بسحب "باتريوت" الأميركية.. كيف تحمي السعودية سماءها من صواريخ الحوثي؟

قسم الترجمة | منذ ٤ أعوام

12

طباعة

مشاركة

تحدث موقع إيطالي عن قضية سحب الولايات المتحدة أنظمة الدفاع الصاروخي "باتريوت" من السعودية بين أغسطس/آب وسبتمبر/أيلول 2021، رغم أن الرياض تواجه تهديد غارات جوية مستمرة تشنها جماعة الحوثي المتمردة في اليمن. 

ولفت موقع "إنسايد أوفر" إلى أن إزالة الأنظمة الصاروخية من قاعدة الأمير سلطان الجوية غير البعيدة عن العاصمة، حدث بينما شاهد حلفاء الولايات المتحدة في الخليج العربي بقلق الانسحاب الفوضوي من أفغانستان.

قلق وتهديدات

وتواصل واشنطن نشر آلاف الجنود في جميع أنحاء شبه الجزيرة العربية كثقل موازن لإيران، لكن الدول الخليجية تشعر بالقلق بشأن الخطط المستقبلية للولايات المتحدة خصوصا وأنها تعلم أن التهديدات المتنامية في آسيا تتطلب دفاعات صاروخية. 

 وأوضح الموقع أن التهديد الرئيس يأتي من البرنامج النووي الإيراني والبرنامج الصاروخي المصاحب له خاصة و أن المفاوضات بشأن ملف الطاقة النووية الإيرانية في فيينا قد وصلت إلى طريق مسدود، مما زاد من الشعور بالخطر من وقوع توترات محتملة مستقبلا في المنطقة. 

وتابع بأن نفس المخاوف ترتبط بأزمة تايوان التي تسعى الصين للسيطرة عليها، حيث تؤكد التصورات في المنطقة بأن الولايات المتحدة تريد التخلي عن دور "المدافع" ودفع الحلفاء إلى التصرف (وحدهم) بشأن أمنهم.

اعتبر الموقع أن هذه الأفكار لا تعتبر جديدة خاصة بالنسبة للسعوديين وتأتي من بعيد تحديدا من إدارة الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما التي توصلت إلى الاتفاق النووي مع طهران في عام 2015 "دون التفكير في القضاء على التهديد الصاروخي الإيراني".

وذكر أن قاعدة الأمير سلطان الجوية استضافت عدة آلاف من القوات الأميركية منذ الهجوم الصاروخي والطائرات المسيرة التي استهدفت عام 2019 المنشآت النفطية التابعة لشركة أرامكو النفطية في المملكة. 

وعلى الرغم من نفي الطرف الإيراني، أكدت بعض الأدلة خاصة المتعلقة بنوع الأسلحة المستخدمة تورط طهران في ذلك الهجوم الذي أعلن المتمردون الحوثيون مسؤوليتهم عنه.

وفي جنوب غرب مدرج القاعدة الجوية، في مساحة كيلومتر مربع واحد تم نشر بطاريات صواريخ باتريوت باك 3، نظام الدفاع الجوي المضاد للصواريخ، بالإضافة إلى وحدة من منظومة "ثاد" الدفاعية.

وكانت صورة أقمار صناعية قد أظهرت في نهاية أغسطس/آب أن بعض البطاريات قد تمت إزالتها من القاعدة على الرغم من استمرار رؤية الأنشطة وتحرك المركبات.  

كما أظهرت صورة عالية الدقة لشركة "بلانيت لابز" (PLANET LABS) أن منصات البطاريات في الموقع فارغة، ودون أي نشاط مرئي.

ويذكر أن شائعات تحدثت منذ أشهر عن سحب بطاريات الصواريخ وأرجعت ذلك أيضا إلى حاجة الولايات المتحدة إلى التركيز على مواجهة تجدد "الصراع بين القوى العظمى" مع الصين وروسيا تحديدا. 

