كورونا يحصد أرواح المصريين.. هكذا فضحت مواكب الموت كذب حكومة السيسي

أحمد يحيى | منذ ٣ أعوام

12

طباعة

مشاركة

"البَعرةُ تَدُلُّ على البعير، والأَثَرُ يَدُلُّ على المَسير"، هكذا كانت الوقائع التي رآها الناس في مصر رأي العين، ودلت على حجم خطر "كورونا" المحدق بملايين المواطنين.

يوم 22 ديسمبر/كانون الأول 2020، تداول الكثيرون على وسائل التواصل الاجتماعي واقعة مسجد العمري بمحافظة الإسكندرية (شمالا)، حيث خرجت منه في ذلك اليوم نحو 66 جنازة.

الحدث مثل صدمة كبيرة للمصريين، خاصة بعدما تأكد أن عدد الجنازات اليومية الخارجة من المسجد ما بين 5 إلى 15 جنازة، كما أورد الطبيب "شريف زلط" عبر صفحته بموقع "فيسبوك".

أما الصحفي "حمدي رزق"، فكتب مقالة بصحيفة "المصري اليوم" يوم 18 ديسمبر/كانون الأول 2020، بعنوان "رائحة الموت" وقد هاله عدد ضحايا "كورونا" المرتفع والملحوظ.

"رزق" قال: "بتّ أخشى ولوج فيسبوك، كلما فتحته تصدمني متوالية التعازي الحارة، كل ينوح، وكل يشاطر العزاء، باتت الصفحة حزينة، متشحة بالسواد". 

وأضاف: "أرقام وفيات الفيروس تحولت إلى أسماء وصور، حاجة تقطع القلب، لفتني هذا الذي يحدث على مدار الساعة، ويلوّن حياتي صباح مساء باللون الأسود، صار الموت محيطا بالعباد".

وهو ما أكده الخبير المصري، "مراد علي"، المتخصص في الإدارة الإستراتيجية وإدارة الأزمات، عندما كتب على حسابه بموقع "تويتر" قائلا: "كارثة في مصر.. "بي بي سي" تقول: "إنه بناء على الإحصاءات الرسمية، فإن معدل الوفيات في مصر زاد 60 ألف حالة وفاة خلال 3 شهور (مايو- يونيو-  يوليو)، مقارنة بمتوسط الوفيات في ذات الشهور خلال 5 سنوات. يا ترى شكل الوفيات هيبقي إزاي بعد المهرجانات؟ لا بد من إجراءات مشددة للتباعد الاجتماعي".

 

حصد الأرواح

من الاستدلالات التي تبرهن على زيادة أعداد المتوفين بكورونا في ظل تعتيم وزارة الصحة، وحرص المنظومة الحكومية على عدم إظهار أرقام دقيقة بصدد الجائحة، هو تتبع أخبار الشخصيات المشهورة وذات الطابع الرسمي، خاصة من قطاعات مثل كبار ضباط الجيش والشرطة، والمستشارين والقضاة، وأعضاء مجلس النواب، الذين ماتوا متأثرين بكورونا في الفترة الأخيرة.

يوم 31 أكتوبر/تشرين الأول 2020، أعلن وفاة اللواء "محمد إبراهيم"، مساعد وزير الداخلية، مدير الإنتربول المصري، ومدير أمن الإسكندرية، وفي 19 نوفمبر/تشرين الثاني 2020، توفي الدكتور السيد "متولي رضوان"، (شهرته هرماس رضوان) وهو رئيس "نادي بني عبيد الرياضي"، ومرشح سابق على مقعد رئاسة اتحاد كرة القدم المصرية.

وفي 6 ديسمبر/كانون الأول 2020، أعلنت الكنيسة القبطية الأرثوذكسية في مصر، تصاعدا في حالات الوفاة بين الكهنة معظمها كان بسبب الإصابة "بفيروس كورونا"، وحسب بيان رسمي من الكنيسة، فإنه خلال شهر واحد فقط، من بداية نوفمبر/تشرين الثاني، وحتى أول ديسمبر/كانون الأول، لقي 18 كاهنا حتفهم متأثرين بالفيروس.

كما نعت وزارة شؤون المجالس النيابية يوم 19 ديسمبر/كانون الأول 2020، وفاة اللواء "حاتم محمود شوقي"، زوج شقيقة المستشار "علاء الدين فؤاد" وزير شؤون المجالس النيابية، وفي نفس اليوم توفي أيضا اللواء "نشأت الهلالي" مساعد وزير الداخلية، ورئيس أكاديمية الشرطة الأسبق.

ويوم 24 ديسمبر/كانون الأول 2020، أعلن وفاة رئيس نادى الزمالك "المكلف"، المستشار "أحمد البكري" متأثرا بفيروس كورونا، وذلك بعد 24 يوما فقط من تكليفه بإدارة القلعة البيضاء، قبل أن يصاب ويدخل على إثرها المستشفى، ويلقى حتفه. 

