وصول إبراهيم رئيسي لحكم إيران.. هل يزيد فرص خلافته لخامنئي؟

يوسف العلي | منذ ٣ أعوام

12

طباعة

مشاركة

زاد وصول المرشح المحافظ إبراهيم رئيسي، إلى منصب رئيس البلاد في إيران من التكهنات بخصوص حظوظه في خلافة المرشد الأعلى علي خامنئي، ولا سيما أن الأخير مهد للأول طريق الفوز بالانتخابات الرئاسية التي جرت في 18 يونيو/ حزيران 2021 خلفا لحسن روحاني.

يتولى علي خامنئي منصب المرشد منذ عام 1989 خلفا لسلفه "روح الله الخميني"، حيث يعتبر صاحب القوة السياسية بحكم هيمنته الروحية وكونه القائد العام للقوات المسلحة، رغم أنه يبلغ من العمر 82 عاما، ويعاني منذ سنوات من سرطان البروستاتا.

وريث المرشد

رجح كثير من المراقبين خلافة إبراهيم رئيسي، لعلي خامنئي، وأن انتخابه رئيسا للبلاد هو خطوة كبيرة في هذا الاتجاه، وذلك بعدما رفض "مجلس صيانة الدستور" أهلية غالبية المرشحين للرئاسة، بمن فيهم علي لاريجاني مستشار المرشد، والرئيس السابق محمود أحمدي نجاد.

وأفادت تقارير صحفية في 22 يونيو/ حزيران 2021، بأن من العوامل التي تقوي حظوظ رئيسي في الوصول لمنصب المرشد هو علاقته القوية بخامنئي، كما أنهما ينحدران من مدينة واحدة هي مشهد، إضافة إلى أن "الفرقة المشهدية" التي تضم زعماء سياسيين وقياديين في الحرس الثوري والأجهزة الأمنية تعتبر من أكثر الفرق النافذة داخل النظام.

وأشارت إلى أن ذلك قد يطمئن خامنئي بأن عائلته لن تتعرض للمصير الذي تعرضت له عائلة الخميني بعد وفاته، فيما يرى قياديون في الحرس الثوري أن اختيار رئيسي مرشدا سيكون خيارا مطيعا، ويمكن أن يثق به مجتبى خامنئي (نجل المرشد) والمجموعة التي تحيط به، بمن فيهم حسين طائب، رئيس جهاز استخبارات الحرس.

ووفقا لتقسيم مراكز النفوذ داخل النظام الإيراني، فسيكون المرشد التالي أحد هؤلاء الأربعة: رئيسي، مجتبى، أحمد خاتمي، محمد رضا يزدي مدرسي، الذين يتميزون بقربهم من خامنئي، وبأن لديهم علاقات وثيقة مع جنرالات الحرس الثوري، الذي سيكون موقفه حاسما في اختيار الخليفة.

ويشير محللون إلى أن فوز رئيسي في الانتخابات قد يعيد سيناريو خلافة خامنئي للخميني، إذ كان المرشد الحالي قد شغل منصب رئيس الجمهورية مرتين قبل أن يصبح زعيما أعلى عند وفاة مؤسس الثورة الإسلامية في إيران "روح الله الخميني" سنة 1989.

وقالت صنم وكيل نائبة مدير برنامج الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في مركز "تشاتام هاوس" للدراسات خلال تصريحات صحفية في 17 يونيو/ حزيران 2021 إن "رئيسي شخص يثق فيه خامنئي، ويمكنه حماية إرث المرشد الأعلى".

وولد رئيسي لعائلة متدينة سنة 1960 في مدينة مشهد إحدى المدن المقدسة عند الشيعة في إيران ونشط في الثورة التي أطاحت عام 1979 بالشاه المدعوم من الولايات المتحدة وظل يعلن إخلاصه "للقيم الجوهرية" التي يمثلها خامنئي.

من جهته، قال علي واعظ المستشار بمجموعة الأزمات الدولية خلال تصريحات صحفية في 17 يونيو/ حزيران 2021 إنه "بعد أن بلغت إستراتيجياته الإقصائية ذروة جديدة، لم يترك مجلس صيانة الدستور مجالا للدهشة".

