عبر ثلاثية تاريخية بقلب الاحتلال.. الشهيد ماهر الجازي يعيد للأردن كرامته
"مهما رسخوا تطبيعهم مع أنظمة صهيوعربية فستظل الشعوب عقبة"
بثلاث طلقات احترافية، قضى الأردني ماهر الجازي على 3 عناصر من الأمن الإسرائيليين بعدما أطلق عليهم النار عند معبر الكرامة الحدودي "اللنبي" بين الأردن والكيان الإسرائيلي المحتل.
ماهر ذياب حسين الجازي (39 عاما)، سائق شاحنة أردني، قتل في 8 سبتمبر/أيلول 2024، 3 من أفراد أمن المعابر الإسرائيليين، مستخدما مسدسا محلي الصنع من طراز "جي تي بي 9 جي" (GTP 9C)، ثم استشهد لاحقا.
وعن شهادته، قال شادي، شقيق الشهيد ماهر الجازي منفذ عملية الكرامة الذي ينتمي لعائلة الحويطات؛ إن "شقيقه غضب على ما يجرى في غزة وحزن من حال الأمة الإسلامية، فكل إنسان يرى القتل في إخواننا بالقطاع يتحرك ضد الاحتلال الصهيوني فبادر لهم".
وأوضح خلال مكالمة مع وكالة عمون المحلية، أن الشهيد متزوج وله خمسة أطفال أكبرهم 12 سنة، ويعمل سائق شاحنة على المعبر، حيث يفرغ حمولته هناك ويعود للمعبر.
وخرج آلاف الأردنيين في مسيرة ليلية من المسجد الحسيني وسط عمان القديمة، لإقامة “زفة شهيد”، وردد المشاركون هتافات: "ابن معان قالها.. غزة واحنا ورجالها"، "حيوا الشعب اللي ما يساوم"، وأدوا صلاة الغائب على روح الشهيد.
بدورها، تبرأت وزارة الداخلية الأردنية من الجازي، قائلة إن الحادث عمل فردي وإنها تنسق مع الجهات المعنية لتسلم جثمانه.
فيما أشادت كتائب القسام -الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية حماس، بالعملية، قائلة إنها "رد طبيعي على المحرقة التي ينفذها العدو الصهيوني النازي بحق أبناء شعبنا في غزة والضفة الغربية المحتلة ومخططاته في التهجير وتهويد المسجد الأقصى".
وأعرب ناشطون على منصة إكس عبر تغريداتهم على حساباتهم الشخصية ومشاركتهم في وسوم عدة أبرزها #عملية_الكرامة، #معبر_الكرامة، #ماهر_الجازي، وغيرها عن سعادتهم بالعملية، وعدوها صفعة على وجه الاحتلال الإسرائيلي والسلطات الأردنية المطبعة معه.
وجرى تداول صور ومقاطع فيديو توثق الحفاوة الواسعة بالعملية، مؤكدين أن هذه المشاهد ترعب رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وجيشه، وتؤكد أن العداء لإسرائيل أمر لا يمكن التحكم فيه ولا كبحه مهما أبرم من اتفاقيات التطبيع ومهما قتل من الأبرياء.
ويطلق على مكان تنفيذ العملية "معبر الكرامة" في فلسطين، و"جسر الملك الحسين" في الأردن، و "جسر اللنبي" في الكيان الإسرائيلي، ويقصد بالتسميات على اختلافها المنفذ الوحيد لفلسطينيي الضفة الغربية نحو الخارج وعبر الأردن.
ويقع الجسر فوق نهر الأردن إلى الشمال من البحر الميت وفي منتصف المسافة تقريبا بين مدينة عمّان والقدس، ويربط الضفة الغربية بالأردن، ويستخدمه المسافرون الفلسطينيون للوصول إلى الأردن ثم للسفر إلى الخارج.
حفاوة وإشادة
وحفاوة بالعملية واستحضارا لمواقف بطولية لأفراد من عائلة الحويطات، قال المراقب العام بجماعة الإخوان المسلمين بالأردن مراد العضايلة، إن الشهيد البطل ماهر الجازي يجدد الكرامة ويعيد أمجاد بطولة قبيلة الحويطات، أمجاد البطل الفريق مشهور الجازي قائد معركة الكرامة، وبطولات الشيخ هارون الجازي قائد كتيبة الحويطات في معارك القدس.