وفي 25 ديسمبر/كانون الأول 2020، توفي الدكتور "السيد شحاته" رئيس البرامج الرياضية، وكبير المخرجين بقناة الدلتا بالتلفزيون الرسمي، وفي نفس اليوم توفي المستشار "لاشين إبراهيم"، رئيس الهيئة الوطنية للانتخابات.

وفي 26 ديسمبر/كانون الأول 2020، توفى اللواء، "حسن عيد"، عضو مجلس النواب عن محافظة السويس، ليلحق بزوجته التي توفيت قبله بيوم للسبب نفسه، فيما توفي شقيقه اللواء "فوزى عيد" مساعد وزير الداخلية الأسبق يوم 11 من نفس الشهر.

في نفس اليوم 26 ديسمبر/كانون الأول 2020، تسبب "فيروس كورونا" في وفاة كل من اللواء "طاهر عبده الإمام" مساعد وزير الداخلية السابق، وكذلك اللواء "عمرو عبد السلام الوكيل"، وكلاهما من أبناء جهاز أمن الدولة (الأمن الوطني) حاليا.

كما تأكد إصابة 4 مذيعين، حسبما أفادت مصادر إعلامية محلية من بينها صحيفة "اليوم السابع" يوم 26 ديسمبر/كانون الأول 2020، وهم: "كريم شحاته" الذي يقدم برنامج "كورة إف إم" على إذاعة الشباب والرياضة (حكومية)، و"سيف زاهر" الذي يقدم برنامج "ملعب أون تايم" عبر شاشة "أون تايم سبورتس" (خاصة).

قبلها بيوم، كشفت وسائل إعلام محلية إصابة كل من المذيع "وائل الإبراشي" وزميلته "دينا عبد الكريم"، ويتشارك "الإبراشي مع دينا" في تقديم برنامج "التاسعة" على شاشة القناة الأولى بالتليفزيون الرسمي.

كما كشفت المصادر ذاتها، عن إصابة الممثلة "يسرا" والممثلين والمنتجين "كريم فهمي، هشام جمال، جمال العدل" والمخرجة "إيناس الدغيدي" بالفيروس.

كانت هذه عينة عشوائية من وفيات "كورونا" خلال الشهر الأخير، وترتكز إلى شخصيات عامة، وبالتالي فإن قياس هذه النسبة على عامة الشعب المصري، تقرب الواقع المأساوي لأعداد الوفيات الحقيقية.

10 أضعاف 

عضو اللجنة القومية لمكافحة "فيروس كورونا" في مصر، الدكتور "محمد النادي"، وهو متخصص في الأمراض الصدرية، أدلى بتصريح صادم يوم 20 ديسمبر/ كانون الأول 2020، عندما قال: "الرقم الحقيقي لإصابات كورونا في مصر 10 أضعاف المعلن، وسنكون مجاملين أيضا لأن هذا أقل تقدير".

وفيات الأطباء المرتفعة في مصر، منذ بداية انتشار الفيروس، أعطت أيضا دلالات على عمق الأزمة، وحسب بيان نقابة الأطباء المصريين الصادر في 22 ديسمبر/كانون الأول 2020، فإن إجمالي وفيات الأطباء بكورونا بلغ 247 حتى الآن.

الطبيب بمستشفى قنا العام "بدوي إبراهيم"، يرى أنه "لا يوجد نظام مركزي لعمل إحصاء دقيق في مصر خاص بوفيات كورونا، وأن الأرقام المعلنة لا تعبر مطلقا عن الواقع، وبلا مبالغة هناك مئات الوفيات يوميا بسبب الفيروس إن لم يكن أكثر، في مختلف المحافظات، وكثير من تلك الحالات لا تسجل أنها كورونا، وتصنف أسباب أخرى". 

وأضاف في حديثه مع "الاستقلال": أن "إشكالية قيد أسباب الوفاة، تأتي وفقا لخضوع المريض للمسحة (PCR)، وتسجيله كمصاب بالفيروس، فإن لم يتم تسجيله وبدت عليه الأعراض وتوفاه الله قبل أن تظهر النتيجة، يقيد (اشتباه بكورونا)".

وتابع الطبيب: "الشعار الدارج والمبدأ المعروف (الوقاية خير من العلاج)، كان يجب أن يطبق، وأن ترفع أعداد الإصابات والوفيات الحقيقية، حتى يشعر المواطن بخطورة الأمر".

وأوضح: "عندما تقول البيانات الرسمية، أن عدد الوفيات 20 بينما الحقيقة هي 1000 و2000، يشعر الناس بالأمان، ويتهاونون في الإجراءات الوقائية، وفي حماية أنفسهم وأقاربهم، وبالتالي تحدث الكارثة، وهناك عائلات فقدت أفراد كثر من نفس الأسرة، وخاصة كبار السن، الذين لا يستطيعون تحمل المرض".

وختم حديثه بالقول: "كذلك كان يمكن للتوعية أن تتجاوز ضعف إمكانيات المنظومة الصحية في مصر، من نقص الأجهزة والمستلزمات الطبية، وعدد الأسرة وغرف العناية المركزة وأجهزة التنفس الاصطناعي، وكثير من المرضى يموتون بسبب عدم توفر تلك الإمكانيات".


المصادر