محادثات غير مباشرة في فيينا.. هل تنهي حالة التوتر بين طهران وواشنطن؟

يوسف العلي | منذ ٣ أعوام

12

طباعة

مشاركة

في ظل حديث الولايات المتحدة عن "خطة" لإجراء محادثات غير مباشرة مع إيران حول برنامجها النووي، فإن الكثير من التساؤلات برزت بخصوص تقديرات الطرفين في البدء بحوار، وهل بالفعل حان الوقت للدخول في مفاوضات تنهي حالة التوتر بين طهران وواشنطن؟

يأتي ذلك عقب اجتماع أطراف الاتفاق النووي (إيران، روسيا، الصين، فرنسا، ألمانيا، وبريطانيا) في فيينا 2 أبريل/ نيسان 2021، والذي اعتبره مدير منظمة الطاقة الذرية الإيرانية علي أكبر صالحي، بأنه كسر الطريق المسدود لعودة إيران والولايات المتحدة إلى الاتفاق النووي.

خطة أميركية

تحدثت الولايات المتحدة عن خطة أعدتها للحوار غير المباشر مع إيران، وقال المتحدث باسم الخارجية الأميركية، نيد برايس، إن بلاده أعدت خطة لإجراء مفاوضات غير مباشرة حول برنامج إيران النووي في فيينا، مؤكدا أن "واشنطن لا تتوقع حاليا أن يتم إجراء مفاوضات مباشرة، رغم أنها مستعدة لذلك".

وأكد برايس خلال بيان أصدره في 2 أبريل/ نيسان 2021، أن الولايات المتحدة لا تتوقع "انفراجة فورية" بل تتوقع "مفاوضات صعبة"، مشيرا إلى أن المباحثات المقبلة في فيينا ستجرى في إطار مجموعات العمل التي شكلها الاتحاد الأوروبي بمشاركة أعضاء حاليين في الاتفاق النووي، من بينهم إيران.

ولفت المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية، إلى أن المواضيع الرئيسة للاجتماع في فيينا هي دراسة بعض الإجراءات من أجل التنفيذ الكامل لبنود الاتفاق النووي من قبل إيران، وكذلك دراسة عدد من الإجراءات من أجل خفض العقوبات.

وألمح برايس إلى أن بلاده لا تتطلع في الوقت الحالي إلى "مفاوضات مباشرة بين الولايات المتحدة وإيران في هذه المرحلة من العملية (المفاوضات)، رغم أن الولايات المتحدة لا تزال ترحب بذلك".

وفي المقابل، أكد دبلوماسي إيراني أنه لا نية لعقد مفاوضات مباشرة، أو غير مباشرة، مع الولايات المتحدة خلال المحادثات المقررة في 6 أبريل/ نيسان 2021، في فيينا بشأن الملف النووي.

ونقلت وكالة الأنباء الإيرانية "إرنا" في 4 أبريل/ نيسان 2021، عن مساعد وزارة الخارجية الإيرانية للشؤون السياسية عباس عراقجي، القول: "ليست لدينا مفاوضات مباشرة أو غير مباشرة مع الولايات المتحدة"، مضيفا أن المباحثات ستتم مع باقي أطراف الاتفاق النووي.

وأضاف: "محادثاتنا في فيينا هي مجرد محادثات تقنية حول العقوبات التي يجب رفعها"، مشددا بالقول: "يجب على الولايات المتحدة أن ترفع جميع العقوبات التي فرضها (الرئيس الأميركي السابق دونالد) ترامب أو أعاد فرضها على إيران".

بينما أكد مسؤول أوروبي لوكالة "رويترز" في 2 أبريل/ نيسان 2021 أن الولايات المتحدة وإيران والدول الأخرى الموقعة على الاتفاق النووي تسعى إلى إحياء الصفقة في غضون شهرين، مبينا أن وفدي الطرفين يشاركان في الاجتماع (فيينا) لكنهما لن يحضرا في غرفة واحدة.

انقسام إيراني

لكن تقريرا نشرته صحيفة "وول ستريت جورنال" في 2 أبريل/ نيسان 2021 أكد بأن مسؤولين أميركيين كبارا سيشاركون في المشاورات المقبلة مع الأطراف الموقعة على الاتفاق النووي في فيينا.

ونقلت الصحيفة عن دبلوماسيين غربيين تأكيدهم أن الأطراف الموقعة على الاتفاق، والتي عقدت اجتماعا افتراضيا في 2 أبريل/ مارس 2021، اتفقت على استئناف المشاورات بينها في فيينا، بما يعد أول جهد ملموس لإنقاذ الصفقة النووية مع إيران، منذ تولي الرئيس الأميركي جو بايدن مقاليد الحكم في يناير/ كانون الثاني 2021.

وتابعت مصادر الصحيفة: "سيجتمع مسؤولون بارزون من جميع الأطراف في الاتفاق ومسؤولون كبار من الولايات المتحدة في العاصمة النمساوية، لكن لن تجري هناك مشاورات مباشرة بين المسؤولين الأميركيين والإيرانيين".

تقرير الصحيفة الأميركية أشار إلى وجود حالة من الانقسام بين قادة إيران السياسيين حول كيفية الاستجابة لمبادرة بايدن، لبدء مفاوضات تستهدف إعادة إحياء الاتفاق الدولي الذي يضع سقفا لطموحات طهران النووية مقابل رفع العقوبات.

ويعكس هذا الانقسام الخلافات حول المدة التي يمكن أن تصمد فيها إيران تحت وطأة الضرر الاقتصادي الناجم عن العقوبات والمناورات السياسية قبل الانتخابات الرئاسية، في يونيو/حزيران 2021، حول من سيكون قادرا على نسبة الفضل لنفسه في حال رفع العقوبات.

