مخاض طويل.. هكذا أرغمت النيجر الولايات المتحدة على سحب قواتها العسكرية

15321 | منذ ٢١ يومًا

12

طباعة

مشاركة

تدهورت العلاقات بين الولايات المتحدة والنيجر، ونتيجة لذلك اضطرت واشنطن إلى الموافقة على سحب قواتها العسكرية وإغلاق قاعدتها.

ويأتي هذا القرار بعد محاولات الولايات المتحدة للتفاوض من أجل الحفاظ على وجودها العسكري في النيجر، لكن "باءت كل المحاولات بالفشل".

وترى صحيفة "إزفستيا" الروسية أن الغرب ذاته يعد ما حدث "فوزا لموسكو".

إخفاق واشنطن

وسردت الصحيفة تفاصيل تلك "الهزيمة" التي لحقت بالغرب، وبواشنطن تحديدا، حيث اضطرت الولايات المتحدة إلى "الموافقة على سحب قواتها العسكرية من النيجر خلال الأشهر القليلة القادمة"، حسبما أفادت وسائل إعلام غربية.

ووفقا لتقارير صحفية، من المفترض أن يغادر أكثر من 1000 جندي أميركي الدولة الإفريقية خلال الأشهر القادمة.

جدير بالذكر أن النيجر قررت في مارس/ آذار 2024، "فسخ الاتفاق العسكري مع الولايات المتحدة الذي كان ساريا منذ عام 2012". 

وأشارت الصحيفة الروسية إلى أن قرار فسخ الاتفاق اتخذ "بعد يوم واحد فقط من زيارة بعثة أميركية استمرت ثلاثة أيام إلى النيجر".

وذكرت أن "حكومة نيامي امتعضت من تعامل الوفد الأميركي معها". 

ووفقا لوسائل إعلام غربية، "كانت السلطات في البلد الإفريقي ترغب في إجراء حوار متكافئ، لكنها في المقابل تلقت تهديدا بالحصول على مذكرات تفاهم، واتهامات بتزويد طهران باليورانيوم بشكل سري".

وترى صحيفة "إزفستيا" أن "القرار الحالي لنيامي يضع أيضا شكوكا حول مكانة القاعدة العسكرية الأميركية، التي بنيت عام 2018 بتكلفة 110 ملايين دولار، وكانت الولايات المتحدة تستخدمها لتتبع نشاط الجماعات المتطرفة في النيجر والدول المجاورة".

وفي هذا الصدد، أشارت إلى أن "ممثلين من الولايات المتحدة سيصلون قريبا إلى نيامي لمناقشة جميع التفاصيل".

ولفتت الصحيفة إلى "فشل واشنطن في إقناع نيامي بالعدول عن قرارها"، حيث حاول المسؤولون الأميركيون بشتى الطرق منع هذا التطور، وزار ممثلون من وزارة الخارجية والبنتاغون البلاد بشكل متكرر، محاولين فرض الضغوط على السلطات الجديدة، ومع ذلك، فإنهم لم يتمكنوا من النجاح في عرقلة قرار نيامي".

من زاوية أخرى، تعتقد الصحيفة أن "واشنطن عازمة على الإبقاء على نفوذها في القارة السمراء"، إذ تبحث حاليا "إمكانية نشر قواتها في دول غرب إفريقيا".

وأشارت إلى أن "خسارة الوجود العسكري الأميركي في النيجر يعد خسارة إستراتيجية لواشنطن، حيث يُعترف بأنه سيكون من الصعب العثور على بديل للنيجر، كونها تحتل موقعا جيو سياسيا إستراتيجيا مهما".

وأضافت أن "السلطات النيجرية السابقة كانت مستعدة للتعاون بنشاط مع الأميركيين، أما الحكومة الحالية في البلاد، التي جاءت إلى السلطة نتيجة لانقلاب عسكري، فلا ترغب في فعل ذلك".

البديل الروسي

ومقابل الانسحاب الأميركي، لفتت الصحيفة إلى أن "روسيا تستعد لملء الفراغ الناجم عن الانسحاب الأميركي من دول غرب إفريقيا". 

ومن المقرر إقامة "الفيلق الإفريقي" الروسي في النيجر، ومن المخطط كذلك إرساله إلى 4 دول أخرى، ليبيا، وإفريقيا الوسطى، ومالي، وبوركينا فاسو.

