عودة رغد صدام للمشهد.. هل يمهد البعث العراقي لخوض انتخابات 2021؟

يوسف العلي | 3 years ago

12

طباعة

مشاركة

مع ظهور رغد ابنة الرئيس العراقي الراحل صدام حسين على قناة "العربية" السعودية، عاد الحديث عن مدى إمكانية عودة "حزب البعث العربي الاشتراكي" إلى السلطة بعدما حكم البلاد 35 عاما، وانتهى الأمر باحتلال أميركي أطاح بالنظام السياسي، وحل الحزب وحظره.

رغد صدام، أبدت أثناء المقابلة في 15 فبراير/ شباط 2021، رغبتها بالعمل السياسي، وقالت: "كل شيء وارد، وكله مطروح في المستقبل"، مشيدة بحكم "البعث" طيلة عقود من الزمن مقارنة بالحكومات التي تعاقبت بعد عام 2003، ما أثار غضب قوى سياسية نافذة.

ظهور الابنة الكبرى لرئيس النظام السابق، أثار جملة من التساؤلات حول توقيت وأسباب إجراء المقابلة مع "العربية"، وهل أصبحت رغد أداة بيد السعودية للدفع بها إلى المشهد السياسي العراقي مرة أخرى، وإلى أي مدى يمكن لحزب البعث العودة لممارسة العمل في البلاد؟

رسائل إعلامية

وتعليقا على الهدف من وراء ظهورها، قال السياسي ورئيس البرلمان العراقي السابق محمود المشهداني: "الغرض لو كان سليما من ظهور رغد صدام لما خرجت في سلسلة حلقات طول الواحدة نحو 20 دقيقة، فبالإمكان عمل مقابلة لمدة ساعة أو أكثر، إذن الظهور كان هدفه توصيل رسائل إعلامية معينة".

وأوضح المشهداني أثناء مقابلة تلفزيونية في 19 فبراير/ شباط 2021 أن "ظهور ابنة صدام، الغرض منه إيصال رسالتين، الأولى موجهة للجهات التي تطالب الأميركيين بالخروج من العراق، ومفادها بأننا (الأميركيون) نحن من أتى بكم إلى السلطة بعدما غيّرنا نظام صدام، فمثلما فعلنا ذلك سابقا بمقدورنا تغييركم اليوم".

أما الرسالة الثانية، بحسب المشهداني، فقد كانت "جس نبض عن ثقة النظام السياسي الحالي بنفسه، إذ أن الأجندة التي طرحتها مقابلة رغد تفيد بأن هذا النظام الطائفي المحاصصاتي الديني قد فشل في حكم العراق، والبديل هو التيار العلماني، وحزب البعث خير من يمثله".

وحول إمكانية عودة "البعث" للعمل السياسي بالعراق، نقل المشهداني، حديثا عن قيادات في هرم الحزب (لم يسمها) قولهم إن "البعث يؤمن بالنظام الديمقراطي الحالي، ونود فسح المجال للمشاركة بالانتخابات، مثلما أعطي المجال للحزب الشيوعي وحزب الدعوة الشيعي بالعمل، لذلك نحن من حقنا المشاركة".

ونقل عنهم أيضا: "أنتم لديكم مشكلة مع رأس وقيادة النظام السابق وليس مع الحزب، فلو كان لديكم مشكلة مع الفكر لما دعمتم حزب البعث في سوريا ودافعتم عنه، لذلك فكر البعث باق والنسيج الاجتماعي للبعث موجود، وقيادة بعثية جديدة، فقط نريد فرصة للمشاركة".

وبحسب المشهداني، فإن قادة البعث تحدثوا أنهم "لن نقوم بمؤامرات وانقلابات عسكرية، لأنهم سيكونون ضمن منظومة ديمقراطية، لذلك البعث لديه طموح بالمشاركة في الانتخابات بعد أن انزاح الاحتلال الأميركي".

رهان خاسر

الحديث عن عودة حزب البعث العراقي إلى العمل السياسي، يسبق الانتخابات البرلمانية في 10 أكتوبر/ تشرين الأول 2021، الأمر الذي فسره مراقبون بأنه توقيت مدروس ولم يأت مصادفة، لكن نتائجه سلبية على الوضع السياسي والتعويل على هذه الانتخابات.

المراقب للشأن السياسي العراقي محمد الزبيدي قال لـ"الاستقلال": "حديث رغد صدام الأخير وإشادتها بحزب البعث، واستفزازها للعراقيين بقولها نحن أسياد بلد، كانت رسائله سلبية للغاية، وتصب في صالح الأحزاب الشيعية التقليدية".

ولفت الزبيدي إلى أن "القوى السياسية التي تراجعت شعبيتها في الشارع الشيعي تحديدا، سارعت إلى استغلال ظهور رغد صدام، وتخويف المجتمع من عودة القمع وإلغاء ممارسة الشعائر الدينية الشيعية، وهذا الشيء يحشد المجتمع الشيعي خلف هذه القوى التي لم تقدم شيئا طيلة 18 عاما من الحكم".

ورأى المتحدث أن "السلطات السعودية أو الجهات التي دفعت لظهور رغد صدام حسين إما تكون مغفلة ولا تعلم ما الذي تريده، أو أنها متعمدة في تعميق وتثبيت النظام المبني على أساس طائفي، بعدما لفظه العراقيون خلال احتجاجات شعبية خرجت في أكتوبر/ تشرين الأول 2019".

