النيجر تنشئ أطول خط نفطي في إفريقيا.. هل يخرجها من قائمة أفقر البلدان؟

من تكساس الأميركية، وخلال مشاركته في قمة للطاقة بإفريقيا نهاية سبتمبر/ أيلول 2022، كشف رئيس النيجر محمد بازوم عن احتياطات طبيعية هائلة تزخر بها بلاده، مؤكدا أنها لن تصنف ضمن أفقر دول العالم من جديد.

وأوضح بازوم أن احتياطيات النفط المؤكدة في النيجر تقدر بأكثر من ملياري برميل، وتلك الخاصة بالغاز بأكثر من 50 مليار متر مكعب، واحتياطيات الفحم بحوالي 100 مليون طن، كما تقدر احتياطيات اليورانيوم بنحو 500 ألف طن.

وفي هذا الإطار، أكدت صحيفة لوموند الفرنسية أن النيجر كانت تواجه انهيارا في عائدات اليورانيوم، لكن احتياطات النفط تتجه لانتشالها بقوة قريبا من الفقر، بالتزامن مع حضور شركات دولية عديدة للاستثمار في هذا المجال.

ذهب أسود

وذكرت الصحيفة الفرنسية أنه في مدينة "غايا" جنوب غربي النيجر على الحدود مع بنين، بدأت ترتسم ملامح أكبر خط لأنابيب النفط في إفريقيا.

وسيربط هذا الخط آبار النفط في حقل "أغاديم" شرقي النيجر، حيث تزداد الهجمات المسلحة الدامية، بميناء "سيمي" في بنين الذي سيخرج منه للمرة الأولى النفط الخام النيجري.

ويرفع عمال صينيون ومن النيجر، يرتدون أقنعة وخوذا، أنابيب فولاذية عملاقة فوق أكوام من التراب. وفي مكان أبعد قليلا، يتصاعد دخان من مشاعل.

والنيجر مستعمرة فرنسية سابقة وهي من أفقر دول العالم. وأصبحت في عام 2011 منتجا للنفط مع إنتاج يومي متواضع يبلغ 20 ألف برميل.

وينقل النفط الذي تستخرجه شركة البترول الوطنية الصينية حتى الآن عن طريق أنابيب تصل إلى زيندر (وسط جنوب النيجر) حيث يتم تكريره.

وكانت النيجر قد خططت في البداية لإرسال نفطها الخام من ميناء كريبي الكاميروني عبر تشاد المجاورة، قبل أن تختار ممر بنين.

وأطلق المشروع في عام 2019، وكان يفترض أن يكتمل في 2022، لكن إنجازه تأخر بسبب جائحة كورونا، حسبما أكد نافيو إيساكا نائب مدير "شركة أنبوب النفط لغرب إفريقيا" التي تشرف على المشروع.

وتعمل حاليا شركة أنابيب النفط في غرب إفريقيا، التابعة لشركة البترول الوطنية الصينية، بسرعة أكبر.

وجرى تركيب أنابيب بطول 600 كيلومتر حتى الآن، أي ما نسبته 51.5 بالمئة من إجمالي المشروع، على أن تتمكن النيجر من بيع نفطها الخام في السوق الدولية بدءا من أكتوبر/ تشرين الأول 2023، وفق إيساكا.

ويعمل أكثر من 700 جندي على ضمان الأمن باستمرار للمشروع وإن كان جزء كبير من المناطق التي يمر بها المشروع ما زال بعيدا حتى الآن عن العنف، حسبما أكد مصدر أمني لوكالة فرانس برس.

ومع استمرار انهيار عائدات اليورانيوم الذي تعد النيجر منتجا رئيسا له، تعتمد البلاد على النفط لتعزيز ميزانيتها التي يستنزف جزءا كبيرا منها القتال ضد الجماعات المسلحة في الجنوب الشرقي والغرب.

استثمار كبير

ويقول مدير قسم المحروقات في وزارة النفط بالنيجر كبيرو زكاري، إن حجم الاستثمار في بناء خط الأنابيب هذا سيبلغ ستة مليارات دولار، وأنه أكبر استثمار للنيجر منذ استقلالها عام 1960.

وبدءا من عام 2023، سيبلغ الإنتاج النفطي اليومي 110 آلاف برميل وسيتم تصدير 90 ألف برميل منها، وفق زكاري.

وأوضح أن النفط سيولد بذلك ربع إجمالي الناتج المحلي للبلاد الذي بلغ أكثر من 13.6 مليار دولار في عام 2020 حسب البنك الدولي، ونحو 50 بالمئة من عائدات الضرائب للنيجر، مقابل 4 بالمئة من إجمالي الناتج المحلي.

ولفت إلى أن احتياطيات النيجر تبلغ نحو ملياري برميل، ووفقا للتوقعات الرسمية ستنتج النيجر 200 ألف برميل يوميا في عام 2026، و500 ألف برميل في عام 2030.

وأعلنت مجموعة النفط العامة الجزائرية سوناطراك أنها قامت باكتشاف مشجع للنفط في كفرا (شمال).

وهي مساحة شاسعة تبلغ 23737 كيلومترا مربعا بالقرب من الحدود مع الجزائر والتي تجاور حوض النفط الجزائري "تفاساست" الذي تديره سوناطراك.

من جانبها، تقول شركة "سافانا بتروليوم" البريطانية إنها اكتشفت حقولا في أغاديم حيث بدأ الصينيون بالعمل.

ورغم الصناعة المحلية، تزدهر السوق السوداء للمحروقات في العاصمة نيامي والمدن الكبرى.

وحسب جمارك النيجر، فإن هذا السوق يجري تزويده بانتظام من قبل شبكات من نيجيريا المجاورة.

وفي السوق السوداء يبلغ سعر لتر الوقود 300 فرنك إفريقي (0.4 يورو) مقابل 540 فرنكا إفريقيا (0.8 يورو) في محطة الوقود، وهو سعر تعده النقابات باهظا.

وندد رئيس النيجر محمد بازوم قبل أيام بحجم تهريب الوقود من نيجيريا المجاورة عبر نهر النيجر (في قوارب) وعلى دراجات نارية وصولا إلى مالي.

وبازوم هو أول رئيس عربي للنيجر ويعد فوزه في الانتخابات الرئاسية، التي جرت في مايو/ أيار 2021 على دورتين، سابقة تاريخية في البلاد التي شهدت للمرة الأولى هزيمة العصبية القبلية أمام التحالفات السياسية، ليصبح أول رئيس من الأقلية العربية في تاريخ البلاد.

يشار أيضا إلى أن أكثر من نصف سكان النيجر ينتمون إلى قبائل الهوسا، في حين ينتمي الجزء الباقي إلى القبائل البدوية الرحالة أو شبه البدوية، من الفولاني والطوارق والكانوري والعرب والتوبو.