استشهاد الداعية الفلسطيني نائل مصران بقصف إسرائيلي.. وناشطون: رحل صوت التثبيت

كرّس الشيخ نائل بن غازي حياته للدعوة الإسلامية وخدمة قضايا الأمة
في قصف إسرائيلي استهدف خيام النازحين في بلدة القرارة شمال خان يونس جنوبي قطاع غزة، استشهد الداعية الفلسطيني الشيخ نائل بن غازي مصران وعدد من أفراد عائلته هم محمود وشيماء وسهام وسمية وريم نائل مصران.
وتأكد في 30 مايو/أيار 2025، خبر استشهاد غازي وداليا زكي مصران، إضافة إلى ثلاثة أطفال وامرأة لم تُعرف هوياتهم، كما استشهدت المواطنة بسمة إبراهيم حسين البيوك بعيار ناري أطلقه جيش الاحتلال تجاهها، قرب كراج رفح وسط خان يونس.
ويأتي هذا الحدث الأليم نتيجة استمرار التصعيد الإسرائيلي العسكري على القطاع وتفاقم الأزمة الإنسانية؛ حيث قصفت طائرات إسرائيلية خيمة تؤوي نازحين في منطقة مواصي القرارة، مما أسفر عن استشهاد 14 شخصا بينهم 3 أطفال على الأقل ونساء.
والدكتور نائل بن غازي مصران، داعية فلسطيني الجنسية، ويُعرف بكونه شخصية معروفة في الأوساط الدينية والأكاديمية الفلسطينية، خاصة بعد ما تمكن من الجمع بين خلفيتين علميتين، فهو مهندس مدني، وواصل دراسته العليا في مجال الشريعة.
وحصل على شهادة الدكتوراه في الفقه وأصوله، جمع بين الجانب العلمي الهندسي والتحصيل الشرعي العميق، مما أكسبه احتراما واسعا في الأوساط الدعوية والعلمية.
وكرّس نائل غازي حياته للدعوة الإسلامية وخدمة قضايا الأمة، لا سيما فيما يتعلق بالدفاع عن أرواح الشهداء وحقوق عائلاتهم، وعُرف عنه التعمق في القضايا الفقهية الحديثة وربطها بالواقع الفلسطيني والعربي، وهو ما جعله من الأصوات الفكرية المؤثرة داخليا وخارجيا.
كما عرف عنه حضوره القوي في ساحات العمل الدعوي والمجتمعي؛ حيث لم يكن مجرد محاضر أو باحث أكاديمي، بل ناشطا فاعلا في مجتمعه، يتفاعل مع الأزمات والمستجدات، وكان له حضور مميز في الفعاليات الوطنية والدينية داخل فلسطين.
ويعد غازي أحد أبرز الدعاة في فلسطين، وله خطب ومواعظ مؤثرة تدعو إلى الوحدة والتعاون بين الفصائل الفلسطينية وإنهاء الانقسام، وعمل جاهدا على تعزيز روح المقاومة والثبات في مواجهة التحديات وسعى لنشر رسالة الأمل والتفاؤل بين أبناء شعبه.
وخلال الحرب السورية، برز الشيخ ابن غازي كأحد الأصوات الدعوية المؤثرة؛ حيث ألقى عددا من الخطب والمواعظ التي دعمت الشعب السوري في مواجهة النظام ورفض التدخل العسكري الروسي الإيراني، وناهض ظلم وقمع السوريين ودعا للتضامن معهم ودعم المقاومة السورية.
ونعى ناشطون على منصات التواصل الاجتماعي الشيخ غازي، معربين عن بالغ حزنهم لاستشهاده، مذكرين بإرثه الدعوى الذي تركه خلفه ودعوته المستمرة للتمسك بالقيم الإسلامية والوطنية، ودعوا له بالرحمة والمغفرة.
