لضعفها بالسياسة الخارجية.. صحيفة عبرية: "هاريس قد تتسبب بعودة الإسلاميين"

"الشؤون الدولية ليست مجال اهتمام هاريس إذ إنها في الأصل قاضية"
تتوالى استطلاعات الرأي التي تتوقع فوز المرشحة الديمقراطية للرئاسة الأميركية، نائبة الرئيس الأميركي الحالي، كامالا هاريس على الرئيس السابق الجمهوري دونالد ترامب في الانتخابات المزمع إجراؤها في نوفمبر/ تشرين الثاني 2024.
وتفاعلا مع هذه الاستطلاعات، كتب زميل "معهد شالوم هارتمان" الإسرائيلي، "أموتز آسا-إيل"، مقالا بصحيفة "جيروزاليم بوست" العبرية، سلط فيه الضوء على السياسة الخارجية التي يتوقع أن تتبناها هاريس حال أصبحت الرئيس الجديد.
أوباما أم ترومان؟
وفي مقاله، حاول الباحث الإسرائيلي معرفة أي الرؤساء الأميركيين ستسير هاريس على دربه، باراك أوباما أم أو جورج بوش أم هاري ترومان.
ونقل ما قاله ترومان، بعد 6 سنوات من تركه منصبه، من أن "بعض الرؤساء كانوا عظماء وبعضهم لم يكونوا كذلك"، قبل أن يضيف بتواضعه المعهود: "لم أكن من الرؤساء العظماء، لكنني قضيت وقتا ممتعا في محاولة أن أكون واحدا منهم".
وتابع المقال: "حينها ضحك الجمهور، ولكن "ترومان" كان في الواقع رئيسا عظيما، وخاصة في المجال الأكثر ضعفا لدى "هاريس": الشؤون الخارجية".
وأردف: "كان ترومان قد قضى 13 أسبوعا فقط كنائب للرئيس، بعدها دفعته وفاة فرانكلين روزفلت في خضم فوضى تكاد تكون بحجم الكوارث التوراتية".
وقال: "لم يكن ترومان يعلم حتى بوجود القنبلة الذرية عندما تولى منصبه، لكنه سرعان ما قرر استخدامها، وأظهر بذلك أولى السمات الثلاث التي يجب أن يتحلى بها أي زعيم عالمي، وهي الحزم".
وأضاف: "فيما يتعلق بالسمة الثانية، وهي المعرفة، كان على ترومان أن يتعلم الكثير، لكنه تعلم بسرعة، وفهم الأمور بسرعة أكبر، ليخرج سريعا بخطة مارشال التي أعادت بناء أوروبا".
وأشار الباحث إلى أن "هذا الرئيس سريع التعلم أدرك مبكرا أن العالم الذي أنهكته الحرب بحاجة إلى أن يقف على قدميه مرة أخرى".
"ومع ذلك، لم تكن السمة الأكثر أهمية لرجل الدولة هي الحزم ولا المعرفة، بل الإيمان العميق"، بحسب المقال.
وأوضح: "لقد أدرك ترومان أن الشيوعية تهدد العالم الحر، وشرع في مواجهتها من خلال إنشاء حلف شمال الأطلسي (ناتو)".
وبحسب الكاتب، فإن الأمر نفسه ينطبق على الرئيس رونالد ريغان، الذي أدرك أن العالم منقسم بين أولئك الذين دافعوا عن الحرية وأولئك الذين حاربوها.
وأيضا الرئيس ريتشارد نيكسون، الذي أسهم تقاربه مع بكين في عزل موسكو، كما ساعد في ابتعاد الصين عن الشيوعية.
تأثير ممتد
وقال الباحث: "إن تأثير هؤلاء الرؤساء مازال مستمرا حتى يومنا هذا، ومن المؤسف أن الأمر نفسه ينطبق أيضا على إرث الانقلابات التي أحدثها الرؤساء الذين فشلوا كقادة عالميين".
فعلى سبيل المثال، أراد الرئيس جيمي كارتر فرض معايير حقوق الإنسان الأميركية على الشاه الإيراني، وكان ذلك "خليطا من الجهل والسذاجة"، وفق تعبير آسا-إيل.
