الانقلاب القضائي يدفعهم للهجرة.. لهذا يفضل أطباء إسرائيل العمل في الإمارات؟

إسماعيل يوسف | منذ ٩ أشهر

12

طباعة

مشاركة

مطلع أغسطس/آب 2023 قالت صحيفة "تايمز أوف إسرائيل" إن عددا من الأطباء، الذين أعلنوا نيتهم مغادرة إسرائيل بسبب رفضهم "الانقلاب القضائي"، تلقوا عروضاً مغرية للعمل في الإمارات والبحرين.

تقرير لقناة "12" العبرية ذكر أيضا في 31 يوليو/تموز 2023 أن مجموعة دردشة، ضمت 3 آلاف طبيب، ناقش فيها الأطباء كيفية الانتقال إلى الخارج، وبدأ بعضهم في تلقي عروض مربحة من الإمارات.

أوضح أن العروض جاءت من مصادر رسمية في الإمارات، وكذلك البحرين، التي ترى الاضطرابات في إسرائيل والاهتمام بالخارج فرصة لاستقطاب الأطباء.

وذكرت شبكة "BNN" في 2 أغسطس 2023 أن عروض العمل الإماراتية تضمنت حوافز مثل مضاعفة الراتب الحالي للطبيب ثلاث مرات، وتوفير التعليم المجاني لأطفال الإسرائيليين، ومنح "الإقامة الذهبية". 

قالت: أبدى العديد من الأطباء الإسرائيليين اهتمامًا بهذه العروض، بينما يفكر آخرون في الانتقال إلى الولايات المتحدة والبرتغال ونيوزيلندا وكندا.

وأكدت صحيفة "هآرتس" 2 أغسطس 2023 أن الأطباء والباحثين الإسرائيليين العاملين في الخارج تلقوا بالفعل طلبات من أطباء يرغبون في مغادرة إسرائيل على الفور بأي ثمن غضبا من "التعديلات القضائية" التي يعارضونها.

فما قصة انتقال أطباء إسرائيل للعمل في الإمارات؟ وتفاصيل التعاون الطبي بينهما قبل وبعد التطبيع عام 2020؟

لماذا الإمارات؟

أشارت تقارير إسرائيلية وأجنبية أن سبب سعي الإمارات والبحرين وراء استجلاب أطباء إسرائيل إليهما يرجع لأسباب مالية بسبب الرواتب الكبيرة وأخرى تتعلق برغبتهم في الالتحاق بمؤسسات طبية إسرائيلية بالخليج.

ذكرت شبكة "BNN" في 2 أغسطس 2023 أن ما يدفع أطباء إسرائيل للسفر للإمارات والبحرين تحديدا، هو العامل المالي حيث الرواتب الضخمة، فضلا عن وجود مؤسسات ومنشآت طبية إسرائيلية انتقلت هناك بالفعل منذ التطبيع.

قالت: "تعرض دول الخليج وظائف مجزية للأطباء الإسرائيليين الذين يسعون للانتقال بسبب الصراع القضائي"، ما يشجعهم على السفر للخليج.

وأكد موقع "ميدل إيست آي" البريطاني في 2 أغسطس 2023 أن الإمارات من الدول التي تسعى لاستغلال أزمة التعديلات القضائية في إسرائيل "من أجل استدراج الأطباء الإسرائيليين".

وفي 24 يوليو 2023، صدّق الكنيست (البرلمان) الإسرائيلي نهائياً، على مشروع قانون "الحد من المعقولية" ضمن حزمة تشمل 8 مشاريع قوانين تُعرف بـ"خطة التعديلات القضائية" تدفع بها الحكومة وسط احتجاجات عارمة بالبلاد.

وفي ختام مداولات ساخنة، صوّت الكنيست الإسرائيلي بالقراءتين الثانية والثالثة على المشروع ليصبح قانوناً نافذاً.

وجرى التصويت على وقع احتجاجات داخل وخارج قاعة الكنيست من المعارضين الذين يرون أن من شأن مشاريع قوانين "الإصلاح القضائي"، التي تدفع بها الحكومة "تحويل إسرائيل إلى ديكتاتورية".

