آمال بايدن في احتواء الصين ونزع تهديد بيونغ يانغ قد تتبخر.. وهذه الأسباب

قسم الترجمة - الاستقلال | 3 years ago

12

طباعة

مشاركة

يرى موقع إيطالي أن التوازن في إطار التعاون الأمني ​​الذي تقوده الولايات المتحدة في آسيا مهدد باستمرار، بسبب اضطراب العلاقات بين اليابان وكوريا الجنوبية، الحليفين الرئيسين لواشنطن في المحيط الهادئ.

ويأتي هذا خصوصا وأن آثار حقبة الاستعمار الياباني لشبه الجزيرة الكورية، لا تزال تلقي بظلالها على البلدين.

وفي هذا الصدد، قال موقع مركز الدراسات الجيوسياسية إن واشنطن تنظر بقلق إلى تعقيد الموقف، حيث تعتمد أهدافها الإستراتيجية، مثل احتواء الصين ونزع السلاح النووي لكوريا الشمالية، بشكل كبير على التعاون والتوافق بين الجارتين الآسيويتين. 

لهذه الأسباب، أكد الموقع الإيطالي أن إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن الجديدة مطالبة بالضرورة بتوجيه البلدين نحو تسوية سلمية لم ينجح كل من الرئيسين السابقين باراك أوباما ودونالد ترامب في التوصل إليها. 

ولفت إلى أن المصالح الداخلية المرتبطة بذاكرة كلا البلدين والضغينة التي تثيرها على المستوى الدبلوماسي تحد بشكل كبير من قدرة واشنطن على المناورة، لذلك سيتعين عليها الاعتماد إلى حد كبير على إرادة حلفائها.

مسألة ثقة 

أوضح الموقع الإيطالي أن تحسن العلاقات بين البلدين يرتبط ارتباطا وثيقا بوجود أو غياب أي شكل من أشكال الثقة المتبادلة التي يتم بناؤها من خلال الحوار المكثف. 

وأشار إلى أن الثقة في الوضعية الحالية للبلدين، لا تزال مفقودة بسبب تفاقم "مشكلة التاريخ"، أي الجدل المعقد حول إحياء ذكرى الماضي الإمبريالي الياباني خلال حرب المحيط الهادئ. 

من حانبها، دأبت كوريا الجنوبية منذ نهاية الحرب الباردة، مدفوعة بإنجازاتها على المستوى الديمقراطي، إلى جانب صعودها السريع إلى قوة اقتصادية وعسكرية في آسيا، على المطالبة باعتذار رسمي وتعويض من اليابان، على الصعيدين الدبلوماسي والاقتصادي.

وأشار الموقع إلى أنه على الرغم من بعض أشكال الانفتاح من قبل أرض الشمس المشرقة (اليابان)، إلا أن سيئول اعتبرت دائما الجهود اليابانية للاعتراف بماضيها غير كافية. 

كما اعتبرت الزيارات المثيرة للجدل التي قام بها أعضاء في الحكومة اليابانية، على رأسهم رئيس الوزراء السابق آبي شينزو، إلى ضريح ياسوكوني (أسسه الكهنوت لتكريم الذين قاتلوا في سبيل الإمبراطورية اليابانية) في طوكيو مصدر رئيسا للتوتر في العلاقات مع دول الجوار بسبب رمزية المكان، بالتزامن مع الحديث عن "وحشية العدوان الياباني أثناء الحرب العالمية الثانية".

 وللإشارة، توجد بداخل المعبد، مقبرة لما يقرب من مليوني ونصف المليون شخص لقوا حتفهم في معارك الإمبراطورية اليابانية، ويثير الجدل لوجود أسماء 14 من مجرمي الحرب من الدرجة الأولى المحكوم عليهم بالإعدام خلال المحاكمة التي أقامها دول الحلفاء في طوكيو عام 1948.

وأضاف الموقع أن الفضائح المستمرة المتعلقة بكتب التاريخ المتداولة في النظام المدرسي الياباني، والتي تميل إلى تجنب مواضيع مثل استغلال نساء المتعة وعمالة السخرة خلال الحرب، لا تزال تحتفظ بدور مهم في تأجيج الصدام بين الجارتين.  

