موقع إيطالي: لهذه الأسباب قد يمتد الصراع في إثيوبيا إلى الصومال

12

طباعة

مشاركة

يتوقع المحللون بأن تمتد الأزمة بين الحكومة الإثيوبية المركزية وإقليم "تيغراي" إلى أحد البلدان الإفريقية التي تشارك فيها أديس أبابا ضمن بعثات حفظ السلام القارية والدولية، وهي الصومال، بسبب قرار الانسحاب وعودة خطر تنظيم حركة "الشباب".

وقال موقع "إنسايد أوفر" الإيطالي: إن "المرحلة الأخيرة من الصراع في تيغراي انتهت بالسيطرة على عاصمة الإقليم مدينة ميكيلي، لكن قد لا يعني انتهاء العمليات العسكرية".

وأضاف: أن "إطلاق الصواريخ على الأراضي الإريترية يؤكد هذه الفرضية، لا سيما وأن ما حدث في إثيوبيا وما أعقبه من تشعبات سيكون له تداعيات على الدول التي تشارك فيها إثيوبيا في بعثات حفظ السلام، وخاصة الصومال، حيث تلعب دورا أساسيا في بعثة الاتحاد الإفريقي (أميسوم)".

ومنذ 4 نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، تتواصل اشتباكات مسلحة بين الجيش الإثيوبي الفيدرالي و"الجبهة الشعبية لتحرير تيجراي" في الإقليم، قبل أن تعلن أديس أبابا قبل أيام سيطرتها على عاصمته.

وهيمنت "الجبهة" على الحياة السياسية في إثيوبيا لنحو 3 عقود، قبل أن يصل آبي أحمد إلى السلطة عام 2018، ليصبح أول رئيس وزراء من عرقية "أورومو" البالغ عددهم نحو 108 ملايين.

بعثات السلام

وذكر الموقع أن أديس أبابا تشارك حاليا في بعثتين لحفظ السلام، في الصومال وجنوب السودان، وتعيش الأخيرة حالة اضطراب دائم يجبر الوحدات العسكرية الثلاث التي أرسلتها القوات الإثيوبية المجاورة على لعب دور مهم في حماية المدنيين وبناء السلام.

لكن الحكومة الإثيوبية الفيدرالية قررت استدعاء الجنود من عرق التيغرينية، وإعفائهم من مهمتهم، وفق ما أعلنه المتحدث باسم بعثة الأمم المتحدة في جنوب السودان، كيرك كروكر.

أما في الصومال، اعتبر الموقع، أن الوضع أكثر تعقيدا، حيث تهدف بعثة "أميسوم" التي بدأت عام 2007، إلى ضمان بناء الدولة وتقليل الخطر الذي يشكله تنظيم حركة "الشباب" وجماعات أخرى قتالية. 

وتشارك إثيوبيا بحوالي 19 ألف جندي، 4 آلاف منهم ضمن بعثة "أميسوم" و15 ألفا ضمن اتفاقات ثنائية بين البلدين. وهنا أيضا، أمرت أديس أبابا بانسحاب جزء من القوات الموجودة - تتحدث المصادر عن حوالي 3000 جندي- ونزع سلاح ما بين 200 و 300 جندي من التيغرينية.

وهذا من شأنه أن يتسبب في عودة خطيرة لتنظيم حركة "الشباب" إلى الواجهة، في لحظة حساسة للغاية للبلاد، وفق الموقع الإيطالي. 

تجدر الإشارة أن إثيوبيا انسحبت سابقا لظروف كانت مختلفة، آخرها عام 2016، لأن "أموال الاتحاد الأوروبي المخصصة للبعثة غير كافية". 

جنود التيغرينية

بحسب محللين ومصادر دبلوماسية، يكمن العامل العرقي وراء نزع سلاح جنود إقليم تيغراي المشاركين في البعثة.

وتساءل مصدر أمني في حديثه لوكالة "رويترز"، كيف يمكن الدخول في معركة إذا كان بعض الجنود، بين 200 و300 وحدة، ليسوا في وضع يسمح لهم بالنزول إلى الميدان بسبب عرقهم. 

ووجدت الانتقادات استجابة سريعة من الحكومة الفيدرالية الإثيوبية التي بررت نزع السلاح بإجراء تحقيق داخلي للتحقق مما إذا كانت هناك عمليات تسلل لقوات جبهة تحرير شعوب تيغراي داخل الجيش. 