واستحضروا عبر تغريداتهم وتدويناتهم على منصتي “إكس” و"فيسبوك"، وغيرها من المنصات الأخرى، خطبه ودروسه وكلماته وشجاعته، مؤكدين أن ذكراه ستظل محفورة في القلوب، وكلماته ومواقفه ستظل مصدر إلهام للكثيرين.
نعي ورثاء
وفي وداع غازي ونعيه ورثائه، ترحم الشيخ أحمد بن يوسف السيد عليه ودعا الله أن يتقبله في الشهداء، مشيرا إلى أنه كان مرابطا ثابتا صابرا محتسبا.
وأكد أن غازي كان مثالاً على من جمع بين العلم والعمل، والدروس النظرية ونصرة الإسلام العملية.
وأضاف السيد أن غازي لم يكن ثابتا فحسب، بل كان مثبتا للناس مُصَبّرا لهم يعزز فيهم حسن الظن بالله والثبات على دينه، داعيا الله أن يرفع درجته.
وكتب أستاذ الشريعة وصفي أبو زيد: "جعل الله هذه الليلة أسعد لياليك، وتقبلك في صفوة الشهداء، وجمعك بسيد الخلق، وأخلفنا وأهلك فيك خيرا".
وقال خطاب الجبوري: “ترجّل الفارس، وداعًا يا شيخ المجاهدين”. مؤكدا أنه كان مثالًا للعالم العامل، الذي لا يكتفي بالقول دون الفعل، كان في مقدمة الصفوف، يُرشد ويُعلم، ويُجاهد ويُضحي، حتى لقي الله شهيدًا، نحسبه كذلك ولا نزكي على الله أحدا.
وسأل الله أن يتقبله في الشهداء، وأن يرفع درجته في عليين، وأن يجمعه به في الفردوس الأعلى مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين، وحسن أولئك رفيقا.
وأكدت نسيبة عمر أن ابن غازي تقدم يوم أن تراجع الناس، وتحدث يوم أن صمت العلماء، قائلا: إن في ميدان الثبات لا مجال لأنصاف الرجال المترددين، وفي معركة المصير لا مجالَ للرماديين القلقين.. هي معركةٌ سنكونُ فيها سادةً أعزاء، أو مُحرِّضينَ بحدِّ الدم شهداء".
خطيب مفوه
ووصف أحد المغردين غازي بالخطيب المفوه وصاحب القلم السيال، وشيخ الكتائب، وأسد الوغي، قائلا: عرفناه كريم الخلق، عزيز النّفس، ينفث في الجيل روح الكرامة، ويحررهم من قيود المهانة، عاش عمره داعيًا إلى الله، آمرًا بالمعروف، ناهيًا عن المنكر، لم يشغله جرح غزة عن جراحات المسلمين في سوريا وفي اليمن.
وأشار موسى بن خليل إلى أن ابن غازي كان أحد طلبة العلم في القطاع، وأحد مشايخ التعبئة الإيمانيّة ورفع لواء الجهاد الذي أمضى حياته بالدفاع عن الأمة وبيت المقدس بالقول والفعل، داعيا الله أن يتقبله ويسكنه الفردوس الأعلى.
وأثنى عمر أبو الحفص على الشيخ نائل قائلا: "له فضل عليّ كبير وعلى عائلتي وأبنائي وذريتي إلى يوم الدين، كان مثالاً على من جمع بين العلم والعمل، والدروس النظرية ونصرة الإسلام العملية".
وأضاف عن غازي: "لم يكن ثابتا فحسب، بل كان مثبتا للناس مصبرا لهم يعزز فيهم حسن الظن بالله والثبات على دينه".
وأشادت نزيهة كسوري بابن غازي، قائلة عنه: "شهيدا جميلا على ثغور غزة العزة؛ مرابطًا بقلمه وسِنانه على درب الجهاد".