من جهته، علق الباحث السوري المختص في العلوم السياسية، عبد القادر نعناع، على أول ظهور لرغد بعد هذا الغياب، قائلا: إنها لا تشبه والدها، متهما إياها بأنها "هشة فكريا وحواريا وليس هناك تشابه مطلق مع صدام وتحاول أن تختبئ في جلباب أبيها الفضاض عليها جدا جدا".

وعبر منشور على "فيسبوك" في 15 فبراير/ شباط 2021، فسّر نعناع المقابلة، بأنها ربما تندرج تحت "باب المناكفة الإعلامية السياسية لا أكثر"، مضيفا: "هذه أداة سعودية شائعة، لا تذهب إلى درجة تبني مشروع متكامل والعمل على تنفيذه، بقدر ما هو تشجيع للآخرين، ثم التخلي عنهم. وهذا يعني حرقا لأي مشروع سياسي عند رغد (إن كان موجودا)".

وأعرب عن اعتقاده بأن قناة "العربية" تحاول أن تتلبس ذاكرة الأسماك، وتتبنى خطابا مخالفا تماما لما صورته القناة (السعودية)، حول صدام، طيلة العقود الماضية. أيضا، تعكس سياسة السعودية، في سوء الاختيارات، والرهان على الأحصنة الخاسرة، كالعادة. واختيار شخصيات ذات نزعة استبدادية.

في لقاء رغد صدام حسين: لا تستهويني سياسات الترويج لأبناء القادة والمسؤولين، حيث لا أؤمن أن الابن قادر على اجتراح ذات...

تم النشر بواسطة ‏د. عبد القادر نعناع‏ في الاثنين، ١٥ فبراير ٢٠٢١

استغلال شيعي

وعلى صعيد القوى السياسية الشيعية النافذة في العراق، فقد رأى رئيس الوزراء السابق نوري المالكي خلال مقابلة تلفزيونية في 20 فبراير/ شباط 2021، أن "ظهور رغد فيه رسالة أرادت القناة إيصالها، لكن ذلك يدل على ضعف القناة في خبرة بعث الرسالة، فهي رسالة استفزازية هزيلة وضعيفة".

واعتبر المالكي عرض قناة سعودية للمقابلة، يعبر عن وجود نوايا لا تزال لم تنسجم مع إرادة العلاقات الطيبة بين البلدين، لأننا دعونا إلى حل الأزمات والمشاكل مع جميع دول العالم بما فيها السعودية، لذلك فإن الرد على ما قامت به "العربية" المحسوبة على المملكة، كان عنيفا من البرلمانيين والقوى السياسية العراقية، وأعتقد أن السعودية تضررت من هذه الخطوة (المقابلة) أكثر من انتفاعها، لأنها لم تقدم ما يخدم السياسة السعودية.

وتابع زعيم "ائتلاف دولة القانون" المقرب من إيران، قائلا: "إذا رأينا أن البعث يريد العودة ستكون لنا مواقف أخرى وسنجعلهم يندمون"، مشيرا إلى أن "حزب البعث شيء مضى وانتهى ولن يعود".

وعلى نحو مماثل، خاطب البرلماني حسن سالم عن كتلة "صادقون"- الذراع السياسي لمليشيا "عصائب أهل الحق"- هيئة الإعلام والاتصالات (حكومية) لغلق مكتب قناة "العربية" في بغداد على خلفية بثها لقاء مع رغد صدام حسين.

وأظهرت وثيقة تناقلتها وسائل إعلام محلية في 20 فبراير/ شباط 2021، يصف فيها البرلماني العراقي المقابلة بأنها "انتهكت حقوق النشر"، معبرا عن سخطه من المقابلة.

وقال سالم: "ليس غريبا من هذه القناة من اللقاء مع بقايا المقبور، لكن الغريب هي مواقف الحكومة العراقية المتخاذلة تجاه الأردن بتقديم النفط بأسعار زهيدة وإعفاء البضائع الأردنية من الضرائب، يقابل ذلك من الأردن بالاستخفاف بالشعب العراقي ودمائه من خلال إيواء بقايا الإجرام الصدامي وزمر البعث المقبور"، بحسب تعبيره.

وقبل ذلك، ردّ زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، في بيان نشره على "تويتر" في 19 فبراير/ شباط 2021، على رغد صدام، بشأن إمكانية عودتها إلى الحياة السياسية العامة في العراق.

وقال الصدر: "لا مكان للبعث الصدامي في عراقنا الحبيب ولو بثوب آخر فنحن لهم بالمرصاد"، مضيفا: "فما زلنا نتذكر المجازر الصدامية والمقابر الجماعية وقطع الآذان والأيدي وقتل العلماء وما ذلك عنكم بخفي".

ودعا الصدر، البرلمان والحكومة إلى "تفعيل دور هيئة اجتثاث البعث وليس هيئة المساءلة والعدالة كخطوة أولى"، مهددا بخلاف ذلك بالقيام "بما يمليه عليه ضميرنا وحبنا للوطن لتنتهي تلك الأصوات، وإن أنكر الأصوات لصوت البعث العفن".