مشروع الطائرات المسيرة.. لماذا سحبته الإمارات من شركتها وأسندته لإسرائيل؟

أحمد يحيى | منذ ٤ أعوام

12

طباعة

مشاركة

تولي أبوظبي صناعات الدفاع والتكنولوجيا العسكرية أولوية قصوى منذ عام 2011، مع انطلاق ثورات الربيع العربي، وفي ذلك العام أعلنت حكومة الإمارات عن خطة إستراتيجية لبناء قاعدة صناعات عسكرية، وفتح المجال للشركات الوطنية للإنتاج العسكري، والاستفادة من تنظيم معرض آيدكس للصناعات الدفاعية على أرضها.

كانت أبوظبي حينئذ تستعد لإطلاق يدها في النزاعات والصراعات الإقليمية المحيطة بها، على رأسها انخراطها كجناح ثان مع الرياض في حرب اليمن التي خلفت ضحايا بالجملة، وكذلك فعلت في ليبيا، وحاليا حجمت صناعاتها الوطنية، واستعانت بإسرائيل كشريك أساسي لها.

لم تكتف دولة الإمارات بالتطبيع مع إسرائيل (وقعت الاتفاقية 15 سبتمبر/أيلول 2020 بواشنطن)، بل ذهبت إلى نشاطات أوسع نحو التعاون العسكري في مجال المشروعات الدفاعية، وهو ما أثر سلبا على بعض الشركات الوطنية الإماراتية.

تكتل "إيدج الدفاعي" كان على رأس هذه الشركات التي تلقت ضربة موجعة بسبب توقف مشروع الطائرات المسيرة الذي كانت ستنتجه شركة أكويلا، في ظل تقارير تحدثت عن إسناد ذلك المشروع لتل أبيب.

سقوط "أكويلا"

في 10 مارس/ آذار 2021، نشرت مجلة "إنتليجنس أونلاين" الفرنسية المتخصصة  في شؤون الاستخبارات، تقريرا عن شركة "أكويلا" التابعة للتكتل الدفاعي الإماراتي "إيدج" الذي تأسس عام 2019، بغرض العمل في مجال الاستخبارات.

المجلة قالت إن "شركة الدفاع (أكويلا)، المدعومة من التكتل الدفاعي الجديد (إيدج)، كان من المفترض أن تسلم أبو ظبي أول طائرة استخبارات ومراقبة واستطلاع (ISR) مطورة محليا، لكن المشروع جمد بهدوء".

وأضافت: "يعد تجميد البرنامج، بمثابة ضربة كبيرة لمجموعة إيدج المملوكة للدولة والمعنية بالحرب غير المتماثلة، والتي استحوذت على (أكويلا) عام 2019 لقيادة برنامج تطوير طائرات الاستخبارات والمراقبة والاستطلاع، في الإمارات".

وأكدت: "هناك عدد من الفرضيات المتعلقة بسبب تأجيل مشروع طائرات أكويلا، بما في ذلك تكهنات بأن العقد منح لشركة إسرائيلية في أعقاب تطبيع العلاقات بين إسرائيل والإمارات".

وأوضحت "تجدر الإشارة إلى أن تأثير النزاع الداخلي الحادث مؤخرا في عائلة آل نهيان الحاكمة، منعكس على برامج الإمارات الإستراتيجية الأخرى".

وقد أسس شركة "أكويلا إيروسبيس" الحرس المقرب من ولي عهد أبوظبي "محمد بن زايد، وورد ذكرها في عدة حوادث، أبرزها ما حدث مطلع يناير/ كانون الثاني 2021، عندما تعاونت مع شركة الاستخبارات السويسرية "بلوتيو أيه جي" التي يترأسها الممول السويسري "صموئيل دانيلوفيتش"، لتنسيق حملات التأثير والتشويه المضادة لقطر في أوروبا لصالح الإمارات، خاصة فيما يتعلق بتنظيم مونديال كأس العالم لكرة القدم 2022.

وفي معرض "أيديكس" الدفاعي، الذي أطلق في 21 فبراير/ شباط 2021، بمشاركة 144 شركة إماراتية، وشهد لأول مرة وجود شركات إسرائيلية، كشف علي اليافعي، الذي يرأس شركة "أبو ظبي الاستثمارية للأنظمة الذاتية "أداسي"، التابعة لمجموعة إيدج، عن الطائرة المسيرة الانتحارية "كاميكازي" الجديدة.

كما تواصل "إيدج" رعاية شركتين تابعتين مكرستين للاستخبارات، هما "سيجنال"، التي تقوم بتسويق أنظمة الدفاع الإلكتروني والدفاع السيبراني، و"بيكن رد"، المتخصصة في الحرب الهجينة، والتي تقوم بتسويق منتجات "الاستخبارات البشرية"، و"استخبارات المصادر المفتوحة"، و"الاستخبارات الجغرافية المكانية".

الدرونز الإماراتية 

التعاون الإماراتي الإسرائيلي في مجال الصناعات العسكرية، وإنتاج الطائرات المسيرة (الدرونز) بدأت ملامحه مبكرا مع الأيام الأولى للتطبيع بين النظامين، وفي 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2020، كشفت شركة استشارات وخدمات الطائرات المسيرة المدنية والعسكرية (وارمان إنتيليجنس Warman Intelligence) الإسرائيلية، عن جهودها لإيجاد موطئ قدم لها في هذا القطاع داخل أبوظبي.

