الغضب الشعبي.. هل يجبر نتنياهو على التوصل إلى اتفاق مع حماس؟

a month ago

12

طباعة

مشاركة

تصاعدت حدة الاحتجاجات في إسرائيل ضد حكومة بنيامين نتنياهو، حتى وصلت إلى درجة الإضراب العام، بسبب عدم عقد صفقة لتبادل الأسرى مع حركة المقاومة الإسلامية حماس.

وناقش موقع بي بي سي البريطاني بنسخته البرتغالية، تأثير الإضراب العام الذي عمّ أنحاء إسرائيل، في الثاني من سبتمبر/أيلول 2024، استجابة لدعوة اتحاد نقابات العمال "الهستدروت" لدفع حكومة نتنياهو للقبول باتفاق تبادل الأسرى.

والإضراب كان ليوم واحد وجاء غداة مظاهرات حاشدة، شهدتها العديد من المدن الفلسطينية المحتلة للمطالبة بصفقة لإطلاق سراح الأسرى.

وقررت محكمة العمل الإسرائيلية في تل أبيب، في نفس اليوم، وقف الإضراب عند الساعة 2:30 بعد الظهر عقب التماس قدم ضده.

وكان من المقرر أن يستمر الإضراب حتى صباح اليوم التالي، لكنه جاء قرار المحكمة الإسرائيلية بوقفه استجابة لدعوى رفعتها الحكومة بداعي أنه يجرى لأسباب سياسية.

وانطلق الإضراب بعد اكتشاف جثث لستة أسرى إسرائيليين كانوا محتجزين لدى حركة حماس، مما أثار موجة من الغضب والانتقادات تجاه نتنياهو.

وفي هذا الإطار، يقول موقع بي بي سي إن الإضراب العام، شل جزءا من الاقتصاد الإسرائيلي، بما في ذلك تعطيل حركة النقل وإغلاق بعض المؤسسات. 

وفي ظل تصميم الحكومة الإسرائيلية على الاستمرار في العمليات العسكرية ضد حماس، ترى الهيئة أن فرص التوصل إلى اتفاق مع الحرب تبدو ضئيلة.

اتهامات عنيفة

وأثار مقتل الستة إسرائيليين موجة من الغضب لم تشهدها تل أبيب منذ بدء عملية طوفان الأقصى في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023.

وخلال الأيام الأخيرة، خرج عشرات الآلاف من الأشخاص إلى الشوارع للاحتجاج على رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو. 

إذ يتهمه المحتجون بالتسبب بمقتل الأسرى لرفضه التوصل إلى اتفاق مع حركة حماس، يضمن عودة 97 محتجزا مازالوا في قطاع غزة.

وكرد فعل على هذه الاحتجاجات، وبعد أن دعا اتحاد العمال الرئيس في إسرائيل "الهستدروت" إلى إضراب عام، يشير الموقع إلى أن نتنياهو، توسل في 2 سبتمبر/ أيلول 2024 "للتسامح لفشله في إعادة الرهائن الستة".

وطالبت المظاهرات، التي تجرى في جميع أنحاء البلاد، الحكومة بالموافقة على صفقة لضمان إطلاق سراح الأسرى لدى حماس.

وفي حديث له في القدس المحتلة، أعلن نتنياهو قائلا: "نحن قريبون جدا، أو على وشك الوصول إلى إعادتهم إلى الوطن أحياء".

وأضاف: "أود أن أكرر مرة أخرى الليلة، إسرائيل لن تنتقل إلى أجندتها الطبيعية بعد تلك المذبحة. حماس ستدفع ثمنا باهظا جدا لذلك"، وفق تعبيره.

ونتيجة لهذا الإضراب، تأثرت الشركات والمدارس ووسائل النقل بتلك الاحتجاجات، كما أُلغيت بعض الرحلات الجوية في مطار بن غوريون، المطار الرئيس في إسرائيل، وأغلق المتظاهرون عدة طرق في البلاد.

علاوة على ذلك، شهد ميناء حيفا تغيرا في أنشطته، فضلا عن خدمات الحافلات والقطارات.

لم تفتح البنوك أبوابها وسمحت قطاعات أخرى، مثل شركات التجارة أو التكنولوجيا، لعمالها بالانضمام إلى الإضراب.

وحظي الإضراب بدعم بعض جمعيات الأعمال وكذلك جزء من المعارضة، بالإضافة إلى المنظمات التي تجمع أهالي المختطفين.

ومع ذلك، يخلص موقع بي بي سي إلى أن "حقيقة عدم انضمام مدن كبيرة، مثل القدس المحتلة، إلى الإجراء يعني أن روتين البلاد لم يتأثر بالكامل".

وفي المقابل، قالت الحكومة إنها “تتخذ إجراءات قانونية لمنع الإضراب الذي تتهمه بأن له دوافع سياسية”.

ولم تمر موجة الاحتجاجات هذه دون وقوع حوادث؛ حيث اعتقل عشرات الأشخاص منذ الأول من سبتمبر، لمحاولتهم إغلاق الشوارع والطرق أو لمواجهة الشرطة.

شرارة الاحتجاجات

للنظر إلى ما وراء الاحتجاجات، أفاد الجيش الإسرائيلي في الأول من سبتمبر بأنه عثر على 6 جثث إسرائيلية.

وتتراوح أعمار هؤلاء بين 23 و40 عاما، كما كانوا من بين 251 شخصا احتجزهم مقاتلو حماس خلال الهجوم الذي شنوه في 7 أكتوبر.

وبحسب المعلومات التي أدلى بها المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، دانيال هاغاري، فقد أُطلق النار على الضحايا من مسافة قريبة، وفق زعمه. 

