عودة لسباق التسلح.. صحيفة روسية: واشنطن تقدم "هدية لا إرادية" لموسكو

12

طباعة

مشاركة

تحدثت صحيفة فزغلاد الروسية عن تطورات جديدة في سباق التسلح الأميركي الروسي، متطرقة إلى قرار الولايات المتحدة بوقف استخدام طائرات استطلاع وتجسس كانت تعمل في الأجواء الروسية.

وبموجب اتفاقية السماوات المفتوحة التي تم إقرارها في العاصمة الفنلندية هلسنكي عام 1992، كان كل طرف يراقب الآخر، لكن الولايات المتحدة قررت الانسحاب من الاتفاقية في مايو/أيار 2020، أي في فترة إدارة الرئيس دونالد ترامب للبلاد.

وقال الكاتب فيكتور سوكيركو: "هذه الخطوة الأميركية وإن لم تكن بموجب اتفاقيات بل بقرار داخلي أميركي، فهي بمثابة هدية تقدمها الولايات المتحدة للجيش الروسي وأجهزة استخباراته". 

إذ تستمر الطائرات الروسية من طراز توبوليف TU-204ON في الخدمة في أماكن مختلفة من العالم.

روسيا لم تتضرر 

ويشير الكاتب إلى أن روسيا لم تنزعج كثيرا من قرار ترامب، حيث إن إغلاق الأجواء الأميركية سيقابله نسخة طبق الأصل من الجانب الروسي.  

 ويذكر أن روسيا تمتلك دائما خيارات مفتوحة في أمور كهذه، فعلى سبيل المثال في عام 2019 حاولت موسكو في محادثاتها مع الطرف الأميركي الحفاظ على التكافؤ بين البلدين في معاهدة الصواريخ النووية قصيرة المدى. إلا أن تلك المحاولات باءت بالفشل غير أن روسيا لم تخسر شيئا. 

ويرى الكاتب أن اتفاقية السماوات المفتوحة تم إقرارها بطلب أميركي بل إن الولايات المتحدة كانت قد سعت لعقد اتفاقية مماثلة عام 1955 خلال فترة حكم الرئيس دوايت آيزنهاور ولكن تسارع وتيرة الحرب الباردة في تلك الحقبة حال دون التقدم بمبادرة في هذا الشأن.

إذ إن الثقة بين الطرفين كانت معدومة تماما ولم تكن من أهداف أي طرف السيطرة على أجواء الطرف الآخر أو تسيير رحلات استطلاعية فيها بشكل قانوني. 

ويضيف أن روسيا انضمت إلى المعاهدة عام 2001، إلا أنها بدأت بتسيير أولى رحلاتها الاستطلاعية عام 2008 وفتحت مجالها الجوي أمام الدول المشاركة في الاتفاقية وهي 37 دولة من بينها الولايات المتحدة لتقوم تلك الدول باكتشاف أي محاولات لعدوان لا يمكن التنبؤ به.

 ويفيد سوكيركو بأن روسيا استخدمت في البداية طائرات استطلاع تم تجهيزها بمعدات خاصة تسمح بها بنود الاتفاقية من طراز AN-30B وTU-154M LK-1.

أما عن النسخة المعدلة من طائرات توبوليف الاستطلاعية TU-214ON، فيشير أنه تم تصميم طائرتين منها عامي 2011 و2013.

إلا أن كلتا الطائرتين قضيتا معظم الوقت على المدرج بسبب شكوك الأميركان بأن الروس وضعوا على متنها أنظمة تجسس لا تسمح الاتفاقية باستخدامها.

 ونتيجة لذلك لم تقم الطائرات الروسية إلا بأداء طلعة واحدة في أجواء الولايات المتحدة عام 2019، حيث حلقت فوق ولايات تكساس ونيومكسيكو وكولورادو.

وفقدت الطائرتان أهميتهما على الأقل في إطار تلك المعاهدة عندما أعلنت روسيا انسحابها منها في يناير/كانون الثاني 2021. 

ويضيف سوكيركو أن طائرات تولوليف من طراز "ON" تحتوي على معدات للتصوير الرقمي ورادارات استطلاع جانبي مع معدات مركبة ومعدات الأشعة تحت الحمراء مما يجعلها مختبر استطلاع جوي قادر على مسح القطع العسكرية في إطار دائرة نصف قطرها 250-400 كم خلال تحليقها على ارتفاع 9-12 كم.