وتشهد إسرائيل، منذ بداية العام 2023، موجة احتجاجات على تشريعات تدفع بها الحكومة لتعديل القضاء، إذ تعدّها المعارضة "انقلاباً على الديمقراطية" لكونها تحدّ من سلطات المحكمة العليا وهي أعلى سلطة قضائية في البلاد.

وبين موقع "ميدل إيست آي" أن الإمارات تشجعهم على الهجرة إليها بتعاقدات مربحة لا تقارن بأجورهم المتدنية في إسرائيل.

والملفت أن هذه العروض الإماراتية والبحرينية تأتي في وقت كشفت استطلاعات رأي أجراها "معهد واشنطن"، وهو مركز أبحاث مقره الولايات المتحدة، ومؤيد لإسرائيل، عن تراجع تأييد شعوب الخليج لاتفاقيات التطبيع مع تل أبيب، بحسب ما نشر "ميدل إيست آي" البريطاني في 31 يوليو 2023.

وكشفت أحدث الاستطلاعات، عن تراجع مؤيدي التطبيع في الإمارات من 47 بالمائة من عينة الاستطلاع بين الإماراتيين عام 2020 إلى 27 بالمائة فقط حاليا، وتراجعها في البحرين من 45 بالمائة عام 2020 إلى 20 بالمائة فقط حاليا.

أبرز التأثيرات

لم تثر وسائل الإعلام العبرية قضية انتقال أطباء إسرائيل للإمارات والبحرين من زاوية التطبيع لأن هناك بالفعل تعاونا طبيا بين تلك الأنظمة من خلال الاتفاق الذي جرى برعاية أمريكية عام 2020.

ولكن ما أقلق الإسرائيليين هو تأثير انقلاب رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو القضائي على هجرة "عقول إسرائيلية" من بينها الأطباء في وقت تحولت فيه تل أبيب للسياحة العلاجية منذ فترة ويقصدها عديدون حول العالم للعلاج.

صحيفة "تايمز أوف إسرائيل" قالت إن احتمال انتقال الأطباء إلى الخارج والخليج خصوصا لارتفاع الرواتب أثار قلق مسؤولين إسرائيليين، حتى إن المدير العام لوزارة الصحة، موشيه بار سيمان-طوف، عقد اجتماعا طارئا مع الأطباء وطالبهم بعدم السفر.

قناة "12" نقلت عن خبراء أنه في حال انتقال الأطباء، قد يؤدي ذلك إلى انهيار الجهاز الصحي الإسرائيلي، الذي يعاني أصلاً من مصاعب جمة ومن نقص كبير بالأطباء في المستشفيات ومؤسسات صحية أخرى، بحسب معطيات نشرتها القناة بالاعتماد على تقرير لـ OECD (منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا).

طبقا للتقرير، يعاني الجهاز الصحي من نقص يصل إلى 10 بالمائة في عدد الأطباء لكل ألف شخص، ومع أنه يوجد في إسرائيل 3.3 طبيب لكل 1000 شخص، فإن النسبة في دول OECD تصل إلى 3.7 طبيب لكل ألف شخص.

ولفتت القناة إلى أن الجهات التي تقدم العروض من الخليج خصوصا تستغل الأزمة السياسية في إسرائيل و"تقدم لهم رزمة امتيازات واسعة تشمل 3 أضعاف الراتب الذي يتقاضونه حالياً".

كما "توفر إطاراً تعليمياً لأولادهم، وإقامة ذهبية تشبه المواطنة من حيث المستوى، وإمكانية للعمل في مستشفيات بدون تخصص خاص في موضوع معين، وتحقيق أي مطالب إضافية".

وأبدت القناة العبرية وضيوفها انزعاجا لأن هنالك اهتماما كبيرا من قبل العديد من الأطباء الإسرائيليين الذين ينوون الرحيل بهذه العروض "المغرية". 

وذكرت شبكة "BNN" أنه يمكن أن يكون للهجرة الجماعية المحتملة للأطباء وغيرهم من المهنيين تداعيات كبيرة على نظام الرعاية الصحية في إسرائيل والاقتصاد، لكنهم يفعلون هذا بسبب الميول اليمينية المتطرفة للحكومة الإسرائيلية الحالية.

