بعد الفوز الساحق بانتخابات روسيا.. كيف يخطط بوتين لتحديات الداخل والخارج؟

منذ شهر واحد

12

طباعة

مشاركة

سيطر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على شبه جزيرة القرم من أوكرانيا قبل عقد مضى، في عملية جريئة مهدت طريق روسيا لغزو جارتها في عام 2022.

وفي الذكرى الـ10 لضم شبه جزيرة القرم في 16 مارس/ آذار 2014، كانت روسيا على موعد مع انتخابات الرئاسة التي مهدت لبوتين الطريق نحو ولاية رئاسية خامسة. 

وفي هذا السياق، نشرت صحيفة الإندبندنت بنسختها التركية مقالا ذكرت فيه أنه من بين ما يقرب من 114 مليون ناخب روسي في الداخل والخارج، ذهب نحو 74 بالمئة إلى صناديق الاقتراع لانتخاب رئيس الدولة الذي سيقود البلاد للسنوات الست المقبلة.

ولم يكن هناك شك في فوز فلاديمير بوتين بعد أن كان في السلطة لمدة 24 عاما. وكان من المتوقع أن تكون حصة التصويت للمرشحين الثلاثة الذين واجهوا بوتين ضعيفة.

فقد توفي أخطر منافس لبوتين أليكسي نافالني "فجأة ولأسباب طبيعية" قبل أسابيع قليلة من الانتخابات. 

وليس من قبيل الصدفة أن تزامنت الانتخابات الرئاسية في روسيا مع الذكرى العاشرة لضم شبه جزيرة القرم، بل ذلك يعكس الأهمية الرمزية لهذا الحدث في السياسة الروسية. 

انتخابات مهمة

ولفتت الصحيفة النظر إلى أنه في الأشهر التي سبقت الانتخابات، بدأ بوتين في القضاء على المرشحين الذين يمكن أن يشكلوا تهديدا حقيقيا له أو الذين يمكن أن يقللوا من حصته من الأصوات.

ففي نوفمبر/ تشرين الثاني 2023 أثارت يكاترينا دونتسوفا، وهي أمٌّ لثلاثة أطفال وصحفية سابقة، قلق الكرملين عندما أعلنت فجأة عن ترشحها للانتخابات الرئاسية وأصبحت شخصية شهيرة. 

لكن تم إقصاء دونتسوفا من العملية الانتخابية في بدايتها.

وكان من بين المرشحين الآخرين بوريس ناديجدين المعروف بقربه من دائرة بوتين والمعارض للحرب. فقد تجاوز هذا المرشح المرحلة الأولى من الانتخابات، ولكنه تم استبعاده أيضا من العملية.

بينما عثر على منافس بوتين الرئيس نافالني ميتا بشكل مثير للريبة في زنزانته في منطقة القطب الشمالي.

وبالتالي، شارك في الانتخابات مرشحون لا يحظون بتأييد شعبي ومن غير المرجح أن يحصلوا على أكثر من 10 بالمئة من الأصوات.

في الواقع، كان نائب الحزب الديمقراطي الليبرالي ليونيد سلوتسكي ومرشح الحزب الشيوعي نيكولاي هاريتونوف بالإضافة إلى رجل الأعمال فلاديسلاف دافانكوف من الحزب الشعبي الجديد الذي تأسس أخيرا هم المرشحين الذين يدعمون سياسات السلطة تجاه أوكرانيا ولا يعارضون بوتين وسياساته بشكل حقيقي.

في هذه المرحلة، من المفيد التذكير بأنه في روسيا عموما تتبع جميع الأحزاب نفس الخط في السياسة الخارجية، وهناك فقط بعض الفروق الدقيقة في السياسة الداخلية. 

فلا توجد معارضة حقيقية. ولذلك فاز بوتين بالانتخابات كما كان متوقعا دون أي صعوبة.

وبالنسبة لبوتين كان من المهم الفوز في الانتخابات، ولكن هذه المرة أراد إرسال رسالة إلى الرأي العام الداخلي وأوكرانيا والعالم أجمع من خلال تعزيز شرعيته بالفوز بنسبة أصوات أعلى من تلك التي حصل عليها في السنوات السابقة.

ووفقا للمصادر الرسمية حقق الرئيس بوتين النتيجة التي كان يرغب فيها في الانتخابات الرئاسية لعام 2024، حيث حصل على 87.7 بالمئة من الأصوات. 

وإذا لم تحدث أي أحداث غير متوقعة، فإن بوتين قد ضمن بقاءه في السلطة حتى عام 2030. وقد فتح التعديل الدستوري الذي تم في عام 2020 الباب أمامه للبقاء في السلطة حتى عام 2036. 

حيث إنه أتاح لبوتين الفرصة للترشح لفترتي رئاسة إضافيتين بعد انتهاء فترته الحالية في عام 2024.

