"أك سونغور".. لماذا أثارت المسيرة التركية الجديدة فزع اليونان؟
.jpg)
عندما أعلن رئيس مؤسسة الصناعات الدفاعية التركية إسماعيل دمير، أن 2021 سيكون عام صعود الصناعات الدفاعية التركية، كان يضع نصب عينيه تطوير الطائرات المسيرة بدون طيار "درونز" وإثقال قدراتها العسكرية، وهو ما حدث مع "أك سونغور" التي غدت فخر صناعة المسيرات التركية.
انتقلت "أك سونغور" إلى مرحلة متقدمة، أهلتها لتتصدر ترسانة الدرونز، بجوار "بيرقدار TB2" التي حسمت بها أنقرة كثيرا من معاركها الداخلية والخارجية.
دخول هذه الطائرة بمواصفاتها الخاصة، إلى الخدمة في الجيش التركي، بلغ صداه دول الجوار التي تعتبر على خلاف مع تركيا ولا تأمن جانبها، خاصة اليونان، التي أزعجها ذلك التطور العسكري لتركيا، في خضم الخلافات القائمة، لا سيما صراع شرق البحر المتوسط، والأزمة التاريخية لجزيرة قبرص.
الأشد تدميرا
في 30 يوليو/ حزيران 2021، انطلقت المسيرة التركية "أك سونغور"، التي تعد الأثقل في صفوف أسطول الطائرات بدون طيار التركية، وخاضت رحلتها الأولى من العاصمة أنقرة، محملة بأقوى الذخائر الذكية والأشد تدميرا، مثل صاروخ "كي جي كي سيها 82"، بوزن 340 كجم.
توجهت الطائرة إلى ولاية سينوب البحرية، بواسطة التحكم بالأقمار الصناعية. وبحسب وكالة الأناضول التركية (رسمية)، نجحت "أك سونغور" في إصابة الهدف على ارتفاع 20 ألف قدم ومدى 30 كيلومترا.
وكانت "أك سونغور" أو "العنقاء-2" الملقبة بـ"دبابة السماء"، قد دخلت حيز الاختبارات في 21 مارس/ آذار 2019، عندما أعلنت شركة الصناعات الجوية والفضائية التركية "توساش"، نجاح اختبار التحليق الأول لطائرة بدون طيار جديدة محلية الصنع.
و"أك سونغور" هي الإصدار المتقدم من الطائرة "أنكا يو إي في"، ويمكن أن تطير لمدة 40 ساعة دون الحاجة إلى الإمداد أو أي شيء.
ومن أهم سماتها أنها تعمل بمحركين محليين، وقادرة على نقل حمولة بوزن يتجاوز 700 كيلو غرام.
وتهدف السلطات التركية لاستخدام الطائرة في مهام طويلة زمنيا، وعلى ارتفاع يصل إلى 40 ألف قدم، لتنفيذ عمليات صعبة ومعقدة.
أما المهام الأساسية لاستخدام الطائرة المحلية فتتمثل في الاستطلاع والمراقبة والهجوم.
كما تتضمن الطائرة المحرك الجديد الذي طورته شركة "توساش"، والذي أطلق عليه اسم "PD170" وبدأت تركيا في استخدامه لأول مرة بطائرات "أك سونغور".

قلق يوناني
وكانت تركيا على موعد في عام 2010، مع أول ظهور لطائرة "أنكا" أو "العنقاء"، والتي هي النسخة القديمة من "أك سونغور".
وبدأت أنقرة صناعة طائرة مسيرة محلية الصنع، لتحل محل طائرات هيرون الإسرائيلية، وهي من المركبات الجوية من دون طيار والتي تصنعها شركة الصناعات الجوية والفضائية التركية.
ولم يكن مخافة التجسس الإسرائيلي وحده، هو الدافع لإقدام تركيا على تلك الخطوة، حيث كانت أنقرة تعتمد على الولايات المتحدة في تزويدها بصور من طائرات درون طراز بريديتور حول تحركات مقاتلي حزب العمال الكردستاني.
بعد فترة، رفضت واشنطن تزويد الأتراك بذلك النوع من الطائرات بدعوى خشيتها من أن تشكل مشكلة أمنية لإسرائيل، رغم أن أنقرة هي الأخرى عضو في حلف شمال الأطلسي "الناتو" تماما مثل واشنطن.
هذا الأمر أغضب تركيا مرة أخرى، وجعلها تسرع الخطى لإنجاز ذلك المشروع القومي، لتصبح فيما بعد واحدة من أهم الدول المنتجة، والمطورة للدرونز، بل وصل الأمر إلى تصديرها إلى دول أخرى، وهو ما أقلق اليونان بشدة.
وبحسب ما نشر موقع "تركيا بالعربي" مطلع أغسطس/ آب 2021، فإن الإعلام اليوناني شن حملة ضد تركيا، بشأن تطوير أسلحتها، وخص بالذكر المسيرة الجديدة "أك سونغور"، مشيرا إلى الميزات الهائلة والمخيفة لدبابة السماء.
وقالت وسائل إعلام يونانية: إن "أسلحة تركيا مربكة الآن لأنها تعلن أنه سيتم إنتاج سلاح جديد كل شهر، لذلك يجب أن نراقبها بعناية”.
ولا تزال الطائرات المسيرة التركية عموما، والتي حققت نجاحا كبيرا من خلال تغيير مصير العديد من النزاعات من أذربيجان إلى ليبيا، على قائمة اهتمامات الصحافة العالمية، لا سيما المهتمة بصعود تركيا في الفترة الأخيرة.

