"انتفاضة اليمنيين تخيفهم".. لماذا يختطف الحوثيون مشاهير التواصل الاجتماعي؟

عصام الأحمدي | منذ عام واحد

12

طباعة

مشاركة

تواصل مليشيا الحوثي المدعومة من إيران حملة الاختطافات الممنهجة ضد الناشطين ومشاهير مواقع التواصل الاجتماعي في العاصمة اليمنية صنعاء، بهدف إسكات الأصوات المنتقدة لسياستها.

وتتصاعد الحملة في ظل تزايد الرفض والسخط الشعبي لفساد المليشيا، التي تحكم قبضتها الحديدية على العاصمة صنعاء ومحافظات أخرى شمال ووسط اليمن منذ عام 2014.

واختطفت قوة تابعة لجهاز مخابرات الحوثيين، الناشط اليمني أحمد علاو في الثاني من يناير/كانون الثاني 2022، عقب أيام من اختطاف اليوتيوبر مصطفى المومري وحمود الصباحي والناشط الإعلامي أحمد حجر؛ فيما يجري ملاحقة آخرين.

وجاء اعتقال الناشطين على خلفية بثهم تسجيلات مصورة على حساباتهم الشخصية تفضح إجرام الحوثي وفساد قياداته، وانتقاد سياسة التجويع ونهب ثروات الشعب التي تنتهجها المليشيا منذ أكثر من 8 سنوات.

تهم كيدية

وتتواصل موجة الغضب ضد الحوثيين بسبب الحالة الاقتصادية والمعيشية المنهارة، وتقييد الحريات، والكبت، وإسكات المخالفين، مع استمرار انقطاع رواتب الموظفين في مناطق سيطرة المليشيا منذ أكثر من 6 سنوات.

ووجهت المليشيا تهما مختلفة للمختطفين منها إقلاق السكينة وزعزعة الجبهة الداخلية والتخابر مع التحالف السعودي الإماراتي، الذي يقود حرباً في اليمن إلى جانب الحكومة الشرعية منذ عام 2015.

وقال شقيق اليوتيوبر اليمني مصطفى المومري المختطف لدى الحوثيين، إن المليشيا أبلغت أسرته في البداية بأنه في دورة تدريبية مع الإعلاميين، من أجل إطلاعهم على المؤامرة الكبيرة التي يحيكها العدوان في إشارة للتحالف السعودي الإماراتي.

وأضاف في تسجيل مصور، في 4 يناير 2023، إن الحوثيين طلبوا بعد ذلك من أسرته توكيل محام بعدما وجهوا لشقيقه تهما تتعلق بزعزعة الأمن وإقلاق السكينة العامة، على خلفية انتقاده لفسادهم.

وهي نفس التهم التي وجهتها المليشيا للناشط الإعلامي أحمد حجر، الذي جرى اختطافه من شارع الزبيري وسط العاصمة صنعاء في 24 ديسمبر/كانون الأول 2022، من قبل عناصر يتبعون ما يسمى جهاز الأمن والمخابرات التابع للحوثيين.

وجاء ذلك  عقب يومين من بثه تسجيلا مصورا يفضح إجرام الحوثيين وممارساتهم للفساد وابتزاز المواطنين.

وعلى خلفية حملة التضامن الواسعة مع الناشط حجر، وفضح فساد الحوثيين، اختطفت المليشيا الناشط حمود المصباحي، وأحمد علاو، ووجهت لهما تهما كيدية تتعلق بزعزعة الجبهة الداخلية.

وفي محافظة إب وسط اليمن، اقتحمت المليشيا قرية الناشط عيسى العذري وداهمت منازل أسرته واختطفت عددا من أفراد أسرته، بعد تمكنه من الفرار وبث مقاطع مصورة انتقد فيها الحوثيين.

وشن عدد من الإعلاميين والناشطين القاطنين في مناطق سيطرة الحوثي، حملة لكشف جرائم وفساد وحالة الجوع والفقر التي يعاني منها السكان.

ويأتي ذلك في حين تصرف قيادات المليشيا الأموال ببذخ وترفض حتى صرف المرتبات من إيرادات ميناء الحديدة الخاضع لسيطرتها وبقية الإيرادات التي تحصلها لصالحها الشخصي.

تكميم الأفواه

وتعليقا على حملة الاختطافات الحوثية قال الناشط والمدافع عن حقوق الإنسان، رياض الدبعي، إن "الاعتقالات الأخيرة بحق الناشطين هي امتداد لكل الانتهاكات التي مارستها هذه المليشيا تجاه الصحفيين والناشطين والمعارضين السياسيين من بداية انقلابها في سبتمبر (أيلول) 2014".

وأضاف لـ"الاستقلال": "يخشى الحوثيون من كل الأصوات المدنية التي تقع في مناطق سيطرتهم وبالتالي يحاولون تكميم الأفواه وممارسة إرهاب مجتمعي لكل من يعارض هذه المليشيا أو ينتقد فسادها وقيادتها".

وأوضح الدبعي بالقول: "هذا انتهاك خطير لحق حرية الرأي والتعبير، وانتهاك لحقوق الإنسان، فالكثير من الصحفيين والناشطين المشهورين على السوشيال ميديا لا يستطيعون أن يمارسوا حقهم كصحفيين أو مغردين على وسائل التواصل الاجتماعي".

