لتبرير تحصين ابن سلمان.. هكذا استخدمت واشنطن قضية رئيس وزراء الهند

قسم الترجمة | منذ عام واحد

12

طباعة

مشاركة

تناولت مجلة هندية استناد الولايات المتحدة بالحصانة القضائية التي منحتها لرئيس حكومة نيودلهي ناريندرا مودي عام 2014، لتبرير اتخاذ ذات الخطوة مع ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، في قضية قتل الصحفي جمال خاشقجي.

ومنحت واشنطن الحصانة القانونية لـ"مودي" الذي كان متهما في مذبحة "كجرات" غربي الهند، التي خلفت 1044 قتيلا– من بينهم 790 مسلما و254 هندوسيا- إضافة إلى 223 مفقودا، و2500 من الجرحى.

وأشارت مجلة "أوتلوك إنديا (Outlook India)" إلى تقرير الاستخبارات الوطنية الأميركية في فبراير/شباط 2021، الذي خلص إلى أن ابن سلمان كان يرى في خاشقجي "تهديدا للمملكة"، وأنه أيد اتخاذ تدابير عنيفة إذا لزم الأمر لإسكاته.

حصانة قانونية

وقال التقرير الأميركي حينها إن "ولي العهد السعودي وافق على تنفيذ عملية في مدينة إسطنبول بتركيا، لاعتقال أو قتل الصحفي جمال خاشقجي".

ورغم ذلك، فإن الولايات المتحدة لم تعاقبه، بل استمرت الحكومة الأميركية في التواصل معه، ومع العائلة السعودية الحاكمة، كما أورد التقرير. 

وردت الإدارة الأميركية في 18 نوفمبر/ تشرين الثاني 2022، على الدعوى القضائية التي رفعتها خديجة جنكيز، خطيبة خاشقجي، بأن ولي العهد السعودي لديه حصانة قانونية من الملاحقة القضائية بصفته "رئيس حكومة دولة أجنبية".

ففي 27 سبتمبر/ أيلول 2022، أصدر العاهل السعودي سلمان بن عبد العزيز، أوامر بإعادة تشكيل مجلس الوزراء ليتولى ولي العهد رئاسة مجلس الوزراء.

وفي حين أثار القرار انتقادات من جنكيز والمهتمين بحقوق الإنسان، فإن إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن دافعت عن تلك الخطوة، مستشهدة بسوابق قضائية، منها قضية "مودي".

ووفق مجلة "أوتلوك إنديا"، فرضت واشنطن عقوبات على مودي خلال الفترة ما بين عامي 2005 و2014 بسبب دوره المزعوم في أعمال الشغب في كجرات عام 2002.

وجرى رفع الحظر المفروض على دخول "مودي" إلى الولايات المتحدة عام 2014 عندما أصبح رئيسا لوزراء الهند، حسب المجلة.

وبتلك الواقعة وغيرها، استشهد النائب الأول للمتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية فيدانت باتيل، للدفاع عن إعطاء الحصانة القانونية لابن سلمان، حسب التقرير.

وقال "باتيل" إن "الولايات المتحدة طبقت باستمرار هذه المبادئ على رؤساء الدول والحكومات ووزراء الخارجية أثناء وجودهم في مناصبهم، وهذا شيء نتوقع أن يفعله الآخرون تجاه بلادنا أيضا"، مدعيا أن قرار الإدارة الأميركية "قانوني".

وأضاف المسؤول الأميركي أن منح الحصانة هو تقليد مستمر وثابت، طُبق على عدد من قادة الدول في السابق، مشددا على أنها "ممارسة ثابتة قدمناها لرؤساء الدول، ورؤساء الحكومات، ووزراء الخارجية".

وذكر "باتيل" بعض الأمثلة على ذلك منها: الرئيس الهايتي جان برتران أريستيد عام 1993، والرئيس الزيمبابوي روبرت موغابي عام 2001، ورئيس وزراء الهند مودي عام 2014، ورئيس جمهورية الكونغو الديمقراطية جوزيف كابيلا في 2018.

لكن أحد الصحفيين وجه سؤالا لـ"باتيل" عن إذا ما كان أي من هؤلاء المسؤولين - بما في ذلك مودي- قتل صحفيا يحمل إقامة رسمية في الولايات المتحدة، في إشارة إلى أن خاشقجي.

