طموح مشترك.. ما نتائج جولة أردوغان "الاستثنائية" إلى إفريقيا؟

قسم الترجمة | منذ ٣ أعوام

12

طباعة

مشاركة

ترى صحيفة لوبوان الفرنسية أن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان يسعى لتوطيد علاقات أنقرة مع إفريقيا، وضمنيا "الحصول على مكانة أكثر شرعية على الساحة الدولية". 

وفي 19 أكتوبر/تشرين الأول 2021، أنهى الرئيس التركي جولته الإفريقية الاستثنائية التي بدأها بأنغولا واختتمها بنيجيريا مرورا بتوغو.

تعزيز الوجود

وهدفت الجولة التي استمرت يومين، وهي الأولى من نوعها لرئيس تركي، إلى تعزيز التعاون في مجالات الأمن والاقتصاد ومكافحة الإرهاب والصناعات الدفاعية بين تركيا والدول الإفريقية على أسس الاحترام المتبادل والمنفعة المشتركة. 

وأوضحت الصحيفة أن هدف أردوغان من الجولة في أنغولا وتوغو ونيجيريا، هو تعزيز الوجود التركي هناك اقتصاديا وسياسيا وعسكريا.

لكن الرئيس التركي، وتحت الضغط الداخلي في بلاده، لن يذهب إلى هناك خالي الوفاض، بحسب تعبير الصحيفة.

ونشر أردوغان في سبتمبر/أيلول 2021، كتابا أسماه "من الممكن إنشاء عالم أكثر عدلا"، يركز على إصلاح مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة.

ومن هنا جاءت فحوى تصريحاته الأولى، التي كانت أكثر هجومية، لكنها قد تجعله يبدو كضامن لنهج مختلف لعلاقات دولية أكثر توازنا.

قال الرئيس التركي أمام جمهور من رجال الأعمال الأنغوليين، وفقا لبيان صادر عن حزب العدالة والتنمية الذي يتزعمه، "نحن في تركيا نولي أهمية كبيرة وقيمة كبرى للعلاقة الوثيقة التي نتمتع بها مع القارة الإفريقية".

وتابع "نريد تعزيز هذه العلاقات على أساس شراكة متكافئة ومربحة للجانبين في إطار الاحترام المتبادل".

قبل ذلك بقليل، في خطاب له أمام البرلمان الأنغولي تم بثه على موقع الرئاسة التركية، قدر أردوغان أن "مصير الإنسانية لا يمكن ولا يجب أن يترك تحت رحمة حفنة من البلدان المنتصرة في الحرب العالمية الثانية".

وأضاف أن "تجاهل دعوات التغيير يعد ظلما لإفريقيا"، مشددا على أن تركيا "لا تحمل أي وصم" يتعلق بالإمبريالية أو بالاستعمار. 

 خطاب جرت صياغته بعناية، في الوقت الذي لم تتوقف فيه تركيا منذ عشرين عاما عن تعزيز وجودها في إفريقيا جنوب الصحراء.

ومع هذه الجولة، سيكون أردوغان قد زار ما مجموعه 30 دولة إفريقية باعتباره رئيسا ورئيسا سابقا للوزراء منذ عام 2004. 

تاريخيا، أقام الأتراك العثمانيون علاقات وثيقة عبر القارة، من المغرب وإثيوبيا ونيجيريا إلى جنوب إفريقيا.

ثم ركزت الجمهورية التركية الوليدة على جيرانها وأوروبا قبل أن تعود إلى إفريقيا في نهاية الحرب الباردة.

شهد العقد الماضي انطلاق البلاد بإستراتيجية أعمال أكثر تنوعا، ودعم دبلوماسي وعسكري، ناهيك عن الأعمال التجارية. 

زاد حجم التجارة بين أنقرة وإفريقيا جنوب الصحراء من 5.4 مليار دولار في عام 2003، إلى أكثر من 25 مليار دولار حتى عام 2020، تقول الصحيفة.

على الصعيد الدبلوماسي، بات الوجود التركي في القارة مبهرا، ففي عام 2009 لم يكن لدى أنقرة سوى 12 سفارة مقارنة بـ 43 سفارة اليوم، وذلك باحتساب الافتتاح الأخير للسفارة التركية في التوغو. 

