علاقات تركيا وإسرائيل.. تقارب خلال 2022 واحتمالات توتر في العام الجديد

قسم الترجمة | منذ عام واحد

12

طباعة

مشاركة

حذرت صحيفة جيروزاليم بوست العبرية من توتر مفاجئ قد يطرأ على العلاقات الإسرائيلية- التركية، بالرغم من حالة التقارب التي سادت العلاقات بين الطرفين خلال عام 2022.

وقالت الصحيفة، في تقرير لها، إن على الحكومة الإسرائيلية الجديدة، برئاسة بنيامين نتنياهو، التعامل مع عدد من التحديات الخارجية، من أبرزها ملف العلاقات بين أنقرة وتل أبيب.

وأضافت أن العلاقات بين الطرفين تدهورت للغاية خلال العقد الماضي، "وكان ذلك قرارا اتخذه حزب العدالة والتنمية الحاكم في تركيا"، وفق قولها.

وتابعت أن "القيادة التركية قريبة من جماعة الإخوان المسلمين وتدعم حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، وقد دمرت العلاقات مع إسرائيل بشكل ممنهج على مدى العقد الماضي".

وترى الصحيفة أن تركيا بقيادة، رجب طيب أردوغان، أرادت تغيير سياسات البلاد بشكل عام نحو المنطقة، لتبني سياسة خارجية أكثر إسلامية، وأكثر ارتباطا بآسيا، وفي الوقت نفسه، أرادت تصفير المشاكل مع جيرانها.

لكن من وجهة نظر أنقرة، فإن الخلاف بين الجانبين خطأ إسرائيلي، إذ أرادت تركيا لعب دور متزايد في المناقشات الإسرائيلية- الفلسطينية، وكذلك في المحادثات الإسرائيلية- السورية في أوائل القرن الحادي والعشرين.

وبينت أن تركيا كانت تريد أن تلعب دورا في اتفاقيات السلام بين إسرائيل والأطراف الأخرى، لكنها شعرت بالخيانة بعد شن الجيش الإسرائيلي لعملية الرصاص المصبوب ضد غزة (أطلقت عليها المقاومة اسم حرب الفرقان) عام 2008".

وأوردت الصحيفة أن ما حدث مع قافلة "أسطول الحرية"، عام 2010، من الهجوم على سفينة "مافي مرمرة"، وقتل 10 مواطنين أتراك، كان "ذريعة تركية" لتدهور العلاقات بشكل أكبر.

وهذه السفينة التي أقلت على متنها نحو 750 ناشطا حقوقيا وسياسيا من 37 دولة أبرزها تركيا، حملت مساعدات إنسانية لإغاثة المحاصرين بقطاع غزة، لكنها تعرضت لاعتداء وحشي من قوات الاحتلال الإسرائيلي.

التنديد بالتطبيع

وترى جيروزاليم بوست أنه مع بداية الثورة السورية، أصبحت تركيا أكثر تورطا في الصراعات، كما أنها بدأت في الانخراط بمواجهات مع اليونان ومصر ودول الخليج.

"وعندما كانت إسرائيل والإمارات تتجهان نحو توقيع اتفاقيات التطبيع، هددت تركيا بقطع العلاقات مع أبوظبي لمنع الاتفاقات، في محاولة من الإدارة التركية لعزل إسرائيل"، وفق التقرير.

كذلك، سعت تركيا لمنع صفقات الطاقة بين إسرائيل وقبرص واليونان، وعلاوة على ذلك، أعربت عن غضبها جراء نقل الولايات المتحدة سفارتها إلى القدس. 

كل هذا أدى إلى زيادة التوترات بين تل أبيب وأنقرة في عامي 2019-2020، وفق الصحيفة العبرية، التي ادعت أيضا أن وجود أصدقاء مقربين من تركيا في إدارة الرئيس الأميركي السابق، دونالد ترامب، ساعدها على المضي قُدما في هذا الاتجاه.

وزعمت الصحيفة أن تركيا بدأت في التوجه نحو المصالحة عندما أدركت أنها لا تستطيع عزل إسرائيل، ورأت أن ترامب في طريقه لخسارة الانتخابات الرئاسية عام 2020.

وقال التقرير إن أحد أهداف تركيا من التواصل مع دولة الاحتلال هو رغبتها في استقطاب الأصوات المؤيدة لإسرائيل في واشنطن، مدعية أنها يمكن أن تتعاون مع تل أبيب في ملف الطاقة، وأنها ستتخفف من علاقاتها مع حماس.

ومع ذلك، كانت القيادة التركية "تفرش السجاد الأحمر لقادة حماس" -حسب وصف الصحيفة- كما أظهرت التقارير الإعلامية البريطانية مدى عمق العلاقات بينهما.

وبالنسبة لأنقرة، كانت الفرصة الحقيقية للتصالح مع إسرائيل هي إبعاد نتنياهو من منصبه، إذ ألمحت إلى أن المصالحة يمكن أن تجرى بمجرد تركه للسلطة.

وبالفعل، سنحت الفرصة عام 2019، ولكن بعد ذلك انتشر وباء كورونا، وبموازاة ذلك، دخلت إسرائيل في دوامة انتخابية لا نهاية لها، وفق التقرير.

وذكرت الصحيفة أنه عندما شكلت إسرائيل حكومة جديدة في يونيو/حزيران 2021، اتخذت أنقرة قرارها بالمضي قُدما في مسار التقارب، وبحلول أغسطس/آب 2022 كانت المصالحة في ذروتها.

