بعد روسيا.. تبون يأمل بالحصول على دعم إيراني صيني لمواجهة المغرب

قسم الترجمة | منذ ٩ أشهر

12

طباعة

مشاركة

تسعى الجزائر بقوة إلى التقرب من الصين والحصول على دعمها، في ظل أزمتها مع الجار المغربي الذي يعقد تحالفات دولية برزت أخيرا مع إسرائيل.

وأصرت الجزائر في بكين على تقديم طلب من أجل الانضمام إلى مجموعة البريكس وهي تكتل اقتصادي وسياسي عالمي يضم البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب إفريقيا.

وتهدف هذه التحركات الجزائرية إلى مواجهة التقارب المغربي الإسرائيلي، بحسب ما تقول صحيفة الكونفدنسيال الإسبانية.

ديناميكية خطيرة

وبينت أن المنطقة المغاربية شهدت منذ سنتين ونصف ديناميكية محفوفة بالمخاطر. من جهة، عزز المغرب علاقاته مع إسرائيل ويفتخر بهذه الرابطة الجديدة أمام جارته وعدوه الجزائر؛ وحتى أمام العالم بأسره.

من جانب آخر، تسعى الجزائر، التي لا حول لها ولا قوة إلى حد ما، لأن الحرب في أوكرانيا تضعف روسيا، حليفتها الرئيسة، إلى تعزيز العلاقات مع القوى الأخرى.

لكن لا يملك الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون الكثير من الخيارات في هذا السياق، بحسب تقدير الصحيفة الإسبانية.

وأشارت إلى أن رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، أعلن اعترافه في 17 يوليو/تموز 2023 بالسيادة المغربية على الصحراء الغربية، التي كانت مستعمرة إسبانية حتى عام 1975.

ومن جهته، بدأ تبون في نفس اليوم زيارة للصين هي الأولى منذ توليه منصبه في عام 2019. واستمرت الزيارة 5 أيام بدعوة من الرئيس الصيني شي جين بينغ.

كما أتت بعد توقيع البلدين في نوفمبر/تشرين الثاني 2022، اتفاقية إستراتيجية مدتها خمس سنوات لتعزيز الاتصالات والعلاقات الثنائية.

ورفعت الصين والجزائر علاقاتهما إلى شراكة إستراتيجية شاملة عام 2014، لتصبح أول دولة عربية تفعل هذا النهج. ويبلغ حجم التجارة الثنائية السنوية بينهما حوالي 7 مليارات دولار.

وبالتزامن مع هذه الأحداث، انتهى العمل بالاتفاقية التي تسمح للصيادين الأوروبيين، وخاصة الإسبان، بالصيد في مياه الصحراء وكذلك، بدرجة أقل، في مياه المغرب. فهل تزامن هذه الأحداث من محض الصدفة؟

وأضافت الصحيفة أن رسالة نتنياهو إلى العاهل المغربي محمد السادس، التي كشف عنها بيان صادر عن البيت الملكي المغربي، تثبت العلاقات الوثيقة التي أقامتها إسرائيل والمغرب في غضون عامين ونصف.

كان ذلك في ديسمبر/كانون الأول 2020 عندما أقاموا علاقات دبلوماسية على الرغم من أنهم كانوا يتعاونون بالفعل في مجالات مختلفة، تقول الصحيفة.

من جانبه، بذل الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب، الذي كان على وشك الانتهاء من ولايته، كل جهوده من أجل تثمين هذه العلاقة.

وتبعا لذلك، اعترفت الولايات المتحدة بالسيادة المغربية على الصحراء مقابل تطبيع المغرب مع إسرائيل على غرار ثلاث دول عربية أخرى، وهي الإمارات العربية المتحدة والسودان والبحرين.

وأوردت الصحيفة أن الحصة الأكبر من زيارات كبار المسؤولين الإسرائيليين كان من نصيب المغرب، على الرغم من أن إسرائيل تمتلك الآن أكثر الحكومات يمينية في تاريخها.

وقد مر أخيرا بالرباط وزير الداخلية الإسرائيلي موشي أربيل ووزير الابتكار والعلوم أوفير أكونيس، ووزيرة النقل والمواصلات ميري ريغيف، ورئيس الكنيست (البرلمان) أمير أوحانا، إضافة إلى تساحي هنغبي مستشار نتنياهو للأمن القومي وشخصيات أخرى أقل أهمية. 

صفقات عسكرية

وذكرت الصحيفة أن الدول العربية الأخرى تخفي نوعا ما علاقتها بإسرائيل، على عكس المغرب الذي يصرح بها علانية، بما في ذلك العلاقات العسكرية.

ولا تتردد الحكومة المغربية بشأن هذه الخطوة على الرغم من أن جزءا كبيرا من الرأي العام لا يؤيد التطبيع مع الكيان.

في الأثناء، وقعت الرباط مذكرة تفاهم دفاعية مع تل أبيب عام 2021 ونشرتها على الملأ. وقد كانت هذه الخطوة الأولى من نوعها بين إسرائيل ودولة عربية. 

منذ ذلك الحين، تنشر الصحافة المغربية بانتظام أخبارا عن مشتريات الأسلحة من إسرائيل، من طائرات دون طيار سبي إكس إلى صواريخ، وأيضا دبابات ميركافا القتالية.

وتجدر الإشارة إلى أنه في بعض الأحيان، لا تتحقق هذه الصفقات؛ على الأقل في موعدها المعلن أوليا.

