تتوسع باحترافية.. رسائل عملية "القسام" في كريات أربع جنوبي الضفة

12

طباعة

مشاركة

ثبات وإقدام وشجاعة، بهذه الكلمات أثنى ناشطون على تويتر بعملية إطلاق النار في مستوطنة "كريات أربع" قرب مدينة الخليل جنوبي الضفة الغربية المحتلة، التي نفذها الشاب الفلسطيني محمد الجعبري، وهو أحد أفراد "كتائب القسام" الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية "حماس".

العملية التي نفذها الجعبري مساء 29 أكتوبر/تشرين الأول 2022، قرب منزل عضو الكنيست المتطرف، إيتمار بن غفير، الذي يتزعم المقتحمين للمسجد الأقصى بصورة متكررة، أسفرت عن مقتل مستوطن وإصابة 5 آخرين، قبل أن يستشهد الشاب الفلسطيني برصاص أحد حراس الاحتلال.

وأفادت وسائل إعلام عبرية، بأن المستوطن المعلن مقتله في العملية "صاحب رتبة أمنية"، فيما المنفذ من أبناء الخليل وعضو بكتائب القسام، ومتزوج وأب لطفلين، ويعمل مدرسا لمادة التربية الإسلامية بمدرسة "جواد الهشلمون" في الخليل.

و"محمد الجعبري" شقيق الأسير المحرر، وائل الجعبري، المبعد إلى قطاع غزة منذ صفقة "وفاء الأحرار" عام 2011.

وعد ناشطون العملية دليلا على أن المقاومة تتدحرج من منطقة لأخرى، إذ التحق جنوب الضفة الغربية بشمالها، في تأكيد أن الخليل ليست منعزلة عن عنفوان نابلس وجنين، مذكرين بتاريخ الخليل العريق في مقاومة الاحتلال والشهداء الذين قدمتهم في سبيل ذلك.

وعددوا عبر تغريداتهم على حساباتهم الشخصية ومشاركتهم في وسوم عدة، أبرزها #عملية_الخليل، #أسود_الخليل، #محمد_الجعبري، #كريات_أربع، الرسائل التي تحملها العملية إلى الداخل الفلسطيني، ودلالاتها على الجانب الإسرائيلي. 

وأشاد ناشطون بدخول الخليل على خط المقاومة وتأكيدها بالعملية الأخيرة على فشل أي سلطة أو قوة في تدجين الشعب الفلسطيني وتقييد نضاله وتطلعه للتحرر، مشيرين إلى أن تلك العملية تبشر بانضمام بقية المناطق تباعا للمقاومة رغم تصعيد الاحتلال وتآمر السلطة.

ولفتوا إلى أن مدينة الخليل لها طابعها الخاص في القتال وقد تبدو هادئة وغير مشاركة بقوة في تصعيد المقاومة، لكنها توجع حين تضرب، وتكشف أن هدوءها يسبقه عاصفة وأن أبطالها يكملون مسيرة بعضهم في تنفيذ العمليات النوعية.

دلالات العملية

وقال الناطق الإعلامي باسم حركة حماس، حازم قاسم، إن "المقاومة في الضفة الغربية تثبت قدرتها على مفاجأة الاحتلال، والضرب في كل مكان فيها". 

وأشار إلى أن "المقاومة في الخليل الثائرة تواصل فعلها الجهادي، لتتحول كل مدن الضفة ومخيماتها وقراها إلى قلاع للمقاومة والثورة".

وأضاف: "ليس أمام الاحتلال مع تصاعد المقاومة في الضفة إلا الهزيمة مقابل إرادة شعبنا ومقاومته".

ورأى الكاتب الفلسطيني ماجد الزبدة، أن "الخليل تقاوم التهويد والاستيطان، وأن عملية إطلاق النار التي استهدفت عتاة المستوطنين المتطرفين بمستوطنة (كريات أربع) تؤكد تمدد العمل المقاوم من شمال الضفة إلى جنوبها".

ولفت إلى أن "الخليل استقبلت رسالة عرين الأسود وردت برسالة دعم وإسناد إلى المقاومة في نابلس وجنين".

وعد الكاتب السياسي إبراهيم المدهون عملية الخليل "تأكيدا على أن الانتفاضة المسلحة مستمرة؟ وأن الخليل بدأت سيمفونيتها الخاصة، وانضمام الخليل يأتي في التوسع المتوقع والطبيعي، وعرين الأسود ستعمل على توسيع قاعدتها وانتشارها وكل أنحاء الضفة". وأكد الكاتب والباحث محمد عباس أن "العملية البطولية في الخليل تحمل بصمات احترافية من ناحية التخطيط والتنفيذ، إذ إن أحد المستهدفين شخصية أمنية محلية، وتعكس مستوى المراقبة الدقيقة لهذه الشخصية، كما أن إطلاق النار جرى على السيارة من مسافة قريبة جدا (مسافة صفر)". وقال الصحفي والباحث السياسي محمد أبو طاقية، إن "الخليل تؤكد أن المقاومة فكرة لا تموت ولا تحاصر، وأن الروح الثورية التي تسكن شوارع وأزقة الضفة الغربية ليست شيئا عابرا سينقضي تحت إجرام الاحتلال الإسرائيلي".