أيضا قال البروفيسور "ريفكا كرمي" لصحيفة "جيروزاليم بوست" العبرية 30 يوليو 2023: "إذا استمر 15 إلى 20 بالمائة من الأطباء الغاضبين من نتنياهو في سعيهم للمغادرة فإن الرعاية الصحية في إسرائيل ستتدمر".

تطبيع علاجي

ومنذ تطبيع العلاقات، فتحت شركات إماراتية أعينها على توظيف هذا التطور لتطوير التعاون العلاجي وجلب الأطباء والخبراء الإسرائيليين وتوقيع اتفاقيات.

وبعد شهر واحد فقط، جرى توقيع اتفاق لتسويق تكنولوجيا العلاج الإسرائيلي للإمارات، وتطوير تقنيات صحية، بحسب موقع "عرب 48" في 10 سبتمبر/أيلول 2020.

كما وقع مركز "شيبا" الطبي في إسرائيل وشركة "أبيكس الوطنية للاستثمار" في الإمارات، "اتفاقا مبدئيا" لتطوير تقنيات تتعلق بالرعاية الصحية في ومنطقة الخليج، بحسب وكالة رويترز البريطانية 15 سبتمبر 2020.

ولاحقا، كشف موقع circuit.news في 20 نوفمبر/تشرين ثان 2022 أن "الطب الرقمي ربط المستشفيات في الخليج وإسرائيل"، مشيرا لمشاركة مركز شيبا الطبي الإسرائيلي خبراته التقنية مع أقدم مستشفى في البحرين أيضا.

أيضا جرى افتتاح مركز طبي إسرائيلي جديد يضم 125 سريرًا في البحرين، على بعد أميال قليلة جنوب العاصمة المنامة، عام 2023.

وعقب التطبيع الساخن بين الإمارات وإسرائيل، كشف يوئيل هارفين، (وهو مقدم احتياط بالجيش الإسرائيلي) لصحيفة "يسرائيل هيوم" 15 مارس/آذار 2021 أن الأطباء الإسرائيليين سيسافرون إلى دبي لعلاج عسكريين إماراتيين أيضا.

أوضح أن 350 مريضًا بالسكري في القوات المسلحة الإماراتية والشرطة وخدمات مكافحة الحرائق سيعالجهم الأطباء الإسرائيليون.

وقال موقع "بلومبيرغ" الأميركي في 14 مارس 2021 إن مركز شيبا الطبي افتتح مستشفى إسرائيليا في دبي لعلاج مسؤولي الأمن هناك.

وأكد أنه سيتعاون مع "مركز التداوي الطبي" في دبي بموجب عقد مدته ثلاث سنوات، ويرسل أطباء لتدريب العاملين هناك.

ويمثل استقطاب أطباء إسرائيل للخليج مرحلة جديدة من التعاون الطبي التطبيعي مع دولة الاحتلال، بعد سفر خليجيين للعلاج في إسرائيل. 

وسبق أن تفاخر الشيخ خالد القاسمي، من الأسرة الحاكمة في الإمارات بذهابه للعلاج في إسرائيل والتقاط الصور مع أطبائهم.

وقد ظهر وقتها يرتدي "الكيباه"، أو القلنسوة الدينية اليهودية، ويشيد بالطب وأطباء ومستشفيات إسرائيل، من أمام مركز "هعيمك" الطبي (مستشفى العفولة).

وقبل التطبيع الرسمي بين 4 دول عربية وإسرائيل عام 2020 كانت صحف تل أبيب تعج بأخبار عن سفر مسؤولين عرب للعلاج في إسرائيل سرا.

لكن عقب التطبيع أصبح كثير من العرب خاصة الخليجيين يتفاخرون بذلك ويشيدون بمستشفيات إسرائيل.

وتروج إسرائيل على نطاق واسع لما تسميه السياحة العلاجية في منطقة الخليج وهناك حوالي 70 مستشفى عاما ومركزا طبيا في تل أبيب، تمتلك وتدير الحكومة والمنظمات غير الربحية معظمها.