مركز تركي: هذه انعكاسات التوتر الأميركي الإيراني على الساحة السورية العراقية

قسم الترجمة | منذ عامين

12

طباعة

مشاركة

سلط "مركز دراسات إيران" التركي الضوء على استمرار التوتر بين واشنطن وطهران على الخط العراقي السوري وانتقاله إلى العمق بعد اتخاذ خطوات جديدة.

ففي 23 مارس/آذار 2023، تعرضت منشأة الصيانة الأميركية التابعة لقوات التحالف الدولي في الحسكة بسوريا لهجوم بطائرة بدون طيار، وأعلنت المليشيات المدعومة من إيران مسؤوليتها عنه.

وردا على الهجوم، نفذت القيادة المركزية الأميركية غارة جوية على مباني ومرافق المليشيات المدعومة من إيران في منطقة البوكمال على الحدود السورية العراقية. 

من ناحية أخرى، زعمت مصادر أميركية أن أنظمة الدفاع الجوي لم تكن تعمل وقت الهجوم وأنه جرى اكتشاف هذه الثغرة الأمنية وتنفيذ الهجوم. 

وفي أعقاب هذا الهجوم، جرى تنفيذ هجمات جديدة ضد منشآت عسكرية أميركية في منطقتي الطاقة في العمر وكونيكو شرقي سوريا.

وردا على الهجوم الصاروخي، استهدفت الولايات المتحدة معسكرات ومرافق المليشيات المدعومة من إيران في منطقتي الميادين والبوكمال بالغارات الجوية. 

وكلتا المدينتين تقعان على الضفة الجنوبية من نهر الفرات الذي يقطع محافظة دير الزور إلى نصفين، تسيطر "قوات سورية الديمقراطية" (قسد) على جزئه الشمالي، في مقابل سيطرة المليشيات الإيرانية وقوات النظام السوري التي تسيطر على مدينة دير الزور مركز المحافظة، على الجزء الجنوبي.

وقد كانت مستوطنات المليشيات هذه في السابق هدفا لغارات جوية مختلفة شنتها إسرائيل، وفق المركز. 

تصعيد التوتر

وذكر المركز الإيراني (مقره أنقرة) أن تصعيد الهجمات الإيرانية بالصواريخ والطائرات بدون طيار على القواعد الأميركية يتزامن في وقت تتصاعد فيه التوترات بين أذربيجان وإيران، فضلا عن الاحتجاجات الواسعة النطاق في إسرائيل (بسبب تدخلات حكومة بنيامين نتنياهو في منظومة القضاء). 

وتصاعد التوتر في العلاقات بعد تعرض سفارة أذربيجان في العاصمة الإيرانية طهران لهجوم مسلح أدّى إلى مقتل مسؤول أمن السفارة وإصابة حارسين نهاية يناير/كانون الثاني 2023.

كما لوحظ أن المفاوضات النووية مع إيران وصلت إلى طريق مسدود وأن نشاط طهران الساخن في المنطقة قد استؤنف في وقت وصلت فيه نسبة التخصيب النووي إلى 84 بالمئة. 

بالإضافة إلى ذلك، شوهد هذا الاتجاه المتزايد في وقت ظهرت فيه التدريبات العسكرية وسيناريوهات العمليات للولايات المتحدة وإسرائيل ضد إيران. 

وعلى الرغم من أن ضربات المليشيات المدعومة من إيران وأنشطتها في المنطقة أصبحت شائعة، فإن الرد العسكري من قبل الولايات المتحدة، التي تتحمل مسؤوليتها مباشرة، يمكن قراءته على أنه تطور غير عادي نسبيا.

وأشار المركز إلى أنه وبسبب المفاوضات النووية الجارية مع إيران، تستخدم الولايات المتحدة خيارات عسكرية محدودة ضدها، خاصة في إطار سياساتها المتمثلة في إعطاء الأولوية للدبلوماسية.

وقال وزير الدفاع الأميركي "لويد أوستن" إن إيران نفذت 83 هجوماً ضد الولايات المتحدة منذ تولي جو بايدن منصبه، وجرى الرد على أربعة منها فقط.

وأكد المركز أن الزيادة الأخيرة في معدل التخصيب النووي إلى مستوى حرج يبلغ 84 بالمئة هي تطور يقلق إسرائيل والولايات المتحدة في المقام الأول. 

فبدأت إسرائيل في التحضير لعملية عسكرية مستقلة من جانب واحد، إلا أنَّ الولايات المتحدة عملت ضد ميول إسرائيل المستقلة وعلَّقت هذه العملية بسياسات العصا والجزرة في إطار الديمقراطية وقيمها.

ومن ناحية أخرى، بينما تحاول الولايات المتحدة تنسيق سياسات إسرائيل الإقليمية، فإنها تسعى إلى تطوير أدوات مختلفة ضد إيران. 

