وقعه بايدن ورفضه خصومه.. لماذا أثار "خفض التضخم" جدلا واسعا بأميركا؟

قسم الترجمة | منذ عامين

12

طباعة

مشاركة

بعد الموافقة عليه في مجلس الشيوخ عقب أسابيع من المفاوضات، وقع الرئيس الأميركي جو بايدن في 16 أغسطس/آب 2022 نهائيا على قانون "خفض التضخم" الذي يشمل حزمة ضخمة للحد من التضخم، تصل قيمتها لـ430 مليار دولار.

وأوضحت صحيفة "إيل كافي جيوبوليتيكو" الإيطالية، أن القانون يعد خطة للحد من العجز والاستثمار في مجال المناخ والصحة ويتضمن سياسات جديدة للحد من الانبعاثات الملوثة والتحكم في أسعار الأدوية و كذلك خفض العجز الفيدرالي.

وأشارت إلى أن الديمقراطيين وفي مقدمتهم بايدن كانوا يصرون على تمرير هذا القانون، رغم جدواه الاقتصادية بعيدة المدى، لتحسين شعبيتهم المتهالكة قبل نحو شهرين من الانتخابات النصفية في نوفمبر/ تشرين الثاني 2022.

"أحد أهم القوانين"

وذكرت الصحيفة الإيطالية أن القانون هو ثمرة مفاوضات مطولة داخل الحزب الديمقراطي لإنقاذ أجزاء من مشروع قانون "إعادة البناء بشكل أفضل"، الذي عارضه السيناتوران جو مانشين وكريستين سينيما.

وقالت إنه بعد أكثر من عام من الوساطة للتوصل إلى اقتراح مشابه للاقتراح المقدم، وقع بايدن قانون خفض التضخم واصفا إياه بأحد" أهم القوانين في تاريخنا".

وفي حفل أُقيم في البيت الأبيض، قال بايدن: "في هذه اللحظات التاريخية، انحاز الديمقراطيون إلى الشعب الأميركي وانحاز كل جمهوري للمصالح الخاصة... كل جمهوري في الكونغرس صوت ضد مشروع القانون هذا".

في المقابل، قال زعيم الجمهوريين في مجلس الشيوخ السيناتور ميتش مكونيل إن القانون الجديد سيكون له تأثير معاكس. 

وأضاف أن "الديمقراطيين سرقوا الأميركيين في 2021 بإنفاق دفع اقتصادنا إلى تضخم قياسي. هذا العام فإن الحل الذي يقدمونه هو عمل هذا مرة ثانية. المشروع الذي وقعه الرئيس بايدن ليصبح قانونا يعني ضرائب أعلى وفواتير أعلى للطاقة".

وأوضحت الصحيفة أن هذه الحزمة من القوانين تمثل حجر الزاوية في الأجندة السياسية لبايدن وتنقسم إلى جانبين.

من ناحية، تهدف إلى زيادة إيرادات الدولة بنحو 737 مليار دولار من خلال اعتماد حد أدنى للضرائب بنسبة 15 بالمئة لكبرى الشركات. 

ومن ناحية أخرى، ينص القانون على  خطة استثمارية بقيمة 437 مليار، تركز في الغالب على مكافحة تغير المناخ وعلى قطاع الطاقة.

وذكرت الصحيفة أن الهدف المعلن للخطة يكمن في خفض تكلفة الفواتير وخلق الملايين من الوظائف الخضراء بقيمة استثمار في حدود 60 مليار دولار.

ولفتت إلى أن الهدف الرئيس يتمثل في خفض انبعاثات غازات الاحتباس الحراري بنسبة 40 بالمئة بحلول عام 2030، عبر تعزيز إنتاج الطاقة المتجددة من خلال استثمارات بقيمة 30 مليار دولار. 

ويهدف مشروع القانون الأميركي أيضًا إلى خفض أسعار نظام الرعاية الصحية من خلال مطالبة شركات الأدوية بإرجاع زيادات الأسعار التي تزيد عن التضخم وعن طريق التحكم في أسعار الأدوية التي تستلزم وصفة طبية. 

كما يتوقع الديمقراطيون خفض العجز بمقدار 300 مليار دولار بفضل هذه الحزمة من القوانين.