وهو ما أكدته إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن في غضون أيام قليلة من تسلمها السلطة عندما تقرر إنهاء تدخل الولايات المتحدة في حرب اليمن بسحب القوات المتمركزة منذ عام 2015. 

وصف "إنسايد أوفر" ذلك بأنه كان قرارا سياسيا للضغط على الرياض بالإضافة إلى الرغبة في الحد من مبيعات الأسلحة للسعوديين.

مخاطر الخطوة

يرجح الموقع الإيطالي أن الخطوات الأميركية بإمكانها إلحاق الضرر بأجندة بايدن للطاقة الخضراء، مبينا أنه يمكن للمملكة استخدام النفط للرد على واشنطن، والتي تحتاج أكثر إلى الموارد الطاقية السعودية مقارنة بالماضي.

كما سيتعين على البيت الأبيض بطريقة ما تعطيل تعاون الرياض النووي مع بكين وممارسة ضغط لمنع السعودية من الاعتماد على الأسلحة الروسية. 

وفي هذا الصدد، ذكر الموقع أن الاتصالات بين موسكو والرياض تكثفت في السنوات الأخيرة  ولا تتعلق فقط بأنظمة الدفاع الصاروخي إس 400 وإنما جرى توقيع عقود لتصنيع أسلحة أخرى فضلا عن إمكانية شراء مقاتلات سوخوي سو 35.

لفت الموقع الإيطالي إلى أن سحب بطاريات صواريخ باتريوت يأتي في ظرف دقيق بسبب استمرار هجمات الحوثيين على المناطق السعودية وأيضا بسبب الوضع الإستراتيجي الحساس في آسيا.

وأسفرت غارة بطائرة بدون طيار عن إصابة ثمانية أشخاص وألحقت أضرارا بطائرة في مطار أبها خلال سبتمبر/أيلول 2021.

وأعاد الموقع التذكير بأن الانسحاب المتسرع من أفغانستان والتخلي عن حكومة كابول قد تسبب في مخاوف حلفاء الولايات المتحدة من تايوان إلى شبه الجزيرة العربية.

 وهو ما يطرح تساؤلات عما إذا كان البيت الأبيض يرغب حقا في الانخراط عسكريا في الدفاع عن "الأصدقاء" في حال نشوب نزاع.

في الأثناء، قللت كل من الرياض وواشنطن من تأثيرات الخطوات الأميركية، حيث قال المتحدث باسم وزارة الدفاع "البنتاغون" جون كيربي إن الولايات المتحدة تحتفظ بالتزام "واسع وعميق" للحلفاء في الشرق الأوسط.

 من جانبها، وصفت وزارة الدفاع السعودية علاقة المملكة بالولايات المتحدة بأنها "قوية وتاريخية"، مؤكدة أن الجيش السعودي "قادر على الدفاع عن أراضيه وبحاره وأجوائه وحماية شعبه".

في المقابل، ألمح الموقع إلى أن تصريحات صادرة عن مقربين للأسرة الحاكمة على غرار رئيس الاستخبارات السعودي السابق  الأمير تركي الفيصل، تثبت عكس ذلك.

وكان الفيصل قد صرح لشبكة "سي إن بي سي" الأميركية بأنه يجب طمأنة الرياض بشأن الالتزام الأميركي، مما يثير التساؤلات حول مسألة انسحاب صواريخ باتريوت "في وقت تتعرض فيه السعودية لهجمات صاروخية وأخرى بطائرات مسيرة ليس فقط من اليمن بل أيضا من إيران".

وسط هذه "الأزمة" الصغيرة، كما وصفها الموقع الإيطالي، تم إلغاء زيارة وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن للسعودية، الذي كان يجري جولة في الشرق الأوسط. 

وقد بررت الرواية الأميركية الرسمية ذلك بـ"مشاكل تنظيمية"، لكن الرياض رفضت التعليق مما أثار شكوكا حول ارتباط إلغاء الزيارة بسحب بطاريات صواريخ باتريوت.