وفي هذا السياق، يمكن اعتبار تصاعد التوتر الأذربيجاني الإيراني دافعا مهما لبدء الهجمات الإيرانية على القواعد الأميركية. 

فالولايات المتحدة تميل إلى استخدام التوتر الأذربيجاني الإيراني المتصاعد ضد التقدم النووي الإيراني كنقطة ضغط مقنعة. 

في الواقع، أخبر وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن أذربيجان أخيرا أنه سيجري تقديم مساعدات عسكرية ضد إيران. 

وبعبارة أخرى، تميل الولايات المتحدة إلى خلق رادع قسري لجذب إيران إلى الساحة الدبلوماسية من خلال الحد من مساحة المناورة. 

وبناء على ذلك، تحاول الولايات المتحدة تحويل التوتر المتصاعد بين إيران ووجودها العسكري المتزايد في المنطقة وتقدمها النووي إلى منطقة نفوذ بالوكالة. 

وعلى النقيض من ذلك، ترد إيران بأنشطة مدمرة من خلال المليشيات في المنطقة، وفق تقدير المركز الإيراني.  

وأضاف أنه بينما تفضل الولايات المتحدة بالدرجة الأولى الدبلوماسية ضد الوجود العسكري الإيراني في المنطقة والتقدم النووي، تظهر خيارات جديدة مثل خلق ردع عسكري إقليمي واستخدام الصراعات الإقليمية المتطورة ضد إيران.

بعد جديد 

التوتر المستمر بين الولايات المتحدة وإيران، والذي يتركز على العراق وسوريا، لا يقتصر على دخول البلدين في صراع من خلال جهات فاعلة بالوكالة أو بطريقة تقليدية مباشرة. 

وفي هذا السياق، أشارت التطورات التي تجلت على هذا المحور، خاصة منذ ديسمبر/كانون الأول 2022، إلى احتمال نشوء بعد جديد من التوتر بين الولايات المتحدة وإيران بشأن الخط العراقي السوري.

ولوحظ لأول مرة أنه في ديسمبر 2022، زار زعيم الاتحاد الوطني الكردستاني "بافل طالباني" كبار المسؤولين التنفيذيين في حزب العمال الكردستاني ووحدات حماية الشعب في سوريا، بمن فيهم قائد القوات الأميركية في ذات البلد "ماثيو ماكفرلين".

وأكد طالباني خلال الزيارة على "الشراكة في الحرب ضد تنظيم الدولة" وعلى "الوحدة الوطنية". في حين تكثفت الاتصالات بين الاتحاد الوطني الكردستاني وحزب العمال الكردستاني ووحدات حماية الشعب.

وقد كان اجتماع رئيس الأركان الأميركي "مارك ميلي" مع أعضاء حزب العمال الكردستاني ووحدات حماية الشعب في سوريا خلال مارس 2023 وتصريحاته، تؤكد أن التعاون مع جميع الشركاء في القتال ضد تنظيم الدولة سيستمر أيضاً. 

وأشار المركز إلى أن هذه الاتصالات والتقارب المستمر بين الاتحاد الوطني الكردستاني ووحدات حماية الشعب والولايات المتحدة تثير إمكانية خلق منطقة جديدة من التوتر والسياق بين واشنطن وطهران على الخط العراقي السوري. 

وينظر إلى الإستراتيجية الأميركية طويلة الأجل للمصالحة والتوحيد بين هيكل الهيئة الكردية العليا بقيادة الحزب الديمقراطي الكردستاني ووحدات حماية الشعب على أنها تهديد لإيران.

ويرجع ذلك إلى علاقات الحزب الديمقراطي الكردستاني مع الولايات المتحدة وإسرائيل وتركيا وتأثير واشنطن على وحدات حماية الشعب، وفق المركز. 

وقد كشف فشل هذه الإستراتيجية الأميركية وتحرك وحدات حماية الشعب لإقامة المصالحة والوحدة مع الاتحاد الوطني الكردستاني بدلاً من الحزب الديمقراطي الكردستاني والهيئة الكردية العليا عن تناقض خطير بالنسبة لإيران. 

وأردف المركز الإيراني: "الاتحاد الوطني الكردستاني، الذي كانت له علاقات إيجابية ووثيقة مع إيران لسنوات عديدة، بدأ في تطوير علاقات قوية مع الولايات المتحدة ويقترب من وحدات حماية الشعب، التي تتلقى دعماً مكثفاً من واشنطن".

وفي هذا الصدد، فإن الإستراتيجية الجديدة التي وضعتها الولايات المتحدة موضع التنفيذ على الخط العراقي السوري من خلال الاتحاد الوطني الكردستاني تتبعها إيران بحذر. 

ويوضح المركز أنه من الممكن توقع أن إستراتيجية الولايات المتحدة والاتحاد الوطني الكردستاني ووحدات حماية الشعب ومخاوف إيران في هذه المرحلة قد تخلق منطقة توتر جديدة بين واشنطن وطهران على الخط العراقي السوري.