وبسبب الارتباطات المتجذرة للجناح الياباني المحافظ بالذاكرة الإمبريالية، تعتبر كوريا الجنوبية، وخاصة في ظل الحكومة التقدمية برئاسة مون جاي إن، الأرخبيل (مجموعة الجزر التي تشكِّل دولة اليابان) شريك منافق، وغير قادر على التعلم من ماضيه وعلى وشك الانحراف عسكريا مرة أخرى.

في المقابل، تعتقد اليابان أنها أوفت بالتزاماتها فيما يتعلق بذاكرتها التاريخية، مؤيدة هذا الموقف بالمادة الثانية من معاهدة العلاقات الأساسية بين البلدين لعام 1965 وببيان موراياما لعام 1995، الذي تضمن اعتراف طوكيو واعتذارها عن جرائمها في زمن الحرب. 

وأردف الموقع أن الضغط الكوري المستمر في السنوات الأخيرة أدى إلى انتقام اقتصادي شديد، بالإضافة إلى مقاطعة وتجميد للعلاقات الثنائية، مما عزز في اليابان فكرة أن الجار الكوري لا يزال مرتبطا جدا بالماضي ومترددًا في قبول أي شكل من أشكال الندم. 

وبالتالي، تحكم اليابان على أي رغبة في المصالحة من جانبها بالفشل منذ البداية بسبب مشاعر العداء القوية والتحفظ الذي تبديه سيئول في الحوار مع جارتها، بحسب تعبير الموقع الإيطالي.

بايدن بين نارين

أشار الموقع إلى أن الحلقة المفرغة الناجمة عن الافتقار إلى الثقة المتبادلة والتشاؤم المستمر لا تزال تشكل مصدر قلق لواشنطن.

لذلك، يدعو إعلان سيئول في عام 2019 إلغائها لاتفاقية الأمن العام للمعلومات العسكرية مع اليابان (اتفاقية قيمة لتبادل المعلومات الاستخباراتية بين البلدين تتعلق بكوريا الشمالية)، إلى اتخاذ تدابير تهدف إلى منع اضطراب العلاقات بين الجارتين من تعريض أمن الولايات المتحدة ومواطنيها للخطر.

لذلك، ستضطر إدارة بايدن إلى إيجاد توازن بين السياستين اللتين تبناهما أسلافها، وفق تقدير الموقع.

في البداية، دفع أوباما كلا البلدين لتهدئة الخلافات وخلق جبهة مشتركة ضد تهديد الرؤوس النووية لزعيم كوريا الشمالية كيم جونغ أون.

 بينما اختار ترامب عدم معالجة المشكلة، مفضلا تهديد حلفائه بشكل مباشر من خلال فرض زيادة في النفقات المشتركة لبقاء  القوات الأميركية في آسيا. 

وبحسب الخبراء، يجب على واشنطن أن تلعب دورا محايدا، وأن تدفع نحو مصالحة تكفل الحوار بين الأطراف من خلال اجتماعات متعددة الأطراف، بالإضافة إلى إعطاء صوت للضحايا وأيضا دعم التبادل السلمي القائم على التسامح والنظر إلى المستقبل. 

ولهذه الغاية، يجب على بايدن تشجيع كوريا الجنوبية على الحوار الصريح مع جارتها اليابانية، واستبدال مطالبات التعويض ببرامج تعليمية تهدف إلى تعميق المعرفة بآثار السياسات الإمبراطورية اليابانية على الكوريين. 

ومن خلال افتراض هذا الموقف المحايد، سيتعين على بايدن ضمان الإنصاف المطلق بين الطرفين دون تفضيل أحدهما على الآخر، يقول الموقع.

كما سيعتمد نجاح المصالحة إلى حد كبير على استعداد قادة البلدين في الشروع في مسار طويل الأمد يتضمن التنازل عن مطالباتهم القومية لتعزيز التعاون الثنائي، وفق الموقع الإيطالي. 

في الختام، يشرح الموقع أن تراجع التأييد الشعبي لحكومة يوشيهيديه سوغا في اليابان والمشاعر الشعبية المعادية لها في كوريا، قد يعرقلان بدء أي عملية تقارب. 

لهذه الأسباب، يأمل بايدن وفريقه من الخبراء بشكل أساسي في إرادة الحليفين الآسيويين لبناء علاقة ثقة دائمة وعملية، ولكن يصعب الوصول إليها حاليا.