وأضاف أن الشهيد ماهر يرد على تهديدات نتنياهو للأردن ويثأر للدم الفلسطيني المسكوب في غزة والضفة، ويؤكد وحدة المصير مع الشعب الفلسطيني.
من جانبه، قال المتحدث الإعلامي باسم جماعة الإخوان المسلمين معاذ الخوالدة، إن دماء الشهيد البطل ماهر الجازي الحويطات امتزجت اليوم بدماء الشهيد كايد مفلح_العبيدات أول شهيد أردني على أرض فلسطين.
وأضاف أن هذه الدماء الزكية هي امتداد لدماء الكرامة والعزة التي كانت تنبض في قلب البطل مشهور الجازي قائد معركة الكرامة، وبطل معارك القدس القائد هارون الجازي، وبطل معركة سمخ الشهيد الشيخ فندي القفطان ودماء أبطال جيشنا العربي على أرض القدس الشريف.
وتابع أن الشهيد البطل ماهر الجازي سطر بدمائه رسالة من نار لمجرم الحرب نتنياهو ردا على حرب الإبادة في غزة وردا على مخططات حكومته المتطرفة العدائية تجاه الأردن.
وختم قائلا: “هنيئا لك الشهادة يا صقر الجنوب، وألف تحية لأصبع سبابتك المبارك، والمجد والسمو لك ولكل شهدائنا الأبرار”.
فيما أكد أحد المغردين، أن عملية كهذه وأمثالها تردّ الروح -حرفيا- لكل أردني وعربي أصيل، بطريقة لم تفعلها 30 عاما من وادي عربة و لا حتى 300، قائلا إن فعل هذا الشهيد وأجداده، وكلّ من سبقه، هو من يمثلنا بكل فخر، لا الخطابات ولا التصريحات، مهما بلغت عباراتها من "الشدّة.
وعرض المغرد تامر، مقطع فيديو يوثق لحظة إعدام الشهيد الأردني ماهر الجازي برصاصة في الرأس رغم إصابته وعدم قدرته على الحركة، مؤكدا أن الجيش الإسرائيلي كان قادرا على نقله للعلاج أو اعتقاله مصابا، لكن الجنود قرروا إعدامه.
وادي عربة
وأكد ناشطون أن منفذ عملية الكرامة قفز فوق المعاهدات التي أبرمتها السلطات الأردنية مع الاحتلال الإسرائيلي بمزاعم السلام، وتمرد على التطبيع، ورسم الكلمة واضحة بالدم، وغسل وادي عربة بالرصاص.
ويقصد بوادي عربة اتفاقية سلام أردني إسرائيلي وقعت في 26 أكتوبر/تشرين الأول 1994، وبموجبها تزود إسرائيل الأردن بـ50 مليون متر مكعب سنويا من مياه بحيرة طبريا، يتم نقلها عبر قناة الملك عبد الله إلى المملكة، مقابل سنت واحد (الدولار = 100 سنت) لكل متر مكعب.
وتضمنت المعاهدة اتفاقا على الحدود الفاصلة بين الجانبين والمارة بوادي عربة، كما طبعت العلاقات بينهما على المستوى الرسمي وتناولت النزاعات الحدودية.
وبتوقيعها أصبح الأردن ثاني دولة عربية مطبعة مع الاحتلال بعد مصر، إلا أن الاتفاقية تواجه رفضا شعبيا أردنيا واسعا وانتقادات سياسية.
وفي السياق، أكد السياسي فايز أبو شمالة، أن البطل الأردني عبر هذه العملية أطلق النار على اتفاقية وادي عربة وعلى شلال المواد الغذائية المتدفق للصهاينة عبر معبر الكرامة، وعلى رأس الصمت العربي، والبكاء على أطلال الكرامة، وعلى المصالح الأميركية في المنطقة، وعلى عنجهية نتنياهو.
وقالت الباحثة فاطمة الصمادي: "لو وقعوا ألف معاهدة سلام فلن يغير ذلك من عقيدتنا بأنهم احتلال، والاحتلال لا يواجه إلا بما يليق به.. إما نحن أو هم، هذه الأرض لا تقبل القسمة. والتاريخ والجغرافيا وفطرة المسلم ويقينه كلها تقول إنهم إلى زوال، إما نحن أو نحن".
