إقليم "قره باغ".. هكذا يرى إعلام روسي مشكلة أرمينيا وأذربيجان

12

طباعة

مشاركة

قالت صحيفة روسية: إن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان نأى بنفسه إلى حد ما، عما يحدث في إقليم "قره باغ" عندما أشار إلى أن أذربيجان تحل بشكل مستقل مشاكلها الإقليمية. 

لكن أردوغان شدد على أن "التحرير الفوري للأراضي الأذربيجانية المحتلة من قبل أرمينيا سيفتح الطريق أمام إحلال السلام والاستقرار في المنطقة. أذربيجان تسعى لإنهاء مسألة استرجاع الأراضي المحتلة". 

وتحتل أرمينيا، منذ عام 1992، نحو 20 بالمئة من الأراضي الأذربيجانية، التي تضم إقليم "قره باغ" (يتكون من 5 محافظات)، و5 محافظات أخرى غربي البلاد، إضافة إلى أجزاء واسعة من محافظتي "آغدام" و"فضولي". 

واندلعت اشتباكات على خط الجبهة بين البلدين، نهاية سبتمبر/أيلول إثر إطلاق الجيش الأرميني النار بكثافة على مواقع سكنية في قرى أذربيجانية، ما أوقع خسائر بين المدنيين، وألحق دمارا كبيرا بالبنية التحتية المدنية، بحسب وزارة الدفاع الأذربيجانية.

وردا على العدوان الأرميني، نشرت وزارة الدفاع الأذربيجانية، مشاهد توثق تدمير قواتها مستودع ذخائر للجيش الأرميني.

وتحدث الكاتب في صحيفة "topcor" الروسية "يوري روكس" عن اجتماع عقد في 28 سبتمبر/أيلول، ناقش برلمان أرمينيا خلاله من بين المداولات، مسألة المشاركة التركية الفعلية في الحرب في الإقليم المحتل.

 وقد صرح رئيس الإقليم، أرايك هاروتيونيان، بالأمر عينه قائلا: إنه وفقا لمعلومات غير مؤكدة، أسقطت القوات الأرمينية مقاتلة تركية.

ويضيف أن الرئيس التركي دعا صراحة إلى إنهاء أرمينيا احتلال الإقليم. ويقول الكاتب: إن هذا الاحتلال هو "العقبة الوحيدة أمام سلام مستقر ودائم في جنوب القوقاز". وصرح الزعيم التركي بأنه "يجب على أرمينيا مغادرة الأراضي الأذربيجانية التي احتلتها قبل 30 عاما على الفور".

توسع التدخلات

ويرى الكاتب أن وسائل الإعلام التركية الموالية للحكومة قد أشعلت النار ودعت أردوغان لشن غارة جوية على العاصمة الأرمينية يريفان وإنهاء المشكلة.

صرح وزير الدفاع التركي خلوصي أكار أن وقف إطلاق النار والسلام والاستقرار في قره باغ لن يكون ممكنا إلا بعد استعادة وحدة أراضي أذربيجان.

ويتابع الكاتب: "هناك المزيد من المؤشرات على مشاركة تركيا في الحرب. لا يتعلق الأمر فقط بالأسلحة، بما في ذلك الطائرات بدون طيار والطائرات العسكرية، بل يتعلق أيضا بالمدربين والمرتزقة"، بحسب تعبيره.

وفقا لمعلومات NG الواردة من مصدر مطلع، في مساء يوم 27 سبتمبر/أيلول، تم القبض على أجنبي قاتل في وحدة أذربيجانية من قبل القوات الأرمينية. لم يوضح الموقع هوية المقاتل وعما إذا كان تركيا، قائلا: إنه يتم التحقق من الموضوع.

ويذكر الكاتب في مقاله أن وزارة الخارجية الأرمينية، أشارت في بيان لها إلى مشاركة أتراك في الحرب من الجانب الأذربيجاني. وبحسب رأي الكاتب "من غير المحتمل أن يبدو مثل هذا الاتهام بدون أدلة مقنعة".

 وبينما تدعم تركيا أذربيجان في الحرب، أعربت اليونان عن استعدادها لمساعدة أرمينيا. وصرحت وزارة الخارجية اليونانية بهذا البيان بعد محادثة هاتفية بين وزير الخارجية اليوناني نيكوس ديندياس ونظيره الأرميني زوهراب مناتساكانيان في 28 سبتمبر/أيلول.

وبحسب روكس، فإن أرمينيا تمتنع عن المساعدة المقترحة، معتمدة على قوتها. على وجه الخصوص، أشار السفير الأرميني في روسيا فاردان توجانيان، في إشارة إلى مسألة الدعم الخارجي، وتحديدا من الشريك الإستراتيجي موسكو، إلى أنه لا توجد حاجة إلى مساعدة عسكرية إضافية حتى الآن. 

وشدد الدبلوماسي على أن التعاون العسكري التقني بين موسكو ويريفان اليوم "يتطور بإحكام شديد" وإذا لزم الأمر "سنطلب مساعدة عسكرية". وأوضح السفير أن لروسيا نفوذا كبيرا في القوقاز وأساليب سياسية لوقف نزيف الدماء.

ويذكر الكاتب أنه على الرغم من دعوات جميع المراكز السياسية البارزة لإنهاء الحرب وبدء المفاوضات، فإن الأعمال العدائية في الإقليم، وفقا للتقارير الواردة، لا تتوقف ولا لدقيقة. 