احتجاجات أثناء الانتخابات

وشهدت انتخابات 2024 بعض المشاهد المثيرة للاهتمام. فقد حاول 11 شخصًا حرق صناديق ومراكز الاقتراع. 

وفي 19 مكانًا مختلفًا حاول الناخبون إبطال الأصوات بإلقاء طلاء ملون على صناديق الاقتراع، وانتشرت هذه الصور على وسائل التواصل الاجتماعي.

أما في موسكو فقد تم القبض على رجل لكتابته عبارة "بوتين القاتل" على بطاقة الاقتراع. 

ودعت زوجة أليكسي نافالني، يوليا نافالنايا، المواطنين الروس إلى الاحتجاج على الانتخابات وكتابة اسم نافالني على بطاقات الاقتراع الخاصة بهم، ودعوة المجتمع الدولي إلى عدم الاعتراف بنتائج الانتخابات.

وفي اليوم الأخير من الانتخابات دعت المعارضة الناس إلى الذهاب إلى مراكز الاقتراع ودعم المرشحين الآخرين لتقليل حصة بوتين من الأصوات. 

وقد اصطف آلاف الأشخاص في مراكز الاقتراع في مدن مختلفة من روسيا وأمام السفارات الروسية في العواصم الأوروبية.

واستجابةً لهذه الأحداث اقترح مجلس الدوما الروسي فرض عقوبة السجن لمدة تصل إلى 8 سنوات على أولئك الذين يحاولون عرقلة عملية التصويت. 

وبالإضافة إلى ذلك، تعرض العديد من المناطق بما في ذلك منطقة بيلغورود في روسيا لهجمات من قبل أوكرانيا خلال الانتخابات.

بالإضافة إلى أنه تم تنفيذ هجمات بواسطة طائرات بدون طيار وأنظمة قاذفات الصواريخ في بيلغورود، ما أدى إلى إغلاق مراكز التسوق والمدارس في المنطقة. 

وتعرض أكثر من 10 مصافي نفط في منطقتي كراسنودار وسامارا لهجمات بواسطة طائرات بدون طيار أيضا.

وقد أعلنت وزارة الدفاع الروسية أنه تم تنفيذ هجمات بواسطة طائرات بدون طيار على مطار دوموديدوفو ومنطقتي كالوغا وياروسلافل. 

لكن المتحدث باسم الكرملين صرّح بأنه تم صد جميع الهجمات وأنه تم إطلاق النار على 1700 من بين 2500 مخرب، وبلغت الخسائر الدقيقة للعدو حوالي 550 شخصًا.

بالإضافة إلى ذلك، أعلنت شركة الاتصالات الروسية أنه تم تنفيذ أكثر من 90 ألف هجوم إلكتروني على مواقع الخدمة الحكومية الإلكترونية وغيرها من الموارد التي يتم فيها التصويت الإلكتروني. 

ردود الفعل الدولية

ولفتت الصحيفة إلى أن إجراء الانتخابات في مناطق القرم المحتلة ومناطق أخرى مثل خيرسون و زابوريجيا و دونيتسك و لوهانسك و ترانسنيستريا و أبخازيا و أوسيتيا الجنوبية أثار ردود فعل دولية كثيرة.  

فأكثر من 50 دولة والأمين العام للأمم المتحدة أدانوا إجراء الانتخابات في هذه المناطق، عادين ضم روسيا لها غير شرعي وفقًا للقانون الدولي. 

بالإضافة إلى ذلك انتقد العالم الغربي الانتخابات لإجرائها في ظل ظروف غير عادلة وغير شفافة بل وتفتقر إلى المنافسة. 

غير أنّ المتحدثة باسم الخارجية الروسية اتّهمت الغرب بمحاولة تخريب الانتخابات عبر دعم المعارضة وحملات التضليل والهجمات الإلكترونية. 

رغم ذلك أكد المسؤولون الروس أن هذه الإجراءات لم تمنع إرادة الشعب وأن الانتخابات جرت وسط تضامن روسي على الرغم من الاحتجاجات والهجمات الأوكرانية. 

وقالت الصحيفة إن الاحتفال بالذكرى العاشرة لضم القرم من المتوقع أن يقتصر على استعراض القوة بمشاركة دول محدودة مثل بيلاروسيا وفنزويلا وكوريا الشمالية وسوريا. 

وختمت قائلة: مع استمرار الحرب، يُتوقع أن يتبع الكرملين سياسات أكثر قمعًا ضد المعارضة ويقوم بتحركات غير متوقعة للحفاظ على شعبية الحكومة.

وبالنظر إلى أن عدد الاعتقالات السياسية في رئاسة بوتين الأخيرة، يمكن القول إن الكرملين سيتّبع سياسات أكثر قمعا ضد الأصوات المعارضة في الداخل في الفترة المقبلة طوال فترة الحرب.

وذلك للحفاظ على شعبية بوتين والكرملين معاً وتحقيق نجاحات في الميدان الحربي في المستقبل. 

الكلمات المفتاحية