دبلوماسية واستثمارات وبيع طائرات.. أين وصل النفوذ التركي بإفريقيا؟

23 days ago

12

طباعة

مشاركة

تستضيف أنقرة في 17 سبتمبر/أيلول 2024، جولة مفاوضات ثالثة بين إثيوبيا والصومال، لحل النزاع البحري بينهما، ما يبرز نفوذ تركيا المتزايد في القارة الإفريقية.

وسلط موقع أميركي الضوء على سعي تركيا لتوسيع نفوذها في إفريقيا، عبر نهج الدبلوماسية والاستثمارات ومبيعات الطائرات المسيّرة.

وقال موقع "ذا ميديا لاين" في تقرير له: إن "تركيا، من خلال الوساطة في النزاعات والمساعدات المالية ومشاريع البناء ومبيعات الأسلحة، تعمل على تعميق علاقاتها الاقتصادية والسياسية مع الدول الإفريقية".

نفوذ متصاعد

وأضاف أن الحكومة التركية والمؤسسات التابعة لها، مثل هيئة الإغاثة الإنسانية (IHH)، تبني مساجد في غانا ومالي، كما تلقت الأخيرة مساعدات تركية لبناء المستشفيات.

وأوضح أنه "على الرغم من تركيز تركيا على الصومال، إلا أنها وسّعت استثماراتها وعززت علاقاتها عبر القارة السمراء".

كما باعت تركيا طائراتها المسيرة لعدة دول إفريقية، بما في ذلك توغو وتشاد والنيجر.

وتضاعف حجم التجارة بين تركيا وإفريقيا ثماني مرات من عام 2003 إلى عام 2022، متجاوزا 40 مليار دولار في العام الماضي 2023.

كما صعد عدد السفارات التركية في القارة من 12 سفارة عام 2002 إلى 44 سفارة وقنصلية في سنة 2022.

وبذلك، تحل تركيا في المركز الرابع من بين الدول الأكثر تمثيلا في القارة الإفريقية، بعد الولايات المتحدة والصين وفرنسا.

كذلك، ارتفعت السفارات والتمثيليات الدبلوماسية الإفريقية المعتمدة في تركيا من 10 سفارات عام 2008، إلى 37 سفارة في 2021.

وفي الفترة بين 2008 و2023، زار الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، 30 دولة إفريقية، وصعد حجم التبادل التجاري بين تركيا وإفريقيا من 3 مليارات دولار سنة 2003 إلى 26 مليار دولار عام 2021.

وتشير البيانات إلى أن تركيا ثاني أكبر مستثمر في إثيوبيا بعد الصين؛ إذ وصل التبادل التجاري معها إلى 650 مليون دولار عام 2022.

وعلى المستوى العسكري، تمتلك تركيا 37 مكتبا عسكريا في إفريقيا، وبلغت مبيعاتها من السلاح إلى القارة 328 مليون دولار، في عام 2021.

ورغم ذلك، فإن محاولات تركيا لتخفيف التوترات بين إثيوبيا والصومال باءت بالفشل، وفق وصف الموقع الأميركي.

وكان النزاع قد بدأ عندما وقّعت إثيوبيا اتفاقا مع منطقة أرض الصومال الانفصالية، ​​يمنحها حق الوصول إلى خط ساحلي كقاعدة بحرية، في مقابل الاعتراف باستقلال أرض الصومال، الأمر الذي عدته مقديشو تهديدا لسيادتها.

وصرح وزير الخارجية التركي هاكان فيدان، بأن "تقدما ملحوظا" قد تحقق في الجولة الثانية من المحادثات بين إثيوبيا والصومال، التي جرت في أغسطس/آب 2024.

أهداف تركيا

من جانبه، قال محلل السياسة الخارجية في أنقرة، أيدين سيزر، إن تركيا تسعى إلى توسيع نفوذها في إفريقيا لأسباب اقتصادية وسياسية وعسكرية ودينية.