وبخصوص ذلك، أفاد الموقع أن "الاتحاد الإفريقي لم يعلن بعد عن موقفه، مما يدل على ضعف المنظمة في مواجهة حالات الطوارئ. وقد حدث سيناريو مشابه في جنوب السودان بعد أن كان هناك حديث عن سحب عسكريين تيغريين بسبب عرقهم رغم نفي الحكومة الفيدرالية".

حليف حديدي

أشار الموقع إلى أن أديس أبابا كانت "حليفا حديديا" للولايات المتحدة في القرن الإفريقي منذ عام 2006. وعندما سيطرت "المحاكم الإسلامية" على العاصمة الصومالية مقديشو في ذلك العام، استعان البيت الأبيض بالدعم الإثيوبي لإزالة ''تهديدها" عن البلاد. 

أما اليوم، يوضح الموقع، أن تنظيم حركة "الشباب" يشكل الخطر الرئيسي في هذا الصدد، وفي السنوات الأخيرة، بدى أكثرة قوة رغم أنه لم ينجح في السيطرة على مناطق ولم يعلن عن خلافة حقيقية.

ولهذا السبب، لم تتخل واشنطن أبدا، وبدعم من إثيوبيا، عن فكرة وجود قوات دولية على الأراضي الصومالية، بالإضافة إلى الجنود الأميركيين، توجد وحدات الاتحاد الإفريقي في مقديشو ومناطق صومالية أخرى في إطار بعثة "أميسوم"، بحسب "إنسايد أوفر".

وقبل النزاع الذي اندلع في 4 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، ووفقا للبيانات التي قدمتها القوات المسلحة لأديس أبابا، نشرت إثيوبيا كجزء من مهمة "أميسوم"، 4395 جنديا في الصومال.

وتعد قوة حفظ السلام الثالثة بعد أوغندا وبوروندي، لكنها بلا شك الأفضل تجهيزا والأكثر خبرة في هذا المجال، وبهذا تعتبر المساهمة الإثيوبية في مكافحة تنظيم حركة "الشباب" أساسية، وفق الموقع الإيطالي. 

وفي الفترة الأخيرة، تشير الديناميكيات الجارية إلى تقليص التزام أديس أبابا في الصومال وقد تكون عواقب ذلك وخيمة، لا تقتصر على مجابهة تنظيم الشباب ولكنها تهدد أيضا استقرار الدولة الإفريقية الإستراتيجية. 

وبعد أن تولى محمد حسين روبلي، رئيس الوزراء الصومالي الجديد منصبه في 18 سبتمبر/أيلول الماضي، المكلف بمهمة قيادة مقديشو نحو انتخابات جديدة في بداية عام 2021، "قد يتسبب تقليص حجم وجود القوات الأجنبية في جعل الأوضاع أكثر تعقيدا".

وعد ترامبي

تزامن إعادة الانتشار الجزئي المحتمل للإثيوبيين مع حديث عن انسحاب وفك ارتباط وشيك من الولايات المتحدة بالصومال.

وفي 13 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، كشفت مجلة "بلومبرج" الأميركية عن إرادة الرئيس المنتهية ولايته دونالد ترامب، إنهاء الوجود العسكري الأميركي في الصومال. 

من جانبهم، يعترض قادة القيادة العسكرية الأميركية في إفريقيا على هذه الخطة، وقد حذر الكولونيل كريس كارمس في حديثه لمجلة واشنطن إكزامينر أن "القوات المسلحة الصومالية تحقق تحسنا، لكن التهديد الذي يمثله  تنظيم "حركة الشباب" يتطلب المساعدة الدولية".

وأكد الموقع أن "خطة ترامب جزء من إستراتيجيته لتقليص الوجود الأميركي في الخارج، خاصة في الشرق الأوسط. كما جاءت تصريحات 13 أكتوبر/تشرين الأول في خضم الحملة الانتخابية، حيث مثل الوعد بالانسحاب من أكثر الأماكن المتوترة إحدى الأوراق التي لعبها ترامب بهدف الفوز بولاية ثانية".

واختتم الموقع مقاله بالقول: "من غير المستبعد أن يقرر ترامب قبل تسليم السلطة إلى الرئيس المنتخب جو بايدن في 20 يناير/كانون الثاني 2021، الوفاء بهذا الوعد على غرار ما حدث في أفغانستان، وعند تلك النقطة، يمكن أن يخضع السيناريو الصومالي لتغييرات جذرية".