جولة السيسي الإفريقية.. هل تسهم في حل مشاكل مصر الاقتصادية؟

قسم الترجمة | منذ ١٠ أشهر

12

طباعة

مشاركة

سلط موقع "المونيتور" الأميركي الضوء على زيارة رئيس النظام المصري، عبد الفتاح السيسي، لكل من أنغولا وزامبيا وموزمبيق، في جولة هي الأولى من نوعها إلى تلك البلدان.

وقال الموقع إن الجولة التي بدأها السيسي في 6 يونيو/حزيران 2023 في إفريقيا "تدل على الأهمية المستمرة التي توليها مصر للعلاقات السياسية والاقتصادية والأمنية مع دول القارة، وخاصة تلك الواقعة في الجنوب منها".

وفي زيارته لأنغولا، التقى السيسي بالرئيس جواو لورينسو، حيث بحثا تعزيز العلاقات الثنائية، والصراع في السودان، ومشكلة سد النهضة الإثيوبي.

كما التقى السيسي بالرئيس الزامبي، هاكيندي هيشيليما، وشارك في قمة السوق المشتركة لشرق وجنوب إفريقيا (الكوميسا) في العاصمة لوساكا، وحث في القمة على مزيد من التكامل الإقليمي.

ثم توجه السيسي إلى موزمبيق، في 9 يونيو 2023، حيث استقبله الرئيس فيليب نيوسي، وبحث الجانبان سبل زيادة عدد الشركات المصرية هناك والتعاون الأمني والسودان.

وأوضح "المونيتور" أن "المشكلات الاقتصادية في مصر، بما في ذلك التضخم والاعتماد المتزايد على الديون، كانت أحد دوافع هذه الجولة".

إذ يخصص مشروع موازنة العام المالي 2023 - 2024، الذي كشف عنه النظام المصري في 9 مايو/أيار 2023، أكثر من نصف جميع المخصصات لخدمة الدين فقط، كما يُتوقع أن يأتي ما يقرب من نصف إجمالي الإيرادات عبر مزيد من الديون.

بوابة لإفريقيا

وقالت الباحثة البارزة بالشأن المصري في معهد الشرق الأوسط، ميريت مبروك، إن "الحكومة المصرية تريد أن يُنظر إليها على أنها شريك إستراتيجي من قبل الدول الإفريقية الأخرى".

ولفتت مبروك لموقع المونيتور إلى أن "الأمر كله يتعلق بإقامة علاقات جديدة مع دول أخرى، لا سيما في ظل الظروف الاقتصادية الحالية".

وأضافت الخبيرة أن هدف مصر هو "تحقيق التكامل مع الدول الإفريقية، وتعزيز التبادل التجاري، هذا فضلا عن رغبتها في أن يُنظر إليها على أنها "بوابة دولية إلى إفريقيا".

وأكدت مبروك على أن "مصر بحاجة إلى أن تعمل جاهدة لتنويع اقتصادها". ووفق المونيتور، فقد حققت القاهرة بعض النجاح في زيادة الروابط الاقتصادية مع دول إفريقيا جنوب الصحراء.

وأفادت وسائل إعلام مصرية، نقلا عن إحصاءات حكومية، أن التجارة بين مصر ودول أخرى في السوق المشتركة لشرق وجنوب إفريقيا (كوميسا) زادت بأكثر من 20 بالمئة، عام 2022، لتصل إلى 5.3 مليارات.

وأشار الموقع إلى أن "التعاون الأمني يمثل أولوية بالنسبة للسيسي في جولته الإفريقية، خاصة في موزمبيق، التي تواجه تمردا إسلاميا منذ عام 2017، وهو تهديد تتعامل معه مصر منذ عقود، خاصة في سيناء"، وفق قوله.

بدوره، قال الباحث في مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي وزميل المعهد الملكي للخدمات المتحدة، هــ . أ هيليير، إن "سد النهضة هو إحدى القضايا العديدة -إلى جانب الأمن الغذائي واللاجئين- التي تجعل جنوب القارة الإفريقية أمرا بالغ الأهمية بالنسبة لمصر".

فخلال شهر مايو 2023، فر أكثر من 100 ألف لاجئ سوداني إلى مصر منذ بدء القتال في السودان، وفق المونيتور.

وأضاف الموقع أنه "على المستوى الدبلوماسي، يمكن لهذه الدول أن تقدم لمصر الدعم في المنظمات الدولية".