وأضاف واعظ: "الدولة العميقة مستعدة للذهاب إلى حد تقويض أحد أعمدة شرعيتها لضمان بقاء رؤية علي خامنئي لمستقبل الثورة عندما يرتدي رئيسي عباءة المرشد الأعلى".

فرصة أقوى

وعلى وقع فوز رئيسي برئاسة إيران، قالت مجلة "برو ميدين ماجتسين" الألمانية، خلال تقرير لها في 22 يونيو/ حزيران 2021 إن "تصعيد القاضي الدموي، إبراهيم رئيسي، إلى سدة الرئاسة في إيران، عبر انتخابات هزلية موجهة، لن يكون نهاية المطاف بالنسبة له في سلم السلطة في إيران".

ولفتت المجلة إلى أن فرص إبراهيم رئيسي في خلافة المرشد الأعلى المريض، علي خامنئي، باتت أقوى من أي وقت مضى، وخاصة في ظل رضاء الحرس الثوري عنه، وأيضا، وهذا هو الأهم، في ظل تردد خامنئي نفسه في مسألة توريث نجله منصب الزعيم الروحي للبلاد.

وخلال الانتخابات الرئاسية الإيرانية في 18 يونيو/ حزيران 2021، كان هناك شيء واحد مؤكد منذ البداية، وهو أن مرشح علي خامنئي المفضل، إبراهيم رئيسي، سيفوز في النهاية.

ومن ثم لم يصوت الناس في انتخابات حقيقية، بل رغبة وصوت المرشد الأعلى لدولة الملالي قد فرضا نفسيهما على الجميع، وفقا للمجلة.

وأشارت المجلة إلى أنه اعتمادا على صحة خامنئي، من الممكن أن يصبح إبراهيم رئيسي الزعيم الجديد لإيران قبل نهاية فترة ولايته في المنصب؛ لكن شعبيا، لا يبدو الرجل مناسبا لأعلى منصب بالبلاد.

وتابعت: فرغم أنه كان قد أعلن الحرب على الفقر والفساد في الحملة الانتخابية؛ لكن الناس لا يعتقدون أن أي شخص، بصفته رئيسا للسلطة القضائية، لم يتحرك ضد الفساد سيبدأ الآن في الإصلاحات كرئيس، أو أن الوضع سيتحسن على يديه لو أصبح مرشدا أعلى.

وفي السياق ذاته، كتب المفكر الكويتي عبدالله النفيسي سلسلة تغريدات على "تويتر" في 22 حزيران/ يونيو 2021 قال فيها: "انتخاب إبراهيم رئيسي نذير شؤم لا شك في ذلك. فالرجل مشهور بأنه من  المتشددين المتطرفين في المعسكر الأصولي الحاكم في إيران".

وتابع: "لذلك أتوقع أن ينعكس ذلك على سياسات إيران القادمة في الخليج العربي خصوصا نحو مزيد من التشدد وربما الدموية في العراق وسوريا ولبنان واليمن والخليج العربي".

ورأى النفيسي أنه "من السذاجة التوهم بأن مفاوضات (النووي) تبحث في التفاصيل الفنية العلمية للموضوع وكفى. هي - ومنذ أيام (الرئيس السابق باراك) أوباما- تتطرق للإطار السياسي والإستراتيجي للموضوع وضمن ذلك (دور إيران المرسوم) في المنطقة. وانتخاب إبراهيم رئيسي مؤشر على ترحيب الغرب به كبديل لخامنئي مستقبلا".

وأردف: "زِد على ذلك فإنه مؤشر لترحيب الغرب بدور متصاعد لإيران في المنطقة يتزامن مع الانسحاب العسكري الأميركي منها وأجواء الثقة التي تحيط بتصريحات (عباس) عراقجي كبير المفاوضين الإيرانيين، حيث تشير إلى أن ثمة عاصمة عربية خامسةً ستسقط في حضن طهران إضافة لبغداد ودمشق وبيروت وصنعاء".

دلالات وعوامل

وعلى الصعيد ذاته، قال الكاتب إبراهيم نوار خلال مقال نشرته صحيفة "القدس العربي" في 22 يونيو/ حزيران إنه "عندما يتولى إبراهيم رئيسي منصب رئيس الجمهورية الإسلامية في إيران، في الثالث من أغسطس/ آب 2021، فإن كل أجهزة الحكم في طهران ستصبح على قلب رجل واحد هو، المرشد الأعلى علي خامنئي".