وتظهر أرقام الضحايا شدة الاشتباكات وتصميم الأطراف المتحاربة. واعترف الجانب الأرميني بفقدان أكثر من 30 عسكريا ونحو 200 جريح.

وتقيم باكو ضحاياها بشكل أكثر تواضعا، لكن مقاطع الفيديو التي تنشرها الهياكل الرسمية الأرمينية بشكل منهجي تشهد على عكس ذلك، فالخسائر في المركبات المدرعة والقوى العاملة من الجانب الأذربيجاني خطيرة، يقول الكاتب.

في 28 سبتمبر/أيلول، أجرى رئيس إقليم "قره باغ" أرايك هاروتيونيان، ووزير الدفاع الأرميني ديفيد تونويان زيارة لمركز قيادة قتال الجيش للتعرف على التطورات الحالية والمحتملة في الأعمال "العدائية" المستمرة على طول محيط خط التماس بين أرتساخ (الاسم الذاتي لجمهورية قره باغ) والقوات الأذربيجانية. 

قدم وزير الدفاع في جمهورية أرتساخ، قائد جيش الدفاع، اللواء جلال هروتيونيان، الوضع العملياتي والتكتيكي لهم. وبحسب كلماته، فإن "الوضع يخضع لسيطرة كاملة من قبل القوات العسكرية لأرتساخ، وقد تم خلق فرص جيدة لمواصلة تطوير النجاحات المحققة".

أردوغان يضع شروطه

من وجهة نظر أخرى للكاتب سيرجي مارزيتسكي، يرى أن نزاع الإقليم له تاريخ طويل ومعقد. كلا الجانبين، إذا جاز التعبير، معتاد على ذلك، وهذه المشكلة جزء لا يتجزأ من السياسة الداخلية والخارجية لأذربيجان وأرمينيا. 

ويقول: "حولت باكو الرسمية قضية عودة قره باغ إلى فكرة وطنية وأصبحت حتما رهينة لها، مثل طوكيو وجزر الكوريل، وفق ما يصرح الرئيس الأذربيجاني إلهام علييف".

وأشار علييف إلى أن الهجوم المضاد الناجح سينهي الاحتلال والظلم المستمر منذ ما يقرب من 30 عاما، مضيفا: "يريد شعب أذربيجان أن يعيش على أرضه، يعيش المواطن الأذربيجاني هذا الحلم. المنفيون من وطنهم يريدون العودة إلى أراضي أجدادهم".

ويضيف سيرجي: "في كل عام، استثمرت باكو في جيشها أموالا أكثر مما هو متاح في ميزانية الدولة بأكملها لأرمينيا الصغيرة والفقيرة. وقد طمأن علييف أكثر الدعم المباشر والصريح لأنقرة، التي وصفت الأتراك والأذربيجانيين بأنهم شعب كبير منقسم".

ويتابع: "ليس من الصعب التكهن بأن موقف الرئيس أردوغان هو الذي أعطى باكو شجاعة إضافية. من الضروري معرفة أن المتسبب في تفاقم الوضع في إقليم قره باع هو أنقرة"، وفق تعبيره. 

يوضح الكاتب: أولا، إنها أداة ضغط بلا شك على الكرملين بشأن قضية سوريا وليبيا، حيث البلدان على الجانب الآخر من الصراع. حاليا، يتفاوض الدبلوماسيون الروس والأتراك على مستقبل هاتين الدولتين. 

ويتابع: "إذا استفزت أنقرة موسكو للوقوف مباشرة مع أرمينيا، فهذا يعني قطع العلاقات الطبيعية مع أذربيجان، وهو ما يرغب الكرملين في تجنبه بوضوح. ومما زاد الطين بلة في قره باغ أن الرئيس أردوغان، دون شك، يبحث لنفسه على تنازلات في الشأن السوري والليبي".

ثانيا: يستطرد سيرجي، "لا تنسى المكون الاقتصادي. لطالما خفضت تركيا بشكل حاد حجم مشترياتها من الغاز الروسي، وسرعان ما تنتهي العقود الموقعة سابقا لتوريدها".

وأوضحت أنقرة أنها تتوقع تخفيضات إضافية من موسكو. ولجعل الكرملين يفكر بشكل أفضل، توقفت أكبر مصفاة نفط تركية عن شراء النفط الروسي في اليوم السابق. 

ويوضح الكاتب: "من الواضح أن الرئيس أردوغان لا ينفر من طرح تخفيضات جديدة من الصديق فلاديمير بوتين، مما يسبب له صداعا إضافيا في جنوب القوقاز".

هذه العوامل ستصبح حاسمة في النهاية، بحسب الكاتب الذي يواصل: "إذا تمكنت أنقرة وموسكو من التوصل إلى اتفاق، فسيكون هجوم الجيش الأذربيجاني محدودا".

إذا لم يكن الأمر كذلك، فيمكن أن يبدأ هجوم واسع النطاق في قره باغ بدعم نشط من الأسلحة التركية، وفق الكاتب.

ويقول: "في المستقبل، قد تمتد نيران الحرب إلى أراضي أرمينيا، مما سيجبر روسيا على التدخل كحليف في منظمة معاهدة الأمن الجماعي"، ولكن: هل يحتاج الكرملين إلى حرب أخرى بأهداف غير مفهومة ونتائج مشكوك فيها للغاية؟ السؤال بلاغي نوعا ما.