مختلف عن أفغانستان.. لهذا لن تغادر القوات الأميركية بالكامل من العراق

قسم الترجمة | منذ ٣ أعوام

12

طباعة

مشاركة

أكد موقع ألماني أن الاتفاق الذي وقعه الرئيس الأميركي جو بايدن ورئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي لا يقضي بمغادرة نهائية للقوات الأميركية في العراق، وهو أمر ذو أهمية كبيرة بالنسبة للبلدين.

واتفقت واشنطن وبغداد على إنهاء المهمة القتالية الأميركية في العراق بحلول نهاية العام، وفق موقع "قنطرة" للحوار مع العالم الإسلامي.

واتخذ القرار من قبل بايدن والكاظمي بعد أن التقيا في واشنطن في 26 يوليو/تموز 2021.

عراقيون غاضبون

وجاء في بيان مشترك صدر عن البلدين بعدما أطلق عليه "الحوار الإستراتيجي" أن "العلاقة الأمنية ستنتقل بالكامل إلى دور التدريب والإرشاد والمساعدة وتبادل المعلومات الاستخباراتية".

وأضاف أنه "لن تكون هناك قوات أميركية ذات دور قتالي في العراق بحلول 31 ديسمبر (كانون الأول) 2021".

كما أشار البيان إلى أن القواعد التي يستخدمها الأفراد الأميركيون هي "قواعد عراقية وتعمل وفقا للقوانين العراقية القائمة" وأن أي جنود دوليين سيكونون هناك ستكون مهمتهم المساعدة في محاربة الجماعة المتطرفة المعروفة باسم تنظيم الدولة.

لم يكن الاتفاق مفاجئا للمراقبين والمحللين، لأنه نتيجة غير مباشرة لأحداث يناير/كانون الثاني 2020.

إذ قتل في الثالث من ذلك الشهر القائدان العسكريان البارزان الإيراني قاسم سليماني والعراقي أبو مهدي المهندس في غارة جوية أميركية بطائرة بدون طيار أثناء مغادرتهم مطار بغداد.

وكان الرجلان من كبار قادة المليشيات شبه الرسمية المدعومة من إيران والمعروفة باسم قوات الحشد الشعبي في العراق.

وصوت السياسيون المحليون، الغاضبون من الاغتيال  على الأراضي العراقية، في وقت لاحق في يناير/كانون الثاني لطرد جميع الجنود الأميركيين.

وكان هذا القرار الأميركي الأخير هو نتيجة لذلك التصويت البرلماني غير الملزم.

وعلى الرغم من الضجة التي أثارها هذا الإعلان، فإن هذا الاتفاق "ليس انسحابا شاملا من النوع الجذري الذي شهدته أفغانستان مؤخرا"، وفق الموقع.

ومن المرجح أن يقضي القرار تغيير القوات الأميركية وإعادة تحديد أدوارها أكثر من أي خفض في أعداد القوات. ويوجد حاليا حوالي 2500 جندي أميركي في البلاد، وفق التقرير.

عرض دبلوماسي

ووصفت صحيفة نيويورك تايمز الاتفاقية الجديدة بأنها "قطعة ثابتة من المسرح الدبلوماسي".

وأكدت قناة "صابرين نيوز" على خدمة "تلغرام ماسنجر" المخصصة لقوات الحشد الشعبي بغضب: "لن يتم سحب أي جندي أميركي، يمكن تغيير الاتفاق على الورق!".

وأصدرت هذه المنصة عدة رسائل تقول: إنها ستستمر في قتال القوات الأميركية، مستخدمة وسم #الانسحاب_بشروط_المقاومة أو "الانسحاب بشروطنا".

في ذات السياق، يتساءل التقرير: "لماذا كل هذه العروض المسرحية؟ على الأرجح لأن التسامح المستمر مع الوجود الأميركي في العراق هو نوع من السر المكشوف".

وهو أمر يتفق عليه كل من في السلطة تقريبا ضمنيا، لكن السياسيين من جميع الأطراف لا يتحدثون عنه علنا، وفق قوله.

وقال ريناد منصور، مدير مبادرة العراق في معهد تشاتام هاوس السياسي بلندن، لقناة دويتشة فيلة الألمانية: "إن معظم القادة العراقيين بمن فيهم أولئك الذين لا يقولون ذلك علانية، يدركون أهمية وجود الولايات المتحدة هناك".

وأوضح قائلا: "يريد عدد قليل جدا من القادة العراقيين بمن فيهم بعض القادة المسلحين من الولايات المتحدة أن تنسحب تماما وتقطع العلاقات".

في هذا إشارة إلى قادة المليشيات المدعومة من إيران التي يعتقد أنها وراء الهجمات المستمرة بطائرات بدون طيار على القواعد التي تستخدمها القوات الأميركية أيضا، كما في قوافل الإمداد الأميركية.

وأكد منصور "بشكل عام، توفر الولايات المتحدة أيضا غطاء لكثير من التمثيل الغربي في العراق".

وتابع: "إذا غادرت الولايات المتحدة تماما، فمن المحتمل أن تحذو دول أخرى مثل المملكة المتحدة وألمانيا حذوها. وإذا حدث ذلك، فسيصبح العراق دولة منبوذة منغلقة على العالم". 

