من بنغلادش، فيما تصنفهم الأمم المتحدة "الأقلية الأكثر اضطهادا في العالم".

أقلية مضطهدة

وذكرت صحيفة بوبليكو الإسبانية أن الإبادة الجماعية التي تلت أعمال العنف هذه، كانت نتيجة نصف قرن من القوانين وسياسات الاستبعاد تجاه الأقليات العرقية والدينية في ذلك البلد الآسيوي.

وبينت أن هذا الاضطهاد تسبب في نزوح أكثر من 600 ألف لاجئ، ووفاة ما يصل إلى 13 ألف شخص وتدمير نصف منازلهم، فقط خلال الشهر الأول من الأعمال الإرهابية هذه، وفقا لأرقام منظمة أطباء بلا حدود.

لكن مصادر إنسانية مختلفة، بما في ذلك منظمة أطباء بلا حدود نفسها، تؤكد أن الأرقام أعلى بكثير.

وحول هذه المأساة، هناك العديد من شهادات العيان، وصور الأقمار الصناعية، والأدلة الفوتوغرافية ومقاطع الفيديو التي جمعتها منظمات مثل منظمة العفو الدولية أو هيومن رايتس ووتش.

واستنكرت منظمة العفو الدولية أن "جميع الأدلة تشير إلى نفس النتيجة، وهو أن مئات الآلاف من النساء والرجال والفتيان والفتيات من الروهينغا وقعوا ضحايا هجمات واسعة النطاق ومنهجية، يمكن وصفها بأنها جرائم ضد الإنسانية". 

ونقلت الصحيفة أن الاختلاف الوحيد بين الروهينغا والقوى التي تسيطر على السلطة في ميانمار هو الدين، فهم مسلمون مقارنة بالأغلبية البوذية التي تسود في البلاد.

عموما، تعد الأمم المتحدة الروهينغا واحدة من الأقليات الأكثر تعرضا للاضطهاد في العالم. لكن، لا يمكن حصر الصراع في المسألة الدينية، حيث إن هناك عوامل أخرى تفسر هذه الإبادات الجماعية. 

ونقلت الصحيفة عن رئيس تحرير مجلة فرونتير والخبير في شؤون ميانمار، كارلوس ساردينيا، في محادثة هاتفية من بانكوك، أنه "على مدى عقود، اتّهم القوميون الأراكان والجيش والحكومة البورمية الروهينغا بأنهم مهاجرون غير شرعيين مما يعرف الآن ببنغلاديش".

وتجدر الإشارة إلى أن الروهينغا ليسوا ضمن المجموعات العرقية، التي يقدر عددها بحوالي 135، المعترف بها رسميا من قبل السلطات، لذلك يعدون عديمي الجنسية وليس لديهم أي حقوق. 

فيسبوك متهم 

نوهت الصحيفة أن خوارزميات فيسبوك، شبكة ميتا الاجتماعية المملوكة لمارك زوكربيرغ، قد سمحت بانتشار عدد لا يحصى من رسائل الكراهية ضد الروهينغا.

في الحقيقة، يعتمد نموذج أعمال شركة ميتا على الملفات الشخصية والإعلانات المستهدفة؛ وهذا يشجع على نشر المحتوى الضار، "بما في ذلك التحريض على العنف"، مثلما نددت منظمة العفو الدولية.

وفي ذكرى مرور ست سنوات على اندلاع هذا العنف الهائل، أصدرت منظمة العفو الدولية تقريرا يتضمن وثائق داخلية من ميتا، سربتها المبلغة عن المخالفات "فرانسيس هاوجين"، وهي القضية التي أطلق عليها اسم "أوراق فيسبوك".

وتحدد الصحيفة الإسبانية أن "المحتوى الذي يحرض على العنف والتمييز يجري تضخيمه ونقله مباشرة إلى الأشخاص الذين من المرجح أن يتصرفوا بناء على هذا التحريض". بالإضافة إلى ذلك، كان فيسبوك على علم "بمخاطر الخوارزمية الخاصة به". 

وأضافت أن منظمة العفو الدولية أوردت منشورا انتقدت فيه أحد المدافعين عن حقوق الإنسان وأكدت الاعتداء عليه بسبب تعاونه المزعوم مع مبعوث الأمم المتحدة لتقصي الحقائق في ميانمار.

