إعلام "الثورة العربية".. كيف دافع عن فلسطين أمام العدوان الإسرائيلي؟

سام أبو المجد | منذ ٣ أعوام

12

طباعة

مشاركة

"دور بارز" لعبته المؤسسات الإعلامية التي تتبنى خطاب ثورات الربيع العربي في التعريف بالقضية الفلسطينية عبر منصات التواصل الاجتماعي، إبان العدوان الإسرائيلي الأخير على على قطاع غزة والقدس المحتلة.

وأدى المحتوى الذي قدمته تلك المؤسسات هذه المرة "دورا نوعيا" فاق المرات السابقة، إذ عرف بالقضية الفلسطينية على نحو أوسع وبشكل أدق، ونقل حجم الاعتداءات الإسرائيلية على المدنيين والإعلاميين في فلسطين، على نحو تسبب في الضغط على إسرائيل والأطراف المتعاونة معها.

هذا الضغط أدى إلى فرض قيود من طرف منصات التواصل الاجتماعي على المحتوى الذي يتناول قضية القدس المحتلة والمقاومة الفلسطينية.

وتعدد المحتوى بين منشورات وتغريدات وفيديوهات وصور، وكانت "الهاشتاجات" التي تؤيد قضية فلسطين قد تصدرت في عدد من الدول العربية وبلغت الترند العالمي، من أشهرها #أنقذوا_الشيخ_جراح، #القدس_تنتفض، #غزة_تقاوم، #الأقصى_في_خطر، #غزة_تحت_القصف، وأخرى باللغة الإنجليزية، أشهرها #GazaUnderAttack، #SaveSheikhJarrah.

وتفاعل الشباب العربي نتيجة ذلك المحتوى على نحو غير مسبوق، كما كان النجوم ومشاهير الكرة العرب ضمن المتفاعلين مع الهاشتاجات والترندات العالمية، من بينهم الجزائري رياض محرز، والمصري محمد النني، بالإضافة إلى المغربي أشرف حكيمي، والتركي مسعود أوزال، وغيرهم من النجوم.

خلق الوعي

مثلت تلك الترندات، تظاهرة وانتفاضة إلكترونية، خلقت وعيا بأهمية القضية في ذهن شباب الربيع العربي، ما دفعه للتفاعل مع الفلسطيينين.

وظهر ذلك التفاعل الإيجابي عبر منصات أبرزها "رصد" و"مجلة ميم" و"الجزيرة بلاس"، من خلال حجم الالتفاف حول القضية والتعاطي معها، والتحايل على القيود التي فرضتها شركتا "فيسبوك" و"إنستغرام"، من خلال كتابة العبارات من غير نقاط أو وضعها في صورة وليست نصا، أو عبر تقطيع الكلمة حتى لا تقوم الخوارزميات بتقييدها.

وإلى جانب تكوينها الوعي بالقضية الفلسطينية وتعريف الشباب الناشئ والجيل الصاعد بالقضية، فإن هذا التفاعل قد جعل التطبيع الذي كان أقرب من أي وقت آخر، أمرا بعيد المنال، خصوصا في السعودية التي كانت ترغب بإعلان التطبيع لكنها تواجه صعوبة في الإفصاح عن ذلك وإقناع شعبها الذي يعارض الاعتراف بإسرائيل أو التطبيع معه.

وفي 18 مايو/أيار 2021، نقلت وكالة "رويترز" البريطانية عن الباحث في معهد تشاتام هاوس، نيل كويليام، قوله إنه "سيكون من المحال أن تفكر القيادة السعودية الآن في تطبيع العلاقات مع إسرائيل، ليس قبل عامين على الأقل".

وأضاف أن "مشاهد الدمار في قطاع غزة ستصعب على الأرجح نيل إسرائيل الجائزة الدبلوماسية الكبرى، ألا وهي اعتراف السعودية بها".