وأضاف نوار أنه "سيكون اليمين الديني المحافظ هو سيد الموقف في قيادة الحرس الثوري، ومكتب المرشد، ومجلس الخبراء، والمجلس الأعلى للأمن القومي، ومجلس صيانة الدستور، ومجلس الشورى، ومجلس الوزراء، الذي سيشكله رئيسي.

وتابع: "نظام الحكم يقوم على أساس مبدأ ولاية الفقيه وليس شورى الفقهاء، والولي الفقيه سيظل هو صاحب الكلمة الأعلى".

لكن الولي الفقيه خامنئي 82 عاما، الذي يعاني من سرطان البروستاتا منذ سنوات، قد يدركه الموت خلال فترة رئاسة رئيسي الأولى، أو الثانية، وفق قوله.

ويتابع: "لا يريد (خامنئي) أن يترك الدنيا ومن ورائه صراع داخل أجهزة الحكم، بين التيارين المحافظ والمعتدل، فقرر وضع قيادة الأجهزة تحت سيطرة المحافظين، وأصدر أوامره لمجلس الخبراء بعدم قبول ترشح كل الشخصيات التي قد تمثل خطرا على رئيسي".

ورأى الكاتب أنه "في حال وفاة خامنئي، فإن كل أجهزة الحكم ستكون على قلب رجل واحد، من المرجح أن يكون هو إبراهيم رئيسي، الذي سيصبح أقوى المرشحين لتولي منصب المرشد الأعلى، مسنودا بقوة أجهزة الدولة، بدون ذرة من الشك".

وأشار إلى أن "هذه دلالة رئيسة من دلالات كل الإجراءات التي اتخذها خامنئي لتهيئة رئيسي للحكم، ثم للخلافة عندما يحين الأجل".

فهل ستسير إيران على الطريق نفسه بدون تغيير خلال السنوات المقبلة؟ الإجابة هي نعم، إلا إذا لعب رئيسي الدور الذي لعبه أنور السادات بالحصول على ثقة (الرئيس المصري الأسبق) جمال عبد الناصر في حياته، ثم الانقلاب عليه بعد موته، وفق قوله.

ولفت الكاتب إلى أنه "مع انتقال رئيسي إلى رئاسة السلطة التنفيذية، فإنه سيواصل سياسة مكافحة الفساد، التي يحمل رايتها منذ صعوده إلى منصب رئاسة القضاء.

كما سيتوجب عليه تكثيف العمل من أجل مكافحة فيروس كورونا، وإعادة بناء الاقتصاد، الذي هبط بمعدلات سريعة خلال السنوات الثلاث الأخيرة.

 لكن مفتاح النجاح في هذه الأولويات يتوقف على نجاح المفاوضات النووية الجارية في فيينا. ومن ثم فإن إنجاز عودة الولايات المتحدة للاتفاق، هي استحقاق واجب، كما قال الكاتب.

وعلى نحو مماثل، قالت الباحثة المختصة بالشأن الإيراني، فاطمة الصمادي، خلال تصريحات لها في 20 يونيو/ حزيران 2021 إن "الرئيس الإيراني المنتخب إبراهيم رئيسي يعد من أبرز الأسماء المطروحة على صعيد خلافة المرشد الأعلى للثورة الإيرانية علي خامنئي.

وأضافت الصمادي أن هناك العديد من عوامل القوة التي تضاف لرصيد رئيسي في هذا الشأن، وهي: فوزه في الانتخابات الرئاسية الأخيرة، ووجوده خلال العامين الماضيين في السلطة القضائية وما أنجزه على صعيد مكافحة الفساد.

هذا إضافة إلى عضويته في لجنة الرئاسة بمجلس خبراء القيادة، وكذلك اتجاهه إلى استكمال تعليمه الديني للوصول إلى رتبة (مجتهد)، وهي مسألة مهمة في عملية اختيار المرشد الأعلى.

وطبقا للمادة (111) من الدستور الإيراني، فإنه بعد موت المرشد الأعلى للثورة الإسلامية في البلاد، ولحين تعيين شخص آخر مكانه، يتولى مجلس مؤلف من رئيس البلاد ورئيس السلطة القضائية وأحد فقهاء "مجلس صيانة الدستور" مؤقتا جميع مهام القيادة.