وأوضح هيليير، الذي يعمل أيضا كزميل في جامعة كامبريدج لـ"المونيتور" أنه "عندما تنخرط القاهرة في المنتديات الدولية، فإنها تعتمد على دول إفريقية أخرى للحصول على الدعم".

وأقر أن علاقات القاهرة مع القارة الإفريقية "ليست من نفس نوع علاقاتها مع واشنطن أو العواصم الغربية الأخرى، من حيث حجم العلاقات العسكرية أو الاستثمار المالي، لكن هذا لا يعني أنها ليست أيضا ذات أهمية هائلة بالنسبة لمصر".

المناخ وسد النهضة

وأشار المونيتور إلى أن "الخلاف حول سد النهضة هو أحد هذه القضايا التي تبحث فيها مصر عن الدعم، حيث ينتابها القلق من أن يؤدي ملء إثيوبيا للسد بشكل أحادي، إلى خفض مستويات المياه بشكل خطير في أجزاء من نهر النيل".

وبدوره، أعرب السودان عن مخاوف مماثلة، و"لذلك وثق تحالفه مع مصر خلال السنوات الأخيرة، على الرغم من أن الصراع الدائر في الخرطوم حاليا يضعف موقفه"، في إشارة إلى الحرب بين قائد الجيش عبد الفتاح البرهان وزعيم مليشيات الدعم السريع محمد حمدان دقلو "حميدتي".

وأضاف الموقع أن "المفاوضات تعثرت بشأن أزمة سد النهضة رغم جهود الوساطة التي تبذلها الولايات المتحدة والاتحاد الإفريقي".

وقال هيليير، إن "مشروع السد الذي يؤثر سلبا على القاهرة يمر عبر الدول الإفريقية، كما يَقدُم اللاجئون من إفريقيا جنوب الصحراء عبر مصر، وكذلك هناك مشكلة الأمن الغذائي التي تهدد دول القارة، ولذلك فإن هذه العلاقات ليست اختيارية".

وقد جرت مناقشة قضية سد النهضة من قبل الأمم المتحدة والاتحاد الإفريقي وجامعة الدول العربية والهيئات الدولية الأخرى، وفق التقرير.

وأردف أنه "بناء دعم إفريقي في أزمة سد النهضة، عبر هذه الزيارات، قد يساعد مصر في الضغط على إثيوبيا من أجل توقيع صفقة مستقبلية".

أما التحدي الآخر لمصر الذي يتعلق بإفريقيا جنوب الصحراء فهو تغير المناخ، حسب الموقع الأميركي.

وأوضح أن "مصر تعاني من ندرة المياه، مثل باقي دول القارة، حيث انخفض نصيب الفرد من المياه إلى نحو 560 متر مكعب سنويا مقارنة بالمعايير الدولية".

وأضاف أن "هذا أقل من ثلث الكمية المتاحة قبل 50 عاما، وأقل بكثير من المعايير الدولية التي تحدد نصيب الفرد بألف متر مكعب سنويا كحد أدنى لتلبية كل الاحتياجات".

وفقا للهدف السادس من أهداف التنمية المستدامة المتعلقة بالمياه، التي اعتمدتها الأمم المتحدة عام 2015، فإن "ندرتها تؤثر على أكثر من 40 بالمئة من سكان العالم، ومن المتوقع أن ترتفع هذه النسبة مع زيادة درجات الحرارة بسبب تغير المناخ".

"لكن يمكن أن يساعد الحوار بين مصر والدول الإفريقية الأخرى القاهرة في التغلب على أزمتي المناخ والماء"، وفق التقرير.

وقالت مبروك إن "مصر بحاجة إلى أن تكون قادرة على التخفيف من تغير المناخ والتكيف معه، وهذا يتطلب العمل مع دول أخرى"، مشيرة إلى تبادل الخبرات المحتملة في إدارة المياه كمثال.

وفي هذا السياق، كانت مصر قد أعلنت في أكتوبر/تشرين الأول 2023 عن أنها تخطط لإطلاق قمر صناعي لرصد آثار التغير المناخي في القارة الإفريقية.

كما أنشأت القاهرة عدة مشاريع لمعالجة المياه وإعادة تدويرها، مثل محطة معالجة مياه مصرف بحر البقر، التي تروي أراضي زراعية كبيرة في شمال ووسط سيناء، ومحطة معالجة مياه مصرف المحسمة بسرابيوم شرق قناة السويس.