اجتمع مع بلينكن ثم سافر إلى طهران.. ما الرسالة التي حملها رئيس وزراء العراق؟

منذ عامين

12

طباعة

مشاركة

على وقع الحرب الدائرة بين المقاومة الفلسطينية والاحتلال الإسرائيلي في قطاع غزة، أجرى وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن زيارة إلى بغداد- لم يعلن عنها مسبقا- استمرت مدة ساعة واحدة، اجتمع خلالها مع رئيس الوزراء العراقي، محمد شياع السوداني.

وبعد يوم واحد من زيارة بلينكن السريعة إلى بغداد في 5 نوفمبر/تشرين الثاني 2023، وصل رئيس الوزراء العراقي إلى العاصمة الإيرانية طهران، وكان في استقباله الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي، ثم التقى بالمرشد الأعلى للثورة في إيران علي خامنئي.

تزامن ذهاب السوداني إلى إيران في 6 نوفمبر، عقب لقاء جمعه مع بلينكن في بغداد، أثار تساؤلات عدة عما إذا كان ثمة ربطا بين الموضوعين، وما الذي يحمله الأول في زيارته ولقائه بالقيادة الإيرانية، وعودته إلى العراق في اليوم نفسه بعد حديث عن جولة خليجية يبدأها من طهران.

وفي 5 نوفمبر، قالت وكالة الأنباء العراقية الرسمية (واع)، إن "رئيس الوزراء يبدأ الاثنين (6 نوفمبر) جولة إقليمية حول تطورات الأحداث في غزة"، مشيرا إلى أنه "سيبدأ جولته من طهران ويتبعها بعواصم خليجية".

حمل الرسائل

تكهنات عدة أدلى بها مراقبون عراقيون بخصوص تزامن زيارة السوداني غداة استقباله بلينكن، لكن مصدرا سياسيا خاصا أكد أن "رئيس الوزراء العراقي يحمل رسالة إلى القيادة الإيرانية، رغم أن زيارته إلى إيران حددت قبل وصول وزير خارجية أميركا إلى بغداد".

وقال المصدر لـ"الاستقلال" رافضا الكشف عن هويته، إن "السوداني حمل رسالة واضحة من الولايات المتحدة إلى إيران بضرورة أن تضبط الأخيرة إيقاع المليشيات الموالية لها، وتمنع الهجمات التي تشن منذ 17 أكتوبر، على القوات الأميركية في العراق وسوريا".

المصدر رجح أن "واشنطن عندما علمت بزيارة السوداني إلى طهران، أوفدت إليه وزير خارجيتها لتحميله رسالة إلى القيادة الإيرانية بضرورة عدم توسيع دائرة الحرب في المنطقة، وذلك بحكم علاقات العراق التي يتمتع بها مع إيران من جهة، ومع أميركا من جهة أخرى".

لكن حسين علاوي المستشار الأمني لرئيس الوزراء، نفى خلال مقابلة تلفزيونية في 6 نوفمبر، أن يكون السوداني قد حمل رسالة أميركية إلى إيران.

وقال علاوي إن "العراق لديه مسارا لحل الأزمة في غزة وإيقاف الاعتداءات الصهيونية على الفلسطينيين، لذلك نحن لا ننقل رسائل، لأن العراق مستقل".

ونشرت وزارة الخارجية الأميركية، تصريحات بلينكن خلال مؤتمره الصحفي ببغداد، الذي قال فيه "كان من المهم بمكان في الوقت عينه أن نبعث برسالة واضحة جدا لأي طرف قد يسعى إلى استغلال النزاع في غزة لتهديد أفرادنا هنا أو في أي منطقة أخرى في المنطقة ونحذرهم من مغبة ذلك".

وتابع: "أوضحت أن الهجمات والتهديدات القادمة من المليشيات المتحالفة مع إيران غير مقبولة على الإطلاق وسنتخذ جميع الخطوات اللازمة لحماية شعبنا. نحن لا نسعى إلى صراع مع إيران ولقد أوضحنا ذلك، ولكننا سنقوم بما هو ضروري لحماية أفرادنا، سواء كانوا عسكريين أم مدنيين".

وأشار إلى أن رئيس الوزراء العراقي أوضح إدانته للهجمات التي تستهدف مواطنينا والتهديدات الموجهة ضدهم، وشدد على تصميمه القيام بما هو ضروري للتأكد من عدم حدوث ذلك.

وفي 6 أكتوبر، نقلت قناة "فوكس نيوز" عن متحدث باسم وزارة الدفاع الأميركية- البنتاغون (لم تكشف هويته) أن "38 هجوما نفذت على القوات الأميركية في الشرق الأوسط منذ 17 من الشهر الماضي (أكتوبر)".

طلب التطمينات

من جهته، قال المحلل السياسي العراقي، غالب الدعمي، إن "زيارة السوداني إلى طهران، تحمل مطالب عدة من بينها تنسيق المواقف، لا سيما أن الوضع الإقليمي والدولي مربك جدا، فيما أن العراق غير واضح في سياسته".

وأوضح الدعمي خلال تصريحه لصحيفة "العالم الجديد" العراقية في 6 نوفمبر، أن "ذلك يأتي في ظل توجه الفصائل العراقية (المليشيات) للتصعيد مع وجود مواقف دولية تطالب حكومة السوداني بكبح جماح تلك الفصائل، قبل أن يدخل العراق بمشكلات اقتصادية وسياسية".

ورأى الخبير العراقي أن "هدف السوداني في طهران هو كسب دعمها للضغط على أصدقائها في العراق، خصوصا أن الفصائل تتأثر وتستمع لإيران أكثر مما تستمع لغيرها، فهي مرتبطة بولاية الفقيه، كما أنه يريد تطمينات إيرانية لتهدئة الفصائل ومنع أي تصعيد منها ضد الأميركيين".