كما تحمل معدات تمكنها من الاتصال بمركز القيادة والتحكم طوال فترة التحليق. ومن المحتمل – بحسب الكاتب - أن تكون هذه الخصائص هي سبب رفض الولايات المتحدة استخدام هذه الطائرة  في رحلات الاستطلاع فوق أراضي الولايات المتحدة. 

في الوقت نفسه يشير الكاتب إلى قدرات طائرات الاستطلاع الأميركية Boeing OS-135V العالية جدا حيث إن إمكانياتها في "الرؤية والسمع" تغطي عدة مئات من الكيلومترات.  

تغييرات طفيفة

ويضيف الكاتب: "الآن أصبح معروفا لنا أن الولايات المتحدة تنوي سحب طائرات الاستطلاع Boeing OS-135V من الخدمة وإتلافها".

هذه المعلومات كانت قد نشرتها صحيفة World Herald التي تصدر في ولاية نبراسكا حيث توجد طائرتان من هذا الطراز تربضان في قاعدة سلاح الجو الأميركي هناك.

وكان العميد المتقاعد دون بيكون القائد السابق للجناح 55 في سلاح الجو الأميركي هو من سرب تلك المعلومات للصحفيين حيث إن ذلك الجناح يضم سرب الاستطلاع 45 وكان ذلك تعليقا على تقرير القائم بأعمال وزير سلاح الجو الأميركي جون روث. 

ويركز الكاتب على أن طائرات الاستطلاع والتجسس Boeing OS-135V كان قد تم إعدادها للمرة الأولى وفقا لمعاهدة الأجواء المفتوحة عام 1993.

 وقد بنيت على هيكل ومعطيات طائرة النقل العسكرية ستراتوتانكر KS-135 Stratotanker التقنية وهي طائرة نفاثة متعددة الأغراض تحمل أربعة محركات دفع تم تصنيعها بين أعوام 1945 و1965 وأن العمر الافتراضي لها هو 60 عاما أي أنها استنفذت ذلك العمر وتوجب سحبها من الخدمة.

على الرغم من ذلك تمتلك الولايات المتحدة عشرات الطائرات ذات المهام الاستطلاعية التجسسية الحديثة وهي لا تنوي الاستغناء عنها.

 بينما يختلف الوضع بالنسبة لروسيا حيث إن موسكو لا تمتلك الكثير من طائرات هذا النوع.

 وحتى مشروع تطوير طائرة TU-214ON وتحديثه إلى TU-214R  أي تحويلها من طائرة تحمل معدات مطابقة لمعاهدة الأجواء المفتوحة إلى طائرة استطلاع وتجسس أكثر فعالية كانت محاطة بالعديد من العقبات التي أخرت تنفيذ ذلك المشروع.

ويرى سوكيركو أن خروج الولايات المتحدة من معاهدة الأجواء المفتوحة ومن بعدها روسيا فتح أمام الأخيرة بابا كبيرا لتطوير طائرات توبوليف.

إذ إن طائرتي توبوليف TU-214ON تم تصنيعهما قبل ثماني وعشر سنوات، بالإضافة إلى أنهما كانتا طول فترة الخدمة لا تستخدمان كثيرا وهذا يعني أنهما مازالتا قادرتين على الخدمة لفترة طويلة ما يجعل الحديث عن تحديثهما وتطوير معداتهما إلى TU-214R أكثر واقعية وأقل تكلفة.

ويشير سوكيركو أن عملية التحديث لا تتطلب تغييرات جوهرية على معدات الطائرة، فقط يمكن إضافة بعض معدات التجسس الجديدة.

بعد ذلك، ستصبح الطائرتان جاهزتين لخدمة هيئة أركان القوات الجوية الروسية والتي تمتلك في هذه اللحظة طائرتين من نوع TU-214R إحداهما موجودة الآن في قاعدة حميميم بسوريا ومن الواضح أن وجودها هناك ليس بهدف التخزين. 

وتوضيحا لحقيقة أن طائرات الاستطلاع والتجسس تعتبر معدات سرية يذكر الكاتب أن معطيات تلك الطائرات التقنية وقدراتها الحقيقية لا تنشر للعلن ، وأن ما سمح بنشره هي قليل من كثير.

ويروي أنه وفق المعطيات المتاحة فإن طائرات TU-214R مزودة بمعدات شديدة الفعالية تمكنها من اكتشاف أهداف تحت الأرض لم تكن تستخدم في طائرات TU-214ON التي كانت تخضع لشروط معاهدة الأجواء المفتوحة وتتعرض لفحص وتدقيق من قبل الدول التي تحلق في أجوائها وهذا هو أهم مكسب في هذه المرحلة، وفق رأيه.