تحقيق جديد في نيجيريا: هكذا جرى التلاعب بنتائج الانتخابات الأخيرة

12

طباعة

مشاركة

تطرقت صحيفة إيطالية إلى تحقيق استقصائي أوّلي أُجري في نيجيريا حول مؤشر الفساد، كشف وقوع تلاعب وممارسة ضغوط وترهيب بالإضافة إلى دفع رشاوى للقضاة، بهدف التأثير على النزاعات السياسية والانتخابية داخل أروقة المحاكم. 

وأدى نشر التحقيق الاستقصائي الحديث إلى التشكيك مجددا في نتائج انتخابات 2019 التي فاز بها الرئيس الحالي محمد بخاري.

وذكرت صحيفة "نيغريسيا" أن مجموع الرشاوى التي أقرت مجموعة من المحامين النيجيريين الذين قابلتهم أكاديمية مكافحة الفساد في نيجيريا، بأنها دفعتها بشكل أساسي للقضاة والموظفين العاملين في المحاكم بين 2018 و2020، بلغ 5 مليارات و733 مليون نيرة، أي حوالي 15 مليون دولار.

وقامت اللجنة المستقلة المعنية بالممارسات الفاسدة والجرائم الأخرى ذات الصلة، وهي وكالة اتحادية لمكافحة الفساد، بإعداد ونشر أحدث تقرير عن مؤشر الفساد في نيجيريا في ديسمبر/كانون الأول 2020.

أُجري هذا المسح التجريبي على عينة صغيرة من الأشخاص وممثلين عن السلطة التنفيذية، التشريعية والقضائية والمؤسسات الخاصة، وسيليه تحقيق أكثر شمولا وتعقيدا. 

ممارسات الفساد

وتشير الصحيفة الإيطالية إلى أن الجميع يدرك أن استمرار ممارسات الفساد في نيجيريا هو نتيجة لتواطؤ قوي بين القطاعين العام والخاص. 

حدد المسح مؤشر فساد يقارب 48، على مقياس من 0 (لا يعد فساد على الإطلاق) إلى 100 (فساد تام)، لذلك تهدد ظاهرة الفساد بشدة نيجيريا، وفق الصحيفة الإيطالية. 

ويكشف التقرير عن حصول شركات خاصة على عقود عمومية ثم قيامها بتحويل الأموال التي حصلت عليها من تلك العقود إلى جيوب خاصة، دون تنفيذ الأعمال التي كلفت بها.

وتعمل شركات أخرى ضمن أطر قانونية، وتتظاهر بقيامها بأعمال خيرية مشكوك فيها وتدعي تخصيص تبرعات للوزارات والوكالات الحكومية لاستخدامها لصالح المجتمع، وبدلاً من ذلك يتم إرسالها إلى الموظفين العموميين "لمكافأتهم على عملهم". 

وأردفت الصحيفة الإيطالية أن ما أثار ضجة بعد نشر التقرير هو ارتفاع مستوى الفساد داخل مرفق القضاء، على إثر الكشف عن ممارسات فساد "غير نقدية"، مثل التخويف والضغط لقضاء مصلحة معينة وأخرى "نقدية" بالحصول على مبالغ كبيرة.

وبتسجيلها 63 درجة على مقياس  الفساد من 0 إلى 100، أثبتت العدالة أنها الجهاز الأكثر فسادًا في نيجيريا، تليها الشركات الخاصة (44)، ثم السلطة التنفيذية (42) والسلطة التشريعية (41).

يتضح ذلك من خلال إقرار 63 من بين 638 محاميًا تمت مقابلتهم، وحمايتهم بعدم الكشف عن هويتهم، بأنهم دفعوا رشوة تتعلق بشكل أساسي بالنزاعات السياسية والانتخابية.  

ومن جهتهم، اعترف 11 من أصل 121 قاضيًا تمت مقابلتهم، لم يكشف عن هويتهم أيضًا، بتلقيهم عروض رشوة للتأثير على القضايا التي من اختصاصهم.

وبحسب ما كشف عنه التقرير، استخدم المحرضون أحيانًا الأزواج والأقارب، السلطات الدينية، الزعماء التقليديين، زملاء العمل السابقين أو المتعاونين مع القضاة لرشوة القضاة. 

أجبرت هذه الوسائل القضاة على عدم الإبلاغ عن هذه الممارسات التي كانوا ضحايا لها، وذلك خوفًا من الاضطرار إلى مقاضاة أحد أحبائهم. 

وأضافت الصحيفة أن من بين الممارسات التي أثرت على استقلالية ونزاهة العدالة والسير المنتظم للعملية القضائية، التلاعب الاحتيالي بالمستندات القانونية الموجودة في حوزة المحاكم، وقد ثبتت مسؤولية الموظفين العاملين بهذه الدوائر في ارتكاب هذه التجاوزات.

شكوك حول الانتخابات 

لفتت الصحيفة إلى أن نشر التقرير قوبل بفيض من النقد والثناء على العمل الاستقصائي الذي قامت به أكاديمية مكافحة الفساد في نيجيريا واللجنة المستقلة المعنية بالممارسات الفاسدة والجرائم الأخرى ذات الصلة.

بالتزامن مع ذلك، هناك أيضًا من أثار من جديد الشكوك حول نزاهة الانتخابات الرئاسية والبرلمانية التي أجريت في فبراير/شباط 2019، وذلك بعد أن أعلنت مفوضية الانتخابات قبل ساعات قليلة من  بداية التصويت عن تأخير الموعد المحدد لمدة أسبوع، من 16 إلى 23 من ذلك الشهر. 

وبررت المفوضية قرار التأجيل بوجود مشاكل لوجستية منكرة وجود ضغوط سياسية، لكن ذلك لم يبث الهدوء في نفوس النيجيريين الغاضبين من سوء التنظيم ومن ممارسات الترهيب والعنف الذي تعرضوا له منذ بداية الحملة الانتخابية في أكتوبر/تشرين الأول 2018.

وفي تلك الفترة، تحدثت تقارير عديدة عن تهديد الناخبين واقتحام مراكز الإقتراع من قبل مسلحين تابعين لكلا الحزبين الرئيسين المتنافسين، المؤتمر التقدمي  وحزب الشعب الديمقراطي، ولقوات الشرطة. 

وفاز الرئيس محمد بخاري، من حزب المؤتمر التقدمي، بولاية رئاسية ثانية بنسبة 56  بالمئة من مجموع الأصوات في الانتخابات الرئاسية التي لم تشهد إقبالا كبيرا.

في المقابل، ادعى ممثل حزب الشعب الديمقراطي المرشح المعارض أتيكو أبو بكر، حصول تزوير، ووافقت محكمة نيجيرية على طلب الحزب إعادة التثبت من سجلات الناخبين وأوراق الاقتراع والوثائق المستخدمة للتصويت. 

وخلصت الصحيفة إلى القول إن سهام النقد تنهال مجددا على إدارة الرئيس بخاري التي بات يُنظر إليها بريبة، بعد سوء تعاملها مع الاحتجاجات ضد العنف البوليسي المعروفة بـ''سارس'' في أكتوبر/تشرين الأول 2020.