غير مرتبطة بالجغرافيا.. تعرف على أبرز مخاطر الحروب السيبرانية العالمية

12

طباعة

مشاركة

تساءلت "وكالة الأناضول التركية" عن مدى تهديد الحروب الإلكترونية للأمن القومي العالمي، وعما إذا كان باستطاعة الحروب السيبرانية تدمير حياة الناس اليومية.

وعرضت الوكالة في مقال للأستاذة في جامعة "يلدرم بايزيد" في أنقرة، "مروة سيرين"، قائمة من الأسئلة عن هذا الموضوع، من بينها: هل من الممكن حقا القبض على مرتكبي الجرائم الإلكترونية الحقيقيين؟

وبحسب "سيرين" فقد بدأت العديد من البلدان والمؤسسات في البحث عن طرق لتعزيز قدراتها الإلكترونية لردع أعدائها في الفضاء الإلكتروني، على الرغم من أن البيئة السيبرانية تعتبر "منطقة رمادية". 

ولهذا من المهم مناقشة النظام البيئي السيبراني الحالي والمستقبلي تحت عنوانين رئيسين: البعد "التقني/التكنولوجي" و"القانوني والمؤسسي". وفي الواقع، تكشف كل من هذه العناوين عن مستويات الوعي والاستعداد للدول.

وتعد الوسائط الإلكترونية منطقة عالمية تلتقي فيها جميع أنواع أنظمة المعلومات (مثل أجهزة الكمبيوتر والهواتف) وقنوات الاتصال الخاصة بها لمعالجة البيانات وإرسالها وتخزينها.

وذكرت، أن هناك ما مجموعه 4.66 مليار مستخدم نشط للإنترنت في العالم، وهو ما يمثل حوالي 56 بالمائة من سكان العالم. وارتفع العدد الإجمالي لمستخدمي الإنترنت في العالم بمقدار 321 مليونا خلال الاثني عشر شهرا الماضية، ما يعني وجود أكثر من 875 ألف مستخدم جديد يوميا.

من ناحية أخرى، أصبح العالم "أكثر ذكاء" أيضا؛ حيث يتم استخدام مليارات الأجهزة الذكية في مجالات التصنيع والرعاية الصحية والبيع بالتجزئة والأمن والنقل. كما يعتمد الناس على التكنولوجيا الذكية والشبكات المترابطة بخلاف الهواتف المحمولة بشكل متزايد، ويعيشون ويعملون في المنازل والمكاتب الذكية. 

ولفتت الكاتبة، إلى أن الناس لا يدركون المخاطر التي يمكن أن تحدث مع الأجهزة المنزلية القابلة للاتصال بشكل كبير. 

فأجهزة التلفزيون والكاميرات والسخانات ومكيفات الهواء وأقفال الدراجات وأجهزة العرض وأقفال الأبواب وأنظمة الطاقة والإضاءة وأجهزة الإنذار يمكن أن تكون عرضة لخطر حصول المتسللين على وصول غير مصرح به إلى نظام إنترنت الأشياء الخاص بالمنزل.

وأردفت قائلة: "من الواضح أن الفضاء السيبراني يحتوي على مزايا وعيوب في نطاق واسع. وفي حال نظرنا إلى العيوب، نرى أن الميزات غير المتكافئة والتأثيرات القوية للتهديدات السيبرانية تتطلب اليوم مناهج دفاعية مختلفة عن تلك التقليدية". 

نطاق الحرب السيبرانية

واستطردت "سيرين" قائلة: "ففي الحرب الإلكترونية، تكون درجة الخطر على الطرف المهاجم منخفضة، لأنه من الصعب عزو الهجوم إلى مرتكبه. فمثلا لو افترضنا أن عددا كبيرا من مجرمي الإنترنت يشنون هجوما منسقا يستهدف دولة أو حكومة محلية أو مؤسسة أو منظمة من بلدان مختلفة، فإن هذا يحدث دون ظهور علامات على العنف كما يحدث بسرعة البرق أيضا".

وأضافت: "إنه نوع من الهجوم يمكن للضعيف أن ينفذه ضد القوي، كما يمكن أن يكون له تأثيرات عميقة طويلة المدى". وعلاوة على ذلك، هذا النوع من الحروب غير مرتبطة بالحدود والموقع الجغرافي، كما أن لديها الإمكانيات لعبور جميع الحدود في الفضاء السيبراني.