واستدرك هاوس قائلا: "لكن في الإمارات، التي اعترفت هي والبحرين بإسرائيل عام 2020 في إطار اتفاقيات أبراهام التي تدعمها الولايات المتحدة، يأتي الانتقاد الرسمي لإسرائيل الآن متوازنا في أغلب الأحيان مع تعبير شعبي عن انتقاد شديد اللهجة".

غير أن المستشار السابق لولي عهد أبوظبي، عبد الخالق عبد الله، غرد في مايو/أيار 2021 قائلا: إن "اتفاقيات أبراهام عملية لا رجوع فيها، لأنه من الواضح جدا أنها تتفق مع الأولويات الوطنية والمصالح الإستراتيجية للإمارات لذا فإنه لا عودة إلى الوراء".

ضغط على الاحتلال

الحملات الإعلامية تمكنت من نقل جرائم الاحتلال الإسرائيلي وانتهاكاته ضد المدنيين في قطاع غزة، وكسبت القضية العادلة تعاطفا دوليا ما شكل ضغطا على الاحتلال.

وأمام هذا التعاطف، قامت بعض المنصات الاجتماعية بتقييد بعض المحتوى الذي يؤيد الفلسطينيين ويهاجم الاحتلال، بشكل كان واضحا في انحيازه للكيان الإسرائيلي.

ونشر موقع "ذي إنترسبت" الأميركي تقريرا تناول عمليات الحذف المتكررة من جانب "فيسبوك" لمنشورات مؤيدة للفلسطينيين ومنتقدة لإسرائيل.

وأشار الموقع إلى السياسات التي تتبعها شبكة التواصل الاجتماعي لكي تحظر انتقاد إسرائيل، لا سيما وسط التوترات الأخيرة الناجمة عن محاولات استيطانية مستمرة للاستيلاء على ممتلكات الفلسطينيين وطردهم من منازلهم.

وخلال العدوان الإسرائيلي الأخير، قامت "فيسبوك" بتقييد منشورات تحتوي على عبارات مثل "صهيوني"، "حماس"، "مقاومة".. إلخ، بدعوى أنها تحرض على الكراهية، أو تنتهك المعايير.

كما قامت إداة فيسبوك بحذف حسابات شخصية وصفحات عامة لأنها قدمت محتوى ينتقد الاحتلال الإسرائيلي، فضلا عن حذف بعض الهاشتاجات مثل #الأقصى، قبل أن تقول إن ذلك "خطأ تقنيا".

وردا على هذا القيود على الحرية والتصرف الذي مثل انحيازا للطرف الإسرائيلي ضد الفلسطينيين، قام الشباب بحملات لتقييم تطبيق "فيسبوك" بنقطة واحدة، ما تسبب بانخفاض قيمة الأسهم وخسارة الشركة ملايين الدولارات، ما دفعها للقلق ثم للاعتذار.

وفي 23 مايو/أيار 2021، نشرت شبكة "إن بي سي" الأميركية رسالة داخلية مسربة قالت فيها إن إدارة "فيسبوك" قلقة للغاية بشأن حملة التقييمات السلبية التي تتعرض لها على خلفية تقييد وصول المحتوى الفلسطيني وطلبت من متاجر التطبيقات حذف التعليقات السلبية، من بينها شركة "آبل" التي رفضت طلبا قدمته "فيسبوك" من أجل حذف التعليقات السلبية.

من جهتها، اعتذرت "فيسبوك" لرئيس الوزراء الفلسطيني محمد اشتيه بشأن شكاوى تلقاها الموقع حول حجبه لمنشورات فلسطينية تناولت الصراع مع إسرائيل، وأقرت الشركة بأنها قامت بتصنيف بعض الكلمات شائعة الاستخدام بين الفلسطينيين مثل "شهيد" أو "مقاومة" على أنها تحريض لممارسة العنف وأكد أنه سيقوم بإجراء إعادة تقييم لعمليات الحظر.