تدير شركة الخطوط الجوية الوطنية التركية رحلات إلى 60 وجهة مختلفة في 39 دولة إفريقية بينما وسعت الوكالة التركية للتعاون الدولي والتنمية أنشطتها في جميع أنحاء القارة.

الاقتصاد والسلاح

ساحة كيغالي في رواندا، مسجد في غانا، قاعدة عسكرية في الصومال، مشروع سكة ​​حديد بين إثيوبيا وجيبوتي، هذه جملة من أحدث المشاريع الشهيرة التي نفذتها الشركات التركية في القارة. 

أشاد الرئيس التركي، في محادثات مع نظيره الأنغولي جواو لورينسو، بصناعة الغاز التركية وشدد على أنه " سيكون من دواعي السرور أن تشارك الشركات التركية تجربتها".

أكثر من مجرد اهتمام متزايد، فقد أظهرت هذه الدول الإفريقية التي اختارها الرئيس التركي، الطموح المشترك للمضي قدما من خلال جذب الاستثمار أو الوجود المحلي. 

يسعى الرئيس جواو لورينسو، الذي زار تركيا قبل ثلاثة أشهر، إلى تنويع اقتصاد بلده الذي لا يزال يعتمد بشكل كبير على النفط.

وقالت تركيا إنها مستعدة للمساهمة في التفكير بالإصلاحات، لا سيما فيما يتعلق بتنويع الموارد الاقتصادية وتعزيز البنية التحتية وخلق فرص العمل. 

في النهاية، تستهدف أنقرة الموارد الطبيعية للبلاد مثل الفوسفات. مثال آخر مع توغو، حيث إن الميزان التجاري بين البلدين مختل إلى حد كبير بالنسبة للعاصمة التوغولية "لوميه".

استوردت توغو بما قيمته 184 مليون دولار من تركيا بين عامي 2017 و 2020 بشكل رئيس من المنسوجات والأغذية الزراعية وغيرها من المنتجات المصنعة. 

في الوقت نفسه، كانت توغو تصدر المواد الخام مقابل 13 مليون دولار.

وعولت السلطات التوغولية على زيارة الرئيس أردوغان للشروع في إعادة التوازن للميزان التجاري بين البلدين. 

يؤكد وزير خارجية توغو، روبرت دوسي في مقابلة له مع وكالة الأناضول التركية أنه يمكن لبلاده من خلال موقعها الجغرافي الإستراتيجي، ومزايا ميناء لوميه المستقل، ووجود المؤسسات المالية الهامة والإصلاحات الشجاعة لمناخ الأعمال، أن "تكون بوابة طبيعية للتجارة والاستثمارات التركية في إفريقيا".

أما نيجيريا التي تربطها بأنقرة علاقات طويلة الأمد، فهي أكبر شريك تجاري لتركيا في إفريقيا جنوب الصحراء بحجم تجارة بلغ 754 مليون دولار في عام 2020.

لكن بالنسبة لكلتا الدولتين، لا يزال الطريق بعيدا عن الإمكانات المقدرة. 

تريد تركيا الدفع ببيع منتجات أسلحة مزدهرة عندها، مثل الطائرات بدون طيار للهجوم العسكري لمحاربة الإرهاب، بما في ذلك جماعة بوكو حرام.

إذ تعتبر الدرون العسكرية من دون طيار أرخص من الطائرات المقاتلة وبالتالي يمكن أن تكون ذات أهمية كبيرة للدول الإفريقية. 

وهذه الزيارة هي جزء من سلسلة أطول تعتزم تركيا من خلالها نشر قوتها الناعمة، تقول لوبوان.

وهي زيارة تسبق حدثين رئيسين: أولهما قمة الأعمال التركية - الإفريقية التي تعقد في إسطنبول خلال أكتوبر/تشرين الأول، وثانيهما القمة التركية الإفريقية الثالثة في ديسمبر/كانون الأول، والتي من المتوقع أن تجمع نحو 40 رئيس دولة إفريقيا.

كدليل على أن إفريقيا ترى أيضا فوائد في العلاقات مع تركيا، يظهر الاستطلاع الأخير لعام 2021 الذي أجراه موقع أفريكاليدز Africaleads، حول "الزعماء" الأفارقة، التقدم القوي لتركيا من حيث الصورة الإيجابية.

وهو دليل إضافي على أن القارة المحاصرة بين تزايد النفوذ الصيني وتناقض الشركاء التاريخيين مصممة على تنويع شركائها، تخلص لوبوان.