مراحل شاقة

وأشارت الصحيفة الإيطالية إلى أن القانون الجديد يعد جزءًا من خطة "إعادة البناء بشكل أفضل".

وهي وعد انتخابي كان قد قدمه بايدن بخطة استثمار بقيمة 1.7 تريليون دولار لمكافحة تغير المناخ وإنجاز مشاريع البنية التحتية، وخفض تكاليف الرعاية الصحية إلى الاستثمارات في التعليم والبحث. 

وذلك يصنفها كأكبر تدخل للدولة في الاقتصاد بعد الصفقة الجديدة "نيو ديل" وهي مجموعة من البرامج الاقتصادية التي أطلقت في الولايات المتحدة بين عامي 1933 و1936.

وجرى توقيع جزء من الخطة  أي "خطة الإنقاذ الأميركية" للتعافي من آثار أزمة جائحة كورونا لتصبح قانونًا في مارس/آذار 2021.

بينما تمت إعادة صياغة الاقتراحين الآخرين (خطة الوظائف وخطة العائلات) في قوانين أخرى.

فيما يندرج جزء من هذين القانونين في "قانون الاستثمار في البنية التحتية والوظائف"، وهي خطة استثمار في البنية التحتية بقيمة 1200 مليار دولار، أقرها كل من الديمقراطيين وجزء من الجمهوريين في نوفمبر 2021.

وكان بايدن قد صرح في نفس الشهر بأن خطة "إعادة البناء بشكل أفضل" ستضع الولايات المتحدة على المسار الصحيح لتحقيق أهدافها المناخية، بالإضافة لخلق ملايين من الوظائف وتنمية الاقتصاد.

وأضافت الصحيفة أن هناك إصلاحات أخرى تتعلق بالنظام الصحي ومكافحة تغير المناخ، أفسحت المجال لإنشاء قانون إعادة البناء بشكل أفضل.

وذكرت أن الجمهوريين كانوا قد عبروا عن رفضهم في وقت مبكر لهذه الخطة واعتبروها إسرافا، قبل أن تتلقى ضربة قاضية عندما سحب السيناتور مانشين الديمقراطي دعمه لها.

ويتألف مجلس الشيوخ حاليا من 50 ديمقراطيا و 50 جمهوريا، بينما نائبة الرئيس (كاميلا هاريس) حاليا ديمقراطية ويحق لها التصويت في حالة تعادل الأصوات. 

جرعة أوكسجين

وأوضحت الصحيفة أنه بعد حوالي عام، تمكن الديمقراطيون من تمرير نسخة مخفضة في مقابل ضمان تصويت السيناتور مانشين لصالح القانون.

لكنهم أجبروا على تقليص الاستثمارات من أجل مكافحة تغير المناخ والمصادر الأحفورية. 

كما غابت خطة السياسة العائلية الضخمة التي وعد بها بايدن بالإضافة إلى بعض السياسات الصحية.

وأكدت أن تمرير قانون مركزي للغاية في الأجندة الديمقراطية يمكن أن يعطي جرعة أوكسجين للحزب ولبايدن نفسه في ضوء انتخابات الكونغرس النصفية في نوفمبر 2022.

لهذا السبب، كشفت مصادر في البيت الأبيض عن قرار الرئيس ونائبته البدء بجولة في البلاد لإطلاع الأميركيين على إنجازات الإدارة الحالية التي لا تزال تعاني من انخفاض الشعبية.

من الجانب اقتصادي، لا يقتنع الجميع بالآثار الإيجابية لخفض التضخم التي وعد بها الديمقراطيون، تلفت الصحيفة. 

فيما تذهب بعض التحليلات، بما في ذلك تحليل مكتب الميزانية في الكونغرس، إلى أن تأثير هذه الإجراءات على التضخم سيكون ضئيلا بالنسبة للعام المقبل بينما سيكون تقريبا صفرا في العقد المقبل.

ومع ذلك، وقع أكثر من 120 اقتصاديًا من بينهم العديد من الحائزين على جائزة نوبل ووزراء الخزانة السابقين، على رسالة لتشجيع الكونغرس على تمرير مشروع القانون.

ولا سيما أنه من المتوقع أن يسهم على المدى الطويل في آثار إيجابية على الاقتصاد كانخفاض العجز والرفع من الأجور و وزيادة الناتج المحلي الإجمالي  والإنتاجية كذلك.