وأشار الدعمي إلى أن العراق محسوب الآن ضمن دول ما يعرف بـ"محور المقاومة"، وأن رئيس الوزراء، يريد زيارة بعض الدول الخليجية أيضا من أجل بيان موقف البلاد في سياسته الخارجية.

وفي السياق ذاته، قالت صحيفة "الزمان" العراقية في 6 نوفمبر، إن السوداني حمل رسالة محددة إلى إيران بشأن ضرورة وقف استهداف القوات والمصالح الأميركية في العراق وسوريا وعموم المنطقة من خلال الفصائل المسلحة الموالية لطهران".

وبحسب "الزمان" فإن مصادر متطابقة عديدة (لم تكشف هويتها) أبلغتها بأن "هناك رسالة خاصة حول إطلاق صواريخ ومسيرات من الحوثيين في اليمن نحو قطع بحرية أميركية أو أهداف في جنوب إسرائيل".

وردا على سؤال حول زيارة السوداني إلى طهران وإذا ما كان يحمل رسالة من وزير الخارجية الأميركي، قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية ناصر كنعاني: "هذه الزيارة مستمرة والقضايا الراهنة مطروحة وتتم مناقشتها. أنا لست في الاجتماع".

وأضاف كنعاني خلال إيجازه الصحفي في 6 نوفمبر، أنه "ستكون مسألة التطورات في غزة أحد المواضيع الرئيسة في لقاء رئيس الوزراء العراقي مع كبار المسؤولين الإيرانيين. ولا أعلم حقيقة أنه يحمل رسالة"، حسبما نقلت وكالة "فارس" الإيرانية شبه الرسمية.

وعن إمكانية توسيع نطاق الحرب في المنطقة، قال كنعاني: "هذا الاحتمال وارد تماما، مع حجم ونوعية الجرائم التي يرتكبها هذا النظام (الاحتلال الإسرائيلي) ومع تاريخ الجرائم والتهديدات التي يمارسها ضد دول المنطقة".

مطلب خامنئي

منذ بداية عملية "طوفان الأقصى" التي أطلقتها المقاومة الفلسطينية ضد مستوطنات غلاف غزة ردا على انتهاكاتها ضد الفلسطينيين وتدنيسه للمقدسات، أعلن العراق موقفا موحدا على الصعيد الرسمي والشعبي داعما لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي.

وأدان العراق أيضا، الجرائم الإسرائيلية التي ارتكبها الاحتلال في قطاع غزة واستشهد خلالها أكثر من 10 آلاف، وأصيب ما يزيد عن 25 ألفا آخرين وقطع الكهرباء والماء والغذاء والإنترنت عن أهله.

وقال السوداني خلال مؤتمر صحفي المشترك مع الرئيس الإيراني في 6 نوفمبر، إن "القضية الأبرز خلال المحادثات كانت القضية الفلسطينية وما يتعرض له الشعب الفلسطيني من عمليات قتل ممنهج وإبادة جماعية في غزة وكذلك ما يحصل أيضا في الضفة الغربية على أيدي المستوطنين".

وأضاف رئيس الوزراء العراقي من طهران قائلا: "كلنا يعلم أن ما حصل من أزمة أخيرة لم تكن وليدة تاريخ 7 أكتوبر، وإنما نتيجة السياسات الإجرامية لسلطات الاحتلال ضد شعبنا في فلسطين من قتل وتهجير وسياسات استيطان وتجاوزات على المسجد الأقصى".

وفي إشارة إلى طلب الولايات المتحدة المتكرر بخصوص ضرورة منع توسع دائرة الحرب، قال السوداني إن "من يريد أن يحتوي هذا الصراع ويمنع انتشاره في المنطقة عليه أن يضغط على سلطات هذا الاحتلال لإيقاف العدوان".

من جهته، قال الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي: إن "القصف يجب أن يتوقف في أسرع وقت ممكن، ويجب إعلان وقف إطلاق النار فورا وتقديم المساعدات لشعب غزة المظلوم"، مشيرا إلى أن "هذه الجرائم الفظيعة وضد الإنسانية هي بمثابة إبادة جماعية يرتكبها الكيان الصهيوني بدعم من الولايات المتحدة وبعض الدول الأوروبية".

ولفت رئيسي إلى أن "المساعدات الأميركية للكيان الصهيوني تشجعه على القتل وارتكاب أعمال وحشية ضد الشعب الفلسطيني. تأكيد الأميركيين أنهم يسعون إلى مساعدة غزة هو وعد كاذب ولا يتوافق مع أفعالهم".

وخلال استقباله رئيس الوزراء العراقي، قال المرشد الإيراني علي خامني إن العراق يستطيع بوصفه دولة مهمة في المنطقة أن يؤدي دورا مميزا في الضغط السياسي على أميركا والكيان الغاصب لإيقاف المجازر بحق أهالي غزة وأن يبني خطا جديدا في العالمَين العربي والإسلامي".

وأضاف خامنئي خلال بيان نشر على حسابه بمنصة "إكس" (تويتر سابقا) في 6 نوفمبر: "لقد جعلت الأوضاع المحزنة في غزة قلوب كل الأحرار تتألم لهذه الجرائم والفظائع. أُثني على المواقف الجيدة والقوية لحكومة العراق وشعبه في نصرة أهاليها".

وشدد المرشد الإيراني أثناء لقائه السوداني على ضرورة "زيادة الضغط السياسي في العالم الإسلامي على أميركا والكيان الصهيوني من أجل وقف المجازر بحق أهالي غزة".