وأضاف: "كان الثمن -الذي تمثل في إطاحة الشاه على يد آية الله الخميني- باهظا للغاية، ليس فقط على المصالح الأميركية، بل أيضا على وضع حقوق الإنسان في إيران".
وأوضح: "هكذا خرج الجني -الذي زعزع استقرار العالم- من قمقمه".
وتابع: "جورج بوش الابن كان ساذجا أيضا، صحيح أنه أدرك أن الإسلامية عدو الحضارة، لكنه لم يُصرح بذلك"، على حد زعم الكاتب.
"وعلى عكس مصطلح "محور الشر"، الذي أطلقه على ثلاث دكتاتوريات محددة (العراق، وإيران، وكوريا الشمالية)، فقد وصف الصراع بين الإسلامية والحضارة بـ "الحرب على الإرهاب"، مركزا بذلك على سلاح العدو بدلا من فكرته"، وفق المقال.
واستطرد: "بالمثل، وبسبب محدودية معرفته بالتاريخ، جعل بوش أميركا تخوض حربين في آن واحد على جبهتين مختلفتين تماما".
"وكانت هذه وصفة للتوسع العسكري المفرط والفشل السياسي، ولو كان حينها في البيت الأبيض رئيسا عظيما لتجنب ذلك، سواء من خلال معرفته أو حدسه"، بحسب المقال.
وأكد أن "مآلات هذه الأخطاء لا تزال باقية معنا حتى يومنا هذا، بعد أن سقط العراق في فلك إيران".
والتمس الباحث للرئيس بوش عذرا حين قال: "على الأقل كان بوش متواضعا، وارتكب أخطاءه تحت صدمة هجمات الحادي عشر من سبتمبر/أيلول 2021".

لكن في المقابل، يرى الباحث أننا لا يمكننا أن نقول ذلك عن باراك أوباما، الذي كان خطأه الأول، خطاب القاهرة، الذي لا داعي له.
ويرى الكاتب أن خطاب القاهرة "أظهر للعالم أن الرئيس الأميركي الجديد لا يعرف شيئا عن السياسة الخارجية، في حين يعتقد أنه مُلمّ بها".
وأردف: "سرعان ما أدى هذا الغرور إلى سيطرة الإسلاميين على مصر، وإلى إصدار تهديدات جوفاء تجاه بشار الأسد بينما يستخدم الغاز ضد شعبه، وإلى العودة الكبرى لروسيا إلى الشرق الأوسط دون أية معارضة"، على حد زعمه.
مَن ستتبعه هاريس؟
يعتقد الباحث أن "الآن، من المرجح أن تحذو هاريس، إذا انتُخِبت، حذو كارتر وأوباما وبوش".
وأوضح: "تحظى هاريس بسجل حافل، فقد كانت مدعية عامة متميزة، واكتسبت خبرة وطنية كعضو في مجلس الشيوخ، وبصفتها نائبة للرئيس، فقد تعرضت للشؤون العالمية".
لكنه استدرك، قائلا: "مع ذلك، بالكاد اكتسبت هاريس جزءا ضئيلا من خبرة جو بايدن، التي امتدت نصف قرن في الشؤون الخارجية، كما أن رؤيتها العالمية، إن وجدت، لم تُعرض بعد".
والأسوأ من ذلك -وفق المقال- أن الشؤون الدولية ليست مجال اهتمام هاريس، إذ إنها في الأصل قاضية.
وأضاف: "عندما يتعلق الأمر بالشؤون الخارجية، تفتقر هاريس إلى هذا النوع من الانخراط أو الخبرة أو الفضول".
"ولهذا السبب عندما كلفها بايدن بقيادة أزمة الهجرة، لم تسافر إلى الحدود لمعرفة كل شيء عنها؛ لأن هذا لم يكن شغفها".
وقال "آسا-إيل": "لكي تصبح ما أصبح عليه ترومان، أو ما كانت عليه غولدا مائير ومارغريت تاتشر بالفعل قبل صعودهما إلى السلطة، فسوف تحتاج هاريس إلى قراءة واضحة للتاريخ بشكل عام، وهذه الحقبة بشكل خاص".