وأضاف: "المشهد يتطور ويكبر من جنين إلى نابلس مرورا بأم البطل شعفاط وغيرها.. إذا الشعب يوما أراد الحياة فلا عودة للوراء".

فشل إسرائيلي

وتطرق ناشطون إلى الدلالات التي تحملها عملية الخليل على الجانب الإسرائيلي، منها أنها تؤكد فشل المنظومة الأمنية لدى الاحتلال وأن الاستنفار الأمني المعلن وغيره من الاستعدادات والإجراءات المشددة مجرد فرقعات لترهيب الفلسطينيين لا تجدي نفعا.

وأشار الصحفي أحمد أبو نصر إلى أن قادة الاستيطان في مرمى نيران المقاومة، متسائلا: "من القادم؟".

وقال المغرد مؤمن أبو زعيتر، إن "عملية الخليل البطولية أظهرت هشاشة منظومة الأمن الإسرائيلية، وبرهنت بأنه لا أمن لأي مستوطن على كل أرض فلسطين، وأكدت فشل سياسة كي الوعي وأن جيل الشباب سوف يسود".

وأشار حسين جابر إلى أن "المنطقة الجنوبية في الخليل بها ألف حاجز وحاجز، والطير الطائر صعب يدخل مناطقها التي بها المستوطنون حيث البوابات، والحصار، والكاميرات، والإجراءات الأمنية المشددة".

وقال جابر: "ما دام القصة بالمنطقة الأشد تحصينا في الضفة فهذا فشل كبير كبير كبير لمنظومة الاحتلال الأمنية".

ونقل حساب "المجد الأمني" عن أحمد أبو زهري، في تعديده للرسائل التي تحملها عملية الخليل النوعية، قوله إن "حالة الاستنفار والطوارئ والاستعدادات الأمنية التي يتحدث عنها العدو هي مجرد أكاذيب، وأمنه أهون من بيت العنكبوت أمام ضربات المقاومة".

وأضاف أن "قراءة وتقدير الاحتلال لحالة الخليل قراءة غير دقيقة، فهي تغلي وتنتظر دوما الظرف المناسب للتحرك ضد جنوده ومستوطنيه".

وقالت مايا رحال، إن "عملية مستوطنة كريات أربع وغيرها من العمليات تبعث برسائل للاحتلال، أولها أن لا أمن ولا أمان لكم على أرض فلسطين، وأن منظومتكم الأمنية والاستخباراتية والعسكرية والسياسية تفشل في لجم روح التحدي الذي ينفجر في قلوب الفلسطينيين".

دوافع العملية 

وعد ناشطون إقدام الجعبري على تنفيذ عملية كريات الأربع، ردا على جرائم الاحتلال ومستوطنيه في المسجد الإبراهيمي وحرق المصحف الشريف والاقتحامات اليومية في المسجد الأقصى، بالإضافة إلى استمرار الاحتلال في قمع الفلسطينيين والتنكيل بهم.

الإعلامية غادة عويس، كتبت تحت وسم #الخليل: "عندما تمارس الأبارتهايد، وتهدم منازل الناس، وتسرق أرضهم، وتدنس مقدساتهم، وتهين الكبار، وتعتقل الأطفال، وتأسر الشباب، وتقتلع أشجار الزيتون، وتغتال ابنتهم شيرين أبوعاقلة، مراسلة الجزيرة التي اغتالها الاحتلال، وتعتدي على جنازتها، ما الذي تتوقعه؟".

وأوضح الباحث في الشأن الفلسطيني، هاني الدالي، أن "الخليل هي بوابة بيت المقدس وأيقونة المقاومة وحاضنتها على مدار الكفاح المسلح ضد الاحتلال ومعقل الاستشهاديين". وأشار إلى أن المدينة "تزأر وتنفجر الآن كالبركان لتثأر لدماء شهدائنا في جنين ونابلس ودفاعا عن المسجد الأقصى".

وتوعد بأن مقتل صهيوني بعملية الخليل هو بداية انطلاق المارد في كل مكان يوجد فيه العدو.