ورد باتيل أن "موقف الحكومة الأميركية من محمد بن سلمان لم يكن موقفا من حيثيات القضية، ولكنه مسألة تتعلق بالقانون الذي تتبناه بلادنا".

وأردف أن "هذا القرار ليس نابعا من الأسس الموضوعية للدعوى القضائية، ولا من آرائنا بشأن القتل الوحشي لخاشقجي، بل هو نابع من الصفة القانونية المنبثقة من دور ولي العهد السعودي كرئيس للحكومة".

الهند وخاشقجي

ووفق مجلة "أوتلوك إنديا"، فإن ذكر الحكومة الأميركية لـ"مودي" في معرض الدفاع عن ابن سلمان أثار بعض الانتقادات في الهند، غير أن نيودلهي لم تصدر أي تصريح رسمي حول الأمر، حتى اللحظة.

وحسب صحيفة "تايمز أوف إنديا"، فقد منعت إدارة الرئيس الأميركي الأسبق، جورج دبليو بوش، مودي من دخول الأراضي الأميركية.

والسبب في هذا المنع هو المادة القانونية التي تمنع منح التأشيرة لأي مسؤول أجنبي "ارتكب انتهاكات جسيمة ومباشرة، ولا سيما تلك التي تمس الحريات الدينية، في أي وقت كانت".

ولم ترفض الحكومة الأميركية منح مودي تأشيرة دبلوماسية فحسب، بل ألغت أيضا تأشيرة السياحة والأعمال، وفق الصحيفة الهندية.

وأشار التقرير الذي أصدرته "تايمز أوف إنديا"، عام 2005، إلى "تأكيد المسؤولين الأميركيين بأن موقف وزارة الخارجية بشأن أعمال الشغب في ولاية كجرات استند بشكل كبير إلى تقارير نتائج اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان في الهند، ومصادر هندية مستقلة أخرى".

وأضافت الخارجية الأميركية حينها أن الخلاصات التي توصلت إليها بشأن أعمال الشغب في "كجرات" كلها واردة بالتفصيل في التقارير السنوية لواشنطن حول حقوق الإنسان والحريات الدينية.

وأوضحت الوزارة أن تلك التفاصيل تشمل دور حكومة حزب بهاراتيا جاناتا آنذاك، وشرطة الولاية، والأجهزة الرسمية الأخرى، وكذلك رئيس الوزراء ناريندرا مودي، في تلك الاضطرابات.

ومع ذلك، انتهى الحظر عندما أصبح مودي رئيسا لوزراء الهند عام 2014، فبعد سويعات من فوزه، تحدث الرئيس الأميركي آنذاك، باراك أوباما، إليه عبر الهاتف ودعاه لزيارة الولايات المتحدة.

وتشير "أوتلوك إنديا" في تقريرها إلى أن جمال خاشقجي كان صحفيا مقيما في الولايات المتحدة، وكاتبا في صحيفة واشنطن بوست.

وظهر الصحفي السعودي للمرة الأخيرة عندما دخل سفارة بلاده في مدينة إسطنبول التركية، حيث جرت عملية قتله داخلها.

وتورد الصحيفة ادعاء النيابة العامة السعودية، في 15 نوفمبر 2018، أنه قُتل في "عملية فردية" أمر بها رئيس فريق التفاوض، الذي ذهب إلى إسطنبول لإقناع خاشقجي بالعودة إلى البلاد.

وفي المقابل، صرح مسؤولون أتراك بأن الفريق السعودي تصرف بناء على أوامر من جاءت أعلى هرم السلطة في الحكومة السعودية.

كما ذكر تقرير المجلة الهندية تأكيد الاستخبارات الأميركية أنه "من المستبعد أن ينفذ مسؤولون سعوديون عملية قتل خاشقجي بدون موافقة ابن سلمان، كونه صانع القرار في المملكة.

وأضاف تقرير الاستخبارات: "نبني تقييمنا على خلفية سيطرة ولي العهد على صنع القرار في المملكة، والمشاركة المباشرة لأحد كبار مستشاري (ابن سلمان) وأعضاء من رجال الأمن الوقائي لولي العهد في العملية".

وأردف: "هذا علاوة على دعم ولي العهد السعودي لاستخدام تدابير عنيفة لإسكات المعارضين في الخارج، بما في ذلك خاشقجي".