 وبالتالي يتعرضون للكثير من الانتهاكات مثل الاختطاف والتعذيب والإخفاء القسري والكثير من هذه الانتهاكات بحقهم، وفق قوله.

ومضى بالقول "هناك الكثير من الانتهاكات التي يتعرض لها الناشطون المختطفون منها عدم وجود محاكمة عادلة، إضافة إلى أن محاكماتهم تجرى في المحكمة الجزائية المتخصصة بقضايا الإرهاب بينما هؤلاء مدنيون وليسوا إرهابيين ويفترض أن يحاكموا في محكمة الصحافة والنشر".

وأكد الناشط الدبعي أن: "هناك انتهاكات مركبة تمارسها المليشيا وهناك استسلام واضح من المنظمات الدولية والحقوقية التي تقف موقف المتفرج وما يفعله الحوثيون مخالف للقوانين والاتفاقيات الدولية والدستور اليمني".

وتابع: "لا توجد منظمات حقوقية تعمل في مجال رصد وتوثيق هذه الانتهاكات في منطقة سيطرة الحوثي إلا بعدد الأصابع وهذه المنظمات عمليا تتماهى مع المليشيا؛ كونها تمارس عملها في صنعاء بينما بقية المنظمات غير مسموح لها".

وأردف: "لا توجد مراقبة لكل أوضاع حقوق الإنسان وفي صنعاء تحديدا لا يوجد هناك صحافة ولا إعلام ولا أحزاب ولا نافذة للضوء بشكل عام".

وختم الناشط اليمني بالقول: "الحوثيون سيستمرون في خطف وإخفاء وتعذيب كل من ينتقدهم ولذلك يجب علينا أن نساند هؤلاء وأن ندين هذه الممارسات وأن نحاول إيصال الصوت إلى المجتمع الدولي".

سياسة قمعية

واقتحمت المليشيا في 29 ديسمبر 2022، مقر نقابة المحامين اليمنيين، في العاصمة صنعاء لمنع عقد لقاء بناء على دعوة الهيئة الإدارية للنقابة، لمناقشة تصاعد الاعتداءات والانتهاكات التي تطالهم في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين.

وأفادت مصادر محلية أن عناصر المليشيا طوقت مقر النقابة واحتلت المنازل المجاورة قبل مداهمة المقر واختطاف نقيب المحامين اليمنيين عبدالله راجح، وعدد من منتسبي النقابة.

ونددت الحكومة اليمنية، في الثاني من يناير بحملات الاعتقال التي تشنها مليشيات الحوثي بحق الناشطين ووصفتها بـ"حملات مسعورة". 

وقال وزير الإعلام والثقافة والسياحة معمر الإرياني، إن حملة الاعتقالات المتواصلة التي نفذها الحوثي التابع لإيران أخيرا "تعكس حالة الرعب التي تعيشها قيادات تلك المليشيات، وإدراكها تنامي حالة الاحتقان الشعبي، ونضوج أسباب الانتفاضة القادمة لاقتلاعها من جذورها".

وأضاف، في سلسلة تغريدات على "تويتر"، أن "هذه الحملة المسعورة ضد الأصوات التي ارتفعت بفضح جرائم وانتهاكات المليشيا وعبثها وفسادها الذي يزكم الأنوف، تذكر بممارسات نظام الملالي من أعمال قمع وتنكيل بحق المحتجين من شباب وفتيات وأطفال إيران، والتي فشلت في إخماد انتفاضتهم وأشعلت الغضب الشعبي في كل المحافظات الإيرانية".

وشرعت مليشيا الحوثي منذ اجتياحها للعاصمة صنعاء عام 2014، بحملة اختطافات واسعة طالت الناشطين والأكاديميين المعارضين لمشروعها.

وجاء ذلك في مسعى من المليشيا لإحكام القبضة البوليسية والأمنية على كل المعارضين والمخالفين، وتطويع المجتمعات بقوة السلاح، وحكمها بالقهر والخوف.

وإلى جانب عدد من الناشطين والشخصيات الاجتماعية، يحتجز الحوثيون شخصيات عسكرية وسياسية رفيعة، موالية للحكومة؛ من بينهم اللواء محمود الصبيحي وزير الدفاع السابق، ومحمد قحطان القيادي البارز في حزب التجمع اليمني للإصلاح (إسلامي).

وتكتظ سجون مليشيا الحوثي بعشرات المدنيين، الذين جرى اختطافهم من منازلهم ونقاط التفتيش، بصورة غير قانونية ودون أي مبررات واضحة.

وبعد استحداثها لما يسمى بـ"جهاز الأمن والمخابرات" في 31 أغسطس/آب 2019، عبر دمج جهازي الأمن القومي والسياسي، وتعيين القيادي الحوثي عبد الحكيم الخيواني رئيسا للجهاز، تصاعدت انتهاكات مليشيا الحوثي ضد المخالفين لها بصورة غير مسبوقة.

إذ سخرت إمكانيات الدولة العسكرية والأمنية واللوجستية التي استولت عليها لصالح مشروعها الطائفي في اليمن، وفق مراقبين.