فقد عادت العلاقات لطبيعتها، وزار وزير الجيش الإسرائيلي، بيني غانتس، تركيا في أكتوبر/تشرين الأول 2022، وذهب الرئيس الإسرائيلي، إسحاق هرتسوغ، إليها في مارس/ آذار من العام نفسه.

هذا فضلا عن زيارة وزير الخارجية التركي، مولود تشاووش أوغلو، لإسرائيل في مايو/أيار 2022، ولقاء رئيس الوزراء الإسرائيلي وقتها، يائير لابيد، مع أردوغان في سبتمبر/ أيلول من العام نفسه.

ووصفت جيروزاليم بوست هذه اللقاءات بـ"التحول الكبير" مقارنة بعامي 2018 و2019، عندما شبّه أردوغان إسرائيل بألمانيا النازية، الأمر الذي لم تطالب تل أبيب أنقرة بالاعتذار عنه، عند تطبيع العلاقات.

عودة نتنياهو

وانتقدت الصحيفة ذلك بالقول إنه "بدلا من مطالبتها بالاعتذار، كانت رسالة تل أبيب مفادها أن أنقرة يمكنها استضافة قياديي حماس وتشبيه إسرائيل بالنازيين، وفي الوقت نفسه، سيظل لديها أصدقاء في الإدارة الإسرائيلية".

وترى أن اندفاع إسرائيل نحو المصالحة مع تركيا، شجع الأخيرة على الاستمرار في مهاجمة الأولى، وآخر ذلك ما قاله أردوغان من أن نجم كرة القدم البرتغالي، كريستيانو رونالدو، تعرض لـ"مقاطعة سياسية" في كأس العالم، بسبب دعمه للقضية الفلسطينية.

وتؤكد الصحيفة أن بعض الإسرائيليين ينظرون إلى المصالحة بإيجابية، كون تركيا دولة قوية، وشريكا تاريخيا، وعضوا في حلف شمال الأطلسي (الناتو)، هذا فضلا عن تلميحاتها بأنها تشارك إسرائيل مخاوفها بشأن دور إيران في سوريا والعراق.

وبالرغم من أن تركيا تعمل على منع السويد من الانضمام لحلف شمال الأطلسي "الناتو"، وتهدد اليونان، وترتبط بعلاقات تجارية مع إيران وروسيا، فإنها مهمة للغاية، ومن الأفضل أن تكون لإسرائيل علاقات معها، بدلا من أن تعمل ضدها، حسب التقرير.

من وجهة النظر هذه، يمكن لإسرائيل وتركيا العمل على بعض القضايا معا، والتعامل مع كل ملف على حدة.

إذ يمكن لأنقرة أن تستضيف قيادات حماس، لكنها في الوقت ذاته تبرم صفقات تجارية مع تل أبيب، وفق قول الصحيفة.

وأضافت أن القيادة التركية لا ترى تل أبيب ندا لها، بل "إنها بحاجة إلى تركيا، ولهذا السبب لم يجد أردوغان أي غضاضة في مقارنة إسرائيل بالنازيين".

وقارنت جيروزاليم بوست تعامل أنقرة مع كل من طهران وتل أبيب، قائلة إن "تركيا لا تشَبّه إيران بالنازيين، ولا تستضيف جماعات معارضة للنظام الإيراني، بالطريقة التي تستضيف بها حماس، وهذا يدل على أن أصدقاءها الحقيقيين موجودون في طهران وموسكو".

الآن ومع عودة نتنياهو إلى السلطة، فمن غير الواضح ما إذا كانت تركيا ستستغل هذه المناسبة للإضرار بالتطبيع والمصالحة مع إسرائيل، أو ما إذا كانت ستتبنى نهج الانتظار والترقب.

فحكومة أردوغان لديها انتخابات رئاسية وبرلمانية، في منتصف 2023، وقد تراهن على أن تأجيج المشكلات مع إسرائيل يمكن أن يساعدها في الداخل.

ومن ناحية أخرى، لديها أيضا مشكلات مع أوروبا، واليونان بشكل أخصّ، كما أنها تعمل على التصالح مع النظام السوري برعاية روسية، وقد لا تتمكن من التعامل مع كل هذه الملفات في الوقت نفسه.

وادعت الصحيفة العبرية أن نتنياهو يعرف سياسات تركيا جيدا، ولديه خبرة طويلة في التعامل مع تهديداتها، والمحاولات السابقة لعقد مصالحة بين الطرفين.

كما بينت أن نتنياهو يؤمن بالقوة، ولم يتراجع عندما هاجم أردوغان إسرائيل، كما دعم "القضايا الكردية" (إقامة دولة كردية على حدود تركيا) وكان دائما على استعداد للوقوف في وجه أنقرة عند الضرورة.

"وبدورها، تعرف أنقرة ذلك عن نتنياهو، وعليها أن تفكر فيما إذا كان الأمر يستحق خلق أزمة من جديد، أو ما إذا كان من الأفضل الاستمرار في مسار المصالحة الحالي"، يضيف التقرير.

وترى جيروزاليم بوست أنه في ظل هذا الزخم في اللقاءات بين المسؤولين الأتراك ونظرائهم الإسرائيليين، أو الأميركيين الداعمين لإسرائيل، فإن الانخراط في أزمة جديدة قد يبدو أمرا غريبا.

وختمت الصحيفة باعتبار أن أردوغان، وكما هدد اليونان في غير مرة أن تركيا "قد تأتي بغتة بين ليلة وضحاها"، فإنه وبالطريقة ذاتها، قد يدفع العلاقات الإسرائيلية-التركية نحو التوتر بين ليلة وضحاها، وفي هذه الحالة سيتعين على نتنياهو أن يحدد كيفية الرد، وفق قولها.