وفي أحيان أخرى كانت المصادر الإسرائيلية، مثل شركة إلبيت سيستمز، هي التي أعلنت في يونيو/حزيران 2023 عن عزمها إنشاء مصنعين للطائرات دون طيار في المغرب.

ونقلت الصحيفة أن لواء جولاني، الذي يعرف أيضا بأنه رقم واحد في إسرائيل، قاد أيضا حركة رمزية لصالح المغرب، تجسد عبر تعاون عسكري.

وشارك حوالي 12 من وحدة النخبة الإسرائيلية، التي تقمع الاحتجاجات في الأراضي الفلسطينية، في مناورات الأسد الإفريقي التي قادها الجيش الأميركي في يونيو 2023 جنوب المغرب. 

ونقلت الصحيفة أن الجيش الجزائري هو الثاني في إفريقيا، ويحتل المرتبة 21 عالميا والأول في المغرب العربي، متقدما على المغرب بكثير.

وتبلغ ميزانيته هذا العام حوالي 19600 مليون يورو، أي أربعة أضعاف ميزانية الجيش المغربي، بحسب قولها. 

من ناحية أخرى، يعد الجيش الجزائري مجهزا بأكثر من 80 بالمائة بالمواد الروسية.

وبهذا الشكل، بعد اندلاع الحرب في أوكرانيا حامت الكثير من الشكوك حول تفوق الجزائر العسكري الفعلي على جارها المغرب.

ولكن، تبيّن أن الأسلحة الروسية عفا عليها الزمن إلى حد ما مقارنة بنظيرتها الغربية التي تصل إلى المغرب. 

في المقابل، يعد الجزء الأكبر من الأسلحة التي تمتلكها القوات المسلحة المغربية ذات صنع أميركي، على الرغم من أن إسرائيل مرشحة لتصبح المورد الثاني لها.

حلفاء جدد

ونوهت الصحيفة بأن الجزائر لم تتخل عن الصداقة القديمة مع روسيا، على الرغم من النكسات الحربية لرئيسها فلاديمير بوتين في أوكرانيا. والدليل على ذلك الرحلة التي أداها تبون إلى موسكو منتصف يونيو.

في نفس السياق، يعرف الرئيس أن البلاد ستخرج أضعف من الحرب. لهذا السبب، قضى تبون خمسة أيام في بكين، في محاولة لتشكيل تحالف جديد وتمهيد الطريق لتوقيع عقود أسلحة، بحسب مصادر دبلوماسية. 

في بكين وموسكو، يسعى تبون أيضا إلى الحصول على موافقة كلا العاصمتين على اندماجه في مجموعة البريكس، ذلك النادي المكون من خمسة أعضاء من الوزن الثقيل، وهي البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب إفريقيا.

في الحقيقة، من شأن هذه المجموعة أن توفر له دعما أكبر قادرا على مواجهة نفوذ المغرب وإنجازاته الدبلوماسية في الصحراء الغربية، بشكل أفضل. وقد قدمت الجزائر ترشيحها لعضوية البريكس في نوفمبر 2022. 

ونقلت الصحيفة أن الجزائر لا تكتفي بالتقرب إلى هذه الدول، بل تضع إيران أيضا ضمن أهدافها. في المقابل، لا يبدو من المعلومات الرسمية المنشورة أنها تتفاوض للحصول على أسلحة، باستثناء الطائرات دون طيار.  

في الواقع، تطمح وزارة الدفاع الجزائرية إلى شراء طائرات إيرانية دون طيار، وهي الطائرات نفسها التي تستخدمها روسيا في أوكرانيا.

وقد سلط اللواء يحيى رحيم صفوي، مستشار المرشد الإيراني الأعلى علي خامنئي، الضوء على نجاح هذه الأجهزة الإيرانية غير المأهولة في نوفمبر 2022 وكشف عن وجود قائمة انتظار تضم 22 دولة ترغب في الحصول عليها، من بينهم الجزائر. 

وفي هذا المعنى لخص الأستاذ بجامعة تل أبيب بروس مادي فايتسمان، قائلا: "هناك نوع من سباق التسلح يقوده المغرب والولايات المتحدة وإسرائيل من جهة والجزائر وروسيا وإيران من جهة أخرى". ويبقى إضافة الصين في حال تبيّن أن رحلة تبون التي تجرى حاليا، ستكون مربحة. 

وأضافت الصحيفة أن جبهة البوليساريو (مدعومة من الجزائر)، التي تقاتل من أجل استقلال الصحراء، حاولت أن تستفيد من منافسة السلاح هذه، لكن في الوقت الراهن، لم يسمح تبون بذلك. 

عموما، لا يبدو أن سباق التسلح ولا الحرب منخفضة الحدة التي تشنها البوليساريو ضد المغرب في شرق الصحراء الغربية هي العوامل التي يمكن أن تؤدي إلى اندلاع مواجهة واسعة النطاق في المنطقة المغاربية. لكن، يكمن الخطر في عناصر لا يمكن السيطرة عليها. 

وفي هذا السياق، يمكن الإشارة إلى الحركة من أجل تقرير المصير في منطقة القبايل بالجزائر، برعاية الرباط اليوم. وهنا، يمكن لرصاصة واحدة من هذه الحركة على الجنود الجزائريين أن تحول الحرب الخفية في الصحراء إلى حرب حقيقية، تخلص الصحيفة.