محمد كاظمي.. قائد عسكري تكلفه إيران بإدارة حربها الخفية مع إسرائيل

يوسف العلي | منذ ٣ أعوام

12

طباعة

مشاركة

"صياد الجواسيس، رجل الظل"، هذه ألقاب تطلق على رئيس جهاز الاستخبارات الجديد بالحرس الثوري الإيراني، العميد محمد كاظمي، الذي تولى المنصب خلفا لحسين طائب الذي أدار الجهاز نحو 12 عاما، ودفع ضريبة "حرب ظل" متواصلة مع إسرائيل.

وفي 23 يونيو/ حزيران 2022 أعلن المتحدث باسم الحرس الثوري الإيراني العميد رمضان شريف، أن القائد العام لقوات الحرس اللواء حسين سلامي، عين العميد محمد كاظمي رئيسا لجهاز استخبارات حرس الثورة الإسلامية خلفا لطائب.

وأفادت صحيفة "يديعوت أحرونوت" العبرية في 25 يونيو، بأن عزل طائب جاء بسبب انكشاف محاولات استهداف إسرائيليين في تركيا، وإعلان الأخيرة اعتقال ثمانية أشخاص يعملون لصالح خلية استخبارات إيرانية كانت تخطط لاغتيال سياح إسرائيليين بإسطنبول.

وعلى نحو مماثل، ربطت صحيفة "نيويورك تايمز" في 25 يونيو، عزل طائب بحرب الظل بين إيران وإسرائيل مع أنه كان "من أقوى الرموز" وسط مخاوف عميقة من هجمات تل أبيب المتصاعدة ضد عسكريين وعلماء إيرانيين.

وفي 5 يونيو 2022، اغتيل أيوب انتظاري، وهو مهندس في صناعة الصواريخ ومن العاملين في مجال صناعة الطائرات المسيرة بمدينة يزد وسط إيران.

وفي 13 يونيو 2022، اغتيل عضو الحرس الثوري علي كماني بنيران مجهولين في محافظة مركزي، فيما قضى خلال الشهر ذاته العقيد بـ"فيلق القدس" علي إسماعيل زاده لأسباب غامضة.

وفي 22 مايو/ أيار 2022 قتل العقيد بالحرس الثوري صياد خدائي أمام منزله في شرق طهران، وقبلهما اغتيل العالم النووي الإيراني الأبرز محسن فخري زاده نهاية 2020، وكل هذه الحوادث ربطتها طهران بتل أبيب.

رجل غامض

وفي 23 يونيو، نقلت وكالة الأنباء الإيرانية عن المتحدث باسم الحرس الثوري قوله إن "حجة الإسلام (درجة علمية دينية لدى الشيعة) حسين طائب، الرئيس السابق لجهاز استخبارات حرس الثورة الإسلامية جرى تعيينه مستشارا للقائد العام لقوات حرس الثورة الإسلامية بحكم من اللواء حسين سلامي".

وأشار المتحدث إلى أن "كاظمي تولى لسنوات عديدة مسؤولية إدارة جهاز استخبارات حرس الثورة الإسلامية ولديه خبرة كبيرة في مجالي الأمن والاستخبارات".

وكاظمي البالغ من العمر 65 عاما والمنحدر من مدينة سمنان شرق طهران يحمل رتبة عميد في الحرس الثوري، وكانت بداياته في ثمانينيات القرن العشرين، حينما كان عضوا في إحدى اللجان الثورية التابعة لوزارة المخابرات الإيرانية وكانت مكلفة بمواجهة "معارضي الثورة".

وقبل توليه رئاسة استخبارات الحرس الثوري، تقلد كاظمي لسنوات رئاسة منظمة تسمى "حماية معلومات الحرس الثوري" (ساحفاسا)، حيث كان يعرف بـ"رجل الظل" بسبب أنشطته السرية خلف الستار.

وتعد المنظمة، التي تعمل تحت القيادة المباشرة للمرشد علي خامنئي، مسؤولة عن جمع ومعالجة وصيانة المعلومات العسكرية والمتخصصة لوحدات الحرس الثوري الأخرى، والحصول على المعلومات اللازمة عن "أعداء" النظام الداخليين والخارجيين ومواجهة فعالياتهم.

"صياد الجواسيس"

وعلى ضوء المناصب التي تولاها كاظمي في السابق والتي كان يعمل بصمت داخلها ويمتلك خبرة واسعة في مجالات الأمن والاستخبارات، عرف في دائرته الضيقة بـ"صياد الجواسيس" الذي توكل إليه مهام تعقب المعارضين، والتي تنتهي باغتيالهم إذا تم الأمر.

وتردد اسم كاظمي فيما عرف باسم "مسلسل القتل" لتصفية المفكرين والشعراء والكتاب المعارضين في 1998 بفترة رئاسة محمد خاتمي، إذ حاولت السلطات وضع حد لتلك الفضيحة وإبعاد التهمة عن النظام، فكلف كاظمي بالتحقيق مع عناصر في المخابرات اتهموا بتنفيذ تلك الجرائم.