ووصف مستخدم على شبكة التواصل الاجتماعي هذا الناشط بأنه "خائن وطني"، وأشار إليه بأنه "مسلم".

في وقت لاحق، جرت مشاركة المنشور أكثر من ألف مرة، وأثيرت العديد من التعليقات التي تطالب بقتل هذا الشخص.

ومن بين تلك التعليقات يظهر ما يلي: "المسلمون كلاب ويجب إطلاق النار عليهم" أو "لا تدعوه يعيش، أنهوا مسيرته بأكملها، لن تكون نهاية العالم".

ونددت بعثة الأمم المتحدة بالأمر وحاولت إقناع ميتا باتخاذ الإجراءات اللازمة، واعترفت لاحقا بأن رد الشركة كان "بطيئا وغير فعال". 

مطالبات بالتعويض

وأضافت الصحيفة أن مجتمع الروهينغا يدرك الضرر الذي لحقه بشكل مباشر أو غير مباشر من قبل شركة ميتا، ولهذا السبب يطالب بجبر الضرر والتعويض.

وعلى وجه التحديد، يطالبون باستثمار مليون دولار "لمشاريع تعليمية في مخيماتهم التي يقطنها اللاجئون". 

وفي شهادات جمعتها منظمة العفو الدولية في تحقيقها، استنكر، مونج سويد الله وهو أحد أفراد الروهينغا، قائلا: "ألقي باللوم على مارك زوكربيرغ وفيسبوك والأشخاص الذين يديرون ميتا للمساعدة في تهيئة الظروف التي سمحت لجيش بورما بإطلاق عنان للأعمال العدائية ضد شعبنا".

وجاء في الدعوى التي رفعها عضو آخر من هذه الأقلية: "يجب على فيسبوك أن يدفع، وإذا لم يفعلوا ذلك، فسنتجه إلى كل محاكم العالم، ولن نتخلى عن معركتنا أبدا".

ونقلت بوبليكو عن شيريلين نايدو، مستشارة السياسة القانونية والعامة لشؤون التكنولوجيا وحقوق الإنسان في منظمة العفو الدولية، أن "ميتا لا تنال أي عقوبات مقابل ما يحدث".

وتضيف: "نسعى للحصول على تعويضات عن الضرر الناجم عن نموذج أعمال ميتا من خلال السبل القانونية، حيث لدينا أدلة على أن خدماتها وخوارزمياتها قد غذت الكراهية، وتجاهلت مخاوف الناشطين بشأن حقوق الإنسان، وبالتالي ساهمت في الانتهاكات".

وواصلت نايدو: "لذلك، فإن ميتا ملزمة بموجب القانون والمعايير الدولية لحقوق الإنسان بتقديم تعويضات للروهينغا".

وحول الوسائل القانونية المحتملة التي يمكن استخدامها ضد ميتا أمام سلبيتها في منع انتشار خطاب الكراهية، أعربت شيريلين نايدو عن أسفها لأنه "يوجد فجوة في هذا السياق".

ومع ذلك، تواصل منظمة العفو الدولية السعي إلى تطوير المعايير والموارد القانونية لتحقيق العدالة. 

نقلت الصحيفة أن أكثر من 90 بالمائة من الروهينغا الذين عاشوا في الجزء الشمالي من أراكان، فروا إلى بنغلاديش في سنة 2017.

ولا يزال هناك أفراد من هذا المجتمع في ميانمار، والعديد منهم في مخيمات اللاجئين الداخلية بعد نزوحهم بسبب موجات العنف الطائفية عام 2012، والتي ظلوا فيها منذ ذلك الحين. 

وفي حواره مع بوبليكو، يستنكر الكاتب والصحفي، كارلوس ساردينيا، أنها "في الأساس معسكرات اعتقال"، ويوضح أن الكثيرين يفرون إلى بنغلاديش، لكن يحاول جزء كبير آخر الذهاب إلى ماليزيا.

ويختم قائلا: "يسافر أولئك الذين يملكون المال برا، ويدفعون رشا للشرطة على طول الطريق عبر تايلاند، ثم إلى ماليزيا، ويسقط الفقراء في أيدي شبكات تهريب البشر الخطيرة للغاية. ويموت الكثيرون منهم في الطريق".