وكتب معاذ العمران: “طريقُ وادي عربة لا يعنينا .. نحن نحبُ طريق الكرامة .. بدبابةٍ أو بشاحنة! بشعارِ جيشنا الذي نُحب أو بثوبِ سائق .. كان هذا طريقنا وسيبقى.. ثلاثون عاما على المعاهدة .. ولم يزلِ الأردنيون يثبتون أنها لم تتجاوز يوما حدود ورقتها الهشة.”
وكتب أحد المغردين، أن "المجد لمن تمرد على التطبيع وأسقط وادي عربة بالدم".
توزيع الحلوى
وتداول ناشطون صورا ومقاطع فيديو توثق حفاوة الشعب الأردني بالعملية البطولية وتوزيع الحلوى على الماريين في الطرقات.
سعار صهيوني
وتسليطا للضوء على وقع العملية البطولية على الاحتلال الإسرائيلي وإعلامه، قال المحلل السياسي ياسر الزعاترة، إن سُعار صهيوني بعد عملية الشهيد ماهر ذياب الجازي، بسبب الاحتفاء الشعبي بها وببطلها.
وأضاف: "يريدون أن يمارسوا الإبادة في قطاع غزة، ويتوعّدوا بالضمّ والتهجير في الضفة وصولا إلى (الوطن البديل)، ثم ترشقهم شعوبنا وأمّتنا بالورود"، مؤكدا أن نتنياهو ذهب يلملم جراحهم عبر استدعاء الدلالات التوراتية عن "سيف داوود"، والعيش "على حدّ السيف".
وأكد الزعاترة، أن منطق كهذا لا يمكن أن يُردّ عليه سوى بالرصاص، فقد مضت عقود من الاستجداء والاستدراج، لم تزدهم غير صلف وغطرسة.
وأوضح الصحفي الأردني باسل رفايعة، أن الإعلام الإسرائيلي مصدومٌ جدا من ردود الفعل الشعبية الأردنية على عملية الكرامة، ومذهول من مشاعر الفرح العام وطغيان البطولة على الانتخابات النيابية.
وتهكم قائلا: "كأنه كان يتوقّع أقل من ذلك وقد وصلته للتو ثلاث رصاصات ليس أكثر، يشعرُ كلُّ أردنيّ أنها من يده إلى يد الشهيد ماهر الجازي الحويطات، غير أنّ يدَ الحويطي أعلى وأكرم".
وأضاف رفايعة، أن ما لن تفهمه إسرائيل ومَن يريدها في هذه المنطقة أن الأردنيين غمرهم الشعور بـ"بياض الوجه" لبطولة الحويطي وكرمه، لأنهم يعدون ما دون ذلك أقلَّ الواجب.
وعرض الباحث حذيفة عزام، مقطع فيديو لكلمة رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي إثر العملية، قائلا إن البطل الغازي ماهر الجازي جعل نتنياهو يرتجف ويرتعش.
وتساءل: “هذا وهو غازٍ واحد، كيف لو انفلت عليك آساد الأمة؟!!!”
وأكد الإعلامي أيمن عزام، أن الأشد على بني صهيون من قتل ثلاثتهم برصاص البطل الباسل الشهيد ماهر الجازي هو هذا الاحتفاء الشعبي للنشامى الأردن، والاحتفاء العربي الإسلامي على منصات التواصل.
وأضاف أن الأشد وطأةً على نفوسهم الخبيثة ومن يوالونهم من الصهيو عرب هي تلك الفرحة والبهجة التي غمرت قلوب المقاومة الفلسطينية ومجاهديها في غزة وغيرها من أرض فلسطين الحبيبة.
وحث عزام، على عدم الاستهانة بما يظن أنه عمل صغير أو كلمة على الصفحات، قائلا: "والله إن كل ذلك من صور الجهاد والمقاومة تنزل على قلوبهم السوداء كالصواعق، فيدركوا أنه مهما طال استعمارهم احتلالهم ومهما رسخوا تطبيعهم مع أنظمة صهيوعربية فستظل الشعوب عقبة".