في الماضي، كان تنفيذ الهجمات الإلكترونية يتم بشكل عام من خلال مراجعة البيانات الموجودة على الأنظمة، أو جمع المعلومات الأولية أو سرقة المعلومات من النظام.

 لكن الأمر ليس كذلك الآن، فلم تعد الهجمات الإلكترونية تقتصر على التسلل، بل تظهر كنوع من الحرب التي يتم ممارستها بشكل متزايد بين الدول، بهدف إلحاق الضرر بدولة منافسة أو معادية أو حتى تدميرها، حسبما تقول الكاتبة.

وتشرح ذلك بالقول: "تستهدف الهجمات الإلكترونية نظام اتصالات الدولة، والنظام الصحي، ونظام المعلومات، وشبكات الطاقة، وشبكات النقل، والأسواق المالية والأنظمة المصرفية، وشبكات إمدادات الكهرباء والمياه، وأنظمة القيادة والتحكم، والبنى التحتية العسكرية أو غيرها من البنى التحتية الحيوية لدولة منافسة أو معادية".

وتضيف: "كما يمكن للدول استخدام أنواع مختلفة من أدوات التجسس الإلكتروني لتلبية احتياجاتها الاقتصادية وحماية مصالحها الصناعية". 

وفي هذا السياق، تُعد الحروب الإلكترونية الجارية بين الولايات المتحدة الأميركية وروسيا والصين أمثلة ملموسة على قضايا التجسس الإلكتروني.

ووفقا لتقرير تم تقديمه إلى لجنة المخابرات بمجلس الشيوخ في الولايات المتحدة في ديسمبر/كانون الأول 2018، وجدت وزارة العدل أنه في الفترة من (2011 إلى 2018)، كانت 90 في المائة من جميع عمليات التجسس والسرقة الصناعية وأكثر من ثلثي قضايا سرقة الأسرار التجارية للوزارة مرتبطة بالصين.

وتابعت قائلة: "ومن الأمثلة الصارخة على مدى خطورة المخاطر السيبرانية على الشركات، عملية سرقة لمعلومات شخصية ومالية لحوالي 10 ملايين مسافر على خطوط طيران كاثي باسيفيك في أكتوبر/تشرين الأول 2018".

 وقد تم تسجيل هذه الحالة في التاريخ باعتبارها أكبر عملية خرق للبيانات تم الإبلاغ عنها من قبل شركة طيران.

كما أوضحت الكاتبة، أن الهجمات الإلكترونية التي تستهدف قطاع الخدمات المالية أو الصحية أو البنية التحتية العسكرية لدولة أو ولاية أو مدينة، يمكن أن تلحق أضرارا جسيمة بثقة الجمهور في القدرات الدفاعية لكل من الحكومة والمؤسسات والمنظمات الوطنية الملزمة بحماية مواطنيها.

وبينت أنه يمكن للهجمات الإلكترونية أن تؤدي إلى خسائر في الأرواح. وأكثر الحوادث الملموسة لهذا الموقف هو اضطرار مركز "هوليوود الطبي" إلى دفع 17 ألف دولار من عملات البيتكوين لاستعادة الوصول إلى أنظمة الكمبيوتر الخاصة به بسبب الهجوم السيبراني في عام 2016. 

ولأنه يتم تخزين نتائج الاختبارات الحرجة أو التشخيصات أو جميع المعلومات حول المرضى الذين ينتظرون إجراء جراحة على أنظمة الكمبيوتر، من السهل فهم الضرر المحتمل الذي يمكن أن تسببه إستراتيجية الأمن السيبراني الخاطئة، بحسب الكاتبة التركية. 

وسيلة تلاعب

وبهذا تعتبر "سيرين" أن استخدام الحرب الإلكترونية والأضرار التي تسببها في تزايد. وعلى الرغم من الوعي العالمي المتزايد بتهديدات الأمن السيبراني ونقاط ضعف الشبكة في الشركات، فإن العديد من الحكومات والمؤسسات الخاصة مجبرة على العمل إما بأعداد غير كافية أو بأفراد عديمي الخبرة. 

كما تعد الموارد المالية المحدودة، والافتقار إلى التعاون والتفاعل مع الإدارات والمؤسسات الأخرى، من بين العوامل التي تعيق النجاح في مكافحة الهجوم السيبراني.