أبعاد الهيمنة
المبعث الأشد لقلق اليونان تجاه تركيا، ليس في صعود قوة جارتها اللدودة فحسب، بل في مواصلة أنقرة تعزيز موقعها العسكري في قبرص التركية، وهي المنطقة التي تشهد نزاعا تاريخيا ومستمرا بين البلدين.
وذكر موقع "سي إن إن ترك" في 29 مايو/ أيار 2021، أن مطار "غجيت كالي" العسكري في قبرص التركية، أصبح قاعدة جوية دائمة، للقوات العسكرية التركية، حيث يتم نشر الطائرات المسيرة هناك باستمرار.
وقال الموقع: إنه "جرى اتخاذ قرار بإنشاء قاعدة عسكرية للطائرات المسيرة في جزيرة قبرص التي تهيمن على شرق المتوسط، قبل عامين بعد الاتفاق البحري مع ليبيا".
وهو الأمر الذي أزعج أثينا، لا سيما، أن مطار "غجيت كالي"، الذي بني كقاعدة عسكرية بعد العملية القبرصية عام 1974، يقبع على بعد 40 كيلومترا فقط، شرقي نيقوسيا قبالة اليونان، كنقطة تطل على شرق البحر الأبيض المتوسط.
وفي 30 مايو/أيار 2021، نشر موقع "ناشيونال إنترست" الأميركي تحليلا عن المسيرات، والقواعد العسكرية التركية، وقال: "منذ أن بنت أنقرة، قاعدة (غجيت كالي) الجوية في قبرص، باتت تركيا تهديدا أكبر، على شواطئ الدول التي تقابل قبرص في البحر الأبيض المتوسط".
خاصة وأنها وضعت السلاح التركي المفضل (الدرونز) في مطار الجزيرة الذي منح أنقرة وصولا إلى أجواء لبنان ومصر وليبيا وإسرائيل والأراضي الفلسطينية وطبعا.. اليونان، وفق قوله.
وذكر الموقع أنه "في حين أن الإصدارات السابقة من الطائرة بدون طيار كان لها وصول فعال فقط إلى نطاق 100 ميل، فإن التطويرات التي أدخلت على أنظمة التوجيه والتشغيل تسمح الآن بتوسيع نطاق الطائرات بدون طيار إلى حد كبير"، وهو ما ينطبق تماما على مسيرة "أك سونغور" بنسختها الجديدة.
وأوصى الموقع "الولايات المتحدة الأميركية أن تحذر من مخاطر التوسع التركي في صناعة الطائرات المسيرة، وأن تحظر نقل تكنولوجيا ومعدات تلك الطائرات إلى أنقرة".
وأضاف أن "الإستراتيجية الوحيدة التي ستنجح في المنطقة هي أن نثبت (للرئيس التركي رجب طيب) أردوغان أن تركيا لديها ما تخسره من إلغاء الوضع الراهن أكثر مما تريد أن تكسبه".
وفي 3 مايو/ أيار 2021، شدد موقع "المونيتور" الأميركي أن القدرة الفائقة والمتطورة للدرونز التركية، مع تأسيس أنقرة لقواعد عسكرية في قبرص، تستطيع أن تتحكم في منطقة المتوسط، في مواجهة اليونان ومصر وقبرص الرومية، وهو الأمر الذي يضع هذه الدول كلها في نطاق تلك الطائرات.
وبمزيد من الهلع نقل الموقع الرسمي اليوناني "جريك سيتي تايمز" في 20 مايو/أيار 2021، تصريحات لأردوغان، قال فيها: "الجميع يغارون منا، لقد أصبحت لدينا قاعدة للطائرات بدون طيار في قبرص".
وأضاف أردوغان أن "الرسائل التي سنرسلها من شمال قبرص لا تهم الجزيرة فقط، ولكن المجتمع الدولي بأسره، وإذا لم تظهر هذا التصميم ولم تتخذ هذا الموقف، فلن يأخذوك على محمل الجد".
وكان الرئيس التركي يتحدث عن العمليات العسكرية التركية في قبرص وشمال العراق وسوريا، عندما قال: "تركيا ليست 780 ألف كيلومترا مربعا بالنسبة لنا، هي في كل مكان بالنسبة لنا".
المصادر
- تحمل أقوى الذخائر الذكية وأشدها تدميرا تركيا تعلن نجاح أضخم طائراتها المسيرة الهجومية “أك سونجور” بكل الاختبارات
- Erdoğan: Others are jealous of Turkey, we have a drone base in Cyprus
- إسماعيل دمير: 2021 سيصبح عام صعود الصناعات الدفاعية التركية
- بقدرات عالية.. تركيا تختبر طائرة بدون طيار جديدة
- Özel Haber... KKTC'ye SİHA hava üssü... SİHA Hava Üssü neden önemli, dengeyi değiştirir mi?
- لماذا تعزز أنقرة تواجدها العسكري عبر "المسيّرات" في قبرص؟
- Turkey’s New Drone Base Is a Problem
- Turkey sees turning point in failed Cyprus summit Read more: https://www.al-monitor.com/originals/2021/05/turkey-sees-turning-point-failed-cyprus-summit#ixzz72bBdIiHD
- التنافس في البحر المتوسط.. "الدرونز التركية" تهدد دول الحوض