ولكن في الوقت نفسه، تقول حماس إنهم "قُتلوا متأثرين بجراحهم التي أصيبوا بها في قصف إسرائيلي ما".

وقبلها بأيام، عثر جنود إسرائيليون على 6 جثث أخرى لأشخاص أغلبهم من كبار السن.

وقال أبو عبيدة الناطق باسم كتائب القسام الجناح العسكري لحركة حماس إن إصرار نتنياهو على تحرير الأسرى بالضغط العسكري بدلا من إبرام صفقة سيعني عودتهم داخل توابيت، في إشارة إلى المحتجزين الستة.

وأضاف أبو عبيدة في الثاني من سبتمبر، أنه بعد حادثة النصيرات وسط قطاع غزة صدرت تعليمات لحراس الأسرى بخصوص التعامل معهم حال اقتراب جيش الاحتلال، فيما يشير إلى إمكانية التخلص من الأسرى الستة.

وفي النصيرات وسط قطاع غزة، استعادت قوات الاحتلال 4 أسرى في يونيو/حزيران 2024 في عملية عسكرية أسفرت عن مجزرة ضخمة راح ضحيتها أكثر من 200 شهيد ومئات المصابين، وأدت أيضا إلى مقتل عدد من المحتجزين.

وأفاد أبو عبيدة بأن نتنياهو وجيش الاحتلال وحدهما من يتحملان المسؤولية الكاملة عن مقتل الأسرى بعد تعمدهم تعطيل أي صفقة لمصالح ضيقة وتعمد قتل العشرات من المحتجزين بالقصف.

وشدد على أنه على عائلات الأسرى الإسرائيليين الاختيار بين عودتهم قتلى أو أحياء. وحتى الآن، منذ بداية الحرب، قُتل أكثر من خمسين إسرائيليا في قطاع غزة، وفق بي بي سي.

وقال رئيس اتحاد العمال الرئيس في إسرائيل، أرنون بار دافيد، منتقدا: “نحن نتلقى أكياس الجثث بدلا من الاتفاق على إطلاق سراح الرهائن الذين مازالوا على قيد الحياة”، مشددا على أن "عودتهم هي الأهم الآن".

وينوه موقع بي بي سي إلى أن "إسرائيل وحماس عقدتا مفاوضات للتوصل إلى وقف إطلاق النار وعودة الأسرى".

إلا أن هذه المحادثات التي نظمتها مصر وقطر والولايات المتحدة لم تثمر حتى الآن بسبب عدم التزام نتنياهو بما وافق عليه سابقا.

ويعود أحد أسباب هذا الفشل إلى "النوايا الإسرائيلية للحفاظ على سيطرتها العسكرية على ما يسمى ممر فيلادلفيا، الحدودي بين غزة ومصر، عندما تنتهي الحرب".

كيف ردت الحكومة؟

وبالانتقال إلى رد فعل نتنياهو على هذه الاحتجاجات، يوضح موقع بي بي سي أن نتنياهو وعد بمعاقبة المسؤولين عن مقتل المحتجزين الستة واعتذر عن الفشل في إطلاق سراحهم أحياء.

وفي الوقت نفسه، أظهر إصراره على أنه "من أجل التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار مع حماس، يجب على إسرائيل تأمين السيطرة على ممر فيلادلفيا".

وبهذا الشأن، قال نتنياهو خلال مؤتمر صحفي: “حماس لا تريدنا هناك بعناد، ولهذا السبب نطالب بإصرار أن نكون هناك لأن وجودنا مسألة إستراتيجية".

أما بالنسبة للإضراب، فقد أجرت الحكومة مناورة لإنهائه. ونتيجة لذلك، طلب المدعي العام، جالي باهاراف ميارا، من المحكمة في 2 سبتمبر 2024، الإعلان أنه "غير قانوني".

وبعد ساعات، استجابت المحكمة للطلب وأمرت بوقف الدعوى قبل أربع ساعات تقريبا من الموعد المحدد.

ورحب وزير المالية، بتسلئيل سموتريش، بالقرار، واصفا الإضراب عبر حسابه في منصة "إكس" بأنه "سياسي وغير قانوني". كما ندد بأنه "لم يفعل أكثر من الإضرار بالاقتصاد".

علاوة على ذلك، أيدت القطاعات القريبة من حكومة نتنياهو، مثل منتدى "جيفورا"، القرار مؤكدة أن "الهجوم نُفذ بطريقة مخيفة".

ومن جانبه، أكد زعيم اتحاد "الهستدروت" أرنون بار دافيد، أنه "يحترم قرار المحكمة"، معلنا في الوقت نفسه أن "النضال سيستمر".

وقال: أعد عائلات المختطفين بأن "الهستدروت" سيواصل لعب دور قيادي في الجهود المبذولة لإعادة أبنائنا وبناتنا إلى الوطن.

ولكن في النهاية، يرى بي بي سي أن "فرص أن تساعد الموجة الجديدة من الاحتجاجات والإضراب الحكومة الإسرائيلية على التوصل إلى اتفاق مع حماس لإنهاء الصراع، الذي أودى حتى الآن بحياة ما يقارب 40 ألف شخص في غزة، تبدو بعيدة المنال من قبل الحركة".

وبالمثل، يوضح أن "جزءا من الحكومة الإسرائيلية يعارض أي نوع من التفاهم مع الحركة الفلسطينية".

وهنا، يستدل باعتراف وزير الأمن القومي، إيتمار بن غفير، الذي قال فيه: "لا أخجل من القول إننا نستخدم قوتنا لتجنب اتفاق متهور ووقف أي مفاوضات تماما".