وهذا ليس بالشيء الذي تريده بالضرورة حتى إيران، الخصم المعلن للولايات المتحدة في العراق.

وأشار منصور إلى أن إيران تستفيد أيضا من انفتاح العراق المجاور للعالم عندما تتعرض طهران نفسها للعقوبات ويتجنبها الكثير من المجتمع الدولي.

أفضل نهج

وقال مصدر كبير في الحكومة العراقية لـ "دويتشة فيلة": "ينظر إلى القوات الأميركية على أنها تخلق توازنا وتردع إيران". 

ويحاول النظام السياسي في العراق الموازنة بين المجموعات الديموغرافية الرئيسة الثلاث - المسلمون الشيعة والمسلمون السنة والأكراد.

وإذا انسحبت القوات الأميركية بالكامل فإن المسلمين السنة والأكراد يخشون من أن القوات الشيعية المدعومة من إيران ستملأ أي فراغ أمني.

وأوضح رئيس الوزراء العراقي في إعلانه عن القرار الأخير أن العراق لم يعد بحاجة إلى قوات قتالية.

وأيد المسؤول الحكومي الكبير هذا الرأي قائلا: "هذا صحيح، لكن من الناحية العملية، ما زلنا بحاجة إلى القوات الأميركية هنا، لا سيما عندما يتعلق الأمر بالغطاء الجوي والطائرات المقاتلة".

وتابع أن "القوات الجوية العراقية ضعيفة نسبيا، ولولا (نظيرتها) الأميركية، لكانت البلاد عرضة لهجمات الطائرات بدون طيار الخارجية".

كما أنها ستجد أيضا صعوبة في شن هجمات جوية على تنظيم الدولة، حيث يحتاج الجيش العراقي أيضا إلى معلومات المخابرات الأميركية، وفق الكاظمي.

وجادل بأن التدريب ربما يكون الأهم، مضيفا "نحتاج إلى التأكد من أن جيشنا محايد وقوي ومهني. إذا تراجعت قدراتهم (الأميركيين)، فسيكون ذلك مرة أخرى في صالح الجماعات شبه العسكرية (الموالية لإيران)".

بالنسبة للولايات المتحدة، فإن الانسحاب الكامل من شأنه أن يضر بالمصالح الأميركية أيضا، كما خلص محللون من منظمة الأبحاث "رند" ومقرها كاليفورنيا في تقرير مايو/أيار 2020 حول خيارات هذا البلد في العراق.

بعد النظر في الاحتمالات المختلفة بما في ذلك الانسحاب الكامل، كتب باحثو "رند": إن أفضل إجابة لواشنطن تكمن في مكان ما في الوسط، مع الحفاظ على قوة صغيرة من المستشارين والمدربين.

وجادلوا بأن "دعم عراق مستقر يصب في مصلحة الولايات المتحدة المستمرة على المدى الطويل".

كما أن "الوجود طويل الأمد يدعم أيضا النفوذ الأميركي في العراق، والذي بدوره يمكن أن يساعد في تخفيف النفوذ الإيراني والروسي وغيرهما من النفوذ الخبيث". 

ودخلت القوات الأميركية العراق في مارس/آذار 2003، عندما وصل حوالي 125 ألف جندي أميركي بدعوى تدمير "أسلحة الدمار الشامل". وأطاح الغزو بالرئيس الراحل صدام حسين.

التحولات السنوية 

بعد أن تولى الرئيس باراك أوباما منصبه في عام 2009 بوعود بالانسحاب من العراق، بدأت الأرقام في الانخفاض بشكل مطرد. 

ومن المفترض أن القوات الأميركية "تنتقل إلى دور استشاري" منذ سنوات، كما أشار مراقبو السياسة الخارجية على تويتر.

وقد جرى استخدام نفس النوع من الخطاب منذ عام 2007 و2009.

وأدى ظهور "تنظيم الدولة في العراق وسوريا عام 2014" إلى زيادة حاجة بغداد إلى المساعدة العسكرية الأميركية مرة أخرى.

ولم يتمكن الجيش العراقي والقوات الكردية العراقية من الدفاع في البداية، حيث اعتمد بشكل كبير على الضربات الجوية الأميركية لصد المتطرفين.

إذ كان هناك حوالي 5000 جندي أميركي في البلاد في تلك المرحلة.

منذ ذلك الحين وبعد هزيمة تنظيم الدولة بشكل أو بآخر، انخفض هذا العدد بشكل مطرد.

وفي أواخر العام 2020، خفض الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب العدد الإجمالي إلى 2500.

أما بالنسبة للعراقيين العاديين، فمن غير المرجح أن تغير الاتفاقية السياسية البحتة التي تم توقيعها أخيرا الكثير بالنسبة لهم. 

لقد اختفت منذ فترة طويلة نقاط التفتيش الأميركية التي كانت منتشرة في كل مكان. 

والآن، نقاط التفتيش في المدينة يحرسها في الغالب عراقيون أو جنود أو أفراد من قوات الحشد الشعبي. 

وباستثناء سماع الغارات الجوية أو الطائرات بدون طيار الأميركية، فإن معظم العراقيين العاديين لم يروا جنديا أميركيا منذ سنوات.