وأردفت الكاتبة: "من الضروري ذكر الجهات الفاعلة في الحرب الإلكترونية، لأنه لا يمكن توجيه الهجمات إلا من قبل منظمات الجريمة المنظمة (مثل شبكات القراصنة) أو الحكومات أو المتسللين الذين ترعاهم الحكومة أو الجماعات والشبكات غير القانونية أو الجهات الحكومية الفاعلة".

وعلى الرغم من أن الدول القومية تعتبر الجهات الفاعلة الرئيسة في الحرب الإلكترونية الشاملة، فإن الهجمات الإلكترونية ـ لا سيما في العقد الماضي ـ تثبت أن تلك الجهات الحكومية وغير الحكومية تشارك بشكل متزايد في ساحة المعركة الجديدة: الفضاء الإلكتروني".

فعلى سبيل المثال، تمكنت "موسكو" من جمع ونشر وتشويه البيانات الحساسة للتأثير على الأفكار والأيديولوجيات والقرارات الخاصة بمجموعات القراصنة التي يزعم أنها تابعة للحكومات والسياسيين والمشاهير والأفراد المعروفين والتلاعب بها على مدى السنوات القليلة الماضية.

وترى الكاتبة، أنه على الرغم من أن الانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة لعام 2016. كانت أول وأخطر قضية تجسس إلكتروني لمجموعة مدعومة من روسيا، فإن إدارة "باراك أوباما" كانت في الواقع ضحية لعمليات إعلامية مماثلة.

 وهكذا، حلت روسيا محل الصين، التي كانت تتمتع بسمعة عالمية في مجال تجسس الشركات، والتي تعتبر الآن أخطر تهديد في مجال الشركات والسياسة.

وتضيف: "بينما تنكر "موسكو وواشنطن" جميع الاتهامات الموجهة للعمليات السيبرانية العدوانية لبعضهما البعض، تبرز حرب المعلومات كعناصر أساسية في تشكيل البيئة الأمنية المستقبلية في ضوء تزايد أعداد الهجمات وتعقيدها".

وفي هذا السياق، يبدو أن مجموعة واسعة من الجهات الفاعلة غير الحكومية التي تعمل بشكل مستقل أو جماعي، وكذلك الدول القومية، تنخرط بشكل أكبر في الفضاء الإلكتروني لتحقيق أهداف تكتيكية وإستراتيجية.

 لذلك من المحتمل، أن تتم إعادة هيكلة الهيكل الأمني ​​الوطني والدولي بسبب تحسن وتطور دفاع وهجوم قدرات الفضاء السيبراني للدول والجهات الفاعلة.

وقالت: "إن الهجمات التي وقعت في الولايات المتحدة في ديسمبر/كانون الأول 2020. والتي تعتبر أكبر هجوم إلكتروني في السنوات الأخيرة، بسبب استهداف العديد من المؤسسات والمنظمات الرسمية، لا سيما وزارات الخزانة والتجارة والأمن الداخلي، مؤذنة باستمرار الاتهامات بين الكرملين والبيت الأبيض".

وعلى صعيد آخر، يثبت هذا النوع من الهجمات أن الحروب الإلكترونية ستكون أكثر صعوبة في المستقبل، فالأدوات والتقنيات المستخدمة فيها متنوعة.

كما أن حملات التأثير التي تنفذها الوكالات الحكومية، وخدمات الاستخبارات، ومجموعات القرصنة التابعة للدولة أو التي ترعاها الدولة والمتصيدون عبر الإنترنت تقوم بأنشطة دعائية وتضليل وتلاعب.

وتختم سيرين مقالها بالقول: إنه "على الرغم من أن المخاطر والتكلفة تكون منخفضة بالنسبة للمهاجم، فإن العبء قد يكون ثقيلا جدا على جانب الدفاع".

إذ إن هدف المهاجم يكون واضحا؛ بينما من الصعب جدا على الطرف الذي يتم مهاجمته تحديد موقع المجرم الإلكتروني وتعقبه. 

وفي ظل هذه الظروف، من الواضح أن الولايات المتحدة والقوى العظمى الأخرى ستستمر في استغلال "عدم الوضوح" و"عدم إمكانية التنبؤ" الذي توفره العمليات الإلكترونية.