ولفت الكاتب والمدون عزت الجمال إلى أن "البطل المشتبك محمد كامل الجعبري اختار هدفه بعناية، وهو أحد قادة المستوطنين الذين ينظمون اقتحامات الأقصى والمسجد الإبراهيمي، في رد طبيعي على اعتداءات الاحتلال، وهو تأكيد مستمر على قدرة المقاومة على الوصول لأبعد مما يعتقدون!".

صاحب العباءة

ونعت ناشطون على الجعبري منفذ عملية كريات أربع بتوصيفات عدة، أبرزها "صاحب العباءة" و"جبل الخليل" وغيرها من الألقاب الأخرى، وتحدثوا عما يحمله تصرفه بارتدائه عباءة أثناء تنفيذه العملية من دلالات ورسائل، مشيدين بشجاعته وإقدامه وثباته. 

وأوضح الناشط الإنساني، أدهم أبو سلمية، أن "العباءة في الخليل لها معنى وقيمة في مجتمع عشائري، لكن الرسالة الأهم أن الجعبري أراد أن يقول: (هنا الزعامة والفاخرة، هنا يجب أن نظهر رجولتنا وبطولتنا وليس في الخلافات العائلية التي يغرقنا فيها عدونا)".

وكتب أحد المغردين: "الجعبري صاحب العباءة، ارتدى عباءة أجداده فزادها عزا وفخرا، الشهيد من منطقة جبل الخليل التي تشتهر بالعباءة، والتي يرتديها شيوخ المنطقة وقادة العشائِر، الشهيد ارتدى العباءة معلنا أنه سَيّد العباءة، وشيخ الجبل، وصاحب النخوة". وأكد جعفر هاجر أنه "لو كانت عباءة الجعبري وسيلة لإخفاء ما بيده لتخلى عنها قبل البداية، لكنه قاتل بها، واستشهد بها، ليعلم أصحاب العباءات والحطات والعقل أن هذا ما هو مطلوب من الكبار، والخليل طول عمرها كبيرة، وأهلها ثوار وجبال محامل". وأشار الناشط عبد الرحمن مهدي، إلى أن ابن الجعبري شيخ الخليل وجبلها العظيم أعاد للبلاد ما أضاعته عشرات السنين، وارتدى عباءة أجداده وأعاد لها قيمتها وعزها، موجها التحية لمن أعاد للعباءة قيمتها.

وأشاد الناشط محمد رضوان العويني، بالجعبري، ووصفه بـ"جبل الخليل"، قائلا إنه "خطط وأبدع في التخطيط والتنفيذ، بفضل الله أعاد الخليل لمكانتها وزاد أهلها فخرا وعزا، معلنا أنه سيد العباءة وشيخ الجبل".

خذلان السلطة

وهاجم ناشطون رئيس السلطة الفلسطينية، محمود عباس، بسبب خذلانه لعمليات المقاومة في الضفة وانحيازه الدائم لإسرائيل، وعدم إشادته وثنائه على الفعل المقاوم المتصاعد ضد الكيان، مستنكرين تصعيد الاحتلال قمعه الأمني بأهداف تأديبية للفلسطينيين.

وسخر الناشط يحيى بشير، قائلا: "بانتظار بيان إدانة عباس (زعيم حركة التحرير الوطني) ورئيس السلطة، ورئيس المنظمة، ورئيس القضاء الأعلى، وسيد البلاد، لعملية الخليل وما تبعها من قتيل وجرحى، وبانتظار مشاركته في تقديم واجب العزاء للقتيل عوفر، إسوة بالراحل شمعون بيريز".

وسخر ياسين عز الدين من السلطة الفلسطينية قائلا: "أبو مازن وعبيد التنسيق الأمني أكلوا خازوء مرتب في الخليل، كل الشغل اللي اشتغلوه في نابلس راح ع الفاضي".

وأشارت الكاتبة لمى الخاطر إلى "غلق الاحتلال جميع مداخل مدينة الخليل، والطرق المؤدية إلى بيت الشهيد البطل الجعبري".

وأوضحت أن "الهدف ليس أمنيا بطبيعة الحال، لكنها سياسة العقاب الجماعي المعروفة صهيونيا، والتي تسعى لتصعب الحياة على سكان كل منطقة يخرج منها مجاهد، بهدف دفعهم للضيق بالمقاومة والنفور منها، لكنها سياسة عبثية".

ولفت الكاتب والمحلل السياسي ياسر الزعاترة إلى أن "الخليل تحت حصار هستيري بعد العملية البطولية في مستوطنة (كريات أربع) ليلا، والتي تلاها إطلاق نار على جنود شرق المدينة، رغم استشهاد البطل (محمد الجعبري)، إلا أن المطاردة تركز على من ساعده".

وأضاف أن "دخول الخليل على خط المقاومة يبشر بانضمام بقية المناطق، رغم جهود الغزاة وتعاون سلطة العار".