كيف وجهت إسرائيل الأنظمة في مصر والخليج لاستهداف الإخوان؟

أحمد يحيى | منذ ٥ أعوام

12

طباعة

مشاركة

"الحقيقة هي أن السعودية مفيدة جدا لنا في الشرق الأوسط، لو لم يكن لدينا السعودية لما كانت لدينا قاعدة ضخمة، وإذا نظرت إلى إسرائيل بدون السعودية فستكون في ورطة كبيرة. ماذا يعني هذا؟ هل على إسرائيل أن ترحل؟ هل تريدون رحيل إسرائيل؟".

ما سبق هو جزء من تصريح أدلى به الرئيس الأميركي دونالد ترامب عن طبيعة العلاقة بين السعودية وإسرائيل مؤكدا على توحد الرؤى بين السعودية وبعض الأنظمة الخليجية من جهة، وإسرائيل من جهة أخرى.

في 13 مارس/ آذار 2020، نشر المنتدى الإقليمي الإسرائيلي، ورقة بحثية للباحثة الإسرائيلية كيتي فاكسبيرغر، أكدت فيها أن "العلاقات المتنامية في السنوات الأخيرة بين حكومة نتنياهو وزعماء دول الخليج العربي، في التعاون ضد التهديد الإيراني ومحاربة المجموعات المسلحة، تحقق تطلعات الرئيس الأميركي دونالد ترامب".

الورقة البحثية أكدت أن هذه الأطراف "تتشارك بينها في الخشية من الحركات الإسلامية، وتتوافق في محاربتها، خاصة من ينتمي للإخوان المسلمين، ولذلك تقوم دول الخليج مع إسرائيل ببعض العمليات المشتركة لخوض هذه المواجهات".

وقالت الباحثة الإسرائيلية: "الحكومات الخليجية وإسرائيل تكسبان كثيرا من الدعم المشترك في القضايا الأمنية، ومواجهة التهديدات المتبادلة المتمثلة بالإخوان المسلمين، وأذرعهم المنتشرة في المنطقة، ما دفع بالرئيس ترامب للخضوع لضغوطهما، والإعلان عن الجماعة أنها إرهابية، ونزع الشرعية السياسية عنها".

انقلاب السيسي

في 28 يوليو/ تموز 2018، كشفت صحيفة "نيويورك تايمز"، تفاصيل مثيرة عن الانقلاب الذي حدث في مصر 3 يوليو/ تموز 2013، وقاده وزير الدفاع آنذاك، عبدالفتاح السيسي، ضد رئيسه محمد مرسي، وأوضحت الصحيفة أن "إسرائيل والإمارات والسعودية كانوا داعمين ومشاركين في الانقلاب". 

عملت إسرائيل منذ بداية ثورات الربيع العربي، على تعزيز موقفها مع الأنظمة الخليجية المعادية لتلك الثورات، خاصة النظام الإماراتي، وكان ولي عهد أبوظبي، محمد بن زايد، الحاكم الفعلي للإمارات، قد "وصف الإخوان المسلمين بـ (العنصر الأشد خطورة القائم بالشرق الأوسط اليوم)".

في 17 نوفمبر/ تشرين الثاني 2012، وخلال كلمة لها بمعهد دراسات الأمن القومي الإسرائيلي، قالت تسيبي ليفني، وزيرة خارجية إسرائيل السابقة: إن "مرسي وأردوغان سيدفعان ثمن خروجهما عن مسارنا وطموحهم لبلادهم!".

وأردفت الوزيرة الإسرائيلية: "أصبح لدينا متطرفون أكثر في المنطقة، وقادة يريدون أن يتخذوا مسارهم وطريقهم، مثل مرسي في مصر الذي يمثل جماعة الإخوان المسلمين، لا يمكنني أن أقبل فكرة أنه لا يوجد شيء نفعله حيال هذه التغييرات".

لقاء سري

وفي 24 نوفمبر/ تشرين الثاني 2012، كشف الكاتب الصحفي عبدالباري عطوان في حوار له على فضائية "الحوار" اللندنية، عن تقارير مخابراتية تناولها موقع "والا" العبري، عن لقاء سري جمع تسيبي ليفني، مع الأمين العام السابق لجامعة الدول العربية عمرو موسى، في توقيت زيارته المفاجئة لـ"رام الله" يوم 4 نوفمبر/ تشرين الثاني 2012.

وأكد المتحدث باسم وزارة الخارجية الإسرائيلية في ذلك الوقت "ليئور بن دو" ذلك اللقاء الذي جمع موسى وليفني. 

تقرير الموقع الإسرائيلي ذكر أن "ليفني طالبت عمرو موسى بشكل مباشر بإرباك الرئيس محمد مرسي في هذه الفترة بالمشاكل الداخلية"، وهو ما حدث بالفعل حيث عاد موسى من زيارته إلى رام الله، ليقود الانسحابات من الجمعية التأسيسية للدستور، دون إبداء أسباب مقنعة للرأي العام، لدرجة أنه اصطنع مشادة مع رئيس الجمعية التأسيسية المستشار الغرياني شيخ قضاة مصر، واعترض على مواد بالدستور كان هو نفسه من اقترحها.

وتناول التقرير شغل الرأي العام وبرامج التوك شو، بانسحابات التأسيسية وتصعيد عمرو موسى من هجومه على الرئيس مرسي.