كذلك نقلت الصحيفة ما نشرته وكالة "ريا نوفوستي" الروسية، في 12 أبريل/ نيسان 2024، أن "خبراء روسا وصلوا إلى النيجر لتدريب القوات المحلية على مكافحة الإرهاب"، لافتة إلى أنهم جلبوا معهم "قاعدة تدريبية ومعدات لتدريب متخصصين مختلفين".

وقال أحد المتخصصين الروس الذين وصلوا النيجر: "لدينا خبرة كبيرة في مكافحة الإرهاب، ونحن هنا لنقل هذه الخبرة لأصدقائنا".

بدورها، بثت قناة النيجر الحكومية لقطات لوصول طائرة النقل الروسية إلى مطار نيامي، وذلك بعد محادثات أجراها رئيس المجلس الوطني لحماية النيجر عبد الرحمن تشياني مع القيادة الروسية، تم خلالها مناقشة تنسيق الجهود في مجالات تأمين الأمن ومكافحة الإرهاب.

كما أفادت القناة الوطنية للتلفزيون في النيجر بأن موسكو "نشرت أنظمة الدفاع الجوي الروسية في البلاد".

وفي السياق، أشارت الصحيفة الروسية إلى "الخطر الذي يواجه منطقة الساحل، التي بقيت بلا مساعدة غربية في مواجهة المتطرفين".

وأوضحت: "ترد بشكل مستمر من نيجيريا، المجاورة للنيجر، تقارير عن هجمات المتطرفين واحتجاز الأشخاص كرهائن من قبلهم".

ولفتت إلى أن "الأميركيين أنفقوا، خلال العشر سنوات الأخيرة، مئات الملايين من الدولارات على تدريب الجيش النيجري".

وتعتقد الصحيفة أن هذه التدريبات الأميركية للجيش النيجري أتت بنتائج عكسية، حيث "لعب هؤلاء الجنود دورا مهما في الانقلاب العسكري والإطاحة بالرئيس المنتخب محمد بازوم".

مرحلة جديدة

ونقلت الصحيفة عن الباحث الرئيس في معهد دول آسيا وإفريقيا في جامعة موسكو الحكومية، نيكولاي شيرباكوف، اعتقاده بأن "انسحاب القوات الأميركية قد يستغرق وقتا".

وأشار شيرباكوف إلى أن "فرنسا استغرقت عدة أشهر لتحقيق الانسحاب".

ولفت إلى أن "الانسحاب الأميركي سيشكل مرحلة جديدة في النيجر، حيث ستضطر السلطات الحالية إلى مواجهة الإرهابيين بمفردها دون اللجوء إلى مساعدة التقنيات والقوات الغربية"، ومشيرا كذلك إلى أن "بعض السكان النيجريين سيفقدون وظائفهم إثر الانسحاب".

بدوره، تحدث الباحث الرئيس في معهد أوروبا التابع للأكاديمية الروسية للعلوم، سيرجي فيودوروف، عن "تزايد التأثير الروسي في منطقة الساحل، مع فقدان الدول الغربية نفوذها في المنطقة، حيث طردت فرنسا مع قواعدها العسكرية من ثلاث دول بالفعل".

وقال فيودوروف: "كانت النيجر آخر الدول التي طلبت من الفرنسيين المغادرة، وكان عليهم إخلاء قواعدهم العسكرية نهاية العام 2023".

وأضاف: "كان هناك أيضا قاعدة عسكرية أميركية في النيجر، حيث كانت تطلق منها الطائرات بدون طيار لمراقبة الساحل بأكمله من خلالها".

وحول البديل، يعتقد الخبير الروسي أن "موسكو هي الوجهة المفضلة حاليا لحكومة نيامي".

وتابع: "فعندما طلب من الأميركيين أيضا المغادرة بعد فرنسا، أصبح واضحا أن السلطات النيجرية قد بدأت في التواصل مع روسيا، لتعتمد على دعم موسكو".

من جانب آخر، أشار فيودوروف إلى أن “النيجر كانت مهمة للغاية بالنسبة للفرنسيين من حيث تأمين المواد الخام من اليورانيوم”.

ويرجح أنه "سيعاد النظر في هذه الشحنات أيضا، بالإضافة إلى جميع الاتفاقيات المبرمة في المجال العسكري والسياسي، بالنسبة للغرب".

وختاما، يرى الباحث السياسي أن "الأحداث الأخيرة تعد ضربة موجعة للغرب، حيث إنها تعني فقدانا لنفوذهم الاقتصادي والعسكري، كما أنهم يرون تعزيز روسيا في القارة الإفريقية بدلا منهم".