ووفقا لدبلوماسيين تحدثوا للصحيفة، فإن هذا الانقسام أدى إلى صعوبة التنبؤ بالوقت وتحت أية ظروف ستكون إيران على استعداد للقاء الولايات المتحدة.

الرئيس حسن روحاني، صرح، بأن طهران يجب أن تكون على استعداد للعودة إلى قيود الاتفاق النووي، إما دفعة واحدة أو على مراحل، ما دامت الولايات المتحدة تبادر أولا برفع -على الأقل- بعض العقوبات الاقتصادية المدمرة التي فرضتها.

بينما يجادل السياسيون المعارضون الأكثر تحفظا، الذين يسيطرون على البرلمان (مجلس الشورى الإيراني)، بأن واشنطن يجب أن ترفع جميع العقوبات التي فرضتها إدارة ترامب قبل استئناف إيران التزامها بالاتفاق الذي يضم بخلاف إيران والولايات المتحدة، كلا من ألمانيا وبريطانيا وروسيا والصين وفرنسا.

ونقلت الصحيفة عن أبو الفضل عموئي، النائب المحافظ الإيراني البارز، قوله: "لم يجرِ الأميركيون أية محادثات معنا قبل مغادرة خطة العمل الشاملة المشتركة، لذلك لا حاجة لإجراء محادثات من أجل عودتهم"، بينما قال دبلوماسي أوروبي كبير في طهران: "إيران بحاجة إلى الحصول على شيء لكن ليس من الواضح ما هو هذا الشيء".

نزول عن الشجرة

وعن مؤشرات الاجتماع غير المباشر المحتمل بين طهران وواشنطن، والذي يعد الأول من نوعه بين البلدين في عهد بايدن، فقد رأت صحيفة "القدس العربي" خلال مقالها الافتتاحي 2 أبريل/ نيسان 2021، أن المساعي الدولية للتقريب بين أميركا وإيران قد آتت ثمارها أخيرا، وأن الطرفين باشرا النزول عن شجرة النزاع التي ساهمت سياسات ترامب في وصولها إلى ذروتها.

وأوضحت أن "المفاوضات عمليا تتركز على قائمتين، الأولى تتعلق بالالتزامات النووية التي ستتعهد إيران بتنفيذها، والثانية تتعلق بالعقوبات التي ستقوم الولايات المتحدة الأميركية والاتحاد الأوروبي برفعها".

مضيفة: "وبما أن القوى الدولية المؤثرة، بما فيها الصين وروسيا، إضافة إلى الطرفين الرئيسين، واشنطن وطهران، ستحاول تعديل هاتين القائمتين، فإن ما سيحصل سيكون عبارة عن اتفاق نووي جديد".

ورأت الصحيفة أن طهران تحاول الاستفادة من إستراتيجيات الإدارة الأميركية الجديدة التي أثارت قلق الصين وغضب روسيا، وقد ساهم التقارب الصيني ـ الإيراني، الذي تصاعد مؤخرا مع إعلان "اتفاقية التعاون الإستراتيجي" بين البلدين، في دفع الأميركيين لإعادة ترتيب أولوياتهم، ولجؤوا إلى ما سموه "الاصطفاف التكتيكي" مع بكين، لضمان تعاونها لاحتواء البرنامج النووي الإيراني.

وتابعت: "إضافة إلى إعلان رفض العروض الجزئية الأميركية فقد حركت طهران أوراقها الكثيرة، خصوصا في مناطق نفوذها العربية، فشهدنا تصعيدا كبيرا في اليمن، واستعصاء سياسيا وتهديدات بالعودة للحرب الأهلية في لبنان، واستمرار استهداف قوات التحالف في العراق، والإصرار على وجودها السياسي والعسكري في سوريا".

وأشارت إلى أنه "رغم إصرار واشنطن على إغلاق الملف النووي الإيراني، وإعلانها عن سحب جزء من قواتها من السعودية والخليج العربي، فالواضح أن إدارة بايدن لا تريد إعطاء انطباع بتراجع كبير لاهتمامها بقضايا العالم العربي، خصوصا في مناطق نفوذ إيران، وهو ما ظهر في مشاركتها باجتماع لتمويل تداعيات الأزمة السورية، ومحاولاتها إنهاء حرب اليمن، وفي علاقاتها مع العراق ولبنان".

وعلى نحو مماثل، سلطت صحيفة إسرائيلية، الضوء على الجهود الدبلوماسية خلال الأيام الأخيرة، الهادفة لعودة الولايات المتحدة برئاسة بايدن إلى الاتفاق النووي، تزامنا مع اجتماع بين طهران والدول الموقعة على الاتفاق (4+1) عبر تقنية الفيديو، لبحث الاتفاق وضمان تنفيذه.

وقال الخبير النووي الإسرائيلي أرييل "إيلي" ليفيت في مقال نشرته صحيفة "يديعوت أحرونوت" العبرية، 3 أبريل/ نيسان 2021 إن "تل أبيب تحلم في أحلام اليقظة مع تسارع إيران نحو الأسلحة النووية"، مشيرا إلى أن الولايات المتحدة تحاول بشكل يائس إغراء طهران للعودة إلى الاتفاق.

وتابع ليفيت: "يجب على تل أبيب أن تطالب بتطبيق ضوابط وتوازنات، لتعويض أية مخاطر تنطوي على الخطوة الأميركية المتوقعة بالعودة إلى الاتفاق النووي"، معتقدا أن "طهران اقتربت من امتلاك ترسانة نووية أكثر من أي وقت مضى".