وأضاف سيزر أن "الحكومة مهتمة بالفرص الاقتصادية والاستثمارات التي تتوافق مع السياسة الخارجية ذات الدوافع الدينية لحزب العدالة والتنمية الحاكم".

وقد اكتسبت الطائرات بدون طيار التركية، وخاصة من طراز "بيرقدار"، اهتماما دوليا؛ بسبب فعاليتها في حرب أوكرانيا مع روسيا.

وقال الموقع إن "سلجوق بيرقدار، صهر الرئيس أردوغان، يمتلك الشركة التي تنتج هذه الطائرات المسيّرة، ويُنظر إليه على أنه خليفة محتمل لأردوغان".

وعلى الرغم من أن الشركة مملوكة للقطاع الخاص، يقول المحللون إن موافقة الحكومة التركية ضرورية لعقد مبيعات السلاح.

وأوضح "سيزر" أن الحكومة التركية تقدم الدعم المالي للدول الإفريقية لتعزيز مبيعات الطائرات بدون طيار.

وأضاف: "عند الحديث عن الفرص الاقتصادية، تلعب منتجات صناعة الدفاع دورا محوريا، حيث تقدم تركيا قروضا وتسهيلات ائتمانية لهذه الدول، لا سيما للطائرات بدون طيار، مما يؤدي إلى تحقيق مبيعات للشركات التركية".

وأكد الموقع أن تركيا عززت بشكل خاص علاقتها بالصومال، ففي عام 2016، افتتحت تركيا أكبر سفارة لها على مستوى العالم في الصومال، بحضور الرئيس أردوغان، حفل الافتتاح في مقديشو.

وخلال الجفاف الشديد والمجاعة في عام 2011، أصبح أردوغان أول زعيم غير إفريقي يزور الصومال منذ ما يقرب من 20 عاما.

في عام 2021، تعهدت تركيا بتقديم 30 مليون دولار كمساعدات للصومال.

وأشار سيزر إلى أن الشركات التركية التي تدير مطار وميناء الصومال تربطها علاقات قوية بالحكومة التركية.

تحمّل المخاطرة

بدوره، قال المحلل المتخصص في شؤون الشرق الأوسط، ريان بول، للموقع الأميركي إن "أهم دفعة جيوسياسية لتركيا هي في منطقة القرن الإفريقي، حيث تسعى إلى توسيع وجودها البحري".

وأضاف بول أنه "في حين لا تستطيع تركيا أن تضاهي الدور الأميركي في تأمين طريق التجارة الرئيس في المنطقة، فإنها تسعى إلى المشاركة لاكتساب الخبرة البحرية".

وأردف بأن "تركيا تسعى إلى أن تصبح في يوم ما جزءا من هذه العملية، لتحصد كل ما يترتب عليها من مكاسب، بدءا من الخبرة البحرية ووصولا إلى مقعد مؤثر في المحافل الدبلوماسية في المنطقة، مما يتيح لها القدرة على التأثير في مجريات الأحداث على الأرض ودعم حلفائها".

ويشير بول إلى أن أردوغان يهدف إلى الاستفادة من الفراغ في الصومال وأجزاء أخرى من إفريقيا، مع تقليص الصين لوجودها في القارة.

وقال بول "أعتقد أن تركيا تحت قيادة أردوغان مستعدة لتحمل المخاطرة، وهي ليست مخاطرة كبيرة لأن الوجود العسكري هناك ليس كبيرا، ولكنهم يحاولون استثمار هذه المخاطرة على أمل أن يتمكنوا من استعادة النظام هناك، وترجمة ذلك إلى نفوذ أكبر".

وألمح "بول" إلى أن أنقرة تنظر إلى غرب إفريقيا بصفتها فرصة رئيسة لشركات البناء التركية.

والجدير بالذكر أن حجم المشاريع التي قامت بها شركات المقاولات التركية في عموم إفريقيا وصل إلى 71.1 مليار دولار سنة 2021، نحو 19.5 مليار دولار من هذه الأعمال في دول إفريقيا جنوب الصحراء.