وعرف كاظمي بأنه أحد الذين قاموا بالتنسيق مع اللواء "حق طلب" مساعد رئيس فرع العمليات في استخبارات الحرس الثوري لاختطاف الصحفي المستقل "آرش شعاع شرق" من تركيا عام 2018.

وعلى الصعيد ذاته، وخلال فترة القائد السابق للحرس الثوري محمد علي جعفري، أنشئت وحدة خاصة عام 2019 تسمى "وحدة الإشراف على شؤون قادة ومسؤولي الحرس الثوري الإيراني".

وعملت هذه الوحدة الأمنية بشكل مباشر تحت قيادة كاظمي، وهي تنشط في مجال التعرف على العناصر المتذمرة والآيلة للانشقاق في مختلف مستويات الحرس الثوري.

وكذلك يعد كاظمي قريبا جدا من رجل الدين أصغر حجازي، المسؤول الأمني الأول عن بيت المرشد وعن فرقة خاصة من الحرس الثوري مهمتها حماية أمن وسلامة المرشد علي خامنئي.

ورغم رتبته المتقدمة في الحرس الثوري وتوليه مسؤوليات سابقة مهمة في التشكيل العسكري الأبرز في إيران، لكن يظل كاظمي من الشخصيات الغامضة في قيادات الحرس الثوري.

إذ لم يكن له أي تصريحات ولم تنشر له صور في وسائل الإعلام، ما عدا صور قليلة متداولة تظهر كاظمي بين مجموعة من القادة العسكريين والأمنيين والاستخباراتيين.

مرحلة جديدة

على ضوء تعيين كاظمي رئيسا جديدا لجهاز الاستخبارات، أوضحت وسائل إعلام تابعة للحرس الثوري، أن الهدف من ذلك "إعادة ترتيب لعصر جديد، وزيادة الإجراءات ضد إسرائيل، والهجوم الاستخباري على العدو".

وقالت وكالة أنباء "تسنيم" التابعة للحرس في 25 يونيو، إن تعيين كاظمي يشير إلى "إعادة ترتيب لعصر جديد وخطوة إلى الأمام"، وهو ما يعني أن إيران "يمكن أن تتخذ خطوات في موقعها الجديد ضد طموحات الولايات المتحدة وإسرائيل.

وأفادت وكالة الأنباء الإيرانية بأن حسين طائب أصبح بعد هذه التغييرات مستشارا للقائد العام للحرس الثوري. وهو أحد المناصب الشرفية في إيران، تعبيرا عن احترام الشخص المفصول من منصبه.

وبخصوص هذه الإقالة والتعيين، كتبت صحيفة "جوان" الإيرانية في 25 يونيو، أن هذه التغييرات هي "المرحلة الأولى لحدث كبير".

وأشارت إلى أن إجراءات الحرس الثوري خلال فترة طائب، بما في ذلك ضد "المخربين والجواسيس"، لن يتم التخلي عنها، بل إن "قوة هذا الجهاز ستتضاعف، خاصة في مجالات جديدة نسبيا مثل الهجمات الاستخبارية على العدو".

وقبل الإعلان الرسمي عن إقالة طائب وتعيين كاظمي مكانه، كتبت قناة "كان" الإسرائيلية في 17 يونيو، أي قبل 6 أيام من نشر خبر الاستبدال، أن الأجهزة الأمنية الإيرانية طالبت بإقالة رجل الدين هذا بسبب فشل عمليات الجهاز في تركيا ضد السياح الإسرائيليين.

وفي موازاة ذلك، نقل موقع "إيران إنترناشيونال" المعارض في 25 يونيو، عن مصادر إيرانية (لم يسمها) قولها، إن "الهزائم المتتالية للحرس الثوري في تنفيذ مهام إرهابية في الخارج، كثفت الأصوات المطالبة بإقالة طائب".

ويعد جهاز الاستخبارات واحدا من الأجهزة الأمنية الاستخباراتية المهمة والمعروفة للحرس الثوري، حيث يعمل بشكل مواز مع وزارة الاستخبارات التابعة للحكومة الإيرانية.

وتأسست "استخبارات الحرس الثوري" عام 2009 بعد الاحتجاجات الواسعة التي أعقبت الإعلان عن نتائج الانتخابات الرئاسية وفوز أحمدي نجاد بولاية ثانية، بعد إدماج عدة وحدات استخباراتية في الحرس. 

ويعمل هذا الجهاز في جميع مجالات اختصاص "وزارة الاستخبارات" وبكل ما يرتبط بالأمن في إيران حتى صار اسمه يتردد كثيرا بعمليات اعتقال عدة، سواء التي طالت محتجين إيرانيين أو بعضا من مزدوجي الجنسية بتهمة "التجسس" على البلاد، ما عرضه لانتقادات مستمرة من قوى سياسية إصلاحية ونشطاء إيرانيين.