وأشهد وائل مصطفى، الله بأن ابن غازي كان وهو من قلب جحيم المجرمين يثبت قلبه وقلوب الآلاف غيره بمقولاته وعظاته عن سنن الله في الكون وثمن الإيمان وضرورة الجهاد.
ناصر الشام
وتذكيرا بنصرة ابن غازي لسوريا، قال الشيخ عبدالله المحيسني عنه "خطيب غزة المفوه وعضيد الشام في ثورتها منذ أيامها الأولى".
وشهد محمد أبو صياح الحمودي، بأن غازي كان صاحب رسالة وأداها بأجلّ وأعظم صورة، مؤكدا أن الشام تبكي عليه وتشهد له.
وأشار إلى أن غازي له سهم من المواعظ والخطب والنصائح في كل جولة وميدان، وله سهم في التحريض والتثبيت منذ انطلاقة الثورة السورية إلى أن ودع شهيدا.
ووصفت إحدى المدونات ابن غازي بأنه كان من رجال الكلمة والموقف، ومن أوفى الأصوات للثورة السورية، وأنه نادى بالحرية من الشام حتى فلسطين، ولم يساوم على الحق، قائلة: إنه "رجلٌ جمع بين نصرة المظلوم ومواجهة الطغاة في كل الساحات".
وأضافت عن غازي: "اغتاله الاحتلال.. لكنه زرع فينا عزيمة لا تموت.. تقبّله الله .. والعار للقتلة ومن سكت عنهم".
ورثاه الإعلامي محمد جمال، قائلا: "تبكي عليك الشام والشام تشهد، المواعظ والخطب والنصائح في كل جولة وميدان، لك سهم في التحريض والتثبيت منذ انطلاقة الثورة إلى أن ودعناك شهيدا نحسبك والله حسيبك".
خطب ومواقف
واستحضارا لدروس وخطب غازي وإعادة نشر لتغريداته ومواقفه، بث رئيس الهيئة العالمية لأنصار النبي محمد الصغير، تسجيلا صوتيا للشيخ لتواصله الأخير معه وكانت آخر كلماته حمل همّ المقاومة، وتثبيت المجاهدين.
وقال: "رحل إلى رضوان الله، تاركا إرثا من العزة والجهاد، نلتَ ما رجوتَ، وصدقت الله فصدقك الله، والجنة الموعد بإذن الله".
وعرضت مريم أحمد سيدن، خطبة له يتحدى فيها الاحتلال الإسرائيلي قائلا: "دم بدم، هدم بهدم، والحرب سجال وصولات، فكنا لهم كابوسا أحاط بأمانهم والأمنيات، فقزمت واندثرت وتناثرت لفتات فتات.. أرضنا.. سماؤنا.. ماؤنا حرام عليكم".
وأعاد نبيل رحيم، بث مقطع فيديو لرسالة وجهها ابن غازي لأهل سوريا قبل سقوط النظام البائد اختص بها المرابطين على ثغر إدلب، يُحْيي فيهم عزائمهم ويشدّ على أيديهم ويمتدح جَلَدهم وبأسهم وشدتهم ويعرب عن ثقته في استردادهم لأرضهم، واصفا رسالته بأنها "كلمات من ذهب".
ونشر طارق مسعد تغريدة سابقة لابن غازي، قال فيها: إن بالغزاة يتوعدون بالغزو المضاعف والزج بفرق عسكرية، وألوية مدربة، وقصف لا يبقى حجرا، ونسف لا يدع بشرا، واستئصال وتهجير وقتل وتدمير، واستنكر أن الغزاة يخوفون الفلسطينيين بالعذاب وكأنهم ملكوا الدنيا.
وأقسم ابن غازي قائلا: "ولا والله لا ينال ذلك من عزيمة أولياء الله المرابطين وجنده الميامين"، مؤكدا أن إرادة الله نافذة ومشيئته غالبة، والقلوب عامرة باليقين والنفوس يحدوها النصر المبين.