كابوس إسرائيل 

طبيعة الحراك الإسرائيلي ضد الرئيس مرسي، وجماعة الإخوان، تناولته العديد من الأبحاث العبرية، ففي 1 يوليو/ تموز 2019، نشر "معهد دراسات الأمن القومي الإسرائيلي"، تقريرا بعنوان "محمد مرسي شهيد أم خائن؟" وورد في مقدمته "ردود الفعل في مصر على وفاة مرسي، بعد 6 سنوات من خلعه من منصبه، تعكس الاستقطاب الاجتماعي والسياسي المستمر، في مصر بشكل خاص والشرق الأوسط بشكل عام".

"وفي الوقت الذي سعى فيه نظام عبدالفتاح السيسي إلى التقليل من شأن وفاة مرسي، عمل أنصار جماعة الإخوان في مصر على وسائل التواصل الاجتماعي لاستخدام هذا الحدث لتعزيز نفوذهم"، حسب التقرير.

وذكر المعهد العبري "الحدث جاء تذكرة بأن جماعة الإخوان المسلمين ما زالت تمثل شريحة كبيرة من الشعب المصري، ومن الواضح أن تعزيز العلاقات الإسرائيلية المصرية يعتمد في جملة أمور على إضعاف قوى الإسلام الراديكالي، بما في ذلك جماعة الإخوان، وعلى تعزيز القوى البراجماتية والليبرالية".

وكشف معهد دراسات الأمن القومي الإسرائيلي أن "موقف إسرائيل من فترة مرسي معقد، على عكس المخاوف الأولية من الأنظمة السابقة، حيث نجحت معاهدة السلام، في تعزيز العلاقات مع مصر، والتعاون معها في فرض الرقابة على حدود قطاع غزة".

مضيفا: "كما ساعدت في التوسط بين إسرائيل وحماس خلال الحروب السابقة، لكن مرسي جاء بشكل مختلف، وكان يتجنب باستمرار ذكر كلمة (إسرائيل) في خطاباته، وأدلى بتصريحات مؤيدة لحركة حماس، بل مكّن مندوبين أتراك وإيرانيين من زيارات متعددة إلى قطاع غزة".

أكد المعهد الإسرائيلي في تل أبيب "السلوك العقائدي لجماعة الإخوان المسلمين تجاه إسرائيل، كان من الصعب أن يسمح بالحفاظ على معاهدة السلام الإسرائيلية المصرية بمرور الوقت، ناهيك عن أي تقدم في التعاون (الذي يزدهر في ظل السيسي) حول القضايا الإستراتيجية المتعلقة بالأمن والطاقة".

وشدد التقرير أن "الكابوس الحقيقي الذي كان سيخلفه استمرار حكم مرسي ضد إسرائيل، هو التقارب بين مصر، وتركيا، وإيران، وإنشاء محور إسلامي".

وأضاف: "هناك فجوة واسعة بين النظام الحالي في مصر بقيادة السيسي، والإخوان فيما يتعلق بالصراع الإسرائيلي الفلسطيني، ففي الوقت الذي أرسلت فيه مصر وفدا إلى ورشة العمل الاقتصادية في البحرين، وصفت جماعة الإخوان المشاركين بأنهم (أنظمة معادية للشعوب العربية، وخونة للقضية الفلسطينية)، وأقسموا على عدم الاعتراف بالكيان الصهيوني، وأعلنوا أن هناك يوما سيأتي تحتفل فيه القاهرة بتحرير فلسطين".

عدو مشترك

وفي 20 أغسطس/ آب 2013، قال رئيس وزراء تركيا حينئذ، ورئيس الجمهورية الحالي رجب طيب أردوغان: إن "لديه وثائق تؤكد وقوف إسرائيل وراء الانقلاب في مصر"، وانتقد بشدة الدعم المادي الكبير الذي تقدمه دول الخليج لما سماه "النظم الدكتاتورية، والموقف المخزي للغرب تجاه المشهد الدموي في مصر".

وكان ذلك بعد أيام معدودة من الفض الدموي لاعتصام رابعة العدوية والنهضة، في 14 أغسطس/ آب 2013، على يد الجيش وقوات الأمن. حيث أكد أردوغان خلال اجتماع لحزب العدالة والتنمية الذي يتزعمه أن "إسرائيل تقف وراء ما يقال في مصر من أن الديمقراطية لا تقوم على صناديق الاقتراع".

في 5 سبتمبر/ أيلول 2013، نشر مركز الجزيرة للدراسات، تقريرا عن أسباب دعم الرياض وأبوظبي للانقلاب العسكري في مصر، وأفاد بأن "أكبر تهديد يمثله حكم الإخوان المسلمين بنظر بعض الأنظمة الخليجية هو مسألة الشرعية السياسية في دول الخليج".

التقرير أكد أن "من شأن نشأة شرعية إسلامية منتخبة بجوار شرعية الحكم في الدول الخليجية التقليدية، التي ترتكز على القيم الإسلامية أيضا، أن تثير إشكاليات قد تصل إلى تصادم أو صراع الشرعيتين، ولقد أثار الخطاب السياسي للإخوان تحديا للمؤسسات الدينية الرسمية في دول الخليج، وولد عداوة أو كراهية مع تلك الدول".

وأورد التقرير أنه "في خلال الفترة من يونيو/حزيران 2012 إلى يونيو/حزيران 2013 لم تطأ أقدام العديد من المسؤولين السعوديين أو الإماراتيين أرض مصر، رغم زيارات المسؤولين المصريين وعلى أعلى مستوى لهذين البلدين".