وأضافت "وارمان إنتيليجنس" عبر موقعها الرسمي أنها تدرس إنشاء حاضنة تقنية مكرسة للطائرات المسيرة بدعم من الوزارات الإسرائيلية المعنية، بعدما تلقت عرضا بتحويل الحاضنة إلى مركز ابتكار إسرائيلي إماراتي دولي.

وقالت إن "الإمارات من جانبها، قامت فعليا بتطوير قطاع الطائرات المسيرة بشكل كبير في السنوات العشر الماضية، ويرجع الفضل في ذلك بشكل خاص إلى المستشار الإسرائيلي آفي ليومي".

كما ذكرت أن "مديرية البحث والتطوير الدفاعي (مافات)، التابعة لوزارة الدفاع الإسرائيلية، تعتبر زبونا رئيسا لشركة (وارمان إنتيليجنس)"، فيما يترأس رائد الاحتياط بالجيش الإسرائيلي نعوم وارمان الشركة العبرية المشاركة للإمارات في مجال صناعة المسيرات.

وتعود بداية صناعة الطائرات دون طيار في الإمارات إلى عام 1992، مع تأسيس شركة "أدكوم سيستم" متعددة الجنسيات، المتخصصة في صناعة الدرونز، ومراقبة الأهداف الجوية ، وتصنيع أنظمة الرادارات، لكنها جاءت هذه المرة على حساب الشركات التي أسسها ابن زايد لهذا الغرض، وأطاح التعاون الإسرائيلي بجهود استمرت لسنوات.

مشروع استخباراتي

اختراق إسرائيل لمجال صناعة الدرونز الإماراتية، لم يشكل تهديدا للدولة الخليجية فحسب، بل للمنطقة ككل، وهو ما أكده موقع "أويل برايس" الأميركي، في أكتوبر/ تشرين الأول 2020، عندما قال إن "التحالف بين دولة الإمارات وإسرائيل يقوم على مشروع استخباراتي يهدد المنطقة بغرض كسب التوسع والنفوذ". 

وذكر أن "من بين الأهداف الرئيسة للتطبيع هو سعي الإمارات للاستفادة من التقدم الإسرائيلي في المجالين الأمني والعسكري، لا سيما مع تداخلها في الكثير من الصراعات بعدة دول أبرزها اليمن وليبيا".

وكشف أن "هناك اتفاقا بين تل أبيب وأبو ظبي على تطبيع يمهد لتكثيف التعاون العسكري بينهما في منطقة البحر الأحمر". 

وفي تقرير بموقع "الجزيرة نت" في 29 أغسطس/ آب 2020، قال "سيسمح التطبيع وفتح الاتصال المباشر بين تل أبيب وأبو ظبي بتوسيع حقيقي في المعاملات التجارية الأمنية والعسكرية، مثل مجال الطائرات دون طيار، وأنظمة الدفاع الصاروخي والأنظمة الدفاعية الأخرى التي تم تصديرها بالفعل إلى دول حول العالم تعتبر إسرائيل صديقة".

وأضاف أنه "تحت طائلة من السرية لعقدين من الزمن، قامت شركات الدفاع والصناعات الأمنية الإسرائيلية الخاضعة لإشراف وزارة الدفاع ببيع أنظمة أسلحة متطورة للإمارات بإجمالي صفقات تقدر بمئات ملايين الدولارات سنويا".

وذكر أن "أبرز الشركات الإسرائيلية التي عملت بالسر مع أبو ظبي هي أنظمة رافائيل الدفاعية المتقدمة المحدودة، والصناعات الجوية والعسكرية الإسرائيلية، وشركة (إلبيت) التي تعمل على تطوير وتصنيع نظم إلكترونية للأسلحة المتطورة". 

وفي 26 يوليو/ تموز 2020، نشرت صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية، دراسة تفيد بأن "هناك نشاطا كبيرا للعلاقات التجارية بين الشركات والصناعات العسكرية والأمنية الإسرائيلية والإمارات، بمشاركة وزارة الدفاع كعامل محفز وهيئة رقابية".

وقدرت "حجم الاستثمارات والصفقات بين الإمارات وشركات التكنولوجيا والصناعات الجوية والأسلحة الإسرائيلية بين 300 و500 مليون دولار سنويا، علما بأن مجمل التبادل التجاري بين إسرائيل والدول العربية يصل إلى 300 مليون سنويا"، وذلك بحسب معهد التصدير الإسرائيلي، التي أخذت الدراسة من معطياته.

وهو ما عضده  الباحث الإسرائيلي في المركز متعدد التخصصات في هرتسليا، الدكتور يوسي مان، في أكتوبر/ تشرين الأول 2020، بقوله: "الإمارات تعي جيدا أن إسرائيل ستوفر لها الأمن والمنظومات الدفاعية للتصدي للتهديدات الإيرانية".

وفق "إنتليجنس أونلاين"، جاءت استعانة الإمارات بإسرائيل، على هذا النحو في إطار من التحديات الأمنية المشتركة بين النظامين، أهمها تهديد التنظيمات المسلحة، في الدول التي يندلع فيها صراعات على رأسها اليمن وليبيا، وصولا إلى التهديد النووي الإيراني.

وهو الأمر الذي حفز نشاط شركة الصناعات الجوية والعسكرية الإسرائيلية للدخول إلى السوق الإماراتي، مع عدم إغفال الجانب المادي الوفير لتلك العملية.