وأدلى الرئيس السابق لسياسات وتطبيقات فيسبوك بالشرق الأوسط وشمال إفريقيا، أشرف زيتون بتصريح نقلته شاشات التلفزة العربية قال فيه: "مانراه الآن هو جزء من محاولة وعملية مستمرة من إدارة فيسبوك وإنستغرام لقمع الأصوات الفلسطينية وإجبار الأصوات الفلسطينية على عدم الوصول إلى العديد من دول العالم".

وأضاف: "برأيي الشخصي وبخبرتي العميقة في تلك الشركة أن هذا التبرير (حذف وسم الأقصى بكونه خطأ تقنيا) غير مقنع وغير صحيح.. هذه السياسة متعمدة، ومستمرة، ومنهجية، وليست سياسة فريدة أو خطأ تقنيا تم بسبب الحراك المستمر على الهاشتاجات الرئيسة".

إعلام مضاد

مقابل المؤسسات الإعلامية "الثورية"، قدم إعلام الثورات المضادة "خطابا معاديا" لأبناء فلسطين، حيث هاجمت قنوات "العربية" و"الحدث" و"سكاي نيوز" الممولة سعوديا وإماراتيا، حركة المقاومة الإسلامية "حماسا" ووصفتها بـ"الإرهاب" في وقت يتعرض فيها الفلسطينيون المدنيون للقصف من قبل صواريخ الاحتلال الإسرائيلي.

ومن شأن هذا الخطاب الذي يهاجم حماسا بدلا من مهاجمة العدوان الإسرائيلي أن يقدم خدمة لإسرائيل في شيطنة أعدائها.

وعلاوة على ذلك، فإن هاشتاج #صفر_تعاطف_معهم، وهاشتاج #فلسطين_ليست_قضيتي، قد تصدرت في كل من السعودية والبحرين، وتبنت الخطاب السعودي والإماراتي الرسمي في الهجوم على "حماس"، بالإضافة إلى تحميل الفلسطينيين اللائمة في العدوان الأخير عليهم، في تصرف رأى بعض الخبراء أنها هاشتاجات يديرها الذباب الإلكتروني في كل من الرياض وأبوظبي.

وغرد الأردني الذي يحمل الجنسية الإماراتية، وسيم يوسف، غبر حسابه قائلا: "تطلق حماس صواريخ بين مساكن ومنازل الناس، وحينما يأتي الرد (الإسرائيلي) تتباكى حماس وتصرخ أين العرب أين المسلمون؟ جعلتم غزة مقبرة للأبرياء والأطفال!".

وأضاف في تغريدة أخرى: "حينما تقوم إسرائيل بالرد على صواريخ حماس، يصرخون للعرب: وين الملايين! وطبعا الضحية أطفال ونساء وأبرياء غزة بسبب تصرفات رعناء حمقاء من حزب حماس الإرهابي".

أما الكاتب السعودي، خالد الزعتر، فقد دعا في تغريدة إلى "وضع فلسطين تحت وصاية قوات عربية مشتركة، ونزع سلاح حماس الإرهابية".

وفي 13 أبريل/نيسان 2021، تفجرت الأوضاع في الأراضي الفلسطينية، جراء اعتداءات "وحشية" إسرائيلية في القدس المحتلة، خاصة المسجد الأقصى وحي "الشيخ جراح" (وسط)، في محاولة لإخلاء 12 منزلا فلسطينيا وتسليمها لمستوطنين، ثم انتقل التوتر إلى الضفة الغربية، وتحول إلى مواجهة عسكرية في غزة.

وفجر 21 مايو/أيار 2021، بدأ تنفيذ وقف إطلاق النار بين الفصائل الفلسطينية في غزة وإسرائيل بوساطة مصرية ودولية، بعد هجوم شنته تل أبيب على القطاع استمر 11 يوما، وأدى لاستشهاد 255 فلسطينيا في القطاع.

وأسفر العدوان الإسرائيلي على الأراضي الفلسطينية إجمالا، عن 289 شهيدا، بينهم 69 طفلا، و40 سيدة، و17 مسنا، بجانب أكثر من 8900 مصاب، بينهم 90 إصابتهم "شديدة الخطورة".